الطعن رقم 1032 سنة 20 ق – جلسة 23 /10 /1950
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة الثانية – صـ 87
جلسة 23 من أكتوبر سنة 1950
القضية رقم 1032 سنة 20 القضائية
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة. وبحضور
حضرات أصحاب العزة أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, وأحمد حسنى بك, وإبراهيم خليل
بك, ومحمد غنيم بك المستشارين.
حكم. تسبيبه. تعويض. تقديره. قول المحكمة إنها ترى أخذ المتهمين بالشدة في توقيع
العقوبة زجرا لهم والحكم للمدعى المدني بطلباته. ذلك لا يقيد أنها راعت في تقدير التعويض
الزجر لا تناسبه مع جبر الضرر.
دفاع شرعي: قول المحكمة بثبوت سبق الإصرار يفيد تفنيد الدفاع ونفى قيامه.
1 – إذا كانت المحكمة بعد أن قدرت التعويض الذي تحكم به على المتهم للمجني عليه قد
أنهت حكمها بقولها إنها ترى أخذ المتهمين بالشدة في توقيع العقوبة زجرا لهم وعظة لغيرهم,
والحكم للمدعى المدني بجميع طلباته, فالنعي على هذا الحكم بأنه قد راعى الزجر في القضاء
للمدعى المدني بجميع طلباته في حين أن التعويض يجب ألا يكون مؤسسا إلا على ما لحق المدعى
من ضرر, وأن يكون متناسبا مع الضرر – ذلك لا يكون له محل, إذ أن حديث الزجر لم يجئ
إلا منصبا على تقدير العقوبة.
2 – إذا كانت المحكمة قد أثبتت أن المتهمين قد بيتوا النية على ارتكاب الجرم ونفذوا
هذه النية بأن ضربوا المجني عليه عمدا مع سبق الإصرار فأحدثوا به الإصابات المبينة
بالتقارير الطبية فأنها تكون بذلك قد ردت على دفاع المتهمين من أنهم كانوا في حالة
دفاع شرعي وخلصت إلى تفنيده, مما لا يصح معه النعي على الحكم بالقصور.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين المذكورين بأنهم في 19 من نوفمبر سنة 1945 الموافق 14 من ذي الحجة سنة 1364 بدائرة مديرية الجيزة: شرعوا عمدا في قتل أمين ضيف بخيت مع سبق الإصرار بأن انتووا قتله وقصدوا إلى صندوق الكازوزة الذي يمتلكه وحمل الأول طبنجة والثاني سكينا بحدين والثالث والرابع عصيا غليظة وأطلق عليه الأول ثلاثة أعيرة نارية لم تصبه وطعنه الثاني بالسكين في رأسه وضربه الثالث والرابع بالعصا قاصدين من ذلك قتله فأصيب بالإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادتهم هو عدم إحكام المتهم الأول الرماية وإسعاف المجني عليه بالعلاج, وطلبت من قاضى الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات, فقرر بذلك وادعى أمين ضيف بخيت بحق مدني وطلب الحكم له قبل المتهمين جميعا متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الجيزة قضت باعتبار الواقعة جنحة وبمعاقبة كل من المتهمين الأربعة بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعى بالحقوق المدنية مائة جنيه مصري والمصاريف المدنية وعشرة جنيهات أتعاب محاماة, وذلك عملا بالمادة 242/2 من قانون العقوبات لأنهم في الزمان والمكان سالفى الذكر ضربوا عمدا ومع سبق الإصرار أمين ضيف بخيت فأحدثوا به الإصابات الموضحة بالتقارير الطبية والتي عولج من أجلها مدة تقل عن العشرين يوماً. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض الخ.
المحكمة
… وحيث إن الوجهين الأولين من أوجه الطعن يتحصلان في القول, أولا-
بأن الحكم المطعون فيه وقد خلص إلى اعتبار الواقعة ضربا عمدا مع سبق الإصرار بدلا من
شروع في قتل عمد مع سبق الإصرار فإنه لم يستظهر ركن القصد الجنائي للجريمة التي دان
بها الطاعنين؛ ولم يقم الدليل على توافر ذلك القصد لديهم, ولا يغنى عن ذلك ما أشار
إليه الحكم من توافر سبق الإصرار وأن هذا الظرف غير متوافر في الدعوى أيضا؛ وليس فيما
ساقته المحكمة ما يؤدى إلى ثبوته. ويقول الطاعنون تفريعا على ذلك أن كلا منهم يجب ألا
يسال إلا عما وقع منه مستقلا عن الآخرين؛ ولم يثبت بالحكم أن اعتداء ما وقع من الطاعن
الأول, ثانياً – أخطأ الحكم إذ قضى بكل التعويض المطلوب؛ واتخذ من هذا التقدير سبيلا
لتغليظ العقوبة, إذ نوهت المحكمة بأنها تراعى الزجر في القضاء للمدعى المدني بجميع
طلباته؛ في حين أن التعويض يجب ألا يكون مؤسساً إلا على ما لحق المدعى من ضرر؛ وان
يكون متناسباً مع ذلك الضرر.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بعد أن أحالها إلى جريمة هي أخف مآلا
وأصلح حالا للطاعنين؛ ثم أورد الأدلة التي استخلص منها في منطق سليم ثبوتها في حقهم
ومن بينها ركن سبق الإصرار لديهم جميعاً. ولما كان الأمر كذلك وكان ما يزعمه الطاعنون
من أن المحكمة جعلت من التعويض عنصرا من عناصر الزجر غير صحيح؛ إذ كان حديثها في ذلك
منصباً على تقدير العقوبة لا التعويض؛ فإن ما يثيره الطاعنون لا يكون سوى جدل في تقدير
الأدلة والتعويض المقضي به وهو ما يستقل به قاضى الموضوع دون معقب عليه في ذلك.
وحيث إن الوجه الأخير يتحصل في القول بأن الحكم جاء قاصراً في الرد على دفاع الطاعنين
من أنهم كانوا في حالة دفاع شرعي, إذ قال المدافع عنهم بجلسة المحاكمة إن المجني عليه
هو الذي بدأ الاعتداء؛ وان أحد الطاعنين ضربه ردا على اعتدائه؛ وهذا ما يتسق مع ظروف
الحادث؛ وما جعل المحكمة تقضى بوصفه جنحة ضرب لا شروعا في قتل كما صوره المجني عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنين المشار إليه, وخلص إلى تفنيده؛
ونفى قيام حالة الدفاع الشرعي بما أثبته من أنهم بيتوا النية على ارتكاب الجرم ونفذوا
هذه النية بأن ضربوا المجني عليه عمدا مع سبق الإصرار فأحدثوا به الإصابات الموضحة
بالتقارير الطبية. ومتى كان الأمر كذلك فإن ما يثيرونه في هذا الوجه لا يكون له أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
