الطعن رقم 1041 سنة 20 ق – جلسة 16 /10 /1950
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة الثانية – صـ 60
جلسة 16 من أكتوبر سنة 1950
القضية رقم 1041 سنة 20 القضائية
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور
حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, وأحمد حسنى بك, وفهيم إبراهيم
عوض بك, وإبراهيم خليل بك المستشارين.
(أ) قتل. نية القتل. وجوب استظهارها وإيراد الأدلة على توافرها. الاستدلال على نية
القتل بمجرد القول بأن المتهم استعمل سلاحا. لا يكفى.
(ب) نقض. وحدة الواقعة وقيام الارتباط. نقض الحكم بالنسبة إلى أحد الطاعنين يقتضى نقضه
بالنسبة إلى الطاعن الآخر الذي لم يقدم أسبابا.
1 – إنه لما كانت جريمة القتل العمد تتميز عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر
خاص هو انتواء الجاني عند مقارفته جرمه قتل المجني عليه وإزهاق روحه, وكان هذا العنصر
ذا طابع خاص يختلف عن العنصر الجنائي العام, كان على المحكمة أن تعنى عناية خاصة في
الحكم بإدانة متهم في هذه الجناية باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة المثبتة لتوافره.
ولا يكفى في ذلك أن يقول الحكم إن المتهم قد استعمل في اعتدائه سلاحاً نارياً, فإن
مجرد استعمال هذا السلاح لا يفيد حتما أنه كان يقصد من ذلك إزهاق روح المجني عليه.
2 – إذا كان مما أدين فيه هذا الطاعن الذي نقض الحكم بالنسبة إليه أنه شرع في قتل شخص
آخر كان متهما بالشروع في قتل شخص ثالث وكان هذا الآخر قد حكم عليه في ذات الحكم وطعن
في الحكم الصادر عليه ولكنه لم يقدم أسباباً لطعنه, فإن نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعن
الأول يقتضى تحقيقاً لحسن سير العدالة نقضه بالنسبة إلى هذا الطاعن الثاني نظرا لوحدة
الواقعة والارتباط القائم بين موقف الطاعنين.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذين الطاعنين في قضية الجناية رقم 1914 مغاغة سنة 1948 المقيدة بالجدول الكلى برقم 485 سنة 1948 بأنهما في يوم أول ذي الحجة سنة 1367 الموافق 4 من أكتوبر سنة 1948 بناحية نزلة بنى خلف مركز مغاغة مديرية المنيا, الأول: قتل سكينة أحمد عبد الله عمداً بأن أطلق عليها عياراً نارياً قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها, ولأنه أيضاً شرع في قتل محمد أحمد فرج المتهم الثاني عمداً بأن أطلق عليه أعيرة نارية قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو عدم إحكام الرماية وإسعاف المجني عليه بالعلاج, والثاني: شرع في قتل عبد السميع على عبد السميع عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج, وطلبت من قاضى الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبة الأول بالمادة 234/1 من قانون العقوبات والثاني بالمواد 234/ 1 و45 و46 من قانون العقوبات, فقرر إحالتهما إليها لمعاقبتهما بالمواد سالفة الذكر. ومحكمة جنايات المنيا قضت عملا بمواد الاتهام للثاني وبالمواد 234/1 عن تهمة القتل العمد و234/ 1 و45 و46 عن تهمة الشروع في القتل مع تطبيق المادة 32/2 من قانون العقوبات للأول, أولا: بمعاقبة أحمد عبد الله على عبد السميع بالأشغال الشاقة مدة عشر سنين, وثانيا: بمعاقبة محمد أحمد فرج بالأشغال الشاقة مدة خمس سنين, فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
… وحيث إن وجه الطعن المقدم من هذا الطاعن يتحصل في القول بأن
الحكم المطعون فيه وقد دانه بجريمة القتل العمد جاء قاصرا إذ لم يقم الدليل على توافر
نية القتل لديه.
… وحيث إن الحكم المطعون فيه قد اقتصر على بيان واقعة الدعوى وأورد الأدلة التي استخلص
منها ثبوت الأفعال المادية للجريمتين اللتين دان بهما الطاعن ثم قال بعد ذلك إنه يتضح
جلياً مما تقدم أن تهمة قتل سكينة أحمد عبد الله عمداً ثابتة على المتهم الأول من أقوالها
أمام العمدة والنيابة, فقد شهدت بأن المتهم الأول هو الذي أطلق عليها العيار الناري
قرب باب منزلها فأصابها وقد تأيدت أقوالها بما هو ثابت بالتقرير الطبي الشرعي من أن
منشأ الإصابة عيار ناري أطلق عليها من الأمام, وأن تهمة الشروع في قتل المتهم الثاني
عمداً ثابتة مما قرره هذا الأخير من أن الطاعن الأول هو الذي أطلق عليه العيار الناري
فأصابه في يده وأطلق عليه عياراً نارياً آخر من فجوة تحت الباب فأصابه في قدمه الخ،
ولما كانت جريمة القتل العمد تتميز عن باقي جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو انتواء
الجاني عند مقارفته جرمه قتل المجني عليه وإزهاق روحه وكان هذا العنصر ذا طابع خاص
يختلف عن القصد الجنائي العام, وجب على المحكمة أن تعنى عناية خاصة في الحكم بإدانة
متهم في هذه الجناية باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة المثبتة لتوافره. ولا يغنى
عن ذلك ما قاله الحكم من أن الطاعن قد استعمل في اعتدائه سلاحاً نارياً فإن مجرد استعمال
هذا السلاح لا يفيد حتما أنه كان يقصد من ذلك إزهاق روح المجني عليهما, لما كان ذلك
وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل إغفالا تاماً التحدث عن نية القتل وبيان توافرها لدى
الطاعن وقت مقارفته للأفعال التي دانه بها بالأدلة المؤدية إلى ذلك – فإنه يكون قاصراً
مستوجباً نقضه.
وحيث إنه وإن كان الطاعن الثاني لم يقدم أسباباً لطعنه إلا أنه نظراً لوحدة الواقعة
والارتباط القائم بين موقف الطاعنين ترى المحكمة لحسن سير العدالة أن يكون نقض الحكم
بالنسبة للطاعنين كليهما.