الطعن رقم 385 لسنة 11 ق – جلسة 22 /06 /1969
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة – العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969)
– صـ 846
جلسة 22 من يونيه سنة 1969
برئاسة السيد الدكتور أحمد موسى – وكيل مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ويوسف إبراهيم الشناوي ومحمد فهمي طاهر وإبراهيم خليل الشربيني – المستشارين.
القضية رقم 385 لسنة 11 القضائية
( أ ) – موظف – "حساب مدة الخدمة السابقة".
قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 بشأن حساب مدد الخدمة السابقة – مدة الاشتغال
بمهنة المحاسبة من ضمن المدد التي يجوز حسابها وفقاً لهذا القرار – أساس ذلك.
(ب) – موظف – "حساب مدة الخدمة السابقة".
قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 ليس من شأنه إهدار الحق الذي كان قد اكتسبه
الموظف فعلاً في تسوية حالته على مقتضى أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/
1952، أساس ذلك.
(جـ) – موظف – "حساب مدة الخدمة السابقة".
للإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 لا يشترط تقديم طلب من
الموظف بذلك من الميعاد المنصوص عليه في المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم
159 لسنة 1958، أساس ذلك.
(د) – موظف – "حساب مدة الخدمة السابقة".
إفادة الموظف من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 لا يحول دون إفادته
أيضاً من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 متى تضمن هذا القرار الأخير مزايا
جديدة، أساس ذلك.
1 – يبين من استقراء نصوص قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 أنه يقصر حساب
مدة الخدمة السابقة على المدد التي تقضي في الجهات التي عينها ومن بينها الأعمال الحرة
الصادر بتنظيم الاشتغال بها قانون من قوانين الدولة ولا جدال في أن من بين هذه الأعمال
الاشتغال بمهنة المحاسبة التي صدر بتنظيمها القانون رقم 133 لسنة 1951 ويشترط هذا القرار
لحساب المدد التي تقضي في غير الحكومة أن يكون الموظف حاصلاً على المؤهل العلمي الذي
تقتضيه المادة 11 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وألا تقل المدد عن ثلاث سنوات يحسب
نصفها وأن يكون العمل خلال هذه المدد متفقاً مع العمل بالحكومة.
2 – إن قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وإن كان يفيد منه جميع الموظفين الموجودين
في الخدمة وقت صدوره إلا أنه لا يمكن أن يكون من شأن ذلك إهدار الحق الذي كان قد اكتسبه
الموظف فعلاً في تسوية حالته على مقتضى أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/
1952 ذلك لأن المساس بالحقوق المكتسبة لا يكون إلا بقانون ينص على الأثر الرجعي طبقاً
للأوضاع الدستورية حتى لو كانت تلك الحقوق مستمدة من قرارات تنظيمية عامة تصدرها الإدارة
بما لها من سلطة عامة في حدود وظيفتها التنفيذية بمقتضى القوانين ولم تكن تلك الحقوق
مستمدة مباشرة من نصوص القوانين، لأن الأصل هو احترام الحقوق المكتسبة حسبما تقضي به
العدالة والقانون الطبيعي وما يستلزمه الصالح العام، لذلك كانت الأوضاع الدستورية دائماً
تؤكد هذا الأصل الطبيعي من حيث عدم جواز انعطاف أثر القوانين على الماضي وإذا كان قرار
رئيس الجمهورية قد نص في المادة السابعة منه على إلغاء قرار مجلس الوزراء فإنه من المسلم
أن هذا الإلغاء لا يسري بأثر رجعي على الماضي ولا ينتج أثره إلا بالنسبة للمستقبل فقط
فقرار مجلس الوزراء كان قائماً ومرتباً لكافة آثاره في المدة السابقة على تاريخ العمل
بقرار رئيس الجمهورية.
3 – لا يشترط للإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 أن يقدم المدعي
طلباً بذلك في الميعاد المنصوص عليه في المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم
159 لسنة 1958 وإلا سقط حقه في ذلك – لأن كلاً من القرارين المذكورين له أحكامه وشروطه
ويجري كل في مجاله الزمني الخاص به وقرار مجلس الوزراء لم يحدد ميعاداً معيناً ليقدم
فيه الموظف طلباً لحساب مدد الخدمة السابقة على مقتضى أحكامه وأن التمسك بهذا الميعاد
لتقديم الطلب معناه إضافة قيد غير موجود واستحداث شرط جديد بغير الأداة القانونية السليمة
فضلاً عما فيه من المساس بالحقوق المكتسبة.
4 – إن إفادة الموظف من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 – وما يترتب
على ذلك من الآثار في تحديد أقدميته وتعيين راتبه – لا يحول دون إفادته أيضاً من قرار
رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 متى تضمن القرار الأخير مزايا جديدة، إذ علاقة الموظف
بالحكومة – كما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح
فمركز الموظف من هذه الناحية مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت ويسري عليه التنظيم
الجديد بأثر حال من تاريخ العمل به ولكنه لا يسري بأثر رجعي من شأنه إهدار المراكز
القانونية التي تكون قد تحققت من قبل لصالح الموظف، وذلك حسبما سبقت الإشارة إليه وعلى
ذلك فإن قرار مجلس الوزراء سالف الذكر إذا كان قد أعطى المدعي الحق في حساب نصف مدة
اشتغاله في مهنة المحاسبة فإن قرار رئيس الجمهورية من شأنه كذلك أن يمنحه ثلاثة أرباع
هذه المدة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أن المدعي أقام
الدعوى رقم 959 لسنة 16 القضائية ضد وزارة الخزانة بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة
الإدارية للوزارة المذكورة في 19/ 6/ 1962 طالباً "الحكم بأحقيته في ضم نصف مدة عمله
كمحاسب قانوني في المدة من 10/ 8/ 1949 إلى 12/ 12/ 1954 طبقاً لقرار مجلس الوزراء
الصادر في 27/ 12/ 1952 مع ما يترتب على ذلك من آثار وترقيات إلى الدرجة الأعلى مع
إلزام المدعى عليه بالمصروفات والأتعاب" وقال بياناً لدعواه أنه عمل كمحاسب قانوني
خلال المدة من 10/ 8/ 1949 إلى 12/ 12/ 1954 وقد وافقت لجنة شئون الموظفين على ضم 3/
4 هذه المدة إلى مدة خدمته بمصلحة الجمارك بجلسة 23/ 5/ 1959 وذلك طبقاً للقرار الجمهوري
رقم 159 لسنة 1958 وعند تعيينه بمصلحة الجمارك في 13/ 12/ 1954 كان قد ذكر صراحة في
الاستمارة رقم 167 أنه عمل كمحاسب قانوني في المدة السابق ذكرها وطالب بضمها طبقاً
لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 ولكن المصلحة رفضت هذا الطلب على أساس أن
المدعي طلب تطبيق القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 وسويت حالته على هذا الأساس. وهذا
الرأي خاطئ لأنه عين بخدمة الحكومة في 13/ 12/ 1954 أي في ظل قرار مجلس الوزراء الصادر
في 17/ 12/ 1952 وكان من الواجب ضم نصف مدة عمله كمحاسب قانوني طبقاً لهذا القرار ما
دام قد ذكر هذه المدة في الاستمارة رقم 167 وأن له مصلحة في طلب تطبيق القرار المذكور
عليه، لأن أثر هذا الضم يبدأ من تاريخ تعيينه في 13/ 12/ 1954 في حين أن أثر الضم طبقاً
للقرار الجمهوري لا يسري إلا من تاريخ العمل به في مارس سنة 1958.
وأجابت وزارة الخزانة عن الدعوى بمذكرة قالت فيها أن المدعي التحق بخدمة مصلحة الجمارك
في الدرجة السادسة الإدارية اعتباراً من 13/ 12/ 1954 ولم يطالب بضم مدة خدمته السابقة
إلا في 20/ 3/ 1958 طبقاً للقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 ولما استبطأ ضم المدة
المذكورة تقدم بطلب آخر مؤرخ 11/ 8/ 1958 يلتمس فيه حساب تلك المدة لخدمته الحالية
بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 ولما أبلغ بأن المدة من
تاريخ قيد اسمه بجدول المحاسبين والمراجعين تحت التمرين في 16/ 4/ 1952 إلى تاريخ تعيينه
بالجمارك في 13/ 12/ 1954 تقل عن ثلاث سنوات وأنه لذلك لا يجوز ضمها لخدمته الحالية
التمس إعادة النظر في ضم المدة التي سبق أن أشار إليها في الاستمارة رقم 167 والتي
سبق أن قدم عنها شهادتين من النقابة تثبت أن بدء اشتغاله الفعلي بمهنة المحاسبة من
10/ 8/ 1949 وليس من تاريخ القيد في 16/ 4/ 1952 كما أن ذلك كله ثابت أيضاً بسجلات
وملفات إدارة تسجيل المحاسبين والمراجعين بوزارة التجارة، فأرسلت المصلحة إلى ديوان
الموظفين لاستطلاع رأيه في هذا الشأن فأفاد بأنه يجدر ضم 3/ 4 المدة كلها فتمت تسوية
حالته بإرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 11/ 12/ 1950 طبقاً للقرار الجمهوري رقم
159 لسنة 1958 ورقي إلى الدرجة الخامسة في 27/ 8/ 1959 ثم عدلت أقدميته فيها إلى 29/
7/ 1958 تنفيذاً للحكم الصادر لصالحه بجلسة 16/ 3/ 1960 في الدعوى رقم 113 لسنة 13
القضائية من محكمة القضاء الإداري.
وبجلسة 25/ 1/ 1965 أجابت محكمة القضاء الإداري المدعي إلى طلبه وأصدرت حكمها المطعون
فيه والمشار إليه سابقاً وأقامت قضاءها على أن للمدعي مصلحة محققة في طلب العدول عن
احتساب مدة خدمته السابقة بموجب القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 إلى قرار مجلس الوزراء
الصادر في 17/ 12/ 1952 ذلك أن تعديل أقدميته في الدرجة السادسة إلى 12/ 4/ 1952 بضم
1/ 2 مدة خدمته السابقة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء المشار إليه من شأنه يبيح له الطعن
في القرار الصادر في 13/ 8/ 1956 بإجراء الترقية إلى الدرجة الخامسة فيما تضمنه من
تخطيه خاصة وأن أقدمية أحد المرقين وهو السيد/ نافع محمود نافع يسن ترجع إلى 30/ 9/
1952.
ومن حيث إن مبنى طعن الحكومة أنه ولئن كان القرار الصادر من مجلس الوزراء في 17/ 12/
1952 لم يحدد ميعاداً معيناً ليقدم فيه الموظف طلباً لحساب مدة الخدمة السابقة على
مقتضى أحكامه وإلا كان الطلب غير مقبول إلا أن القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 قد
نص في مادته الثالثة على ضرورة تقديم طلب مع تدعيمه بكافة المستندات في ميعاد لا يجاوز
ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وإلا سقط حق الموظف في حساب مدة خدمته السابقة
وبذلك يعتبر هذا النص مكملاً لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر، كما أن تحديد ميعاد لتقديم
طلب الضم من شأنه استقرار مراكز الموظفين الموجودين بالخدمة وما جاء بالقرار الجمهوري
في هذا الشأن هو شرط عام لضم مدد الخدمة بالنسبة لسائر القرارات السابقة على صدوره
ومن بينها قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 ويلتزم به الموجودون بالخدمة وإلا
سقط حقهم في الضم ولما كان المدعي قد قدم طلباً لضم مدة اشتغاله بمهنة المحاسبة بالتطبيق
للقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 في الميعاد وأجيب إلى طلبه وقد استنفد هذا الطلب
أغراضه فإنه لا يمكن أن يكون ركيزة لطلبات تأتي بعده مستندة إلى قرارات أخرى وإذا كان
المدعي قد قدم طلباً آخر في موعد آخر في 11/ 8/ 1958 مستنداً فيه إلى قرار آخر هو قرار
مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 فإن هذا الطلب لا ينتج أي أثر لأنه مقدم بعد الميعاد
المحدد بالقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 ويكون حقه في الاستفادة من هذا القرار قد
سقط نهائياً.
ومن حيث إن مثار هذه المنازعة هو معرفة مدى إفادة المدعي في قرار مجلس الوزراء الصادر
في 17/ 12/ 1952 بشأن قواعد مدد الخدمة السابقة بعد إذ قدم طلبات في 20/ 3/ 1958 بضم
المدة السابقة التي باشر فيها مهنة المحاسبة طبقاً للقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958
ثم قدم بعد ذلك طلباً آخر في 11/ 8/ 1958 بتطبيق قرار مجلس الوزراء سالف الذكر على
حالته.
ومن حيث إنه يبين من استقراء نصوص قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 أنه يقصر
حساب مدد الخدمة السابقة على المدد التي تقضي في الجهات التي عينها ومن بينها الأعمال
الحرة الصادر بتنظيم الاشتغال بها قانون من قوانين الدولة ولا جدال في أن من بين هذه
الأعمال الاشتغال بمهنة المحاسبة التي صدر بتنظيمها القانون رقم 133 لسنة 1951 ويشترط
هذا القرار لحساب المدد التي تقضي في غير الحكومة أن يكون الموظف حاصلاً على المؤهل
العلمي الذي تقتضيه المادة 11 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وألا تقل المدد عن ثلاث
سنوات يحسب نصفها وأن يكون العمل خلال هذه المدد متفقاً مع العمل بالحكومة والثابت
أن المدعي حاصل على بكالوريوس التجارة في عام 1949 وزاول مهنة المحاسبة في المدة من
10/ 8/ 1949 إلى 12/ 12/ 1954 – أي 2 يوم، 4 شهر، 5 سنة وهي تزيد على ثلاث سنوات –
ولم تنازعه الجهة الإدارية في هذه المدة بل قد تأكدت من صحتها بعد استطلاع رأي ديوان
الموظفين والاطلاع على المستندات المقدمة من المدعي والمرفقة بملف خدمته كما أن اشتغال
المدعي في هذه المهنة لا شك قد أكسبه خبرة يفيد منها في عمله الجديد بمصلحة الجمارك
– ومن ذلك يتضح أن الشروط المتقدمة قد توفرت في حالة المدعي مما يترتب عليه أحقيته
في الإفادة بأحكام قرار مجلس الوزراء المذكور ومن ثم يكون له الحق في ضم نصف المدة
المشار إليها في أقدمية الدرجة السادسة الإدارية وإذ تولد للمدعي هذا الحق الذي استمده
مباشرة من هذا القرار فإن الإدارة ليست لها بعد ذلك أية سلطة تقديرية تترخص بمقتضاها
في الأمر فتمنح التسوية أو تمنعها حسبما تراه، إذ لا مناص من النزول على أحكام قرار
مجلس الوزراء وإجراء التسوية بتقرير الحق الذاتي لصاحبه.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وإن كان يفيد منه جميع الموظفين
الموجودين في الخدمة وقت صدوره إلا أنه لا يمكن أن يكون من شأن ذلك إهدار الحق الذي
كان قد اكتسبه الموظف فعلاً في تسوية حالته على مقتضى أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر
في 17/ 12/ 1952 ذلك لأن المساس بالحقوق المكتسبة لا يكون إلا بقانون ينص على الأثر
الرجعي طبقاً للأوضاع الدستورية حتى لو كانت تلك الحقوق مستمدة من قرارات تنظيمية عامة
تصدرها الإدارة بما لها من سلطة عامة في حدود وظيفتها التنفيذية بمقتضى القوانين ولم
تكن تلك الحقوق مستمدة مباشرة من نصوص القوانين، لأن الأصل هو احترام الحقوق المكتسبة
حسبما تقضي به العدالة والقانون الطبيعي وما يستلزمه الصالح العام، لذلك كانت الأوضاع
الدستورية دائماً تؤكد هذا الأصل الطبيعي من حيث عدم جواز انعطاف أثر القوانين على
الماضي وإذا كان قرار رئيس الجمهورية قد نص في المادة السابعة منه على إلغاء قرار مجلس
الوزراء فإنه من المسلم أن هذا الإلغاء لا يسري بأثر رجعي على الماضي ولا ينتج أثره
إلا بالنسبة للمستقبل فقط فقرار مجلس الوزراء كان قائماً ومرتباً لكافة آثاره في المدة
السابقة على تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية.
ومن حيث إنه لا وجه بعد ذلك لما تثيره الحكومة الطاعنة من أنه للإفادة من أحكام قرار
مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 لابد أن يقدم المدعي طلباً بذلك في الميعاد المنصوص
عليه في المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وإلا سقط حقه في
ذلك – لا وجه لذلك لأن كلاً من القرارين المذكورين له أحكامه وشروطه ويجري كل في مجاله
الزمني الخاص به وقرار مجلس الوزراء لم يحدد ميعاداً معيناً ليقدم فيه الموظف طلباً
لحساب مدد الخدمة السابقة على مقتضى أحكامه وأن التمسك بهذا الميعاد لتقديم الطلب معناه
إضافة قيد غير موجود واستحداث شرط جديد بغير الأداة القانونية السليمة فضلاً عما فيه
من المساس بالحقوق المكتسبة.
ومن حيث إن إفادة الموظف من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 – وما
يترتب على ذلك من الآثار في تحديد أقدميته وتعيين راتبه – لا يحول دون إفادته أيضاً
من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 متى تضمن القرار الأخير مزايا جديدة، إذ
علاقة الموظف بالحكومة – كما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – هي علاقة تنظيمية تحكمها
القوانين واللوائح فمركز الموظف من هذه الناحية مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي
وقت ويسري عليه التنظيم الجديد بأثر حال من تاريخ العمل به ولكنه لا يسري بأثر رجعي
من شأنه إهدار المراكز القانونية التي تكون قد تحققت من قبل لصالح الموظف، وذلك حسبما
سبقت الإشارة إليه وعلى ذلك فإن قرار مجلس الوزراء سالف الذكر إذا كان قد أعطى المدعي
الحق في حساب نصف مدة اشتغاله في مهنة المحاسبة فإن قرار رئيس الجمهورية من شأنه كذلك
أن يمنحه ثلاثة أرباع هذه المدة ومن ثم فإن التسوية التي أجرتها الجهة الإدارية لحالة
المدعي في 29/ 8/ 1959 بإرجاع أقدميته في الدرجة السادسة الإدارية إلى 11/ 12/ 1950
بالتطبيق لقرار رئيس الجمهورية – تكون تسوية سليمة ومطابقة للقانون ويكون غير صحيح
إذن ما أشار إليه الحكم المطعون فيه في ختام أسبابه من إلغاء هذه التسوية وتعديل مدة
خدمة المدعي المحسوبة في المعاش.
ومن حيث إنه متى تبين كل ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما انتهى من
أحقية المدعي في إرجاع أقدميته في الدرجة السادسة الإدارية إلى 12 من إبريل سنة 1952
بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1952 وما يترتب على ذلك من آثار ومن
ثم يكون الطعن فيه في غير محله متعيناً رفضه مع إلزام الحكومة بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.
