الطعن رقم 1028 لسنة 7 ق – جلسة 21 /06 /1969
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة – العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969)
– صـ 818
جلسة 21 من يونيه سنة 1969
برئاسة السيد الأستاذ المستشار مصطفى كامل إسماعيل – رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد طاهر عبد الحميد وأحمد علي البحراوي ومحمد صلاح الدين السعيد – المستشارين.
القضية رقم 1028 لسنة 7 القضائية
جامعات. هيئة تدريس بالجامعات. "نقل".
النقل من إحدى الكليات إلى فرعها بالخرطوم لا يعدو أن يكون توزيعاً داخلياً للعمل لا
يترتب عليه مساس بالمركز القانوني في الوظيفة أو في الدرجة – اختصاص مجلس الكلية ومجلس
الجامعة والمجلس الأعلى للجامعات بإصدار مثل هذا القرار، أساس ذلك – صدور مثل هذا القرار
من المجلس الأعلى للجامعات لا يعتبر اغتصاباً للسلطة – مثل هذا النقل لا يحتاج إلى
اعتماده من وزير التربية والتعليم.
إن فروع الجامعة بالخرطوم لم تستقل عن كلياتها بالقاهرة إلا بمقتضى قرار رئيس الجمهورية
رقم 418 لسنة 1959 الذي عمل به من 31 من مارس سنة 1959، فنقل المدعي إذن من كلية التجارة
بالقاهرة إلى فرعها بالخرطوم، لا يعدو أن يكون توزيعاً داخلياً للعمل، ولم يترتب عليه
أي مساس بالمركز القانوني للمذكور سواء في الوظيفة أو في الدرجة أو في المرتب، وإذا
كان مجلس الكلية يختص بإصدار مثل هذا القرار بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة 37
من القانون رقم 345 لسنة 1956 في شأن تنظيم الجامعات المصرية، فإن مجلس الجامعة يختص
أيضاً بإصداره بالتطبيق للفقرة الخامسة ب من المادة 24 من هذا القانون، وهي التي ناطت
به السلطة إدارة حركة التعليم، وكذا يختص بإصداره المجلس الأعلى للجامعات بالتطبيق
للفقرة 4 من المادة 29 من القانون المذكور التي ناطت به سلطة التنسيق بين وظائف هيئة
التدريس وتوزيعها بين الجامعات ومن ثم لا يقبل أيضاً التحدي بأن المجلس الأعلى للجامعات
قد اغتصب سلطة مجلس الجامعة ومجلس الكلية بل إن صدور القرار المطعون فيه من المجلس
الأعلى للجامعات يتضمن إحاطة المدعي بأكبر قسط من الضمانات وهو على أية حال لم يصدر
قراره هذا، إلا بعد أن وافق مجلس كلية التجارة في 27 من مارس سنة 1956 ومجلس الجامعة
في 28 من مارس سنة 1956 على النقل، فلا وجه، بعد ذلك للقول بأن المجلس الأعلى للجامعات
قد اغتصب سلطة مجلس الكلية أو سلطة مجلس الجامعة، كما أنه لا حجة في القول أن القرار
المطعون فيه كان لا بد أن يعتمد من وزير التربية والتعليم، لأن نقل المدعي لم يكن من
جامعة إلى أخرى وإذا كان الأمر كذلك، فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر سليماً مطابقاً
للقانون من سلطة تملك إصداره، غير مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة، ولا منطو على تأديب
مقنع. وهو في حقيقته نقل مكاني في نطاق الكلية ذاتها، وليس بتعيين جديد كما يذهب إلى
ذلك المدعي، ومن ثم فلا محل لإلغائه أو التعويض عنه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يخلص من أوراق الطعن – في أن المدعي أقام
الدعوى رقم 337 لسنة 13 القضائية ضد السيد/ مدير جامعة القاهرة بصفته، بعريضة أودعت
قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 21 من ديسمبر سنة 1958، طلب فيها الحكم "أولاً بإلغاء
نقله إلى فرع جامعة القاهرة بالخرطوم، وما يترتب على ذلك من آثار – ثانياً – بإلزام
الجامعة بأن تدفع له تعويضاً مؤقتاً قدره قرش صاغ واحد عن حملة التشهير بسمعته العلمية
والأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء الإجراءات التي اتخذتها الجامعة والقرارات
التي أصدرتها بمناسبة الشكوى المنوه عنها، وذلك مع إلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل
أتعاب المحاماة."
وبسط أسانيد دعواه فقال أنه تخرج في جامعة الإسكندرية إذ حصل على بكالوريوس التجارة
عام 1947. وكان ترتيبه الأول مع مرتبة الشرف، وفي أغسطس سنة 1949 أوفدته الجامعة للحصول
على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من إنجلترا، فحصل من جامعة مانشستر على درجة الماجستير
في يونيه سنة 1952، وعلى درجة الدكتوراه من جامعة أدنبره في يونيه سنة 1954 ثم عين
في وظيفة مدرس بقسم الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة القاهرة في 15 من أغسطس سنة 1954،
وفي غضون عام 1955 ثار بينه وبين الأستاذ وهيب مسيحة رئيس قسم الاقتصاد خلاف علمي،
اتخذه هذا الأخير تكئة لإسناد مخالفات إدارية إليه قامت الجامعة بتحقيقها وعرض الموضوع
على مجلس الجامعة، فقرر نقله إلى وظيفة خارج الجامعة، فندب للعمل بوزارة المالية ثم
عرض الأمر على المجلس الأعلى للجامعات فقرر في 11 من أكتوبر سنة 1956 إلغاء ندبه بوزارة
المالية على أن يقوم بالعمل بفرع جامعة القاهرة بالخرطوم، غير أنه لما استطال عمله
بالخرطوم أكثر من فترتين، طلب إنهاءه فوافق مدير الفرع على ذلك في 19 من مارس سنة 1958
على أن يحل محله آخر يقوم بعمله، فسعى إلى إحلال أحد أقاربه المتخصصين في مادته والحاصلين
على نفس مؤهله، ولكن سكرتير عام الجامعة أصدر قراراً في 24 من أغسطس سنة 1958 يتضمن
اعتماد نقله إلى فرع الجامعة بالخرطوم اعتباراً من 30 من سبتمبر سنة 1956، ومضى المدعي
ينعى على هذا القرار مخالفته القانون أولاً – من ناحية الشكل: لأن المختص بإصداره هو
مدير الجامعة ولأن القرار يتضمن أثراً رجعياً، ولأنه يستند في ديباجته إلى وقائع غير
صحيحة ولا يقوم على سند من القانون وثانياً من ناحية الموضوع: لأنه إذا كان قرار نقل
فهو ينطوي على تأديب مقنع، وإذا كان قرار تعيين جديد فإنه يلزم لهذا التعيين قبوله
إياه، وخلص المدعي من ذلك إلى أن الأساليب والإجراءات التي اتبعتها الجامعة منذ قدم
هو (أي المدعي) شكواه المؤرخة 17 من ديسمبر سنة 1955، حتى صدور هذا القرار الأخير،
كانت جميعها تخالف القانون مخالفة صريحة وتكشف عن نية الجامعة في تأديبه بلا أدنى مبرر
وبطرق ملتوية، وكذا عن مظاهرتها للاتهام في حملة التشهير بسمعته العلمية. وقد أجابت
الجامعة عن الدعوى بالدفع بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد لأن المدعي علم بالقرار الصادر
بنقله إلى فرع الجامعة بالخرطوم اعتباراً من 11 من أكتوبر سنة 1956 أي منذ تاريخ صدور
هذا القرار، وهذا العلم ثابت في كتابه المؤرخ 2 من مارس سنة 1958 المرسل منه إلى مدير
الجامعة، وفيما يتعلق بالموضوع أجابت الجامعة بأن قرار النقل هو القرار الصادر في 11
من أكتوبر سنة 1956 الذي وافق عليه مجلس الكلية ومجلس الجامعة والمجلس الأعلى للجامعات،
أما القرار الصادر في 24 من أغسطس سنة 1958 فهو تنفيذ للقرار الأول، ولا بد أن يرجع
تنفيذه إلى تاريخ القرار الأول، والنقل في هذا القرار يعتبر نقلاً مكانياً لأن فرع
كلية التجارة بالخرطوم كان وقتئذاك فرعاً لكلية التجارة بجامعة القاهرة فالنقل إليه
ليس تعييناً جديداً وليس تنزيلاً، أما تصدي المجلس الأعلى للجامعات للموضوع فكان في
خصوص إلغاء ندب المدعي إلى وزارة المالية، ومن ثم لم يكن نقل المدعي يقتضي إصدار قانون
أو قرار من مجلس الوزراء أو من وزير التربية والتعليم، فنقله إذن كان نقلاً مشروعاً
صادراً من مختص، ولا مسئولية على الجامعة في التعويض عنه، وأما عن حملة التشهير، فهي
ادعاء لم يثبت صحته، وفي الاطلاع على ملف خدمة المدعي – وهو يضم أوراق التحقيق، ما
يغني عن التفصيل في هذا المجال، وبجلسة أول فبراير سنة 1961 قضت محكمة القضاء الإداري
"أولاً – بعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء القرار المطعون فيه لرفعها بعد انقضاء
الميعاد المقرر – ثانياً – برفض طلب المدعي فيما يتعلق بالتعويض، وبإلزام المدعي مصاريف
الدعوى." وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى على أن الخطاب المرسل من
المدعي الذي يحمل تاريخ 2 من مارس سنة 1958 يفيد بما لا يدع مجالاً للشك علم المدعي
اليقيني بقرار النقل الصادر في 11 من أكتوبر سنة 1956 على الأقل من تاريخ هذا الخطاب،
وكان يتعين عليه أن يتظلم من هذا القرار وأن يرفع الدعوى في الميعاد بمراعاة هذا التاريخ
ولكنه لم يفعل، هذا فضلاً عن أن المدعي كان قد أبلغ بقرار إلغاء الندب إلى وزارة المالية
والنقل إلى فرع جامعة القاهرة بالخرطوم في 12 من نوفمبر سنة 1956، وفيما يتعلق بالموضوع
أقامت قضاءها على أن المدعي كان يشغل وظيفة مدرس بقسم الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة
القاهرة في 15 من أغسطس سنة 1954 وأنه حدث نزاع بينه وبين رئيس القسم الأستاذ وهيب
مسيحة فقدم المدعي في شأنه مذكرة إلى مدير جامعة القاهرة في 17 من ديسمبر سنة 1955،
فأحالها إلى السكرتير العام لفحصها حيث أجرى فيها تحقيقاً انتهى إلى تقرير عرض الأمر
على مجلس الجامعة الذي أصدر في 28 من فبراير سنة 1956 قراراً بنقل المدعي خارج الجامعة،
ثم وافق مجلس جامعة القاهرة في 28 من مارس سنة 1956 على اقتراح كلية التجارة بنقله
إلى وزارة المالية، وقد عرض القرار المذكور على المجلس الأعلى للجامعات فوافق عليه،
ولكن وزارة المالية طلبت أن تكون الموافقة على ندب المدعي بها تمهيداً لنقله، فقرر
المجلس الأعلى للجامعات في جلستي 11، 12 من يونيه سنة 1956 ندبه للعمل بوزارة المالية
تمهيداً لنقله نهائياً على أن يظل القرار الذي سبق أن اتخذه المجلس قائماً. وقد باشر
المدعي عمله بوزارة المالية بطريق الندب، ثم قدم في 29 من سبتمبر سنة 1956 طلباً لإلغاء
ندبه وعودته إلى عمله بكلية التجارة، فوافقت وزارة المالية وأخطرت الجامعة بذلك، وعرض
الأمر على المجلس الأعلى للجامعة بجلسة 11 من أكتوبر سنة 1956، فقرر نقل المدعي إلى
فرع الجامعة بالخرطوم، حيث تسلم عمله بالفرع في 11 من يناير سنة 1957، ثم كتب إلى مدير
الجامعة في 2 من مارس سنة 1958 يطلب إنهاء عمله بالفرع وعودته إلى كلية القاهرة فأجابت
الجامعة في 19 من مارس سنة 1958 بأنها لا تمانع بشرط وجود بديل له، وأنه يخلص من ذلك
أن قرار المجلس الأعلى للجامعات الصادر في 11 من أكتوبر سنة 1956 قد صدر في وقت كان
فيه فرع الجامعة بالخرطوم تابعاً لجامعة القاهرة، فيكون النقل إلى هذا الفرع إجراء
داخلياً من قبيل توزيع العمل الذي تقوم به الكلية فإذا كانت الجامعة – مع ذلك – لم
تلجأ إلى نقل المدعي إلى فرع الخرطوم، إلا بناءً على اقتراح مجلس الكلية وموافقة مجلس
الجامعة ثم موافقة المجلس الأعلى للجامعات فإنها تكون قد وفرت للمدعي من الضمانات ما
لم يوجبه القانون، وإذا كان سكرتير عام الجامعة قد قام بإبلاغه بما صدر من هيئات مختصة،
فإن قيامه بذلك ليس إلا تنفيذاً لقرار سليم صدر من المجلس الأعلى للجامعات، أما إرجاع
أثر القرار إلى تاريخ 30 من سبتمبر سنة 1956، فمرده إلى أن كلية التجارة في كتابها
المؤرخ 18 من نوفمبر سنة 1956 قد اعتبرت المدعي قائماً بعمله في الخرطوم من تاريخ إلغاء
ندبه بوزارة المالية، وهو إجراء في صالح المدعي حتى لا تكون هناك فترة انقطاع في مدة
خدمته، ولكل ذلك لا يكون ثمة موجب للتعويض ما دام لم يثبت أن القرار ينطوي على تنزيل
للمدعي، وما دام لم يثبت أن الجامعة قد اتخذت معه إجراء معيباً، بل على العكس قد التزمت
أحكام القانون في حقه، بل وجاوزتها إلى ما فيه تحقيق صالحه بأن راعت بأن تكون مدة خدمته
متصلة لا تتخللها فترة انقطاع ما.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن القرار المطعون فيه وإن كان أساساً قرار بالنقل المكاني
إلا أنه تغير وضعه في سنة 1958 نتيجة لاستقلال فرع الخرطوم، ومن ثم يبدأ ميعاد الطعن
بالإلغاء من الوقت الذي تكشفت فيه إرادة جامعة القاهرة عن وضعه الجديد المستقر بفرع
الخرطوم، كما جاء في قرار السكرتير العام للجامعة في 24 من أغسطس سنة 1958 الذي أبلغ
إليه في 20 من سبتمبر سنة 1958، هذا فضلاً عن أن القرار المطعون فيه هو قرار معدوم
لأن المجلس الأعلى للجامعات الذي أصدره لا يملك سلطة نقل عضو من أعضاء هيئة التدريس
من كلية إلى أخرى داخل الجامعة الواحدة، وإنما تملك ذلك مجالس الكليات ومجلس الجامعة،
أما عن قرار السكرتير العام للجامعة فقد كان ينبغي أن يستند إلى عناصر ثلاثة بأن يسبقه
قرار من مجلس كلية التجارة وقرار من مجلس جامعة القاهرة وقرار من المجلس الأعلى للجامعات
معتمد من وزير التربية والتعليم، ولكنه لم يستند إلى شيء من تلك القرارات، كما يقوم
الطعن على النعي على القرار المذكور بما سبق أن ردده الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري،
وعلى أن طلب التعويض ليس أساسه قرار النقل بل قرارات أخرى، إذ ارتكبت الجامعة مخالفات
قانونية صارخة وأصدرت قرارات إدارية غير مشروعة، وشهرت بسمعته العلمية وجرحت مكانته
بين الطلبة والزملاء.
ومن حيث إن جامعة القاهرة عقبت على الطعن بأنه إذا كانت محكمة القضاء الإداري قد استظهرت
بحق أن القرار المطعون فيه هو قرار بالنقل المكاني فإنه كان من المتعين أن تقضي بعدم
اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأنه وإن أنصب الطعن على ما قضى به الحكم بالنسبة لشكل
الدعوى وبالنسبة لموضوعها إلا أنه يجب على المحكمة العليا التعرض لحكم القانون فيما
التفت عنه الحكم المطعون فيه بالنسبة للاختصاص وإنزال حكم القانون في هذه، المسائل
على الوجه السليم هذا إلى جانب أنه قد صدر قرار من أمين جامعة القاهرة في 13 من أكتوبر
سنة 1962 برفع اسم المدعي اعتباراً من 17 من ديسمبر سنة 1961 نقلاً لمعهد الإدارة العليا
وأنه من ثم فقد انقطعت صلته بالجامعة وبالتالي انتفى في حقه شرط المصلحة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق هو أن المدعي نقل إلى فرع جامعة القاهرة بالخرطوم بالقرار
الصادر من المجلس الأعلى للجامعات بجلسته المنعقدة في 11 من أكتوبر سنة 1956، وأن المدعي
أبلغ بهذا القرار بكتاب كلية التجارة جامعة القاهرة رقم 2571 في 12 من نوفمبر سنة 1956.
الموقع من عميد الكلية بتكليفه تسلم العمل بفرع الكلية بالخرطوم، وقد صدر هذا القرار
بعد أن تقرر إنهاء ندبه للعمل بوزارة المالية والاقتصاد كما أن الثابت أيضاً أن القرار
الصادر من سكرتير عام جامعة القاهرة تحت رقم 2783 في 24 من أغسطس سنة 1958، والذي أبلغ
به المدعي في 20 من سبتمبر سنة 1958 قد صدر تنفيذاً لقرار المجلس الأعلى للجامعات الصادر
بجلسته المنعقدة في 11 من أكتوبر سنة 1956 بإلغاء ندب المدعي للعمل بوزارة المالية
والاقتصاد ونقله إلى فرع جامعة القاهرة بالخرطوم، إذ تضمن في ديباجته إشارة واضحة إلى
قرار المجلس الأعلى للجامعات المشار إليه، ومن ثم فلا يقبل التحدي بأن قرار السكرتير
العام سالف البيان قد غير المركز القانوني للمدعي من نقل مكاني إلى فرع جامعة القاهرة
بالخرطوم إلى نقل نوعي إلى الفرع المذكور فإلى جانب ما سبقت الإشارة إليه من أنه تنفيذاً
لقرار المجلس الأعلى للجامعات المبين آنفاً. فإن فروع الجامعة بالخرطوم لم تستقل عن
كلياتها بالقاهرة إلا بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 418 لسنة 1959 فنقل المدعي إذن
من كلية التجارة بالقاهرة إلى فرعها بالخرطوم، لا يعدو أن يكون توزيعاً داخلياً للعمل،
ولم يترتب عليه أي مساس بالمركز القانوني للمذكور سواء في الوظيفة أو في الدرجة أو
في المرتب، وإذا كان مجلس الكلية يختص بإصدار مثل هذا القرار بالتطبيق للفقرة الثانية
من المادة 37 من القانون رقم 345 لسنة 1956 في شأن تنظيم الجامعات المصرية، فإن مجلس
الجامعة يختص أيضاً بإصداره بالتطبيق للفقرة الخامسة ب من المادة 24 من هذا القانون،
وهي التي ناطت به السلطة إدارة حركة التعليم، وكذا يختص بإصداره المجلس الأعلى للجامعات
بالتطبيق للفقرة 4 من المادة 29 من القانون المذكور التي ناطت به سلطة التنسيق بين
وظائف هيئة التدريس وتوزيعها بين الجامعات ومن ثم لا يقبل أيضاً التحدي بأن المجلس
الأعلى للجامعات قد اغتصب سلطة مجلس الجامعة ومجلس الكلية، بل إن صدور القرار المطعون
فيه من المجلس الأعلى للجامعات يتضمن إحاطة المدعي بأكبر قسط من الضمانات، وهو على
أية حال لم يصدر قراره هذا، إلا بعد أن وافق مجلس كلية التجارة في 27 من مارس سنة 1956
ومجلس الجامعة في 28 من مارس سنة 1956 على النقل، فلا وجه، بعد ذلك للقول بأن المجلس
الأعلى للجامعات قد اغتصب سلطة مجلس الكلية أو سلطة مجلس الجامعة، كما أنه لا حجة في
القول أن القرار المطعون فيه كان لا بد أن يعتمد من وزير التربية والتعليم، لأن نقل
المدعي لم يكن من جامعة إلى أخرى وإذا كان الأمر كذلك، فإن القرار المطعون فيه يكون
قد صدر سليماً مطابقاً للقانون من سلطة تملك إصداره، غير مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة،
ولا منطو على تأديب مقنع. وهو في حقيقته نقل مكاني في نطاق الكلية ذاتها، وليس بتعيين
جديد كما يذهب إلى ذلك المدعي، ومن ثم فلا محل لإلغائه أو التعويض عنه.
وإذا كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري لا يشمل
الطعن في القرارات الصادرة بنقل الموظف ما دامت لا تحمل في طياتها قرارات أخرى مقنعة
مما يختص بنظرها القضاء الإداري كالنقل إلى وظيفة تختلف عن الوظيفة الأولى في طبيعتها
أو في شروط التعيين فيها أو في مزاياها أو النقل كجزاء تأديبي فإنه كان يتعين على الحكم
المطعون فيه أن يقضي بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى إلغاء وتعويضاً،
بيد أنه لما كان الطعن مقاماً من المدعي وحده فإنه لا مناص من القضاء برفض الطعن موضوعاً،
وغض النظر عن تصويب الحكم المطعون فيه على الوجه المتقدم ذكره، مع إلزام الطاعن بمصروفات
طعنه.
"فلهذه الأسباب"
"حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن بمصروفاته".
