الطعن رقم 593 لسنة 11 ق – جلسة 09 /03 /1969
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة – العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969)
– صـ 465
جلسة 9 من مارس سنة 1969
برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل – رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر – المستشارين.
القضية رقم 593 لسنة 11 القضائية
( أ ) – هيئة عامة – الهيئة العامة للسكك الحديدية "موظفوها" "التقارير
السرية السنوية" قرار رئيس الجمهورية رقم 2190 لسنة 1959 بشأن نظام موظفي الهيئة العامة
لشئون سكك حديد مصر ولائحته التنفيذية قد وضعا طريقاً خاصاً للتظلم من التقارير السرية
السنوية الخاصة بهم. آثار ذلك.
(ب) – هيئة عامة – الهيئات العامة للسكك الحديدية "لجنة شئون الموظفين" "تقدير درجة
الكفاية" إدخال لجنة شئون الموظفين في اعتبارها عندما تقدر الكفاية، الحالة السابقة
للموظف، والجزاءات الموقعة عليه في السنوات السابقة لا يتعارض ومبدأ سنوية التقرير،
أساس ذلك.
(جـ) – هيئة عامة – الهيئات العامة للسكك الحديدية "لجنة شئون الموظفين" "تقدير درجة
الكفاية"، لا يوجد في نصوص القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 أو لائحته التنفيذية
ما يقيد لجنة شئون الموظفين باتباع طريق معين تلتزمه في تقدير كفاية الموظفين – للجنة
سلطة تقديرية في وزن كفاية الموظفين – اللجنة بحكم تشكيلها أبعد ما تكون عن الهوى والغرض
وأدنى إلى صواب الحكم على كفاية الموظفين – اللجنة تملك التعقيب على تقدير الرؤساء
المباشرين – اللجنة غير ملزمة بمناقشة عناصر الكفاية واحداً واحداً وهي تمارس سلطتها
في التعقيب، أساس ذلك.
(د) – هيئة عامة – الهيئات العامة للسكك الحديدية "موظفوها" "تقرير سري سنوي".
إذا استوفى التقرير السري السنوي جميع الإجراءات والمراحل والأوضاع الشكلية التي نص
عليها القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 ولائحته التنفيذية، ولم يثبت أن لجنة شئون
الموظفين قد أساءت استعمال سلطتها، فإن هذا التقرير يكون صحيحاً ويرتب آثاره القانونية.
1 – طالما قد نظم تشريع خاص – وهو القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 ولائحته التنفيذية
طريقة التظلم من التقارير السرية السنوية الخاصة بموظفي سكك حديد مصر، وجعل القرار
الصادر في التظلم من هذا التقرير باتاً ونهائياً فإن الجهة الإدارية تكون قد استنفدت
كل سلطاتها، ولا تملك حيال هذا القرار بعد ذلك أية سلطة تبيح لها المساس به تعديلاً
أو إلغاءً، ومن ثم تصبح التقارير السنوية نهائية وقطعية لا يجوز الرجوع فيها أو سحبها،
لا من جانب لجنة شئون الموظفين ذاتها ولا من جانب أية جهة رئاسية أخرى والقول بغير
ذلك من شأنه أن يفتح الباب أمام تظلمات متعددة لا طائل منها ويفضى إلى إطالة الإجراءات
دون مقتض كما ينطوي على تعليق للمراكز القانونية التي يحرص المشرع دائماً على استقرارها
في أقرب وقت ممكن، فضلاً عن أن سلوك التظلم الخاص أمام لجنة شئون موظفي الهيئة يحقق
الغاية ذاتها التي يستهدفها المشرع من نظام التظلم الوجوبي المنصوص عليه في قانون مجلس
الدولة ولا يغني عنه، والأصل أن الخاص يقيد العام ولا عكس ومتى كان الأمر كذلك فإنه
لا مناط – والحالة هذه – من التقيد بهذا التظلم الخاص بدون الرجوع إلى أي قانون آخر،
إذ أن الأمر في الحقيقة يخرج من يد السلطة الإدارية إلى يد السلطة القضائية، إذ ما
أثير النزاع أمامها، ويكون التظلم بعد ذلك لجهة الإدارة من هذا القرار غير مجد، وليس
له أثر في قطع مواعيد رفع دعوى الإلغاء أو في وجوب انتظار البت فيه.
2 – إن لجنة شئون الموظفين عندما قدرت كفاية الطاعن عن أعماله عام 1962 بمرتبة "مرضي"
قد أدخلت في اعتبارها حالته السابقة والجزاءات الموقعة عليه وبذلك وصلت ماضيه بحاضره،
إذ يجب أن يكون تحت نظرها بيان شامل بحالة الموظف حتى تكتمل أمامها صورة واضحة لنواحي
نشاطه ومسلكه وتتهيأ لها جميع العناصر التي تستطيع بموجبها تقدير درجة كفايته تقدير
مبرأ من القصور، ذلك أنه وإن كان الأصل هو الاعتداد بالأفعال التي يأتيها الموظف خلال
السنة التي يوضع عنها التقرير أخذاً بمبدأ سنوية التقرير إلا أن تعاقب الجزاءات والربط
بين ماضي الموظف في السنوات السابقة وحاضره في السنة التي وضع عنها التقرير لا شك له
أثره في ضبط درجة كفايته، ولما كان التقرير المطعون فيه قد صدر استناداً إلى البيانات
الواردة في ملف خدمة المدعي فإن هذا يكون كافياً لحمل التقرير، المذكور وتبرير ما انتهى
إليه.
3 – لا يوجد في نصوص القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 بنظام موظفي هيئة سكك حديد
مصر أو لائحته التنفيذية ما يقيد لجنة شئون الموظفين باتباع طريق معين تلتزمه في تقدير
كفاية الموظفين، بل لها أن تلجأ في ذلك إلى شتى الوسائل التي تراها كفيلة بالوصول إلى
التقدير السليم الذي يتفق مع الحق والواقع، وقد خصها القرار الجمهوري سالف الذكر بسلطة
تقديرية في كفاية الموظفين لحكمة ظاهرة هي أنها تضم عدداً من كبار موظفي الهيئة الذين
لهم من خبراتهم ومرانهم وإشرافهم على أعمال الموظفين وإلمامهم بظروفهم ما يمكنهم من
وزن كفايتهم وزناً سليماً، كما أنها بحكم تشكيلها أبعد ما تكون عن الهوى والغرض وأدنى
إلى صواب الحكم على كفاية الموظفين، ما دام لم يثبت بدليل إيجابي أنها قد انحرفت عن
جادة الصالح العام أو أساءت استعمال سلطتها وغير صحيح أن لجنة شئون الموظفين لا تملك
التعقيب على تقدير الرؤساء المباشرين، إذ أن مهمتها ليست مجرد تسجيل مادي لهذا التقدير،
بل لها سلطة التعقيب الجدي عليه بصفة نهائية متى قامت لديها أسباب تقطع في عدم سلامته
وهذه اللجنة غير ملزمة قانوناً بمناقشة عناصر التقدير عنصراً عنصراً عند ممارستها سلطة
التعقيب على تقديرات الرؤساء المباشرين، إذ أن المادة 27 من اللائحة التنفيذية السابق
الإشارة إليها قد نصت على أن "تقدم التقارير السرية على النماذج وطبقاً للأوضاع التي
يقررها مجلس الإدارة" وقد صدر قرار مجلس إدارة الهيئة في 8 من يناير سنة 1961 بوضع
النموذج الخاص بالتقارير السرية السنوية عن موظفي الهيئة، ويتضح من مطالعته أنه قد
أفردت به ثلاث خانات لتقدير الرئيس المباشر والمدير المحلي والرئيس الأعلى، مما يؤخذ
منه أن تقدير الدرجات الموزعة على عناصر الكفاية في هذا النموذج إنما يلتزم به هؤلاء
الرؤساء دون لجنة شئون الموظفين وأن ما ورد في ذيل النموذج من إفراد مكان خاص لرأي
اللجنة يدل على أن طبيعة هذا التنظيم يقتضي أن يكون التعقيب من جانبها مجملاً وليس
تفصيلياً وهذا النهج الذي التزمه النموذج المذكور يتفق مع كون الرؤساء المباشرين في
وضع يمكنهم من الإحاطة بتقدير عناصر درجة الكفاية الموضحة بالتقرير، أما لجنة شئون
الموظفين فإنما تستوحي عقيدتها عن الموظف من سلوكه العام داخل الوظيفة وخارجها ومما
تستنبطه من ملف خدمته، ولذلك فإنه لا تثريب عليها إن هي أوردت رأيها مجملاً ما دامت
تستند فيه إلى ما يعززه من الواقع.
4 – ومتى كان التقرير السري السنوي استوفى جميع الإجراءات والمراحل، والأوضاع الشكلية
التي نص عليها القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 ولائحته التنفيذية المشار إليهما،
ولم يخالف أي إجراء جوهري في هذا الشأن، ولم يثبت أن لجنة شئون الموظفين عند تقديرها
كفاية الطاعن بمرتبة "مرضي" قد أساءت استعمال سلطتها، فإن هذا التقدير يكون صحيحاً
مطابقاً للقانون ولا مندوحة من ترتيب آثاره القانونية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه ولئن كان تقرير الطعن قد أودع قلم كتاب المحكمة في 24 من مايو سنة 1965
بينما صدر الحكم المطعون فيه بجلسة 13 من يناير سنة 1965 إلا أن الطاعن قدم في 24 من
فبراير سنة 1965، أي في خلال الستين يوماً التالية لصدور الحكم، طلب الإعفاء رقم 89
لسنة 11 القضائية إلى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة لإعفائه من رسوم هذا الطعن.
وقد قررت اللجنة قبول هذا الطلب بجلسة 5 من إبريل سنة 1965، وإذ أودع تقرير الطعن قلم
كتاب المحكمة الإدارية العليا في خلال الستين يوماً لتالية لصدور قرار لجنة المساعدة
القضائية بقبول طلب الإعفاء، فإن الطعن يكون مرفوعاً في الميعاد القانوني وفقاً لما
جرى عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص أثر طلب المساعدة القضائية القاطع لميعاد الطعن.
ويكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أن المدعي (الطاعن)
أقام الدعوى رقم 1377 لسنة 17 القضائية ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بصحيفة
أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري "هيئة الجزاءات والفصل بغير الطريق التأديبي"
في 11 من مايو سنة 1963 طالباً "الحكم بإلغاء التقرير السنوي الصادر من لجنة شئون الموظفين
العليا الصادر عنه عن عام 1962 بتقدير درجة كفايته بمرضي مع ما يترتب على ذلك من آثار
وبإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقال بياناً لدعواه أن كلاً من
الرئيس المباشر والمدير المحلي والرئيس الأعلى قدر كفايته عن عام 1962 بدرجة جيد (82
من 100) درجة أي ما يقرب من مرتبة الامتياز، غير أن لجنة شئون الموظفين قد أنزلت درجة
كفايته إلى "مرض" دون التعرض لمفردات عناصر التقدير وبغير بيان للأسباب التي بنت عليها
هذا التخفيض ولم يكن لأحد أعضائها إلمام بأعماله لعدم اتصالهم به في العمل، وكان الأجدر
بهم أن ينتهوا إلى التقديرات ذاتها التي عملت بوساطة رؤسائه المتصلين به اتصالاً وثيقاً،
وقد تظلم إلى اللجنة في 10 من فبراير سنة 1963 فقررت بجلسة 6 من إبريل سنة 1963 رفض
تظلمه، وقد أجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بأنها راعت عند وضع التقرير السنوي عن المدعي
بجميع الإجراءات والأوضاع المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية الصادر بها القرار الجمهوري
رقم 1640 لسنة 1960 الخاص بنظام موظفي الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية، وقد أعلن
المدعي بصورة من التقرير المذكور، ولما تظلم منه عرض تظلمه على لجنة شئون الموظفين
العليا فرفضته، وبذلك يكون قرارها نهائياً مطابقاً للقانون. وبجلسة 13 من يناير سنة
1965 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً
مع إلزام رافعها بالمصروفات، وأقامت قضاءها على أنه كان يتعين على المدعي أن يتظلم
من القرار الصادر بتقدير كفايته قبل رفع الدعوى شأن أي قرار إداري آخر تصدره لجنة شئون
الموظفين، وذلك حتى تكون دعواه مقبولة طبقاً لما تقضي به المادة 12 من القانون رقم
55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة، ولا يكفي في هذا الشأن التظلم الذي سبق أن
قدمه المدعي طبقاً للائحة التنفيذية المشار إليها، إذ هو لا يعدو أن يكون من المراحل
التي يجب استنفادها ليكون القرار نهائياً لا يحتاج إلى تصديق سلطة أعلى، ذلك أن التظلم
في هذه المرحلة لا يحول دون التظلم من القرار المطعون فيه مرة أخرى باعتباره شرطاً
لازماً لقبول الدعوى وإجراءً جوهرياً يجب اتخاذه قبل رفعها، وإذ لم يفعل المدعي ذلك
فإن دعواه تكون غير مقبولة، ولا يجديه نفعاً في هذا المقام التحدي بالتظلم المقدم منه
إلى السيد الوزير في 9 من يونيه سنة 1963 من قرار لجنة شئون الموظفين الصادر برفض تظلمه
سالف الذكر، ذلك أن هذا التظلم مقدم منه بعد أن أقام دعواه الحالية ومن ثم فلا يعتد
به.
ومن حيث إن طعن المدعي يقوم من الناحية الشكلية على أنه عقب إبلاغه بتقريره السنوي
عن عام 1962 في 6 من فبراير سنة 1963 بادر بالتظلم منه إلى السيد المدير العام للهندسة
الميكانيكية في 10 من فبراير سنة 1963، كما قدم تظلماً آخر إلى لجنة شئون الموظفين
وفقاً للقرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 الخاص بموظفي هيئة السكك الحديدية، وقد أوصى
رئيسة الإدارة بإعادة النظر في هذا التقرير إلا أن لجنة شئون الموظفين رفضت تظلمه بجلسة
6 من إبريل سنة 1963، ولما أبلغ بقرار اللجنة في 13 من إبريل سنة 1963 قام برفع دعواه
الحالية أمام محكمة القضاء الإداري أي في الميعاد القانوني، أما تظلمه المقدم للسيد
الوزير في 9 من يونيه سنة 1963 – أي بعد رفع دعواه – فإنه كان من القرار رقم 177 الصادر
في 21 من مايو سنة 1963 بتخطيه في الترقية إلى المرتبة الأولى وقد أقام الدعوى رقم
1810 لسنة 17 في 9 من سبتمبر سنة 1963 بطلب الحكم بإلغاء هذا القرار، وهي دعوى مستقلة
عن الدعوى الحالية. أما من ناحية الموضوع فيقول الطاعن أنه قد تدرج في مختلف الوظائف
الرئيسية بالقسم الميكانيكي، وكان مثال الموظف الكفء الأمين ولم تصدر منه أية مخالفة
يمكن مؤاخذته عليها كما كان محل ثقة الجميع على الرغم من كثرة أعماله التي كانت تستنفد
أوقات راحته وتستلزم استمراره في العمل ساعات متأخرة بعد المواعيد الرسمية، وكل ما
نسب إليه هو أنه قد وقع عليه جزاء بالإنذار في 29 من يناير سنة 1962 لأنه كعضو في لجنة
التخزين قد أشر على إفادة ملاحظ حوش غيط العنب في منتصف سنة 1958 بتخريد بعض المهمات،
ثم ظهر بعد ذلك أن من بين هذه المهمات المتخردة أربع عجلات صالحة، وعلى الرغم من تفاهة
هذه المخالفة وشيوعها بين كثير من المختصين فإنها – على فرض صحتها – تعتبر من المخالفات
العادية التي لا ترقى إلى المستوى الذي يؤثر في مركزه الوظيفي – وأضاف الطاعن أن رؤساءه
المباشرين قد قدروا كفايته بدرجة (جيد) لأنهم كانوا أكثر اتصالاً بعمله، غير أن لجنة
شئون الموظفين قد هبطت بهذا التقدير إلى درجة "مرض" دون بيان الأسباب التي بنت عليها
ذلك، كما أنها لم تتعرض لعناصر التقدير ومفرداته، لأن أعضاءها ليسوا ملمين بعمله إذ
لا يوجد من بينهم من يعرفه. ولقد كان على اللجنة أن تعتمد تقدير رؤسائه المباشرين دون
تخفيض. وعندما تظلم من هذا التقدير وعرض تظلمه على لجنة شئون الموظفين الفرعية بالقسم
الميكانيكي التابع له أوصت مشددة بإعادة النظر في التقرير السنوي ومنحه التقدير الذي
يستحقه ويتناسب مع مسئولياته الجسيمة وتفانيه في عمله، ولكن اللجنة رفضت تظلمه دون
مناقشة، وكانت تستهدف في الحقيقة من تقدير كفايته بدرجة "مرض" في كل من عامي 1961 و1962
أن تتخطاه في الترقية بعد ذلك إلى المرتبة الأولى. وإذا كان للجنة الحق في التعقيب
على تقدير الرؤساء المباشرين ليس لها أن تتستر وراء ذلك لإساءة استعمال سلطتها أو لاستعمالها
بغير سند أو دون أسباب جدية. كما أن المادة 12 من اللائحة التنفيذية الخاصة بموظفي
الهيئة تنص على إنشاء سجل خاص تدون به محاضر اجتماع لجنة شئون الموظفين، وعلى وجوب
أن تشتمل هذه المحاضر على ما دار من مناقشات والأسباب التي بنت عليها اللجنة قراراتها،
والحال أن هذه المحاضر جاءت خلواً من بيان أسباب تخفيض درجة كفايته، كما أنها لم تشر
إلى أن ثمة مناقشات قد جرت في شأن تظلمه، حتى يمكن مراقبة هذه الأسباب والمناقشات.
( أ ) – عن قبول الدعوى:
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً استناداً إلى أن المدعي
قد أقام دعواه دون أن يتظلم من قرار لجنة شئون الموظفين الصادر في 6 من إبريل سنة 1963
برفض تظلمه، وأنه لا يجديه نفعاً في هذا المقام التحدي بالتظلم المقدم منه إلى السيد
الوزير في 9 من يونيه سنة 1963 لأنه مقدم بعد إقامة دعواه الحالية في 11 من مايو سنة
1963.
ومن حيث إن القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 بنظام الموظفين بهيئة سكك حديد مصر
قد نص في المادة 22 منه على أن "يعلن الموظف الذي يقدم عنه تقرير بدرجة مرضي أو.. ضعيف
بصورة منه، وله أن يتظلم منه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه به إلى لجنة شئون
الموظفين، وتنظيم اللائحة التنفيذية طريقة الإعلان وتقديم التظلم وطريقة الفصل فيه".
كما تنص المادة 31 من القرار الجمهوري رقم 1640 لسنة 1960 باللائحة التنفيذية للقرار
الجمهوري سالف الذكر على أن "تعرض التظلمات التي يقدمها الموظفون الذين حصلوا على تقدير
بدرجة مرض أو ضعيف على لجنة شئون الموظفين المختصة خلال شهر من تاريخ تقديمها – وتفصل
اللجنة فيها بالطريقة المنصوص عليها في المادة 23، ويعتبر قرارها في هذا الشأن نهائياً.
ويعلن به الموظف خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور قرار اللجنة".
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المشرع قد رسم لموظفي الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية
طريقاً خاصاً للتظلم من قرارات تقدير كفايتهم بمرتبة مرض أو ضعيف، وحدد الجهة التي
يرفع إليها التظلم وهي لجنة شئون الموظفين وجعل قرارها في هذا الشأن نهائياً والثابت
من الأوراق أن الطاعن قد أبلغ بتقريره السنوي عن عام 1962 في 6 من فبراير سنة 1963
وأنه تظلم منه في 10 من فبراير سنة 1963، أي في الميعاد المقرر لتقديم التظلمات، وأن
اللجنة رفضت تظلمه بجلسة 6 من إبريل سنة 1963 وأنه أبلغ بقرار الرفض هذا في 13 من إبريل
سنة 1963 فأقام دعواه الحالية أمام محكمة القضاء الإداري في 11 من مايو سنة 1963 بالطعن
بالإلغاء في هذا القرار، أي خلال الستين يوماً التالية لتاريخ إبلاغه بقرار اللجنة،
وبذلك يكون قد رفع دعواه في الميعاد القانوني.
ومن حيث إنه لا وجه بعد ذلك لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من ضرورة تظلم الطاعن –
بعد تظلمه الأول – من القرار المطعون فيه، وذلك بالتطبيق للمادة 12 من القانون رقم
55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة – لا وجه لذلك، لأنه طالما قد نظم تشريع خاص
– وهو القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 ولائحته التنفيذية المشار إليهما – طريقة
التظلم من التقارير السرية السنوية الخاصة بموظفي سكك حديد مصر، وجعل القرار الصادر
في التظلم من هذا التقرير باتاً ونهائياً فإن الجهة الإدارية تكون قد استنفدت كل سلطاتها،
ولا تملك حيال هذا القرار بعد ذلك أية سلطة تبيح لها المساس به تعديلاً أو إلغاءً،
ومن ثم تصبح التقارير السنوية نهائية وقطعية لا يجوز الرجوع فيها أو سحبها، لا من جانب
لجنة شئون الموظفين ذاتها ولا من جانب أية جهة رئاسية أخرى والقول بغير ذلك من شأنه
أن يفتح الباب أمام تظلمات متعددة لا طائل منها ويفضي إلى إطالة الإجراءات دون مقتض،
كما ينطوي على تعليق للمراكز القانونية التي يحرص المشرع دائماً على استقرارها في أقرب
وقت ممكن فضلاً عن أن سلوك طريق التظلم الخاص أمام لجنة شئون موظفي الهيئة يحقق الغاية
ذاتها التي يستهدفها المشرع من نظام التظلم الوجوبي المنصوص عليه في قانون مجلس الدولة
ويغني عنه، والأصل أن الخاص يقيد العام ولا عكس. ومتى كان الأمر كذلك فإنه لا مناط
– والحالة هذه – من التقيد بهذا التظلم الخاص دون الرجوع إلى أي قانون آخر، إذ أن الأمر
في الحقيقة يخرج من يد السلطة الإدارية إلى يد السلطة القضائية، إذا ما أثير النزاع
أمامها، ويكون التظلم بعد ذلك لجهة الإدارة من هذا القرار غير مجد، وليس له أثر في
قطع مواعيد رفع دعوى الإلغاء، أو في وجوب انتظار البت فيه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب، يكون قد أخطأ في تأويل القانون
وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه وبقبول الدعوى شكلاً.
(ب) – عن الموضوع:
ومن حيث إن الدعوى مهيأة للفصل في موضوعها.
ومن حيث إنه بالاطلاع على التقرير السري السنوي المقدم عن المدعي عن أعماله خلال عام
1962 – المرفقة صورته – يتضح أن كلاً من الرئيس المباشر والمدير المحلي والرئيس الأعلى
قد قدر كفايته فيه بمرتبة "جيد" (82 درجة)، غير أن لجنة شئون الموظفين بالهيئة قد قررت
بجلستها المنعقدة في 28 من يناير سنة 1963 تقدير كفايته بمرتبة "مرض". وينعى المدعي
على هذا التقرير أن اللجنة المذكورة قد هبطت بتقدير كفايته دون التعرض لمفردات هذا
التقدير وعناصره وبغير إبداء الأسباب التي بنت عليها هذا التخفيض، فضلاً عن أن ملف
خدمته زاخر بكفايته وتفانيه وإخلاصه في العمل، ولم يوقع عليه سوى إنذار في 29 من يناير
سنة 1962 عن مخالفة تافهة لا تؤثر في مركزه الوظيفي.
ومن حيث إنه ولئن كانت لجنة شئون الموظفين لم تفصح صراحة عن الأسباب التي دعتها إلى
تخفيض درجة كفاية الطاعن التي قدرها رؤساؤه المباشرون إلى مرتبة (مرض) إلا أن هذه الأسباب
مستخلصة بجلاء مما أشير إليه في تقريره السري السنوي المطعون فيه ذاته من سابقة مجازاته
بالإنذار في 29 من يناير سنة 1962 لمسئوليته باعتباره عضواً بلجنة التخزين بأن أشر
على إفادة ملاحظة حوش غيط العنب بأن المهمات خردة في حين أنه اتضح أن بها خمس عجلات
صالحة، كما أنه سبق مجازاته أيضاً في 10 من يناير سنة 1961 بخصم ثلاثة أيام من مرتبه
لمسئوليته عن عدم محاولته اكتشاف عيوب صناعة القطاير ذات الثلاث صبات لعربات البضاعة،
هذا إلى أن اللجنة سبق لها أن قدرت كفايته عن عام 1961 بدرجة "مرض" وعن عام 1960 بدرجة
"ضعيف" ورفضت التظلمين المقدمين منه عن هذين التقديرين.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن لجنة شئون الموظفين عندما قدرت كفاية الطاعن عن أعماله
خلال عام 1962 بمرتبة "مرض" قد أدخلت في اعتبارها حالته السابقة والجزاءات الموقعة
عليه وبذلك وصلت ماضيه بحاضره، إذ يجب أن يكون تحت نظرها بيان شامل بحالة الموظف حتى
تكتمل أمامها صورة واضحة لنواحي نشاطه ومسلكه وتتهيأ لها جميع العناصر التي تستطيع
بموجبها تقدير درجة كفايته تقديراً مبرأ من القصور، ذلك أنه وإن كان الأصل هو الاعتداد
بالأفعال التي يأتيها الموظف خلال السنة التي يوضع عنها التقرير أخذاً بمبدأ سنوية
التقرير إلا أن تعاقب الجزاءات – والربط بين ماضي الموظف في السنوات السابقة وحاضره
في السنة التي وضع عنها التقرير لا شك له أثره في ضبط درجة كفايته، ولما كان التقرير
المطعون فيه قد صدر استناداً إلى البيانات الواردة في ملف خدمة المدعي فإن هذا يكون
كافياً لحمل التقرير المذكور وتبرير ما انتهى إليه.
ومن حيث إنه لا يوجد في نصوص القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 بنظام موظفي هيئة
سكك حديد مصر أو لائحته التنفيذية ما يقيد لجنة شئون الموظفين باتباع طريق معين تلتزمه
في تقدير كفاية الموظفين، بل لها أن تلجأ في ذلك إلى شتى الوسائل التي تراها كفيلة
بالوصول إلى التقدير السليم الذي يتفق مع الحق والواقع، وقد خصها القرار الجمهوري سالف
الذكر بسلطة تقديرية في وزن كفاية الموظفين لحكمة ظاهرة هي أنها تضم عدداً من كبار
موظفي الهيئة الذين لهم من خبراتهم ومرانهم وإشرافهم على أعمال الموظفين وإلمامهم بظروفهم
ما يمكنهم من وزن كفايتهم وزناً سليماً، كما أنها بحكم تشكيلها أبعد ما تكون عن الهوى
والغرض وأدنى إلى صواب الحكم على كفاية الموظفين، ما دام لم يثبت بدليل إيجابي أنها
قد انحرفت عن جادة الصالح العام أو أساءت استعمال سلطتها – وغير صحيح ما يذهب إليه
الطاعن من أن لجنة شئون الموظفين لا تملك التعقيب على تقدير الرؤساء المباشرين، إذ
أن مهمتها ليست مجرد تسجيل مادي لهذا التقدير، بل لها سلطة التعقيب الجدي عليه بصفة
نهائية متى قامت لديها أسباب تقطع في عدم سلامته.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذكره الطاعن في تقرير طعنه من أن لجنة شئون الموظفين قد أغفلت،
عند تقدير كفايته بمرتبة "مرض" أن تسجل مناقشاتها والأسباب التي بنت عليها هذا التقدير
في السجل الخاص المعد لتدوين محاضر اجتماعاتها طبقاً لما نصت عليه المادة 22 من اللائحة
التنفيذية لنظام موظفي الهيئة، ذلك أن ما نصت عليه هذه المادة إنما هو من القواعد التنظيمية
التي لا يترتب على إغفالها بطلان التقرير، ولا سيما أن اللجنة قد استمدت تقديرها من
أصول ثابتة بملف خدمة الطاعن.
ومن حيث إنه لا اعتداد أيضاً بما ينعاه الطاعن على تقريره السنوي من أن لجنة شئون الموظفين
لم تتعرض لعناصر تقدير كفايته ومفرداتها عندما هبطت بدرجة كفايته من "جيد" إلى "مرض"
ذلك أن هذه اللجنة غير ملزمة قانوناً بمناقشة عناصر التقدير عنصراً عنصراً عند ممارستها
سلطة التعقيب على تقديرات الرؤساء المباشرين، إذ أن المادة 27 من اللائحة التنفيذية
السابق الإشارة إليها قد نصت على أن "تقدم التقارير السرية على النماذج وطبقاً للأوضاع
التي يقررها مجلس الإدارة" وقد صدر قرار مجلس إدارة الهيئة في 8 من يناير سنة 1961
بوضع النموذج الخاص بالتقارير السرية السنوية عن موظفي الهيئة، ويتضح من مطالعته أنه
قد أفردت به ثلاث خانات لتقدير الرئيس المباشر والمدير المحلي والرئيس الأعلى، مما
يؤخذ منه أن تقدير الدرجات الموزعة على عناصر الكفاية في هذا النموذج إنما يلتزم به
هؤلاء الرؤساء دون لجنة شئون الموظفين، وأن ما ورد في ذيل النموذج من إفراد مكان خاص
لرأي اللجنة يدل على أن طبيعة هذا التنظيم يقتضي أن يكون التعقيب من جانبها مجملاً
وليس تفصيلياً، وهذا النهج الذي التزمه النموذج المذكور يتفق مع كون الرؤساء المباشرين
في وضع يمكنهم من الإحاطة بتقدير عناصر درجة الكفاية الموضحة بالتقرير، أما لجنة شئون
الموظفين فإنما تستوحي عقيدتها عن الموظف من سلوكه العام داخل الوظيفة وخارجها ومما
تستنبطه من ملف خدمته، ولذلك فإنه لا تثريب عليها إن هي أوردت رأيها مجملاً ما دامت
تستند فيه إلى ما يعززه من الواقع.
ومن حيث إنه متى كان التقرير السري السنوي المطعون فيه قد استوفى جميع الإجراءات والمراحل
والأوضاع الشكلية التي نص عليها القرار الجمهوري رقم 2190 لسنة 1959 ولائحته التنفيذية
المشار إليهما، ولم يخالف أي إجراء جوهري في هذا الشأن، ولم يثبت أن لجنة شئون الموظفين
عند تقديرها كفاية الطاعن بمرتبة "مرضي" قد أساءت استعمال سلطتها، فإن هذا التقدير
يكون صحيحاً مطابقاً للقانون ولا مندوحة من ترتيب آثاره القانونية، ويكون طلب المدعي
الحكم بإلغائه غير قائم على أساس سليم، ويتعين من ثم القضاء برفض الدعوى موضوعاً، مع
إلزام المدعي بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً، وبرفضها موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.
