الطعن رقم 2462 لسنة 30 ق – جلسة 25 /06 /1989
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام
المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون – الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة
1989) – صـ 1202
جلسة 25 من يونيه سنة 1989
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ نبيل أحمد سعيد – نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد محمود الدكروري وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان ويحيى أحمد عبد المجيد – المستشارين.
الطعن رقم 2462 لسنة 30 القضائية
قوات مسلحة – معيار السقوط الخمسي والثنائي للحق في طلب المعاش
(تقادم) (معاش) طبقاً للمادتين ومن القانون رقم 90 لسنة 1975 بإصدار قانون
التقاعد والتأمين والمعاشات بالقوات المسلحة.
الحكم الوارد بالمادة من عدم جواز المنازعة في قيمة المبالغ المستحقة بموجب القانون
بعد مضي سنتين من تاريخ بدء صرف الاستحقاق يفترض أن هناك تسليماً من قبل الجهة الإدارية
بأصل الحق في اقتضاء المعاش وقيامها بتسويته وصرفه فعلاً – حينئذ تمتنع المنازعة في
قيمته بعد انقضاء سنتين من تاريخ الصرف – مؤدى ذلك أنه إذا لم تقر جهة الإدارة للمدعي
بأصل الحق في اقتضاء معاش إصابة بسبب الخدمة تعين تطبيق التقادم الخمسي المقرر بالمادة
من القانون – تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 28/ 6/ 1984 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السادة وزير
الدفاع ووزير الزراعة ومحافظ قنا سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم
2462 لسنة 30 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 9/ 5/ 1984 في
الدعوى رقم 2778 لسنة 36 القضائية المقامة من السيد/….. ضد الطاعنين والذي قضى بقبول
الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في معاش شهري قدره ثمانية جنيهات اعتباراً
من تاريخ انتهاء خدمته العسكرية بالقوات المسلحة وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة
عن الدرجتين وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم
بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 25/ 1/ 1988 فقررت إحالته إلى
المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) التي نظرته بجلسة 28/ 2/ 1988 وبعد تداول
الطعن بالجلسات وسماع ما رأت لزوم المحكمة سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم
بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تجمل على ما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 24/ 1/ 1980
أقام أبو الحجاج الضوى عبد الله. الدعوى رقم 101 لسنة 7 القضائية أمام المحكمة الإدارية
بأسيوط طالباً الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع بضم مدة خدمته العسكرية إلى مدة خدمته
بالحكومة وما يترتب على ذلك من آثار واستحقاقه للمعاش والمنحة والتعويض المقرر لإصابته
بمرض مزمن أعجزه أدى إلى إنهاء خدمته العسكرية وفقاً لأحكام القانون رقم 90 لسنة 1975
معدلاً بالقانون رقم 25 لسنة 1978 وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات والأتعاب.
وبجلسة 3/ 1/ 1982 قضت تلك المحكمة (أولاً) فيما يتعلق بطلب المدعي ضم مدة خدمته العسكرية
بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته العسكرية في الفترة
من 31/ 1/ 1972 حتى 1/ 12/ 1975 إلى مدة خدمته الحالية بوزارة الزراعة في أقدمية الدرجة
والعلاوات المقررة وإلزام الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. (ثانياً) فيما
يتعلق بطلب المعاش والمنحة والتعويض بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها
بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد لنظرها بجلسة يخطر بها الخصوم
وأبقت الفصل في المصروفات.
وتنفيذاً لذلك الحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري حيث قيدت برقم 2778 لسنة
36 القضائية وبجلسة 9/ 5/ 1984 قضت فيها بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي
في معاش شهري قدره ثمانية جنيهات اعتباراً من تاريخ إنهاء خدمته العسكرية بالقوات المسلحة
وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وأقامت المحكمة قضاءها على أن طلبات المدعي
في هذا الشق من الدعوى تنحصر في طلب المحكمة بأحقيته في الحصول على معاش شهري قدره
ثمانية جنيهات من تاريخ إنهاء خدمته بالقوات المسلحة نظراً لإصابته بمرض مزمن أعفى
بسببه من الخدمة العسكرية وتنتج عنه إصابته بعجز جزئي وذلك استناداً إلى حكم المادة
57 من القانون رقم 90 لسنة 1975 بإصدار قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة
والتي تنص في فقرتها الأولى على أن يمنح من يصاب من المجندين بسبب الخدمة العسكرية
بجروح أو عاهات أو أمراض تقرر بسببها إنهاء خدمته العسكرية معاشاً شهرياً قدره عشرة
جنيهات إذا كان كلياً وثمانية جنيهات إذا كان العجز جزئياً… وإن الثابت من المستندات
المقدمة من المدعي أنه جند بالقوات المسلحة بتاريخ 31/ 1/ 1972 والحق بقيادة اللواء
99 د/ 5 وانتهت خدمته بتاريخ 1/ 12/ 1975 بناء على قرار المجلس الطبي العسكري الفرعي
بتاريخ 21/ 4/ 1975 بسبب إصابته بمرض صدري (تسمك بيللوري أيمن) تنتج عنه عجز جزئي بنسبة
5% وقد قرر المدعي أنه أصيب بهذا المرض أثناء خدمته العسكرية وبسببها أثر تعرضه المباشر
لعوادم السيارات وغازات اللحام ولهيب أجهزة اللحام مع تقلب الأجواء في الوحدات العسكرية
المختلفة حيث كان يخدم بسلاح تدريب مهني السيارات متخصصاً في أعمال السمكرة ولحام الشكمانات
وأن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية المدعى عليها (وزارة الدفاع) لم تعقب على
الدعوى بشيء سواء أثناء تحضيرها أما هيئة مفوضي الدولة أو نظرها أمام المحكمة ولم تبد
ثمة دفع أو دفاع ولم تقدم أي دليل أو حتى قرينة تدحض بها أقوال المدعي مما لا تجد معه
المحكمة مناصاً من اعتبار هذا السكوت من جانبها بمثابة تسليم منها بما أورده المدعي
في دعواه سيما وأنه استبان للمحكمة من مطالعة قرار المجلس الطبي العسكري الفرعي المشار
إليه أنه أثبت به أن المدعي أصيب بحالته المرضية أثناء الخدمة وأنه يحتمل أن تكون تلك
الإصابة وبما ينتج عنها جزئي بسبب الخدمة وأنه نظراً للظروف التي كان يعمل بها المدعي
أثناء خدمته بالقوات المسلحة فإن المحكمة تطمئن إلى أن المرض الذي أصابه وما ينجم عنه
من عجز جزئي قد نشأ أثناء خدمته بالقوات المسلحة وبسببها.
وحيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك
لأن الحكم قام على أساس أن الجهة الإدارية امتنعت عن الرد على الدعوى مما اعتبر تسليماً
بطلبات المدعي وأن القومسيون الطبي العسكري قرر أن إصابة المدعي يحتمل أن تكون بسبب
الخدمة وعن الأمر الأول فإن الجهة الإدارية أبدت استعدادها التام لتقديم كل ما يطلب
منها، أما وعن الأمر الثاني فما كان ينبغي أن يقدم الحكم على أساس الاحتمال وليس اليقين.
وبجلسة 14/ 5/ 1989 قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية دفعت فيها بعدم
قبول الدعوى لإقامتها بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة من القانون رقم 90
لسنة 1975 بإصدار قانون التقاعد والتأمين والمعاشات بالقوات المسلحة.
حيث إن هذا القانون ينص في المادة على أن يمنح من يصاب من المجندين بسبب الخدمة
بجروح أو عاهات أو أمراض يتقرر بسببها انتهاء خدمته العسكرية معاشاً شهرياً قدره عشرة
جنيهات إذا كان العجز كلياً وثمانية جنيهات إذا كان العجز جزئياً.
أما من تنتهي خدمته منهم لإصابته في العمليات الحربية…… ونصت المادة منه
على أنه يجب تقديم طلب صرف المعاش أو المكافأة أو التأمين أو أي مبالغ أخرى مستحقة
بموجب هذا القانون في ميعاد أقصاه خمس سنوات من التاريخ الذي تعتبر فيه المستحقات واجبة
الأداء ومستحقة الصرف وإلا أنقضى الحق في المطالبة بها.
وتعتبر المطالبة بأي من المبالغ المتقدمة منطوية على المطالبة بباقي المبالغ المستحقة
وينقطع سريان المدة المشار إليها بالنسبة إلى المستحقين جميعاً إذا تقدم أحدهم بطلب
في الموعد المحدد.
وإذا لم يصرف من يستحق معاشاً المعاش المستحق لمدة سنتين أوقف صرف المعاش المستحق له
ويجوز لمدير إدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة التجاوز عن الإخلال بالمواعيد
المشار إليها بهذه المادة إذا كان ذلك ناشئاً عن أسباب تبرره وفي هذه الحالة……
هذا في حين نصت المادة على أنه لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في
قيمة المبالغ المستحقة بموجب هذا القانون بعد مضي سنتين من تاريخ بدء صرف الاستحقاق………
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لإقامتها بعد الميعاد ارتكاناً إلى حكم المادة
112 المشار إليه فظاهر أن حكم هذه المادة يفترض أن هناك تسليماً من قبل الجهة الإدارية
بأصل الحق في اقتضاء المعاش ومن ثم قيامها بتسويته وصرفه فعلاً فحينئذ تمتنع المنازعة
في قيمته بعد انقضاء سنتين من تاريخ الصرف وليس كذلك الحال في النزاع الراهن إذ أن
الجهة الإدارية لا تقر للمدعي بأصل الحق في اقتضاء معاش إصابة بسبب الخدمة ولم تقم
بتسوية أو صرف أي معاش له ومن ثم تأبى حالته عن نطاق تطبيق تلك المادة وتخضع للحكم
المنصوص عليه في المادة التي أوجبت أن يتم تقديم طلب صرف المعاش أو أية مقررات
أخرى مستحقة بموجب ذلك القانون خلال خمس سنوات من التاريخ الذي تصبح فيه تلك الحقوق
واجبة الأداء.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن المجلس الطبي العسكري قرر بتاريخ 12/ 4/ 1975 إنهاء خدمة
المدعي لعدم اللياقة الطبية للخدمة العسكرية لإصابته بمرض صدر (تسمك بللوري أيمن) وأنه
جرى تنفيذ ذلك القرار وتسريحه من الخدمة في 1/ 12/ 1975، فأقام دعواه الراهنة في 24/
1/ 1980 ومن ثم تكون قد أقيمت في الميعاد المنصوص عليه في تلك المادة وبالتالي يغدو
الدفع بعدم القبول في غير محله خليقاً برفضه.
وحيث إنه عن الموضوع فالثابت من الأوراق أن المدعي قرر في دعواه أنه كان يعمل خلال
مدة تجنيده بالقوات المسلحة في لحام (الشكمانات ويتعرض بسبب طبيعة عمله تعرضاً مباشراً
لعوادم السيارات وأبخرة وغازات اللحام بالأكسجين واللهب المنبعث من أجهزته فضلاً عن
تقلب حالة المناخ في الوحدات العسكرية التي ينتقل بينها، ولم تجحد جهة الإدارة بما
قرره المدعي في هذا الصدد سواء من حيث نوع العمل الذي كان يؤديه أو طبيعته والظروف
المحيطة به والمؤثرات التي يتعرض لها القائمون به على نحو ما استظهره المدعي وأن تقرير
المجلس الطبي العسكري عن حالته لم ينف بدوره الارتباط بين إصابته بالمرض المشار إليه
وعمله خلال تجنيده وإنه ولئن كان ذلك التقرير لم يقطع تماماً بارتباط تلك الإصابة بعمله
فإن القدر المتيقن من ذلك التقرير أن طبيعة عمل المدعي من بين الأسباب المؤدية إلى
المرض الذي أصيب به وذلك يكفي في ضوء طبيعة عمل المدعي والظروف المحيطة بأدائه لاطمئنان
الحكم إلى ارتباط الإصابة بعمله خلال مدة تجنيده، ذلك أنه ولئن كان قد تعذر على الجهة
الطبية وتعين كامل حول مدى ارتباط الإصابة بهذا العمل فإن ذلك لا ينبغي أن يقود إلى
تعطيل تطبيق أحكام القانون في شأنه وإنما لا غنى من أن يفسر ما أثير من شك في هذا الصدد
وفي ضوء الظروف والملابسات المحيطة بالدعوى مكتملة وعلى هدي الغايات والأهداف التي
توخاها الشارع من أحكام ذلك القانون وسائر قوانين المعاشات والتي قوامها بسط القدر
الأدنى من الحماية التأمينية لأصحاب الحق فيها وبوجه خاص أولئك الذين يصابون بسبب أداء
الخدمة العسكرية أو المدنية.
وحيث إنه لما كان ذلك وكانت إصابة المدعي قد تخلف عنها عجز جزئي على النحو المشار إليه
فهو يستحق معاشاً شهرياً قدره ثمانية جنيهات مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية
من تاريخ انتهاء خدمته في القوات المسلحة. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فيكون
قد وافق حكم صحيح القانون مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام
الجهة الإدارية المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
