الطعن رقم 1599 لسنة 32 ق – جلسة 25 /03 /1989
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة أحكام
المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون – الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1989 إلى آخر سبتمبر سنة
1989) – صـ 762
جلسة 25 من مارس سنة 1989
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل – نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ عبد اللطيف أحمد أبو الخير ويحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وأحمد شمس الدين خفاجي – المستشارين.
الطعن رقم 1599 لسنة 32 القضائية
تراخيص – منشآت فندقية وسياحية:
القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية.
يصدر الترخيص السياحي إما عن إنشاء منشآة سياحية أو استغلال منشآة سياحية قائمة – في
الحالة الأولى لا يوجد ما يلزم صدور الترخيص السياحي قبل الترخيص بإنشاء المبنى – في
الحالة الثانية ينبغي أن تكون المنشأة قد تم بناؤها وأقامتها بشرط ألا تكون مخالفة
لقوانين التخطيط العمراني أو المباني – تطبيق.
يتعين على السلطة القائمة على إصدار الترخيص بوزارة السياحة لإدارة واستغلال المنشآت
السياحية الخاضعة للقانون رقم 1 لسنة 1973 التحقق من شرعية المبنى الذي سوف يرخص فيه
بالاستغلال والإدارة للمنشأة السياحية من السلطة المختصة وذلك قبل الترخيص سياحياً
بإدارته واستغلاله – تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق السادس من إبريل سنة 1986 أودعت هيئة قضايا
الدولة بصفتها نائبة عن السيد الأستاذ المستشار/ مدير النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة
الإدارية العليا تقرير الطعن قيد بجدولها برقم 1599 لسنة 32 القضائية في الحكم الصادر
من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة الخامس من فبراير سنة 1986 في الدعوى
رقم 95 لسنة 27 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد السيد/……. والقاضي ببراءته
مما أسند إليه.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وتوقيع الجزاء المناسب على المطعون ضده.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 25 من مايو سنة 1988، وبجلسة
23 من نوفمبر سنة 1988 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، حيث نظرته بجلسة
17 من ديسمبر سنة 1988 وبجلسة 18 من فبراير سنة 1989 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم
25 من مارس سنة 1989، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق
به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 30 من
مارس سنة 1985 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 95 لسنة 27 القضائية بإيداع
أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا منطوية على تقرير باتهام
(…..) وكيل وزارة السياحة للخدمات حالياً ومدير عام الترخيص بوزارة السياحة سابقاً،
لأنه في 31 من يناير سنة 1982 خرج على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤد عمله المنوط به
بدقة بأن استصدر ترخيص منشأة فندقية للمواطن/ (…….) بالرغم من عدم حصول الأخير
على ترخيص لإقامة مبنى فندق من إدارة التنظيم المختصة بحي شرق بور سعيد وذلك على النحو
الموضح بالأوراق.
وبناء عليه رأت النيابة الإدارية أن المذكور يكون قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص
عليها في المواد 76/ أو 8، 78/ 1 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون
رقم 47 لسنة 78 والمعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة السيد/ ……. بالمواد المشار إليها وبالمواد ،
من نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه والمادة من القانون رقم 117
لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 81 لسنة 81 والمادتين ، من القانون
رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة الخامس من فبراير سنة 1986 أصدرت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا حكمها
ببراءة (………) مما أسند إليه
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت بأوراق الدعوى ومستنداتها أن قيام المحال بمنح
الفندق "ترخيصاً مؤقتاً" بتاريخ 31 / 1/ 1982 مراعاة للاعتبارات التي نشأت عما قام
به (……..) مدير مكتب السياحة ببور سعيد، فضلاً عن سابقة موافقة حي الشرق على المشروع
بكتاب رئيسه (……) المؤرخ 11/ 1/ 1981، وهي ذات الموافقة التي اعتمدت ضمن سائر الموافقات
الخاصة بالترخيص المبدئي رقم 784 بتاريخ 21/ 4/ 1982 ولا ريب في أن قيام المحال بمنح
الفندق ذلك الترخيص المؤقت يعتبر سائغاً ومبرراً بما لا وجه معه لمساءلة المذكور وبناء
على ذلك انتهت المحكمة إلى القضاء ببراءة (……..) مما أسند إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه مشوب بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق
القانون وتأويله. وذلك لما يأتي: –
1 – أن القول بموافقة حي شرق بور سعيد على مشروع الفندق بكتابه المؤرخ 11/ 11/ 1981
ينطوي على خطأ يرجع إلى أن الموافقة محل هذا الكتاب هي موافقة على موقع المشروع لا
شأن لها بأمر الترخيص بالمشروع، ومن ثم فقد كان على المطعون ضده أن يتحقق من استيفاء
شروط الترخيص.
2 – أغفل الحكم أنه كان على المطعون ضده أن يتحرى عما إذا كان قد صدر ترخيص لمبنى الفندق
من عدمه، ولا يعتمد فقط على أن مبناه قد أقيم بالفعل رغم انطوائه على مخالفة.
3 – أن ما استظهره الحكم من قيام خطأ في جانب كل من مدير مكتب السياحة ببور سعيد ورئيس
الحي، ومدير إدارة اللوائح والرخص بالحي ليس من شأنه تبرير خطأ الطاعن، لأن الخطأ لا
يبرر الخطأ.
4 – أن الحكم المطعون فيه إذ أثبت مسئولية بعض العاملين من غير من شملهم قرار الإحالة
عن وقائع ثابتة بالأوراق دون أن تتولى المحكمة إقامة الدعوى ضدهم أو تحكم في الوقائع
المنسوبة لهم، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة للسيد (…….) في تقرير الاتهام هي أنه استصدر ترخيصاً
لمنشأة فندقية بالرغم من عدم حصول صاحبها على ترخيص لإقامة مبنى فندق من إدارة التنظيم
المختصة بحي شرق بور سعيد.
ومن حيث إن النيابة الإدارية قد اعتبرت السيد المذكور بذلك قد ارتكب المخالفة الإدارية
المنصوص عليها في المواد 76/ 1، 8، 78/ 1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة
الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
ومن حيث إن المادة من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة قد حددت الواجبات
الوظيفية المفروضة على الموظف العام قد أشارت في البند من هذه الواجبات إلى التزام
العامل بأن "يؤدي العامل المنوط به بنفسه بدقة وأمانة " وأشارت في البند من هذه
الواجبات إلى التزام العامل بأن "ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وأمانة وذلك في حدود
القوانين واللوائح والنظم المعمول بها". وتنص المادة من هذا القانون على أن "كل
عامل يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة
الوظيفة يجازى تأديباً.
ومن حيث إن تقرير النيابة الإدارية على هذا النحو قد صور أن هناك قاعدة قانونية أو
لائحية توجب ألا يصدر ترخيص منشأة فندقية إلا بعد صدور الترخيص بإقامتها من إدارة التنظيم
المختصة بحيث يعتبر الخروج عليها خروجاً على واجب وظيفي يستوجب الجزاء التأديبي وقد
استندت النيابة الإدارية في القول بذلك إلى شهادة السيد (……) مدير إدارة اللوائح
والرخص بحي شرق بور سعيد التي أبدى فيها أن موافقة قسم التنظيم بالحي على ترخيص فندق
لطالبه هو إجراء واجب قبل صدور ترخيص من وزارة السياحة بإنشاء الفندق وفقاً للإجراءات
المنظمة لذلك وقد استند في أقواله إلى ما ورد بالقانون رقم لسنة 1973.
ومن حيث إن القانون رقم لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية ينص في المادة
منه على أنه "لا يجوز إنشاء أو إقامة المنشآت الفندقية والسياحية أو استغلالها
أو إدارتها إلا بترخيص من وزارة السياحة.." "وتؤول إلى وزارة السياحة الاختصاصات المنصوص
عليها في القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة والقانون رقم 372 لسنة 1956
في شأن الملاهي بالنسبة إلى تلك المنشآت – ومع ذلك تحدد الشروط والمواصفات الهندسية
والإنشائية التي يجب توافرها في المنشآت المذكورة بقرار من وزير الإسكان والتشييد بعد
موافقة وزير السياحة… إلخ".
ومن حيث إنه يبين من هذا النص أن الترخيص السياحي يصدر عن إنشاء المنشأة السياحية أو
إقامتها كما يصدر أيضاً عن إدارة واستغلال منشأة سياحية قائمة.
ولا شك أنه في حالة الترخيص بإنشاء أو إقامة منشأة سياحية لم تبنى ويتم إنشاها بعد،
لا يوجد ما يلزم في هذا القانون صدور الترخيص السياحي قبل الترخيص بإنشاء المباني بل
إن ما تفرضه طبيعة الأغراض المرجوة من الترخيص وتحديد مواصفات وشروط معينه للمنشآت
السياحية أن تصدر الموافقة على مبدأ إنشاء أو إقامة المنشأة السياحية بحسب مقتضيات
الخطة السياحية وفي حدود صلاحية الموقع لهذا الإنشاء.
أما في حالة الترخيص بإدارة وإسغلال المنشأة السياحية فإن الطبيعي، أن تكون المنشأة
قد تم بنائها وإقامتها ومن ثم فإن ترخيص الاستغلال السياحي لها يتعين أن يرد على منشأة
تم الترخيص لها من الجهات المختصة وليس على منشأة مقامة بالمخالفة للقوانين الخاصة
بالتخطيط العمراني أو بالمباني، ومن ثم فإنه وإن لم يرد نص صريح في القانون لسنة
1973 وفي اللائحة التنفيذية الصادرة تنفيذاً له بالقرار الوزاري رقم لسنة 77
بشأن إجراءات الترخيص بالمنشآت الفندقية والسياحية يحتم في حالة الترخيص بالاستغلال
والإدارة للمنشأة السياحية أن تكون مقامة نحو صحيح مطابق للقانون فإنه يتعين بحسب طبيعة
هذا الترخيص بالمقارنة بالترخيص بالإنشاء أو إقامة المنشأة السياحية غير الموجودة،
ووفقاً لمقتضيات الشرعية وسيادة القانون الحاكمة لتصرفات الجهات الإدارية المختلفة
فإنه يتعين على السلطة القائمة على إجراء التراخيص بوزارة السياحة لإدارة واستغلال
المنشآت السياحية الخاضعة للقانون رقم لسنة 1973 التحقق من شرعية المبنى الذي سوف
يرخص فيه بالاستغلال والإدارة للمنشأة السياحية من السلطة المختصة وذلك قبل الترخيص
سياحياً بإدارته واستغلاله.
ومن حيث إنه وإن صدر تنفيذاً للقانون رقم لسنة 1973 المشار إليه قرار وزير السياحة
رقم لسنة 1973 بشرط إجراءات الترخيص بالمنشآت الفندقية والسياحية، فإنه مثلما
لم يتضمن القانون نصاً صريحاً في هذا الشأن لم يتضمن هذا القرار كذلك اشتراط سبق حصول
صاحب الترخيص على ترخيص بإقامة المنشأة من إدارة التنظيم المختصة بالمحافظة، ولكن ذلك
يعد من مسلسل الضبط الإداري المفترض والتي لا حاجة بها إلى نص إذ لا يجوز أن يرد ترخيص
باستغلال أو إدارة منشأة سياحياً هي ذاتها غير مشروعية وغير مرخصة من حيث المبنى وبالتالي
يكون الترخيص وارد على محل غير شرعي ومعرض للإزالة.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم أنه وإن كانت ليست هناك قاعدة صريحة في نصوص القانون أو اللائحة
المذكورة توجب ألا يصدر ترخيص إدارة واستغلال منشأة فندقية من وزارة السياحة إلا بعد
صدور الترخيص بإقامتها من إدارة التنظيم المختصة إلا أن وجود ذلك الترخيص الذي يسبغ
الشرعية على الموقع والمبنى الذي يرخص فيه بالاستغلال والإدارة للمنشأة الفندقية أولاً
يحتاج إلى نص تحكمه طبيعة الأشياء والمبادئ العامة للضبط الإداري في نظام الشرعية وسيادة
القانون، ومن ثم فإن السيد (…….) رغم ثبوت معرفته بيقين مخالفة المبنى للقانون
مما ترتب عليه الحصول على ترخيص لإقامة مبنى الفندق من إدارة التنظيم المختصة لا يكون
قد خالف نصاً أو قاعدة تنظيمية صريحة تقرر ذلك، وإنما يكون قد خالف مقتضيات حسن الإدارة
والمبادئ العامة الحاكمة للضبط الإداري في نطاق الشرعية وسيادة القانون، هي بلا شك
يعد مخالفة لواجبات وظيفته وفقاً للتطبيق السليم لنص المادة (76/ 1) من قانون نظام
العاملين المدنيين بالدولة التي توجب على العامل أن يؤدي العمل المنوط به بدقة وأمانة.
ذلك لأن واجب أداء العمل بالدقة والأمانة يقتضى من الموظف العام أن يكون حريصاً على
تحيق غاية الصالح العام في كل ما يقوم به من عمل، ولا شك في أنه إذا كان واجب أداء
العمل بدقة يستوجب أداء العمل مستكملاً دون خلل أو نقصان، فإن واجب أداء العمل بأمانة
يستوجب القيام به مع بذل كل الحرص المستطاع على أن يكون محققاً لأفضل متطلبات حسن سير
المرفق العام.
ومن حيث إن مقطع النزاع في مدى صحة ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه يتوقف على ثبوت إلزام
المطعون ضده (…..) بواجبه بالدقة والأمانة اللازمة بأن بذل الجهد في البحث والتحري
لكل ما يتعلق بالفندق محل الترخيص وانتهى إلى منح الفندق ذلك الترخيص المؤقت على نحو
سائغ ومبرر بما لا وجه معه لمساءلة المذكور.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه قد اعتمد المطعون ضده في إصدار الترخيص المؤقت على
كتاب صادر من رئيس حي الشرق (إدارة اللوائح والرخص) بمحافظة بور سعيد، مؤرخ في 11/
11/ 1981 جاء به أنه "بالمعاينة تبين أن الموقع مناسب ولا مانع من إقامة الفندق المذكور"
كما اعتمد على مذكرة مرفوعة من مدير مكتب وزارة السياحة ببور سعيد، موقعة من مفتش السياحة
بها، ورد بها أنه "بناء على المعاينة التي قامت بها لجنة الفنادق لفندق كريستال ببور
سعيد والمملوك للسيد/…….، وجد أن الفندق معد لاستقبال النزلاء، وهو مكون من غرفة، جناح، مطعم، ملحقاته نرجو من سيادتكم التكرم بالموافقة على منح الفندق موافقة
مبدئية بالتشغيل للافتتاح".
ومن حيث إن مؤدى الكتاب الصادر من رئيس حي شرق أن الموقع مناسب بما يوحي بأنه لا يوجد
مبنى قائم سوف يدار أو يستغل فيه منشأة فندقية بينما المذكرة الصادرة من مدير مكتب
وزارة السياحة ببور سعيد قد تضمنت صراحة أن الفندق قائم بالفعل وأنه معد لاستقبال النزلاء
وعلى ذلك فإن الجهتين المحليتين بمحافظة بور سعيد قد وضعتا أمام المطعون ضده صورة متناقضة
عن وضع الفندق وهذه الصورة هي التي بنى عليها تقديره الذي انتهى بمنح الترخيص المؤقت
في إطار سلطته التقديرية باعتبار أن المبنى قائم بالفعل وثمة تعاقدات مع السياح، وهذا
التقدير يتضمن الاستفسار من الجهة المختصة سواء مباشرة مكتب السياحة ببور سعيد عما
إذا كان المبنى المراد الترخيص فيه بالمنشأة الفندقية مرخص به أم ثمة ظروف وأسباب جعلت
المبنى رغم قيامه دون ترخيص كما كان الحال بالفعل وحيث إنه لا شك أن من واجب المطعون
ضده أن يتحقق من شرعية وجود المبنى وبخاصة بعد أن عرض عليه بيان من المكتب السياحي
التابع له بأنه موجود، كما أن كل ما ورد بكتاب إدارة الرخص أنه بالمعاينة تبين أن الموقع
مناسب ولا مانع من إقامة الفندق المقرر في كتاب المكتب السياحي بذات المدينة أنه مقام
وعلى أهبة الاستعداد لاستقبال النزلاء ومن ثم فإنه إذ ثبت عدم تحقق المطعون ضده من
حالة الفندق ومدى سلامة وشرعية الترخيص بمبناه فإن ثمة مخالفة ثابتة بيقين بناء على
دليل قاطع قبله وهى إهماله في التحقق مما إذا كان الفندق المطلوب الترخيص مؤقتاً باستغلاله
مبنى بالفعل ومرخص ترخيص قانوني من السلطة المختصة من عدمه ومن ثم يكون الحكم المطعون
فيه انتهى بدون مقدمة الواقع أو القانون بحق إلى القضاء ببراءته مما نسب إليه قد صدر
معيباً ومخالفاً للقانون وواجب الإلغاء مع توقيع الجزاء المناسب لما ثبت قبل المطعون
ضده في إطار الظروف الموضوعية التي ارتكب فيها تلك المخالفة بحسب الثابت من الأوراق.
ومن حيث إن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من استظهار خطأ كل من مدير مكتب السياحة
ببور سعيد، ورئيس الحي، ومدير إدارة اللوائح والرخص بالحي فيما حرروه عن هذا الفندق
واستند إليه المطعون ضده – ما ذهب إليه الحكم من تبرئة المطعون ضده غير سائغ إذ أن
خطأ المذكورين لا ينفي وقوع الإهمال على الأقل من المطعون ضده في أداء واجبه في البحث
والتحري والمعاينة بنفسه لو اقتضى الأمر التحقق من واقع الحال وما إذا كان المبنى الذي
يطلب فيه الترخيص باستغلاله وإدارتة مبنى مرخص به من عدمه قبل الترخيص بإدارته سياحياً
ولكن ما استظهره الحكم بحق من أن أخطاء المذكورين قد رسمت أمام المطعون ضده صورة متكاملة
ومتساندة لواقعة توحىي بالاطمئنان إلى ظروف وملابسات المنشأة الفندقية على نحو يجعل
إصدار ترخيص لها، أمراً مبرراً كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه، وهذا هو ذات ما
اقتنعت به النيابة الإدارية وتبنته في مذكراتها المحررة في القضية رقم 178 لسنة 1986
والتي جاء بها (أن ما حدث بخصوص منح ترخيص الفندق المذكور مسئولية كل من…….، وأنه
تم منح الفندق المذكور حالياً ترخيص مؤقت من (……) مدير عام التراخيص بناء على العرض
غير الأمين من قبل المسئولين سالفي الذكر" يعد أمراً ظرفاً مخففاً لما يستحقه المطعون
ضده من جزاء وليس سنداً لبراءته ومن ثم فإن المحكمة بمراعاة تلك الظروف تقضي بمجازاته
باعتباره من شاغلي الوظائف العليا بعقوبة التنبيه.
ومن حيث إنه لا وجه للنعي على الحكم المطعون فيه بأنه إذ اثبت مسئولية بعض العاملين
من غير من شملهم قرار الإحالة عن وقائع ثابتة بالأوراق، فقد كان على المحكمة أن تتولى
إقامة الدعوى التأديبية ضدهم أو أن تحكم في الوقائع المنسوبة لهم. لا وجه لهذا النعي
لأن قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 يقضي في المادة منه بأن للمحكمة التأديبية أن "تقيم الدعوى على عاملين من غير من قدموا للمحاكمة أمامها
إذا قامت لديها أسباب جدية بوقوع مخالفة منهم وفي هذه الحالة يجب منحهم أجلاً مناسباً
لتحضير دفاعهم إذا طلبوا ذلك. وتحال الدعوى برمتها إلى دائرة أخرى بقرار من رئيس مجلس
الدولة بناء على طلب رئيس المحكمة".
وحيث إنه من الواضح من عبارة هذا النص أن إقامة الدعوى في الحالة المذكورة جوازية للمحكمة
وليست واجبة عليها قانوناً وهو أمر يرجع إلى السلطة الولائية والتقديرية للمحكمة ذاتها
وعلى ذلك فإذا ما قدرت المحكمة ألا تقيم الدعوى على بعض العاملين رغم توافر شروط إقامة
الدعوى ضدهم وفقاً لنص المادة من قانون مجلس الدولة سالفة الذكر، فإنها لا تكون
قد خالفت القانون ومن ثم لا يصلح ذلك الوجه من أوجه الطعن سنداً للطعن على الحكم الصادر
وفي الدعوى التأديبية في شأن من قدمتهم النيابة الإدارية للمحاكمة أمامها والنيابة
الإدارية وشأنها في إقامة الدعوى التأديبية قبل من تقدر ضرورة تقديمه للمحاكمة.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد صدر موافقاً لصحيح الواقع والقانون
وأنه لا سند للطعن عليه ومن ثم فإن هذا الطعن يكون واجب الرفض.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها تطبيقاً لحكم المادة مرافعات، إلا
أن هذا الطعن معفى من الرسوم القضائية بصريح نص المادة من قانون نظام العاملين
المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المطعون ضده (…….) وبمجازاته بالتنبيه وبرفض الطعن فيما عدا ذلك.
