الطعن رقم 2775 لسنة 58 ق – جلسة 19 /07 /1992
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 43 – صـ 977
جلسة 19 من يوليه سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ جرجس أسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فتحي الجمهودي، عبد الحميد الشافعي، إبراهيم الطويلة نواب رئيس المحكمة وأحمد علي خيري.
الطعن رقم 2775 لسنة 58 القضائية
(1، 2) مسئولية: "مسئولية المتبوع":
مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة. قيامها على خطأ مفترض في جانب المتبوع
لا يقبل إثبات العكس. تحقق هذه المسئولية بخطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال الوظيفة
أو كونها السبب المباشر للخطأ، أو وقوع الفعل أثناء تأدية الوظيفة أو كلما استغل وظيفته
أو ساعدته أو هيأت له بأية طريقة فرصة ارتكابه. م 174 مدني.
مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة. مناطها. علاقة التبعية. قوامها السلطة
الفعلية للمتبوع في التوجيه والرقابة. انعدام هذا الأساس وانقطاع العلاقة بين خطأ التابع
وبين العمل الذي يؤديه لمصلحة المتبوع. أثره. انتفاء مسئولية المتبوع. مثال.
نقض "أثر نقض الحكم".
نقض الحكم فيما قضى به في الدعوى الأصلية. أثره. نقضه فيما قضى به في الدعوى الفرعية.
(مثال في تعويض).
1- مؤدى نص المادة 174 من القانون المدني أن المشرع أقام هذه المسئولية – مسئولية المتبوع
عن عمل تابعه – على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس مرجعه سوء
اختيار تابعه وتقصيره في رقابته وأن القانون حدّد نطاق هذه المسئولية بأن يكون العمل
الضار غير المشروع واقعاً من التابع حال تأدية وظيفته أو بسببها بما مؤداه أن مسئولية
المتبوع تقوم في حالة خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال الوظيفة أو أن تكون الوظيفة
هي السبب المباشر للخطأ أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه. أو كان فعل التابع قد وقع
منه أثناء تأدية الوظيفة، أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله
غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه، فيخرج عن نطاق مسئولية المتبوع
ما يرتكبه التابع من خطأ لم يكن بينه وبين ما يؤدي من أعمال الوظيفة ارتباط مباشر ولم
تكن هي ضرورية فيما وقع من خطأ ولا داعية إليه، وعلى ذلك إذا انتفت العلاقة بين الفعل
الضار والوظيفة بأن ارتكب التابع العمل غير المشروع في غير أوقات العمل وقت أن تخلى
فيه عن عمله لدى المتبوع فتكون الصلة بينهما قد انقطعت ولو مؤقتاً ويصبح التابع حراً
يعمل تحت مسئوليته وحده.
2- أساس مسئولية المتبوع ما للمتبوع من سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في
طريقة أداء عمله، والرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها، وهو
الأمر الذي تقوم به سلطة التوجيه والرقابة في جانب المتبوع، فإذا انعدم هذا الأساس
فلا يكون التابع قائماً بوظيفته لدى المتبوع ولا يكون الأخير مسئولاً عن الفعل الخاطئ
الذي يقع من التابع، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون عليه الثاني هتك
عرض المجني عليها في منزله في الوقت الذي كان يعطيها فيه درساً خاصاً، ومن ثم فإنه
وقت ارتكابه العمل غير المشروع لم يكن يؤدي عملاً من أعمال وظيفته وإنما وقعت الجريمة
منه خارج زمان الوظيفة ومكانها ونطاقها وفي الوقت الذي تخلى فيه عن عمله الرسمي فتكون
الصلة قد انقطعت بين وظيفته وبين العمل غير المشروع الذي ارتكبه، ويكون المطعون عليه
الثاني حراً يعمل تحت مسئوليته وحده ولا يكون للطاعن سلطة التوجيه والرقابة عليه وهي
مناط مسئوليته، ومن ثم لا يكون المطعون عليه الثاني قد ارتكب العمل حال تأدية وظيفته
أو بسببها، فتنتفي مسئولية الطاعن عن التعويض المطالب منه.
3- إن نقض الحكم المطعون فيه في خصوص ما قضى به في الدعوى الأصلية من إلزام الطاعن
بالتعويض يستتبع نقضه في خصوص ما قضى به في الدعوى الفرعية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون
عليه الأول عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ابنته القاصر أقام الدعوى رقم 1527 لسنة
1984 مدني دمياط الابتدائية ضد المطعون عليه الثاني والطاعن بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين
بأن يدفعا له مبلغ مائة ألف جنيه وقال بياناً لذلك إن المطعون عليه الثاني – تابع الطاعن
– وهو يعمل مدرساً هتك عرض ابنته التي لم تكن قد بلغت بعد من العمر ثمانية عشر عاماً
وأنجبت منه طفلة وقد ضبط عن ذلك الجناية رقم 96 سنة 1977 دمياط (المقيدة برقم 93 سنة
1978 كلي) وحكم بإدانته بحكم بات وبإلزامه بالتعويض المؤقت ولما كان المطعون عليه الثاني
ارتكب الجريمة بمناسبة أدائه وظيفته وبسببها إذ كان يقوم بالتدريس لها في منزله فارتكب
العمل غير المشروع وكان المطعون عليه الثاني متبوعاً للطاعن فيكون مسئولاً عن الضرر
الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع وفقاً للمادة 174 من القانون المدني وقد ناله وابنته
أضرار مادية وأدبية من جراء ذلك يقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى،
أقام الطاعن دعوى ضمان فرعية ضد المطعون عليه الثاني بطلب إلزامه بأن يؤدي له ما عسى
أن يحكم به عليه، وبتاريخ 17/ 4/ 1986 حكمت المحكمة أولاً: في الدعوى الأصلية بإلزام
المطعون عليه الثاني والطاعن بأن يدفعا للمطعون عليه الأول بالتضامن فيما بينهما مبلغ
عشرين ألف جنيه ثانياً: في دعوى الضمان الفرعية بإلزام المطعون عليه الثاني بأن يدفع
للطاعن مبلغ عشرين ألف جنيه، استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف
المنصورة "مأمورية دمياط" بالاستئناف رقم 318 سنة 18 ق، واستأنفه أيضاً المطعون عليه
الثاني لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 319 سنة 18 ق، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف
رقم 320 سنة 18 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة، حكمت بتاريخ 24/ 4/ 1988
بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة
أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة
فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك
يقول إن الحكم قضى بمساءلته عن التعويض المحكوم به على أساس أن المطعون عليه الثاني
ارتكب العمل غير المشروع بسبب الوظيفة التي هيأت له فرصة ارتكابه في حين أن الثابت
بالأوراق أن المذكور ارتكب الجريمة في مسكنه الخاص أثناء إعطاء المجني عليها درساً
خاصاً وهو ما حظرته وزارة التربية والتعليم، وبذلك يكون قد ارتكب الجريمة في غير أوقات
العمل الرسمية وبعيداً عن مكان الوظيفة التي لم تهيئ له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابها،
ولم تكن له عليه في ذلك الوقت سلطة فعلية في إصدار الأوامر له في طريقة أداء عمله والرقابة
عليه في تنفيذها ومحاسبته على الخروج عليها، ولم تكن هناك علاقة سببية بين الخطأ والوظيفة،
وبالتالي يكون غير مسئول عن أعماله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون
معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة 174 من القانون
المدني إذ نصت على أن "يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع،
متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها. وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع
حراً في اختيار تابعه، متى كانت له سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه" فقد دلت على أن
المشرع أقام هذه المسئولية على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس
مرجعه سوء اختيار تابعه وتقصيره في رقابته وأن القانون حدد نطاق هذه المسئولية بأن
يكون العمل الضار غير المشروع واقعاً من التابع حال تأدية وظيفة أو بسببها بما مؤداه
أن مسئولية المتبوع تقوم في حالة خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال الوظيفة أو أن
تكون الوظيفة هي السبب المباشر للخطأ أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه. أو كان فعل التابع
قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة، أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان
فعله غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه، فيخرج عن نطاق مسئولية
المتبوع ما يرتكبه التابع من خطأ لم يكن بينه وبين ما يؤدي من أعمال الوظيفة ارتباط
مباشر ولم تكن هي ضرورية فيما وقع من خطأ ولا داعية إليه، وعلى ذلك إذا انتفت العلاقة
بين الفعل الضار والوظيفة بأن ارتكب التابع العمل غير المشروع في غير أوقات العمل وقت
أن تخلى فيه عن عمله لدى المتبوع فتكون الصلة بينهما قد انقطعت ولو مؤقتاً ويصبح التابع
حراً يعمل تحت مسئوليته وحده. ذلك لأن مسئولية المتبوع أساسها ما للمتبوع من سلطة فعلية
في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله، والرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر
ومحاسبته على الخروج عليها، وهو الأمر الذي تقوم به سلطة التوجيه والرقابة في جانب
المتبوع، فإذا انعدم هذا الأساس فلا يكون التابع قائماً بوظيفته لدى المتبوع ولا يكون
الأخير مسئولاً عن الفعل الخاطئ الذي يقع من التابع، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق
أن المطعون عليه الثاني هتك عرض المجني عليها في منزله في الوقت الذي كان يعطيها فيه
درساً خاصاً، ومن ثم فإنه وقت ارتكابه العمل غير المشروع لم يكن يؤدي عملاً من أعمال
وظيفته وإنما وقعت الجريمة منه خارج زمان الوظيفة ومكانها ونطاقها وفي الوقت الذي تخلى
فيه عن عمله الرسمي فتكون الصلة قد انقطعت بين وظيفته وبين العمل غير المشروع الذي
ارتكبه، ويكون المطعون عليه الثاني حراً يعمل تحت مسئوليته وحده ولا يكون للطاعن سلطة
التوجيه والرقابة عليه وهي مناط مسئوليته، ومن ثم لا يكون المطعون عليه الثاني قد ارتكب
العمل حال تأدية وظيفته أو بسببها، فتنتفي مسئولية الطاعن عن التعويض المطالب به، ولا
يغير من ذلك أن المطعون عليه الثاني قد تعرف على ابنة المطعون عليه الأول أثناء عمله
بالمدرسة واتفق معها على إعطائها دروساً خاصة بمسكنه وسلمها مفتاحه وطلب منها الحضور
مبكراً عن زملائها إلا لا شأن لهذه العوامل بأعمال الوظيفة التي لا يربطها بواقعة هتك
العرض رابطة بحيث لولاها ما كانت الجريمة قد وقعت، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون
فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه على قول منه أن المطعون عليه الثاني قد ارتكب العمل
غير المشروع بسبب وظيفته التي هيأت له فرصة ارتكابها ورتب على ذلك مسئولية الطاعن عن
أداء التعويض المطالب به، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب
دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه خصوص ما قضى به في الدعوى الأصلية من
إلزام الطاعن بالتعويض، وهو ما يستتبع نقضه في خصوص ما قضى به في الدعوى الفرعية.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم وكان المطعون عليه الثاني قارف العمل غير
المشروع بمنأى عن الوظيفة على النحو السالف بيانه فلا يكون الطاعن مسئولاً عن التعويض
الأمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف في خصوص قضائه بإلزام الطاعن بمبلغ التعويض
ورفض الدعوى قبله وإلغائه أيضاً في خصوص قضائه في دعوى الضمان الفرعية ورفض هذه الدعوى.
