الطعن رقم 66 لسنة 5 ق – جلسة 07 /11 /1959
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة – العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1959 إلى آخر يناير سنة 1960) – صـ
15
جلسة 7 من نوفمبر سنة 1959
برياسة السيد/ سيد على الدمراوي – نائب رئيس المجلس، وعضوية السادة: السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور – المستشارين.
القضية رقم 66 لسنة 5 القضائية
عمال الجيش البريطاني – المناط في تقدير درجة العامل أو الصانع
وأجره هو نتيجة الاختبار الذي تجريه اللجنة الفنية – وظيفة "مساعد مقدم" تختلف في تسميتها
وفى طبيعة اختصاصها عن وظيفة "رئيس عمال" – عدم ورود وظيفة "مساعد مقدم" في الجداول
الملحقة بكادر العمال العاديين أو رؤسائهم – المعيار في تحديد وضع شاغلها يستهدى فيه
بالأجر الذي قدر له.
أن المناط في تقدير درجة العامل أو الصانع وأجره وفقاً للقواعد التي قررتها لجنة إعادة
توزيع عمال الجيش البريطاني هو نتيجة الاختبار الذي تجريه اللجنة الفنية المختصة التي
عينتها هذه القواعد. وقد انتهت هذه اللجنة في شأن المدعي إلى اعتباره "مساعد مقدم"
بأجر يومي قدره 140 مليماً اعتباراً من أول إبريل سنة 1952, ولما كانت وظيفة "مساعد
مقدم", التي أثبتت اللجنة صلاحيته لها والتي عين فيها بالفعل تختلف في تسميتها وفى
طبيعة اختصاصها عن وظيفة "رئيس عمال", وكان الأجر الذي قدرته له اللجنة في وظيفة "مساعد
مقدم" يختلف عن الأجر المقرر في الكادر لرؤساء العمال العاديين إذ هو أدنى منه, فإن
تعيين وظيفة المدعي وتحديد أجره على هذا النحو دون اعتباره من طائفة الصناع, يقطع بانصراف
نية الإدارة بناء على الأسس الفنية التي قامت لدى اللجنة التي تولت اختباره عن الاتجاه
إلى وضعه في درجة رؤساء العمال العاديين أو اعتباره في مستواهم لعدم بلوغه هذه المرتبة
في نظرها الأمر الذي يسقط حجته في طلب اعتباره من هؤلاء الرؤساء, ولا ينبني على عدم
ورود مهنة المدعي في الجداول الملحقة بكادر العمال العاديين اعتباره في مهنة أعلى مرتبة
لم يصدر أي قرار إداري بتعيينه فيها ولاسيما أن المهنة المذكورة غير واردة أيضاً بين
وظائف رؤساء العمال العاديين, ومن ثم فإن المعيار في تحديد وضع شاغلها يستهدى فيه بمقدار
الأجر الذي قرر له, ولما كان هذا الأجر ينطوي في إحدى الفئات الثلاث التي تنتظمها الدرجة
المخصصة للعمال العاديين, وهى الواردة بالبند 2 من الجدول رقم 2 الملحق بكادر عمال
القنال, فإن المدعي لا يعدو أن يكون في حكم العمال العاديين لا رؤسائهم.
إجراءات الطعن
في 23 من نوفمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة 18 من أكتوبر سنة 1958 في الدعوى رقم 274 لسنة 5 القضائية المرفوعة من محمد يوسف إبراهيم ضد وزارة الشئون البلدية والقروية, والقاضي "بأحقية المدعي في أجر يومي قدره 160 مليماً المقرر لمهنة رئيس عمال بالتطبيق لكادر عمال القنال مع صرف الفروق المالية من 24 من ديسمبر سنة 1952 وألزمت الحكومة المصروفات". وطلب رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن "قبول الطعن شكلاً, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المدعي مع إلزامه المصروفات". وقد أعلن الطعن لوزارة الشئون البلدية والقروية في 25 من نوفمبر سنة 1958 وللمدعي في أول ديسمبر سنة 1958 وتحديد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17 من أكتوبر سنة 1958, وفى 6 من أكتوبر سنة 1959 أبلغت الحكومة والمدعي بميعاد هذه الجلسة ثم قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 7 من نوفمبر سنة 1959 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوى الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن المدعي أقام دعواه,
بعد أن حصل على قرار بالمعافاة من رسومها, بعريضة أودعها سكرتارية المحكمة الإدارية
في 7 من مايو سنة 1958 طالباً الحكم بتسوية حالته طبقاً لأحكام كادر عمال القنال بمنحة
أجراً يومياً قدره 160 مليماً ابتداء من أول إبريل سنة 1952 وما يترتب على ذلك من آثار
وفروق مالية وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه أنه
ترك خدمة المعسكرات البريطانية بعد إلغاء المعاهدة وقيد بمكتب العمل في نوفمبر سنة
1951 والتحق بخدمة مجلس بلدي الأقصر بوظيفة رئيس عمال بأجر يومي قدره 160 مليماً وفى
أول إبريل سنة 1952 خفض أجره إلى 140 مليماً ويقوم بنفس العمل رغم أن كادر عمال القنال
الذي وضعته اللجنة المشكلة لإعادة توزيعهم قد جعل أجر رئيس العمال 160 مليماً في اليوم
ابتداء من أول إبريل سنة 1952. وأجاب مجلس بلدي الأقصر على الدعوى بأن المدعي من عمال
الجيش البريطاني والحق بخدمة المجلس البلدي بأجر مقداره 160 مليماً طبقاً للبيان الذي
تلقاه المجلس من الإدارة العامة لشئون البلديات ولما صدرت القواعد العامة المنظمة لإعادة
توزيع عمال القنال وتحديد أجورهم من أول إبريل سنة 1952 شكل المجلس لجنة فنية لتنفيذ
هذه القواعد فرأت اللجنة وضع المدعي في وظيفة مساعد مقدم بأجر يومي مقداره 140 مليماً
اعتباراً من أول إبريل سنة 1952.
وأضاف المجلس بأن المدعي يرأس أقل من عشرة عمال. وبجلسة 18 من أكتوبر سنة 1958 قضت
المحكمة الإدارية بأحقية المدعي في أجر يومي قدره 160 مليماً المقررة لمهنة رئيس عمال
بالتطبيق لكادر عمال القنال مع صرف الفروق المالية من 24 من ديسمبر سنة 1952 وألزمت
الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها على
أساس أن المدعي كان يعمل باش ريس بالجيش البريطاني وأنه التحق بخدمة مجلس بلدي الأقصر
في وظيفة مساعد مقدم بأجر يومي قدره 160 مليماً ثم خفض هذا الأجر إلى 140 مليماً من
أول إبريل سنة 1952 وتقول المحكمة أنه يستفاد من ذلك أن المدعي الحق بخدمة مجلس بلدي
الأقصر بوظيفة رئيس عمال ولما كانت وظيفة رئيس عمال مقرراً لها حسبما وردت بالجدول
رقم 2 الملحق بكادر عمال القنال أجراً يومياً قدره 160 مليماً في الفئة 160/ 360 فمن
ثم فإن المدعي يستحق هذا الأجر وتكون المدعي عليها إذ خفضت أجره عن هذا القدر قد خالفت
القانون.
وتضيف المحكمة بأنه لا محال لما تسوقه المدعي عليها من أن مساعد المقدم يرأس أقل من
عشرة عمال فلا يعتبر رئيس عمال وتقول أنه لا محل لذلك لان هذه الوظيفة قد وردت في الكادر
مطلقة دون تحديد عدد العمال الذين يرأسهم فتشمل كل من رأس عمالاً أيا كان عددهم ولذلك
تكون الدعوى قائمة على أساس سليم من القانون مما يتعين معه قبولها مع صرف الفروق المالية
اعتباراً من 24 من ديسمبر سنة 1952 التاريخ السابق على تقديمه طلب المعافاة من رسوم
هذه الدعوى في 24 من ديسمبر سنة 1957 بخمس سنوات وهذا الطلب يعتبر بمثابة مطالبة إدارية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه من المسلم به أنه لا اعتداد بالحالة التي الحق بها عامل
القنال بالعمل في الحكومة أو في مصالحها بعد تركه الخدمة بالجيش البريطاني على أثر
إلغاء معاهدة سنة 1936 فمن ثم فإنه بهذه المثابة لا ينشأ له مركز قانوني ذاتي يملك
الاحتجاج به قبل جهة الإدارة وإنما ينشأ المركز القانوني الذاتي للعمال بناء على القواعد
التي وضعتها اللجنة المشكلة لإعادة توزيع عمال القنال وتحديد أجورهم أي بعد اختبارهم
بوساطة اللجنة الفنية التي عينتها هذه القواعد وتحديد الحرفة يصلح لها كل عامل. وإذا
كانت قواعد كادر عمال القنال قاصرة على وزارات الحكومة ومصالحها وهى بذلك غير ملزمة
لمجلس بلدي مدينة الأقصر, إلا أن هذا المجلس وقد آثر أن يطبقها فهي والحالة هذه دون
غيرها التي تحكم العلاقة التنظيمية بينه وبين المدعي. ويقول الطعن أنه ترتيباً على
ما تقدم فلا عبرة بالأجر الأول الذي تقاضاه المدعي عند التحاقه بخدمة المجلس وإنما
العبرة في تقدير أجره الصحيح مردها إلى ما انتهت إليه اللجنة الفنية المشكلة لإعادة
توزيعه. ولما كانت هذه اللجنة قد رأت تعيينه في وظيفة مساعد مقدم بأجر يومي مقداره
140 مليماً فإنه بعد عاملاً عادياً وقد منح الأجر المقرر له قانوناً لان نية جهة الإدارة
قد اتجهت إلى هذا التعيين ذلك لأن وظيفة مساعد مقدم ليست من الوظائف التي حددها كادر
عمال القنال ولو كانت جهة الإدارة قد اتجهت إلى تعيينه رئيس عمال وهى الوظيفة الواردة
في الكادر لأفصحت عن ذلك صراحة وهو الأمر الذي لم تفعله.
ومن حيث إنه يبين من مطالعه ملف خدمة المدعي أنه كان يعمل في وظيفة رئيس عمال بالجيش
البريطاني وترك الخدمة به عقب إلغاء معاهدة سنة 1936 وقيد اسمه بمكتب العمل بالسويس
في أول نوفمبر سنة 1951 والحق منذ هذا التاريخ بخدمة مجلس بلدي الأقصر في وظيفة مساعد
مقدم بأجر مؤقت قدره 160 مليماً وتنفيذاً للقواعد التي وضعتها اللجنة المشكلة لإعادة
توزيع عمال القنال وتحديد أجورهم بعد اختبارهم شكل مجلس بلدي الأقصر لجنة فنية من باش
مهندس التنظيم وباش مهندس الكهرباء ورئيس الشبكة الكهربائية والميكانيكي الأول وقد
رأت تلك اللجنة وضع المدعي بوظيفة مساعد مقدم بأجر يومي قدره 140 مليماً وذلك اعتباراً
من أول إبريل سنة 1952.
ومن حيث إن المناط في تقدير درجة العامل أو الصانع وأجره وفقاً للقواعد التي قررتها
لجنة أعادة توزيع عمال الجيش البريطاني هو نتيجة الاختبار الذي تجريه اللجنة الفنية
المختصة التي عينتها هذه القواعد وقد انتهت هذه اللجنة – كما سلف البيان – في شأن المدعي
إلى اعتباره مساعد مقدم بأجر يومي قدره 140 مليماً اعتباراً من أول إبريل سنة 1952,
ولما كانت وظيفة مساعد مقدم التي أثبتت اللجنة صلاحيته لها والتي عين فيها بالفعل تختلف
في تسميتها وفى طبيعة اختصاصها عن وظيفة رئيس عمال, وكان الأجر الذي قدرته له اللجنة
في وظيفة مساعد مقدم يختلف عن الأجر المقرر في الكادر لرؤساء العمال العاديين إذ هو
أدنى منه, فإن تعيين وظيفة المدعي وتحديد أجره على هذا النحو دون اعتباره من طائفة
الصناع يقطع بانصراف نية الإدارة بناء على الأسس الفنية التي قامت لدى اللجنة التي
تولت اختباره عن الاتجاه إلى وضعه في درجة رؤساء العمال العاديين أو اعتباره في مستواهم
لعدم بلوغه هذه المرتبة في نظرها الأمر الذي يسقط حجته في طلب اعتباره من هؤلاء الرؤساء.
ولا ينبني على عدم ورود مهنة المدعي في الجداول الملحقة بكادر العمال العاديين اعتباره
في مهنة أعلى مرتبه لم يصدر أي قرار إداري بتعيينه فيها ولاسيما أن المهنة المذكورة
غير واردة أيضاً بين وظائف رؤساء العمال العاديين. ومن ثم فإن المعيار في تحديد وضع
شاغلها يستهدى فيه بمقدار الأجر الذي قرر له, ولما كان هذا الأجر ينطوي في إحدى الفئات
الثلاث التي تنتظمها الدرجة المخصصة للعمال العاديين وهى الواردة بالبند 2 من الجدول
رقم 2 الملحق بكادر عمال القنال فإن المدعي لا يعدو أن يكون في حكم العمال العاديين
لا رؤسائهم.
ومن حيث لما تقدم فإن حكم المحكمة الإدارية المطعون إذ قضى بأحقية المدعي أجر يومي
قدره 160 مليماً المقرر لمهنة رئيس عمال مع صرف الفروق المالية من 24 من ديسمبر سنة
1952 يكون قد جانب الصواب وأخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض
الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
