الرئيسية الاقسام القوائم البحث

نقض مدني – الطعن رقم 9910 لسنة 91 ق – جلسة 28/ 8/ 2025

الطعن رقم 9910 لسنة 91 ق
باسم الشـعب

محكمـة النقـض

الدائرة المدنية

دائرة الخميس (د) المدنية

===

برئاسـة السيــد القاضــي/ محمــد عبد الراضــي عيــاد الشيمـي “نـائــــــــــــب رئيـــــــــس المـــــحكمــــــــــــــــة”

وعضوية السادة القضـاة/ ناصــــــــــر الســعيـــــــــد مـــشـــــالــــــــي، عمر الفاروق عبـد المـنعــــم منـصــور

د/ أحمــــــــــد نبيــــــــــــــــل طبوشــــــــــــة وعــــدلــــــــــــي إســمــــاعــــيـــــــــــل فـــــــــؤاد

“نـــــــــــواب رئــيــــــــــس المــحكــمــــــــــــــــة”

وحضور رئيس النيابة، السيد/ أحمد خلف.

وأمين السر السيد/ إبراهيم محمد عبد المجيد.

في الجلسة العلنية المُنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمُحافظة القاهرة.

في يوم الخميس 5 من ربيع الأول سنة 1447ه المُوافق 28 من أغسطس سنة 2025م.

أصدرت الحُكم الآتي:

في الطعن المُقيَّد في جدول المحكمة برقم 9910 لسنة 91 ق.

المرفوع مـــن

  • ورثة “……………..”، وهُم:-

1- …………………

2- ………………..

3- ……………….

4- ………………

ضــــــــــــــد

1–………………

2– ……………….

الوقائــــــــــــــــــع


في يـوم 17/5/2021م طُعِـن بطـــريق النقـض فـي حُكـم محكمـة استئناف المنصورة “مأمورية دمياط” الصـادر بتـاريخ 22/3/2021م فـي الاستئناف رقم 1659 لسنة 47 ق، وذَلِك بصحيفة طلب فيها الطاعنين الحُكم بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحُكم المطعون فيه.

وفي 19/6/2021م أُعلَن المطعون ضدهُما بصحيفة الطعن.

ثم أودعت النيابة مُذكرة، أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني وبرفض الطعن.

وبجلسة 15/5/2025م عُرض الطعن على المحكمة – في غُرفة مشورة – فرأت أنّه جدير بالنظر وحدَّدت لنظره جلسة للمُرافعة.

وبجلسة 29/6/2025م سُمِعَ الطعن أمام هذه الدائرة على ما هو مُبَيَّن بمحضر الجلسة، حَيْثُ صمَّم مُحامي الطاعن، والنيابة كلٌ على ما جاء بمُذكرته، والمحكمة أرجأت إصدار الحُكم إلى جلسة اليوم.

الـــــمــــحـكمــة

بعد الاطِّلاع على الأوراق، وسماع التقريـر الـذي تـلاه السيد القاضي المُقَـرِّر/ ………. – نائب رئيس محكمة النقض – والمُرافعة، وبعد المُداولــة:

حَيْثُ إنَّ الواقعات – على ما يَبِين من الحُكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحَصَّل في أنَّ المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 1655 لسنة 2008 مدني كُلي كفر سعد ضد مورث الطاعنِين بطلب الحُكم بإلزامه بأنْ يؤدي إليه قيمة التعويض الاتفاقي المنصوص عليه بعقد الاتفاق المؤرخ 9/2/2007 ومقداره 100000 جُنيه، وذَلِك على سند من إنَّه بموجب بنود العقد المذكور التزم مورث الطاعنِين بعدم وضع تشوينات بالمدخل الخاص به والمجاور لأرضه، وفي حالة إخلاله بذَلِك يلتزم بأداء المبلغ محل المُطالبة وإذ أَخَل مورث الطاعنِين بالتزامه السابق وقام بتشوين هدم بناء ووضع كمية من الأخشاب في ذَلِك المَدخل، وقد ضُبط عن تِلك الواقعة المحضر رقم 64030 لسنة 2007 إداري كفر سعد ثم الجُنحة المُباشرة رقم 1932 لسنة 2008 كفر سعد والتي أثبت الخبير المُنتدب فيها وقوع الإخلال المذكور من جانب الأخير، لِذا فقد أقام الدعوى. وجَّه مورث الطاعنِين دعوى فرعية ضد المطعون ضده الأول بطلب إلزامه بأنْ يُسلمه مساحة 240 م من الجهة الغربية للأرض مُشتراه، ومبلغ مقداره 100000 جُنيه قيمة التعويض الاتفاقي المنصوص عليه بذات العقد محل النزاع. نَدَبَت المحكمة خبيرًا وبعد أنْ أودع تقريره حكمت بالطلبات في الدعوى الأصلية وبرفض الدعوى الفرعية. استأنَف مورث الطاعنِين هذا الحُكم بالاستئناف رقم 1659 لسنة 47 ق لدى محكمة استئناف المنصورة “مأمورية دمياط”، صَحَّح الطاعنون شكل الاستئناف لوفاة مورثهم، وبتاريخ 22/3/2021 قَضَت المحكمة بتأييد الحُكم المُستأنَف. طعن الطاعنون في هذا الحُكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مُذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني وبرفض الطعن، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة – في غُرفة مشورة – حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحَيْثُ إنَّ مبنى الدفع المُبدى من النيابة بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني كونه خِصم غير حقيقي في النزاع فهو في محله، ذَلِك أنَّه من المُقرَّر – في قضاء هذه المحكمة – أنَّه لا يجوز أنْ يُختَصَم في الطعن إلَّا من كان خِصمًا في النزاع الذي فصل فيه الحُكم المطعون فيه وأنَّ الخِصم الذي لم يُقضَ له أو عليه بشيء لا يكون خِصمًا حقيقيًا، ولا يُقبَل اختصامه في الطعن. لمَّا كان ذَلِك، وكان البَيِّن من الحُكم المطعون فيه أنَّ المطعون ضده الثاني لم تُوَجه إليه أيَّة طلبات، ووقف من الخصومة موقفًا سلبيًا ولَم يُقضَ له أو عليه بشيء ومن ثم لا يكون خِصمًا حقيقيًا في الدعوى ويكون اختصامه في الطعن غير مقبول.

وحَيْثُ إنَّ الطعن – فيما عدا ما تَقدَّم – قد استوفى أوضاعه الشكلية.

وحَيْثُ إنَّ الطعن أُقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالسبَبَيْن الثاني والرابع منها على الحُكم المطعون فيه القُصور في التسبيب ومُخالفة الثابت بالأوراق، ذَلِك أنَّ الحُكم المطعون فيه قد خالف تقرير الخبير المُنتدب أمام محكمة أول درجة والثابت به عدم وجود أية تشوينات لمورثهم بما مؤداه أنَّه قد أوفى بالتزاماته العقدية بما ينعدم معه رُكن الضرر المُشترط للقضاء بالتعويض الاتفاقي، كما أنَّهم قد تمسكوا بإحالة الاستئناف للتحقيق لإثبات ذَلِك، إلَّا أنَّ الحُكم المطعون فيه قد التفت عن طلبهم المذكور وقضى للمطعون ضده بالتعويض الاتفاقي مُستندًا في ذَلِك إلى تقرير الخبير المودع في دعوى أُخرى ليس لها علاقة بالدعوى الماثلة، مِمَّا يعيبه بما يستوجب نقضه.

وحَيْثُ إنَّ هذا النعي غير سديد، ذَلِك أنَّه من المُقرَّر – في قضاء محكمة النقض – أنَّ لقاضي الموضوع السُلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمُستندات المُقدمة فيها ومُوازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه وهو غير مُلزَم بالرد على كُل ما يقدمه الخُصوم من مُستندات، وحسبه أنْ يُبَيِّن الحقيقة التي اقتنع بها وأنْ يُقيم قضاؤه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفى لحمله ولا عليه أنْ يتَتَبع الخُصوم في مُختَلَف أقوالهم وحُجَجهم وطلباتهم ويرد استقلالًا على كُل قول أو حُجة أو دليل أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المُسقِط لتِلك الأقوال والحُجج والطلبات، كما أنَّ له الأخذ بتقرير الخبير المودع بملف دعوى أُخرى، وكان من المُقرَّر – أيضًا – أنَّ طلب إجراء التحقيق في الدعوى ليس حقًّا للخُصوم يتحتم إجابتهم إليه وإنَّما هو مِمَّا يستقل قاضي الموضوع بتقديره، فله ألَّا يُجيب الخُصوم إليه متى وجد في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدته للفصل فيها. لمَّا كان ذَلِك، وكان الحُكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحُكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإجابة المطعون ضده إلى طلبه بإلزام الطاعنِين بأنْ يؤدوا إليه قيمة التعويض الاتفاقي ومقداره 100000 جُنيه المنصوص عليها بعقد الاتفاق المؤرخ 9/2/2007، على ما ثبت من مُطالعة سائر الأوراق والمُستندات وتقرير الخبير المودع بملف القضية رقم 1932 لسنة 2008 جنح كفر سعد، من أنَّ مورث الطاعنِين قد أَخَل بالتزامه التعاقدي تِجاه المطعون ضده الثابت بالبند ثانيًا من عقد الاتفاق سند التداعي – المُقدَّم رفق أوراق الطعن – بأنْ قام بتشوين كسر طوب وهدم مباني وخشب أمام مِلك الأخير وهو ما سَبَّب له ضررًا تمثل في عدم استغلاله لمِلكه حتى عام 2013 تاريخ رفع هذه التشوينات، ورَتَّب على ذَلِك قضاءه بقيمة التعويض المُتَفق عليه بالبند ثالثًا، وكان ما خَلُص إليه الحُكم سائغًا وله أصله الثابت بالأوراق ويؤدي إلى ما انتهى إليه وفيه الرد الضمني المُسقِط لكُل حُجَّة مُخالِفة، ومن ثم فإنَّ ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن لا يعدو إلَّا أنْ يكون جَدَلًا في سُلطة محكمة الموضوع مِمَّا تنحسر عنه رِقابة محكمة النقض، ولا على المحكمة إنْ لَم تستَجِب لطلب إحالة الدعوى للتحقيق طالما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها، بما يضحى معه النعي على الحُكم المطعون فيه بذَلِك على غير أساس.

وحَيْثُ ينعى الطاعنون بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحُكم المطعون فيه مُخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذَلِك أنَّ الطلب محل الدعوى هو المُطالبة بمبلغ مالي مُعيَّن المِقدار وحال الأداء وثابت بالكتابة في عقد الاتفاق سند التداعي، ومن ثم كان يجب أنْ تُرفَع تِلك الدعوى بسلوك طريق أمر الأداء، وإذ رفعها المطعون ضده بالطريق العادي فإنَّها تكون غير مقبولة لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، وإذ خالف الحُكم المطعون فيه هذا النظر فإنَّه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.

وحَيْثُ إنَّ هذا النعي غير سديد، ذَلِك أنَّه من المُقرَّر – في قضاء هذه المحكمة – أنَّ مفاد نص المادة 201 من قانون المُرافعات أنَّ طريق أوامر الأداء هو استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى ابتداءً فلا يجوز التوسع فيه ولا يجوز سلوكه إلَّا إذا كان حق الدائن ثابتًا بالكتابة وحال الأداء وكان كُل ما يُطالب به دينًا من النقود مُعَيَّن المِقدار أو منقولًا مُعَيَّنًا بنوعه ومِقداره، وأنَّ قصد المُشَرِّع من تعيين مِقدار الدين بالسند ألَّا يكون بحسب الظاهر من عباراته قابلًا للمُنازعة فيه، فإذا تخَلَّف شرط من هذه الشروط وجب على الدائن اتباع الطريق العادي في رفع الدعوى، وكان المقصود بكون الالتزام مُعَيَّن المِقدار أنْ يكون تحديد مِقداره قائمًا على أُسُس ثابتة لا يكون معها للقضاء سُلطة رحبة في التقدير، وكان التعويض الاتفاقي وفقًا لِما تقضي به المادة 224 من القانون المدني يخضع لتقدير قاضي الموضوع فيجوز أنْ يخفضه إذا أثبت المدين أنَّ التقدير كان مُبالغًا فيه إلى درجة كبيرة أو أنَّ الالتزام الأصلي قد نُفذ في جزء منه مِمَّا يكون معه هذا التعويض قابلًا بطبيعته للمُنازعة من جانب المدين. لمَّا كان ذَلِك، وكانت طلبات المطعون ضده هي الإلزام بأداء التعويض الاتفاقي الوارد بعقد الاتفاق سند الدعوى للإخلال بالالتزام الوارد بالبند ثانيًا منه، وكان هذا التعويض الاتفاقي يخضع لتقدير قاضي الموضوع وقابل للمُنازعة فيه ومن ثم فلا تتوافر للمُطالبة به شروط استصدار أمر الأداء ويضحى السبيل إليه هو الطريق العادي لرفع الدعوى، وإذ اتبع المطعون ضده هذا الطريق، فإنَّ النعي على الحُكم المطعون فيه بقبول الدعوى يكون على غير أساس.

وحَيْثُ ينعى الطاعنون بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحُكم المطعون فيه بالبُطلان إذ قضى بإلزام مورثهم بالتعويض المقضي به على الرغم من وفاته أثناء نظر الاستئناف وتصحيح شكل الاستئناف واختصامهم فيه بصفتهم ورثة له قَبْل صدور الحُكم، فكان لزامًا عليه أنْ يقضي بإلزامهم بذَلِك التعويض في حدود ما آل إليهم من تركة، وإذ خالف الحُكم المطعون فيه هذا النظر فإنَّه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.

وحيث إنَّ هذا النعي في محله، ذَلِك أنَّه من المُقرَّر – في قضاء هذه المحكمة – أنَّ التركة مُنفصلة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة وأنَّ شخصية الوارث مُستقلة عن شخصية المورث، ومن ثم فإنَّ ديون المورث تتعلق بتركته بمجرد الوفاة ويكون للدائنِين عليها حق عيني فيتقاضون منها ديونهم قبل أنْ يؤول شيء منها للورثة ولا تنشغل بها ذمة ورثته فلا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثًا إلَّا في حدود ما آل إليه من أموال التركة. وإذ خالف الحُكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده بالتعويض الذي قدَّره وألزم الطاعنِين بأشخاصهم بأدائه ولم يحمل التركة الالتزام به رغم أنَّ الدعوى أُقيمَت من المطعون ضده على مورث الطاعنِين لاقتضاء التعويض المُطالَب به منه، فلا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الورثة إلَّا في حدود ما آل إليهم من أموال التركة، وإذ خالف الحُكم المطعون فيه هذا النظر رغم وفاة المورث حال تداول الاستئناف وتصحيح الطاعنون له، فإنَّه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه جزئيًّا في هذا الخصوص.

وحَيْثُ إنَّ موضوع الاستئناف رقم 1659 لسنة 47 ق المنصورة “مأمورية دمياط” – وفي حدود ما تم نقضه جزئيًّا من الحُكم المطعون فيه – صالحًا للفصل فيه، ولِما تقَدَّم فإنَّه يتعَيَّن تعديل الحُكم المُستأنَف بإلزام المُستأنِفين بالتعويض المقضي به في حدود ما أل إليهم من تركة مورثهم والتأييد فيما عدا ذَلِك.

لذَلِـــــــــــــــك

نقضت المحكمة الحُكم المطعون فيه جُزئيًّا بخصوص ما قضى به قِبَل الطاعنِين بأشخاصهم، وألزمَت المطعون ضده بالمُناسب من المصاريف ومبلغ مائتي جُنيه مُقابل أتعاب المُحاماة، وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 1659 لسنة 47 ق المنصورة “مأمورية دمياط” بتعديل الحُكم المُستأنَف بإلزام المُستأنِفِين بالمبلغ المقضي به في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم والتأييد فيما عدا ذَلِك.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات