الطعن رقم 674 لسنة 39 ق – جلسة 19 /05 /1969
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة 20 – صـ 758
جلسة 19 من مايو سنة 1969
برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور خلف، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.
الطعن رقم 674 لسنة 39 القضائية
(أ، ب) رشوة. جريمة. "أركانها". موظفون عموميون. حكم. "تسبيبه.
تسبيب غير معيب".
(أ) متى تتحقق جريمة عرض رشوة؟
(ب) كون الموظف له نصيب من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة. كفايته لتوافر الاختصاص
كركن من جريمة الرشوة. مثال في عرض رشوة على مفتش تأمينات اجتماعية لتغيير محضره الذي
لم يكن قد بت فيه نهائياً من جانب المصلحة التابع لها المفتش.
(ج) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تولي محام واحد الدفاع عن متهمين متعددين في جريمة واحدة. متى يصح؟ تعارض المصلحة الذي
يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص للدفاع عنه. أساسه الواقع لا احتمال ما كان يسع كل من
المدافعين إبداءه ما دام لم يبده بالفعل.
1 – من المقرر في القانون أنه لا يؤثر في قيام جريمة عرض الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة
تدبير لضبطها وألا يكون المرتشي جاداً في قبوله الرشوة، متى كان عرضها جدياً في ظاهره،
وكان الغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشي.
2 – يكفي لتوافر الاختصاص في جريمة الرشوة أن يكون للموظف منه نصيب يسمح له بتنفيذ
الغرض منها. وإذ كان ذلك، وكان الثابت مما أورده الحكم أن مفتش التأمينات هو الذي حرر
المحضر الذي عرضت الرشوة لتغييره وأن هذا المحضر لم يكن قد بت فيه نهائياً من جانب
المصلحة التابع لها هذا الموظف وقت عرض الرشوة عليه، فإن هذا مما يتوافر به الاختصاص
الذي يسمح للموظف بتنفيذ الغرض من الرشوة، ويكون الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر،
قد أعمل حكم القانون على وجهه الصحيح.
3 – جرى قضاء محكمة النقض على أن القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع
عن متهمين متعددين في جناية واحدة، ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض
حقيقي بين مصالحهم، وإذ كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه
انتهى إلى أن الطاعنين ارتكبا معاً الفعل المسند إليهما واعتبرهما فاعلين أصليين في
جريمة الرشوة التي دينا بها، وكان ثبوت الفعل المكون لهذه الجريمة في حق أحدهما لم
يكن من شأنه أن يؤدي إلى تبرئة الآخر منه أو يجعل إسناد التهمة شائعاً بينهما شيوعاً
صريحاً أو ضمنياً، كما أن القضاء بإدانة أحدهما – كما يستفاد من الحكم – لا يترتب عليه
القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، وكان تعارض المصلحة
الذي يوجب إفراد كل منهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه، أساسه الواقع ولا يبنى على احتمال
ما كان يسع كل منهم أن يبديه من أوجه الدفاع، ما دام لم يبده بالفعل.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما وآخر قضي بألا وجه بالنسبة إليه في خلال الفترة من 5 أبريل سنة 1965 إلى 9 مايو سنة 1965 بدائرة قسم ثان طنطا محافظة الغربية: عرضوا رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن عرضوا على/ علي جمال الدين السيد مبروك زيان المفتش بهيئة التأمينات الاجتماعية بطنطا مبالغ من النقود قدم له منها الثاني 100 جنيه وقطعة من القماش الصوف على سبيل الرشوة مقابل تغيير بيان عدد العمال الغير مؤمن عليهم العاملين لدى المقاول أحمد حامد عمر بمحلج شركة الإسكندرية وذلك لإثبات عدد أقل من الحقيقة بمحضره ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منهما. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد الواردة بأمر الإحالة، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين مما أسند إليهما. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض وقضى فيه بقبوله شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات طنطا لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. والمحكمة المذكورة – مشكلة من دائرة أخرى – قضت حضورياً عملاً بالمواد 109/ 1 مكرراً و110 و111 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهما خمسمائة جنيه والمصادرة. فطعن الأستاذ المحامي والوكيل عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة
عرض رشوة على موظف عمومي لم يقبلها قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع
وخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم قد استند – ضمن ما استند إليه – في إدانة الطاعنين
إلى إقرار الطاعن الثاني في التحقيقات على نفسه وعلى الطاعن الأول بارتكاب الحادث –
دون أن يبين مضمون هذا الإقرار على نحو يكشف عن وجه استشهاد المحكمة به، كما أن محامياً
واحداً تولى المرافعة عن الطاعنين على الرغم من قيام التعارض بين صوالحهما في الدفاع
بالنظر إلى هذا الإقرار الذي ينبئ عن اختلاف مركز كل منهما في الدعوى هذا فضلاً عن
أن الحكم المطعون فيه دان الطاعنين عن فعل لا يجوز العقاب عليه قانوناً إذ الثابت أن
هذه الجريمة كانت بافتعال مفتش هيئة التأمينات الاجتماعية بمؤازرة رئيسه له وقد تولدت
عن إجراءات غير مشروعة تمثلت في حض موظفي هيئة التأمينات للطاعنين على مقارفتها وهو
ما يخرج الفعل عن نطاق التأثيم في صحيح القانون، كما أن الفعل الذي قيل بدفع الرشوة
من أجله كان قد خرج من يد الموظف المعني بها وقت ضبط الواقعة وكل ذلك يعيب الحكم بما
يوجب نقضه.
وحيث إنه يستبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بين مضمون إقرار الطاعن الثاني بياناً
يكشف عن وجه استدلاله به وسلامة مأخذه على خلاف ما يدعيه الطاعنان.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الأستاذ……. المحامي حضر موكلاً عن الطاعنين
معاً في كلتا المحاكمتين الأولى والثانية بعد نقض الحكم أول مرة، وأبدى دفاعاً واحداً
عنهما يرتكز أساساً على إنكارهما وقوع الفعل المسند إليهما، ثم على التصوير القانوني
للواقعة وأن الذي عرض الرشوة هو متهم آخر غيرهما صدر قرار مستشار الإحالة بألا وجه
لإقامة الدعوى الجنائية ضده مطرحاً أقوال الموظف – الذي عرضت عليه الرشوة لشكه فيها
– وعلى أن هذا القرار يستفيد منه كل من تنسب إليه ذات الواقعة وبعد الحكم بإدانة الطاعنين
قرر هذا المحامي نفسه بالطعن على الحكم ناعياً على المحكمة إخلالها بحق الدفاع بسماحها
له بالمرافعة عن موكليه معاً.
وحيث إن قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب
الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة، ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول
بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون
فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين ارتكبا معاً الفعل المسند إليهما واعتبرهما فاعلين أصليين
في جريمة الرشوة التي دينا بها، وكان ثبوت الفعل المكون لهذه الجريمة في حق أحدهما
لم يكن من شأنه أن يؤدي إلى تبرئة الآخر منه أو يجعل إسناد التهمة شائعاً بينهما شيوعاً
صريحاً أو ضمنياً، كما أن القضاء بإدانة أحدهما – كما يستفاد من الحكم – لا يترتب عليه
القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، وكان تعارض المصلحة
الذي يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا يبنى على احتمال
ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل. لما كان ما تقدم،
فإن مصلحة كل منهما في الدفاع لا تكون متعارضة ويكون ما يقوله الطاعنان من اختلاف مركزيهما
في الدعوى لا يستند إلى أساس من الواقع أو القانون. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعنان
على الحكم من أن جريمة عرضه الرشوة كانت وليدة إجراءات غير مشروعة، مردوداً بما هو
مقرر في القانون من أنه لا يؤثر في قيام تلك الجريمة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها
وألا يكون المرتشي جاداً في قبوله للرشوة متى كان عرضها جدياً في ظاهره وكان الغرض
منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشي، ومن ثم يكون ما يدعيه الطاعنان على خلاف
ذلك غير قائم على أساس يحمله قانوناً. لما كان ذلك، وكان يكفي لتوافر الاختصاص في جريمة
الرشوة أن يكون للموظف منه نصيب يسمح له بتنفيذ الغرض منها، وكان الثابت مما أورده
الحكم أن مفتش التأمينات هو الذي حرر المحضر الذي عرضت الرشوة لتغييره وأن هذا المحضر
لم يكن قد بت فيه نهائياً من جانب المصلحة التابع لها هذا الموظف وقت عرض الرشوة عليه
– وهو ما يتوافر به الاختصاص الذي يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة، فإن الحكم المطعون
فيه إذ التزم هذا النظر فإنه يكون قد أعمل حكم القانون على وجهه الصحيح. لما كان ما
تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
