الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 33 سنة 25 ق – جلسة 22 /03 /1955 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة السادسة – صـ 697

جلسة 22 من مارس سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إسماعيل، واسحق عبد السيد، ومحمود محمد مجاهد المستشارين.


القضية رقم 33 سنة 25 القضائية

( أ ) بلاغ كاذب. القصد الجنائي. ما الذي يشترط لتوافره؟
(ب) حكم. تسبيبه. بلاغ كاذب. التدليل على توافر القصد الجنائي بتقصير المتهم في إقامة الدليل على صحة البلاغ وتسرعه فيه. قصور.
1ـ يشترط لتوافر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون المبلغ عالماً بكذب الوقائع التي أبلغ عنها وأن يكون منتوياً الكيد للمبلغ ضده.
2ـ إن مجرد تقصير المتهم في إقامة الدليل على صحة البلاغ وتسرعه فيه لا يؤدى في العقل والمنطق إلى ثبوت علم المتهم بكذب البلاغ ولا يدل على أنه قصد به الكيد للمبلغ ضده والإضرار به. وإذن فالحكم الذي يدلل على توافر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب بتقصير المتهم في إقامة الدليل على صحة البلاغ وتسرعه فيه يكون قد شابه قصور يبطله ويستوجب نقضه.


الوقائع

رفع المدعى المدني محمد محمد شلبي دعواه مباشرة أمام محكمة طلخا الجزئية ضد المتهم عباس محمد نعيم متهماً إياه بأنه أبلغ ضده كذباً بأنه استولى بطريق النصب والاحتيال على مبلغ 150ج مائة وخمسين جنيهاً مصرياً من أهالي الدرودين بحجة إعانة منكوبى فلسطين ولكنه لم يورد المبلغ وذلك بنية الإضرار به وثبت كذب ذلك. وطلب عقابه بالمواد 303 و304 و305 من قانون العقوبات مع إلزامه بأن يدفع له تعويضاً مدنياً مؤقتاً قرشاً صاغاً واحداً وقيدت هذه الدعوى بجدول تلك المحكمة برقم 52 سنة 1953. والمحكمة المشار إليها بعد أن نظرت الدعوى قضت غيابياً بتاريخ 11 من مايو سنة 1953 عملاً بالمادتين 303 و305 من قانون العقوبات بتغريم المتهم 50 جنيهاً خمسين جنيهاً وإلزامه أن يدفع للمدعى بالحق المدني قرشاً صاغاً على سبيل التعويض والمصاريف المدنية ومبلغ 500 قرش خمسمائة قرش أتعاباً للمحاماة. فعارض المتهم في هذا الحكم الغيابي وقضى في معارضته بتاريخ 28من سبتمبر سنة 1953 بقبولها شكلاً وبرفضها موضوعاً وبتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية بعد أن أتمت سماعه قضت حضورياً بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.


المحكمة

… وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه حين دانه بجريمة البلاغ الكاذب جاء مشوباً بالقصور إذ لم يرد على ما تمسك به في دفاعه من أنه قدم البلاغ بحسن نية ولم يقصد الإضرار بالمجني عليه.
وحيث إنه لما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قال في بيانه لواقعة الدعوى " إن الثابت من تحقيقات الشكوى رقم 2744 سنة 1952 إداري طلخا أن المتهم أبلغ معاون بوليس نقطة نبروه بتاريخ أول سبتمبر سنة 1952 أن المدعى بالحق المدني بصفته إمام مسجد الدرودين الكبير استولى بطريق النصب والاحتيال على مبلغ 150 جنيهاً بحجة إعانة منكوبى فلسطين ولم يوردها لجهة الاختصاص رغم أنه طالبه بإبراز الإيصالات الدالة على توريد هذا المبلغ مراراً وبسؤاله بتحقيقات الشكوى المذكورة قرر أمام البوليس أن (المبلغ ضده) جمع هذه التبرعات من المصلين في أيام الجمع دون إيصالات كما قرر ذلك أمام النيابة بمحضرها المؤرخ 9 من أكتوبر سنة 1952 وقد أمرت النيابة بحفظ الشكوى إدارياً في 15 من ديسمبر سنة 1952 وأن المدعى المدني قدم شكوى بتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1952 ضد المتهم يتهمه بأنه أبلغ ضده كذباً بأنه استولى على مبلغ 150 جنيهاً بطريق النصب والاحتيال وطلب اتخاذ الإجراءات القانونية ضده وبسؤال المتهم في تحقيقات هذه الشكوى قرر أنه قدم شكوى ضد المدعى بالحق المدني قاصداً إبراز الإيصالات الدالة على أنه أوصل مبالغ التبرعات لجهات الاختصاص…" ولما كان يشترط لتوافر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون المبلغ عالماً بكذب الوقائع التي أبلغ عنه وأن يكون منتوياً الكيد للمبلغ ضده وكان دفاع الطاعن أمام محكمة الموضوع يقوم على أنه كان يعتقد صحة البلاغ المقدم منه استناداً إلى أنه طالب المدعى بالحق المدني مراراً بأن يبرز له الإيصالات الدالة على توريده مبالغ التبرعات التي جمعها منه ومن باقي المتبرعين إلى جهة الاختصاص دون جدوى وكان الحكم في تدليله على علم الطاعن بكذب ما أبلغ به قد اقتصر على القول " بأن المتهم لم يدلل على صحة ادعائه من أن المدعى بالحق المدني استولى على التبرعات التي جمعها لمساعدة منكوبى فلسطين بطريق النصب والاحتيال وأن الثابت من التحقيقات والمستندات أن المدعى المدني أودع التبرعات التي جمعت ببنك مصر فرع المنصورة على ذمة الهيئة المختصة بجمع هذه التبرعات ولم يثبت من تلك التحقيقات أن ذلك المدعى المدني أدخل شيئاً من تلك التبرعات في ذمته وكان حرياً بالمتهم أن لا يتسرع في توجيه الاتهام إلى المدعى المدني قبل أن يجمع الأدلة على صحة دعواه…" كما اقتصر في إثبات نية الإضرار بالمبلغ ضده على القول " بأن سوء قصده ونية الأضرار بالمدعى بالحق المدني مستخلصان من إقحامه في البلاغات التي قدمها ضد قريبه عمدة الدرودين والتي كان المتهم يثير بها حقد الأهالي على العمدة.. ومن تأخيره في التبليغ إذ لو كان حسن النية لما تأخر في الإبلاغ عما ينسبه للمدعى بالحق المدني خمس سنوات…" ولما كان ما قاله الحكم من مجرد تقصير الطاعن في إقامة الدليل على صحة البلاغ وتسرعه فيه لا يؤدى في العقل والمنطق إلى ثبوت علم الطاعن بكذب البلاغ ولا يدل على أنه قصد من التبليغ الكيد للمبلغ ضده والأضرار به ـ لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه قصور يبطله ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن في محله ويتعين قبوله ونقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات