الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 284 لسنة 24 ق – جلسة 04 /12 /1958 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثالث – السنة 9 – صـ 718

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: عثمان رمزي، وإبراهيم عثمان يوسف، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.


الطعن رقم 284 لسنة 24 ق

بيع. "تسليم المبيع. دفع الثمن". حكم "تسبيب معيب". إلزام الحكم للمشتري بأداء ثمن قدر من المبيع تأسيساً على أن تسليم البائع له كان تسليماً صحيحاً. هذا القدر استبدل به غيره برضاء الطرفين. ليس هو المبيع الذي يلزم المشتري بأداء ثمنه.
إذا كان الواقع في الدعوى أن الطاعنة (وزارة الصحة) تعاقدت مع المطعون عليه الأخير هو ومورث باقي المطعون عليهم على توريد مسلي لمستشفياتها وأنهما ورداً لها رسالة أولى وجد بعضها غير مطابق للمواصفات المتفق عليها في عقد التوريد فرفضت الطاعنة قبولها وأخطرت مفتش صحة مدينة القاهرة بذلك فأمر بضبط الرسالة وأخطر النيابة العامة فاستصدرت أمراً من القضاء بتأييد هذا الضبط، وأن المطعون عليهما إذا ارتضيا هذا الرفض قاما بتوريد كمية أخري من المسلي بدلاً من الرسالة الأولي قبلتها الطاعنة، فإن الحكم المطعون فيه وقد ألزم الطاعنة بثمن ما ثبت من التحليل صلاحيته من المسلي موضوع الرسالة الأولي تأسيسا على أن تسليم المطعون عليهما لهذا القدر الذي ثبت صلاحيته يعتبر تسليماً صحيحاً للشيء المبيع يوجب على المشتري أداء ثمنه المتفق عليه، مع أن المسلي موضوع الرسالة الأولى قد استبدل به غيره ولم يعد هو المبيع الذي تلتزم الطاعنة بأداء ثمنه طبقاً لعقد التوريد، يكون وقد أسس قضاءه على هذا الفهم الخاطئ مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن المرحوم علي عبد المعطي (مورث المطعون عليهم الخمسة الأولين) أقام هو والمطعون عليه الأخير الدعوى رقم 1640 سنة 1940 مدني كلي القاهرة على وزارة الصحة (الطاعنة) بعريضة ذكرا فيها أنهما تعاقدا مع الوزارة على توريد المسلي اللازم لجميع مستشفيات القاهرة وضواحيها بالمقادير والمواصفات المبينة بالعقد وأنهما بتاريخ 17/ 3/ 1946 ورداً لمستشفى قصر العيني 197 صفيحة مسلي. إلا أن إدارة المستشفى أخطرتهما بتاريخ 30/ 3/ 1946 برفض قبول هذه الرسالة لما ثبت عقب تحليل عشر عينات من هذه الصفائح من عدم مطابقتها للمواصفات المشترطة بعقد التوريد وطلبت منهما توريد رسالة أخرى في موعد لا يتجاوز 4/ 4/ 1946 فقدما لها فوراً مائتي صفيحة مسلي بدلها. وفي هذا التاريخ أخطرهما مفتش صحة مدينة القاهرة أنه استصدر أمراً من قاضي محكمة السيدة زينب بحجز المسلي حيث أخذ منه بتاريخ 2/ 4/ 1946 عينات للتحليل فانتظرا إحاطتهما علماً بنتيجة التحليل حتى يمكنهما المطالبة باستلام المسلي الذي يظهر مطابقته للمواصفات ولما طال انتظارهما بدون جدوى رفع علي عبد المعطي الدعوى رقم 2566 سنة 1946 مستعجل القاهرة حكم فيها بندب خبير لتحليل جميع المسلي موضوع النزاع قدم تقريراً انتهى فيه إلى أن المسلي غير مغشوش بإضافة مواد غريبة إليه وأن 145 صفيحة منه كانت صالحة للاستعمال وقت توريدها في 17/ 3/ 1946 نقصت في 29/ 12/ 1946 (تاريخ التحليل) إلى 85 صفيحة بسبب زيادة الحموضة فيها بمضي الزمن كما رفع الدعوى رقم 1407 سنة 1947 مستعجل القاهرة التي قضى فيها بتعيين حارس قضائي لاستلام المسلي وبيعه وقام الحارس ببيع المسلي وأودع صافي ثمنه خزانة المحكمة حتى يفصل في النزاع الموضوعي. وقالا أن النيابة العمومية كانت قد أبلغت بغش المسلي في حينه فأقامت الدعوى العمومية عليهما وعلى من باع المسلي إليهما حكمت المحكمة فيها ببراءتهما مما أسند إليهما وانتهيا إلى طلب الحكم بإلزام الوزارة (الطاعنة) بأن تدفع لهما مبلغ 1577 جنيهاً و970 مليماً ثمن رسالة المسلي التي تلفت بفعلها ومبلغ 1000 جنيه لكل منهما على سبيل التعويض المؤقت مع الإذن لهما بصرف المبلغ المودع بخزينة محكمة مصر (في الدعوى رقم 1407 سنة 1947 مستعجل) مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة – دفعت الطاعنة الدعوى بأن إدارة المستشفى بعد أن أبلغت النيابة بغش المسلي وعدم مطابقته للمواصفات أخرجت أمر المسلي من بين يديها ووضعته في يد النيابة والقضاء الذي حكم بمصادرة المسلي وتغريم البائع الأصلي فلا مسئولية عليها في شيء. وبتاريخ 31 من مايو سنة 1951 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليه الأخير هو ومورث باقي المطعون عليهم مبلغ 1161 جنيهاً و450 مليماً ثمن الـ 145 صفيحة التي أثبت الخبير صلاحيتها مع المصاريف المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنفت الوزارة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة تحت رقم 709 سنة 69 ق طالبة إلغاءه، وبتاريخ 21 من مارس سنة 1954 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وبتاريخ 7 من أغسطس سنة 1954 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالنقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم. وبتاريخ 15 من أكتوبر سنة 1958 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأصرت النيابة على رأيها فقررت الدائرة إحالة الطعن على هذه الدائرة لنظره بجلسة 20 من نوفمبر سنة 1958 وفيها صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وتقول في بيان ذلك إن الثابت من الوقائع ومن صحيفة الدعوى أن المطعون عليه الأخير هو ومورث باقي المطعون عليهم ورداً بتاريخ 17 من مارس سنة 1946، 197 صفيحة مسلي للمستشفى ثبت من تحليل عشر عينات منها أن خمسة منها غير صالحة للغذاء الآدمي وخمسة أخرى غير مطابقة للمواصفات وأن إدارة المستشفى أخطرتهما بذلك بتاريخ 30 من مارس سنة 1946 وبأنها ترفض هذه الرسالة وطلبت منهما تقديم رسالة أخرى بدلاً منها فقدم المتعهدان مائتي صفيحة أخرى قبلتها المستشفى ولما كان الأمر بالنسبة للصفائح الأولى ينطوي على جريمة غش مأكولات معاقباً عليها بالقانون رقم 48 لسنة 1941 فقد أبلغت إدارة المستشفى تفتيش صحة العاصمة لاتخاذ الإجراءات اللازمة فأجرى التفتيش في 2 من أبريل سنة 1946 ضبط 183 صفيحة من تلك الرسالة وأخذ منها 25 عينة للتحليل – كما أبلغ بتاريخ 3 من أبريل سنة 1946 نيابة السيدة زينب التي استصدرت بتاريخ 4 من أبريل سنة 1946 أمراً من قاضي المحكمة بتأييد عملية الضبط أعلن به المتعهد أن يوم صدوره وواضح مما تقدم أن المستشفى رفض قبول الرسالة الأولى البالغ عددها 197 صفيحة بعد أن ظهرت نتيجة التحليل الأول وأخطرت المتعهدين بهذا الرفض فقبلاه وقاما كطلب المستشفى بتوريد مائتي صفيحة أخرى وانتهت مسئولية المستشفى عن الرسالة الأولى بصدور أمر الضبط وبتوريد بضاعة أخرى بدلها وكان واجباً على المطعون عليهما أن يتخذا من الإجراءات ما يلزم للإفراج عن البضاعة المضبوطة أو الأجزاء السليمة والغير مغشوشة منها في مواجهة الجهات المختصة لا في مواجهة المستشفى الذي يعتبر وكأنه تخلى عنها وعن حيازتها بمجرد رفض استلامها وقبول المتعهدين لهذا الرفض وقيامهما بتوريد كميات أخرى بدلها. وما أورده الحكم من أن تسليم البضاعة السليمة ومقدارها 145 صفيحة هو تسليم صحيح يلزم المستشفى بأداء ثمنها مردود بأن المطعون عليهما كانا ومن أول الأمر قد أقرا برفض البضاعة من جانب المستشفى وقاما بتقديم بضاعة أخرى وكانا يتعين عليهما بعد ذلك أن يرفعا دعواهما ضد الجهات التي أصدرت أمر الضبط – لا ضد المستشفى – بطلب إثبات حالة البضاعة وفرزها وتسليمهما البضاعة السليمة وما كان يسع المستشفى أن يقوم بتسليمهما المسلي مع قيام أمر الضبط وشموله لكافة الصفائح لأن الأمر في ذلك من شأن النيابة وهي السلطة التي كانت تجري التحقيق في قضية الغش.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأخير هو ومورث باقي المطعون عليهم أقرا في عريضة الدعوى رقم 1640 سنة 1949 كلي القاهرة التي رفعاها ضد الطاعنة أن رسالة المسلي التي ورداها لمستشفى القصر العيني بتاريخ 17/ 3/ 1946 وجد بعضها غير مطابق للمواصفات المتفق عليها". في عقد التوريد وأن إدارة المستشفى رفضت لذلك قبول تلك الرسالة وأخطرت المطعون عليهما بتاريخ 30/ 3/ 1946 بذلك وطلبت منهما تقديم رسالة بدلها. فأذعنا لذلك وقدما مائتي صفيحة أخرى بدلاً منها. وأن إدارة المستشفى أخطرت مفتش صحة مدينة القاهرة بذلك فأمر بتاريخ 2/ 4/ 1946 بضبط الرسالة الأولى وأخطر النيابة العمومية فاستصدرت بتاريخ 4/ 4/ 1946 أمراً من قاضي محكمة السيدة زينب بتأييد هذا الضبط وأقامت الدعوى العمومية على موردي المسلي والبائع لهما بموجب القانون رقم 48 سنة 1941 الخاص بقمع الغش والتدليس وذلك في الجنحة رقم 1390 سنة 1946 السيدة التي حكم فيها نهائياً بالمصادرة وبتغريم البائع الأصلي للمسلي وإلزامه بنشر الحكم على مصاريفه. ومفاد ذلك أن المسلي موضوع الرسالة الأولى رفضت إدارة المستشفى قبوله وارتضى المتعهدان هذا الرفض وقاما بتوريد كمية أخرى من المسلي بدلاً من الرسالة الأولى قبلتها إدارة المستشفى وأن بقاء المسلي موضوع الرسالة الأولى تحت يدهما بعد ذلك لم يكن بناءً على عقد التوريد بل كان تنفيذاً لأمر الضبط الصادر عن هذا المسلي من مفتش صحة مدينة القاهرة والمؤيد من قاضي محكمة السيدة زينب. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقر الحكم الابتدائي على ما قضى به من إلزام الطاعنة بثمن ما ثبت من التحليل صلاحيته من المسلي موضوع الرسالة الأولى تأسيساً على أن "تسليم المدعيين لهذا القدر له (الذي ثبت صلاحيته) لمستشفى القصر العيني يعتبر تسليماً صحيحاً للشيء المبيع يوجب على المشتري أداء الثمن المتفق عليه بعد أن ثبت خلو الشيء المبيع من الغش ومطابقته للمواصفات المتفق عليها" وكان المستفاد من إقرار المطعون عليه الآخر ومورث باقي المطعون عليهم – على ما سبق بيانه – أن المسلي موضوع الرسالة الأولى قد استبدل بغيره بقبولهما ورضائهما عقب توريده وتسليمه لإدارة المستشفى. فإن هذا المسلي لم يعد هو المبيع الذي تلتزم الطاعنة بأداء ثمنه طبقاً لعقد التوريد. لما كان ذلك فإن الحكم المذكور وقد أسس قضاءه على هذا الفهم الخاطئ يكون مخالفاً للقانون بما يتعين نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الآخر من سببي الطعن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات