الطعن رقم 210 لسنة 24 ق – جلسة 16 /10 /1958
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثالث – السنة 9 – صـ 659
جلسة 16 من أكتوبر سنة 1958
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي المستشارين.
الطعن رقم 210 لسنة 24 ق
عمل. حق العامل في المكافأة. المادة 23 من ق 41 لسنة 1944. حقه
في التعويض. المادة 696 مدني. حقان مختلفان في أساسهما وطبيعتها.
حق المكافأة وحق التعويض حقان مختلفان في أساسهما وطبيعتهما فمكافأة العامل عن مدة
خدمته التزام مصدره المباشر القانون وسببه ما أداه العامل من خدمات لرب العمل نتيجة
للعقد الذي تم بينهما فهي بهذا تعتبر نوعاً من الأجر الإضافي أوجب قانون عقد العمل
الفردي رقم 41 لسنة 1944 في المادة 23 منه دفعه للعامل عند انتهاء العقد بغير خطأ أو
تقصير من جانبه فلا يجوز حرمانه من هذه المكافأة إلا في الأحوال المقررة قانوناً –
أما التعويض فهو مقابل الضرر الذي يصيب العامل جزاء فصله بغير مبرر فمناطه سوء استعمال
الحق وترتب الضرر يدور معها وجوداً وعدماً. وإذن فمتى كان الثابت أن الطاعن إنما طلب
في دعواه الحكم بالمكافأة على أساس قانون عقد العمل الفردي الذي تنص المادة 23/ 1 منه
– على أنه إذا كان الفصل صادراً من جانب صاحب العمل وجب أن يدفع للعامل المكافأة عن
مدة خدمته تحسب على النحو المبين في هذه المادة، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى
اعتبار الطاعن مفصولاً من الخدمة لا مستقيلاً وبالتالي مستحقاً للمكافأة القانونية
عن مدة الخدمة – ولكنه قضى في الدعوى على اعتبار أنها دعوى تعويض فحسب وأعمل حكم المادة
666 من القانون المدني الذي يقضي بالتعويض عن الفصل التعسفي، فإنه يكون قد أخطأ في
تطبيق القانون على الوقائع الثابتة في الدعوى وخالفه فيما أنزل من حكم عليها مما يتعين
معه نقضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في
أنه بصحيفة معلنة في 20 من فبراير سنة 1951 أقام الطاعن الدعوى رقم 617 سنة 1951 تجاري
كلي مصر ضد المطعون عليه بصفته يطالبه فيها بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 384 جنيهاً و500
مليم والمصروفات والأتعاب والنفاذ – من ذلك مبلغ 346 جنيهاً و50 مليماً قيمة المكافأة
التي يستحقها عن عمله في الشركة المطعون عليها في المدة من يونيه سنة 1938 حتى يناير
1951. ومبلغ 38 جنيهاً و450 مليماً قيمة مرتبه عن شهر يناير سنة 1951 وقال الطاعن بياناً
لدعواه أنه التحق بخدمة الشركة المطعون عليها في يونيه سنة 1938 إلى أن عين مساعداً
لرئيس قسم الصيانة بها في سنة 1947 ثم رئيساً لهذا القسم في أول يناير سنة 1948 وقام
بعمله في خدمة الشركة خير قيام وكان مثالاً للموظف الكفء كدلالة ترقياته المتلاحقة
والثناء على عمله ومجهوده ونشاطه من جهات متعددة – ولكن المطعون عليه رغبة في التخلص
منه أخذ يكيد له ويمتهن كرامته ويسلبه حقوقه وينتقص من سلطانه حتى وجد الطاعن نفسه
كماً مهملاً في نظر الشركة وذلك بغية حمله على الاستقالة وقد تأكد له هذا الغرض من
خطاب تسلمه من مدير الشركة نسب إليه فيه الإهمال في عمله مما اضطره إلى تقديم استقالته
بكتاب وجهه إلى المدير في 27 من ديسمبر سنة 1950 أثبت فيه أنه يقدم هذه الاستقالة لأسباب
يعلمها المدير وأنه سيترك العمل في آخر يناير سنة 1951 وأردف هذا الكتاب بكتاب آخر
في 27 من يناير سنة 1951 سجل فيه أنه حرر الاستقالة مكرهاً واحتفظ لنفسه بحقه في المكافأة
وفي التعويض – وأثناء نظر الدعوى قرر الطاعن أنه قبض مرتبه عن شهر يناير 1951 – وفي
6 من يناير سنة 1953 قضت محكمة القاهرة الابتدائية في الدعوى حضورياً بإلزام المطعون
عليه بصفته بأن يدفع للطاعن مبلغ 346 جنيهاً و50 مليماً والمصاريف و6 جنيهات أتعاب
محاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل بشرط الكفالة. فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم وقيد
هذا الاستئناف برقم 111 سنة 7 ق استئناف القاهرة وفي 30 من يونيه سنة 1953 قضت المحكمة
بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في موضوعه بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف
عليه – الطاعن – سوء معاملة الشركة له من الناحيتين المادية والأدبية لكي تكرهه على
الخروج من خدمتها بغير مكافأة ولتثبت الشركة التراخي الذي ادعته في عمله في أيامه الأخيرة
ولكل منهما نفي ما يثبته الآخر بالطرق كافة – وبعد أن تنفذ هذا الحكم بسماع شهود الطرفين
إثباتاً ونفياً قضت محكمة استئناف القاهرة حضورياً في 16 من فبراير سنة 1954 بتعديل
الحكم المستأنف إلى إلزام الشركة المستأنفة (المطعون عليها) بأن تدفع للمستأنف (الطاعن)
مبلغ 100 جنيه والمصاريف المناسبة عن الدرجتين وألف قرش أتعاباً للمحاماة عنهما. فقرر
الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأبدت النيابة
رأيها بطلب نقض الحكم والإحالة وبجلسة 14 من مايو سنة 1958 قررت دائرة الفحص إحالة
الطعن إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة 2 من أكتوبر سنة 1958 وفيها صمم كل من طرفي
الخصومة على طلباته وطلبت النيابة نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تأويله وتطبيقه
ويقول في بيان ذلك إنه أقام دعواه بطلب المكافأة التي يستحقها قانوناً عن مدة خدمته
في الشركة المطعون عليها ولم تكن دعوى بتعويضه عن فصله فصلاً تعسفياً على ما هو واضح
من صحيفة افتتاح دعواه ومن أسباب الحكم الابتدائي الذي قضى له بالمكافأة وفقاً لحكم
المادة 23 من قانون عقد العمل الفردي رقم 41 لسنة 1944 الذي يحكم واقعة النزاع ولم
يعدل الطاعن سبب دعواه أو موضوعها أمام محكمة الاستئناف – ولكن الحكم المطعون فيه رغم
تسليمه بما سلم به الحكم الابتدائي من أن الطاعن لم يترك عمله مختاراً بل إن رب العمل
هو الذي دفعه إلى الاستقالة وحمله عليها مما كان يقتضي تأييد الحكم المستأنف – رغم
هذا قضى الحكم المطعون فيه بتعديل الحكم المستأنف إلى مبلغ 100 جنيه كتعويض عما أصاب
الطاعن من أضرار مادية وأدبية عملاً بحكم المادة 696 من القانون المدني ضارباً صفحاً
عن مكافأة مدة الخدمة التي طلبها الطاعن وجعلها أساساً لدعواه والتي هي حق لكل عامل
يفصل من عمله لا يجوز حرمانه منها إلا في الأحوال المستثناه التي نص عليها القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في خصوص ما ينعاه
الطاعن على قوله. "وحيث إن الثابت من أقوال الشهود كما تقدم الحديث عنها تقطع في أن
المستأنف عليه قد نحى عن وظيفة رياسة قسم الصيانة التي كان قد رقي إليها في اليوم الأول
من شهر يناير سنة 1948 وصدر أمر تعيينه في هذا التاريخ متضمناً حث العمال وأمرهم بإطاعة
أوامره بكل دقة – نحى عن هذه الوظيفة بطريقة غير سليمة إذ شلت حركته فأضحى كغيره من
سائر المهندسين المرؤوسين له وباتت التعليمات تصدر لهذا القسم من ……. على الوجه
المتقدم البيان. كل ذلك في الوقت الذي أخذت تنهال فيه كتب الثناء على عمله على النحو
الذي سبق تفصيله وبدون أن يأتي ذنباً ولا جريرة مما ضايق الرجل وجعله يشكو هذا الضيق
إلى بعض الموظفين معه في الشركة – ولا خلاف في أن مدير الشركة ما كان يقصد من ذلك سوى
إرغام الرجل على الاستقالة فيسقط بذلك حقه في المكافأة – ولما باءت هذه الحيلة بالفشل
وجه إليه المدير المذكور كتابه الرقيم 18 من ديسمبر سنة 1950 والذي نعته فيه بالتراخي
ونقص الهمة والهرب من تحمل التبعات كرئيس عمل والذي على أثره قدم الرجل استقالته في
يناير 1951. ومن حيث إنه على هذا الوضع يكون رب العمل هو الذي دفع العامل للاستقالة
ولا ريب كذلك في أن ما عمل معه ووجه إليه من عبارات يكفي لحمله عليها ويترتب على ذلك
حتماً استحقاقه للتعويض الذي نصت عليه المادة 696 مدني – ولا صحة لما تقوله الشركة
من أنه هو الذي ترك العمل بحريته واختياره بعد أن وفق إلى عمل جديد كان له أكثر نفعاً
وأحسن أثراً. ومن حيث إنه ثابت من شهادة الأستاذ عبد المنعم وهبه رئيس حسابات الشركة
المصرية للأسمدة والصناعات أن ………. "الطاعن" التحق بخدمة الشركة المذكورة عقب
فصله مباشرة اعتباراً من أول فبراير سنة 1951 وبذلك يكون الضرر الذي أصابه قاصراً أولاً
على تلك الإهانة الأدبية التي نزلت به بسبب المعاملة التي عومل بها في شركة كاريير
والألفاظ الجارحة التي وجهت إليه – وثانياً – أنه بخروجه من خدمة الشركة الأخيرة قد
حرم من المكافأة التي كان يستحقها عن مدة خدمته وقد جاوزت الاثنى عشر عاماً في وقت
بلغ راتبه ثمانية وثلاثين جنيهاً ونصفاً شهرياً – لما هو معلوم من أن الشركة تدخل في
حساب مكافأته له يوم خروجه مدة عمله بشركة كاريير". ويبين من هذا الذي أورده الحكم
المطعون فيه أنه بعد أن قرر في جلاء ووضوح أن الطاعن لم يترك عمله بالشركة المطعون
عليها بحريته واختياره بل إن مدير الشركة بتصرفاته معه هو الذي دفعه للاستقالة ليسقط
حقه في المكافأة بعد أن قرر الحكم ذلك عاد وقضى بتعديل الحكم المستأنف إلى مبلغ 100
ج كتعويض عما أصاب الطاعن من ضرر عملاً بالمادة 696 من القانون المدني.
ومن حيث إن الثابت من أسباب الحكمين الابتدائي والاستئنافي أن الطاعن أسس دعواه بطلب
المكافأة على قانون عقد العمل الفردي الذي تنص المادة 23/ 1 منه على أنه إذا كان الفصل
صادراً من جانب صاحب العمل وجب عليه أن يدفع للعامل المكافأة عن مدة خدمته تحتسب على
النحو المبين بهذه المادة. وأن الحكم المطعون فيه تلاقى مع الحكم المستأنف فيما انتهى
إليه هذا الحكم من اعتبار الطاعن مفصولاً من الخدمة لا مستقيلاً واعتباره بالتالي مستحقاً
للمكافأة القانونية عن مدة الخدمة. ولكن الحكم المطعون فيه قضى في الدعوى على اعتبار
أنها مطالبة بتعويض عن الفصل رغم بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة أمام محكمة الاستئناف
دون تغيير سببه.
ولما كان حق المكافأة وحق التعويض حقين مختلفين في أساسهما وطبيعتهما فمكافأة العامل
عن مدة خدمته التزام مصدره المباشر القانون وسببه ما أداه العامل من خدمات لرب العمل
نتيجة للعقد الذي تم بينهما فهي بهذا تعتبر نوعاً من الأجر الإضافي أوجب القانون دفعه
للعامل عند انتهاء العقد بغير خطأ أو تقصير من جانبه فلا يجوز حرمانه من هذه المكافأة
إلا في الأحوال المقررة قانوناً – أما التعويض فهو مقابل الضرر الذي يصيب العامل جزاء
فصله بغير مبرر فمناطه سوء استعمال الحق وترتب الضرر يدور معها وجوداً وعدماً. لما
كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ أعمل حكم المادة 696 من القانون المدني الذي يقضي
بالتعويض عن الفصل التعسفي يكون قد أخطأ في تطبيق القانون على الوقائع الثابتة في الدعوى
وخالف القانون فيما أنزله من حكم على تلك الوقائع مما يتعين معه نقضه.
ومن حث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه.
ومن حيث إنه لا خلاف بين طرفي الخصوم في أن مدة عمل الطاعن بالشركة المطعون عليها من
يونيه 1938 حتى يناير 1951 قد جاوزت الاثنى عشر عاماً وكان أجره الأخير 38 جنيهاً و450
مليماً شهرياً.
ومن حيث إنه طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 23 من القانون رقم 41 لسنة 1944 الذي
يحكم واقعة النزاع تكون قيمة المكافأة التي يستحقها الطاعن عن مدة خدمته بالشركة المطعون
عليها هي أجر تسعة شهور أي مبلغ 346 جنيهاً، 50 مليماً وهو ما قضى به الحكم المستأنف
مما يتعين معه تأييده.
