طعن رقم 219 سنة 24 ق – جلسة 24 /06 /1958
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 9 – صـ 633
جلسة 24 من يونيه سنة 1958
برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: عثمان رمزي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، والحسني العوضي المستشارين.
طعن رقم 219 سنة 24 ق
( أ ) إنكار التوقيع. تزوير. عدم التزام منكر التوقيع بالختم بسلوك
سبيل الطعن بالتزوير إلا إذا أقر بصحة الختم أو ثبت للمحكمة صحته من الأدلة التي قدمها
المتمسك بالورقة. أثر عدم توافر إحدى هاتين الحالتين. المادتان 262 و290 مرافعات.
(ب) إنكار التوقيع. عدم توقيع رئيس المحكمة على الورقة المطعون عليها بالإنكار. لا
بطلان. المادة 363 مرافعات.
(ج) إثبات "بالبينة". شهادة. محكمة الموضوع. سلطتها في ترجيح أقوال شهود أحد الطرفين.
1 – جرى قضاء محكمة النقض بأنه لا يتعين على منكر التوقيع بالختم أن يسلك سبيل الطعن
بالتزوير إلا إذا أقر بصحة الختم أو ثبت للمحكمة صحته من الأدلة التي قدمها المتمسك
بالورقة فإذا لم تتوافر إحدى هاتين الحالتين كان الطعن بالإنكار جائزاً وكان للمحكمة
أن تفصل فيه وفقاً لما تقضي به المادة 262 مرافعات التي تجيز الإحالة إلى التحقيق بالمضاهاة
أو بشهادة الشهود كما لها ألا تسلك أحد هذين الطريقين وأن تقضي بعدم صحة الورقة إذا
ثبت لها مما قدم إليها من أدلة أنها غير صحيحة وأنها لم تصدر ممن نسبت إليه.
2 – إنه وإن كانت المادة 363 مرافعات تنص على أنه يجب على رئيس المحكمة أن يوقع على
الورقة المطعون عليها بالإنكار إلا أن إغفال هذا الإجراء لا يترتب عليه البطلان إذ
لم تقرر المادة المذكورة البطلان جزاء على المخالفة.
3 – متى تبين أن الحكم بعد أن استعرض أقوال الشهود إثباتاً ونفياً ووازن بين أقوالهم
انتهى إلى ترجيح أقوال شهود أحد الطرفين بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة
التي انتهى إليها فإن المجادلة في ذلك لا تخرج عن كونها مجادلة في تقدير الدليل وهو
ما لا رقابة لمحكمة النقض على محكمة الموضوع فيه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن
الطاعنين رفعوا الدعاوى رقم 74 و75 و76 و130 لسنة 1952 كلي الفيوم ضد المطعون عليها
وضد أنفسهم بصفتهم ورقة المرحوم إبراهيم حسن حمزة طلبوا فيها الحكم بصحة التعاقد عن
أربعة عقود ابتدائية مؤرخ في 5 من أبريل سنة 1945 صادرة إليهم من مورثهم زوج المطعون
عليها يتضمن أحدها بيع منزلين مساحتهما 678.43 متراً إليهم جميعاً ويتضمن كل من العقود
الثلاثة الأخرى بيع أربعة أفدنة وكسور من الفدان إلى كل منهم على انفراد، وقالوا إن
المطعون عليها نازعتهم عندما أرادوا تسجيل هذه العقود مما اضطرهم إلى رفع تلك الدعاوى،
دفعت المطعون عليها بأنها لا تعلم أن مورثها بصم بختمه على العقود وحلفت اليمين على
عدم علمها بذلك فقضى بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت الطاعنون – أن العقود التي يتمسكون
بها صدرت عن مورثهم وأنه بصم بختمه عليها ثم قضى في 26 من ديسمبر سنة 1952 بضم الدعاوى
الأربع إلى بعضها وبرفضها …… وقد استندت المحكمة في ذلك إلى أنها لا تطمئن إلى
شهادة الشاهدين اللذين أشهدهما الطاعنون وترجح عليها شهادة شهود المطعون عليها وذلك
لأن أحد ذينك الشاهدين هو المحرر للعقود والآخر شاهد عليها ومن صالحهما أن يؤيدا دعاوى
الطاعنين حتى لا يتهما بالتزوير كما قالت المحكمة إن التحقيق الذي أجرته يلقى ظلاً
من الشك على أن العقود صدرت من إبراهيم حسن حمزة إذ لاحظت المحكمة أن العقود جميعاً
مؤرخة بتاريخ واحد على ورق واحد وبخط ومداد واحد مع أن الطبيعي أن تكتب على دفعات متوالية
وكذلك يلاحظ أن الورق الذي تكتب عليه لا يزال محتفظاً بجدته لا يحمل الآثار التي تدل
على امتداد الزمن عليها طوال المدة من سنة 1945 حتى الآن، استأنف الطاعنون هذا الحكم
وقيد استئنافهم برقم 197 سنة 70 ق واستندوا في استئنافهم إلى ثلاثة أسباب أولها أنهم
قدموا إلى محكمة الدرجة الأولى وثيقة زواج رسمية عليها بصمة ختم للمورث تطابق البصمات
الموقع بها على العقود ولا تستطيع المستأنف عليها أن تتنصل من العقود إ لا إذا بينت
كيف وصل ختم مورثها إليهم وإلا وجب عليها أن تطعن بتزوير العقود، وحاصل السببين الثاني
والثالث أن المحكمة أخطأت إذ أهدرت شهادة شاهدي المستأنفين – الطاعنين – كما أخطأت
إذ استندت إلى ما بدا لها من مظهر العقود، وفي 2 من مارس سنة 1954 قضى بتأييد الحكم
المستأنف للأسباب التي استندت إليها محكمة الدرجة الأولى وما أضافته إليها من أسباب
أخرى. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت
إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 22 من مايو سنة 1958 وفي هذه الجلسة صممت النيابة
على طلب رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول
منها خطأه في تطبيق القانون من وجهين: حاصل أولهما – أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة
الاستئناف بأنهم قدموا وثيقة زواج المطعون عليها من المورث وهي تحمل بصمة ختمه الموقع
بها على العقود موضوع النزاع، وكان دفاع المطعون عليها مؤداه أن تلك العقود قد اصطنعت
بعد وفاته أي أنها مزورة فكان لزاماً عليها وقد استندت في دفاعها إلى هذا الأساس أن
تسلك الطريق الذي رسمه القانون للطعن بالتزوير، وقد رد الحكم المطعون فيه على ذلك بقوله
أنه لا محل لتكليفها بالطعن بالتزوير بعد أن أنكرت توقيع مورثها طبقاً للمادتين 262
و274 من قانون المرافعات، ووجه مخالفة ذلك للقانون هو أنه بعد إذ ثبت من وثيقة الزواج
التي قدمها الطاعنون أن ختم المورث الموقع به على العقود صحيح كان يتعين على المحكمة
أن تكلف المطعون عليها ببيان كيفية وصول الختم إلى الطاعنين من التوقيع به على العقود
وهذا لا يكون إلا إذا اتخذ سبيل الطعن بالتزوير طبقاً للقانون، وحاصل الوجه الآخر أن
رئيس المحكمة لم يوقع على العقود التي أنكرت المطعون عليها توقيع مورثها عليها وفي
ذلك مخالفة لما تقضي به المادة 263 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أنه لا يتعين
على المنكر أن يسلك سبيل الطعن بالتزوير إلا إذا أقر بصحة الختم أو ثبت للمحكمة صحته
من الأدلة التي قدمها المتمسك بالورقة فإذا لم تتوافر إحدى هاتين الحالتين كان الطعن
بالإنكار جائزاً وكان للمحكمة أن تفصل فيه وفقاً لما تقضي به المادة 262 من قانون المرافعات
التي تجيز الإحالة إلى التحقيق بالمضاهاة أو بشهادة الشهود كما لها ألا تسلك أحد هذين
الطريقين وأن تقضي بعدم صحة الورقة إذا ثبت لها مما قدم إليها من أدلة أنها غير صحيحة
وأنها لم تصدر ممن نسبت إليه، ويبين من الاطلاع على الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه
بالحكم المطعون فيه أنه قد التزم هذه الحدود لأنه لم يثبت أن المنكر أقر بصحة الختم
كما أنه لم يثبت للمحكمة أن الختم هو ختم المورث، فناقشت المحكمة دعوى الإنكار بما
قدم في الدعوى من أدلة وقالت: "وحيث إنه يخلص مما تقدم أن التحقيق الحاصل في هذه القضايا
يلقي ظلاً كثيفاً من الشك على صحة هذه العقود وأنها صدرت من والدهم، وأنه يلاحظ أن
العقود كلها بتاريخ 15 من أبريل سنة 1945 وأنها حررت على ورق واحد وبخط واحد وبمداد
واحد ولون مدادها واحد بل والأقرب إلى الطبيعة أن تحرر هذه العقود على دفعات متفاوتة
مع ملاحظة أن الورق الذي حررت عليه يوحي بأنها حررت بعد سنة 1945 لأنها ما زالت محتفظة
بجدتها وليس عليها أي آثار تدل على امتداد الزمن عليها …. كما أن مدادها حديث لا
يبدو عليه أنه مر عليه هذا الزمن الطويل وبالرغم من وجود سوء تفاهم بينهم على زواجه
بالمدعى عليها – المطعون عليها – فإنهم لم يرفعوا دعاواهم حال حياة المورث، وبما أنه
يتعين والحالة هذه رفض هذه الدعاوى …" وهذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه يتفق وحكم
المادة 262 من قانون المرافعات التي تخول للمحكمة حق تكوين عقيدتها في شأن صحة بصمة
الختم من ظروف الدعوى ومستنداتها، كما يتفق وحكم المادة 290 التي تنص على أن للمحكمة
أن تحكم برد أي ورقة وبطلانها إذا ظهر من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة بشرط
أن تبين في حكمها الظروف والقرائن التي استبانت منها ذلك، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون
فيه قد أنزل حكم القانون الصحيح على واقعة الدعوى فإنه يتعين رفض هذا الوجه. وهو مردود
في وجهه الآخر بأنه وإن كانت المادة 263 من قانون المرافعات تنص على أنه يجب على رئيس
المحكمة أن يوقع على الورقة المطعون فيها بالإنكار إلا أن إغفال هذا الإجراء لا يترتب
عليه البطلان إذ لم تقرر المادة المذكورة البطلان جزاء على المخالفة ومن ثم يتعين رفض
هذا الوجه أيضاً.
وحيث إن حاصل السبب الثاني. أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بأقوال الشاهدين اللذين استشهد
بهما الطاعنون استناداً إلى أن لهما مصلحة في الشهادة لصالحهم إذ أنهما يخشيان أن يتهما
بتزوير العقود إذا ما تبين أنها مزورة، وفي هذا القول افتئات على شهادة كل محرر لعقد
وكل شاهد عليه خصوصاً وأن المادة 274 من قانون المرافعات تحتم أن ينصرف الإثبات إلى
صحة الختم مما يستلزم وجود شاهد وقت التوقيع، كذلك قال الحكم إنه يرجح شهادة شهود المطعون
عليها دون أن يبين هذه الشهادة حتى تراقب محكمة النقض ما إذا كانت تؤدي إلى ما استنتجه
الحكم منها، والواقع أن ما شهد به هؤلاء الشهود يؤيد حق الطاعنين وفي ذلك كله ما يعيب
الحكم بقصور أسبابه.
وحيث إنه يبين من أسباب الحكم المستأنف في صدد ما شهد به الشهود في التحقيق أنه بعد
أن لخص ما شهد به كل شاهد قال: "وبما أنه لم يشهد أحد على صحة هذه العقود سوى علي جوده
ومحمد عبد النعيم، وبما أن المحكمة لا تثق في شهادتهما لأن أولهما هو محرر العقد والثاني
شاهد عليه ولهما في ذلك مصلحة ظاهرة حتى لا يتهمهما أحد بجريمة التزوير يضاف إلى ذلك
أن الثاني قال إنه شريك للمدعى الأول – الطاعن الأول – في الزراعة، كما أن ثانيهما
اعترف أن أخاه كان متزوجاً من المدعى عليها – المطعون عليها – ثم طلقها مما يدعو المحكمة
إلى الاعتقاد أنه متحامل … وبما أن المحكمة ترجح شهادة شهود المدعى عليها على شهود
المدعين خصوصاً شاهدها عبد التواب محمد الشريف لأنه رجل كبير في السن وهو قريب الطرفين
… …" وقد أضاف الحكم المطعون فيه إلى هذه الأسباب تدعيماً لها ورداً على أسباب
الاستئناف قوله: "وترى هذه المحكمة مما تقدم ومما تستخلصه من مراجعة محضر التحقيق الابتدائي
أن علي جودة أحمد محرر العقود قرر مبدئياً أن صناعته مزارع، وبعد مناقشته في السبب
الذي من أجله استدعاه البائع لتحرير عقود البيع – كما قرر في شهادته – عاد وقال صراحة
إنه كان كاتب عمومي فضلاً عن أن عبارته وأسلوبه في الشهادة ينم عن التصنع، كما لا يكفي
لاطراح شهادة الشاهد الثاني ما ثبت من أنه شريك عبد الباقي إبراهيم حسن حمزة أحد المستأنفين
– الطاعن الثالث – الصادرة لصالحهم عقود البيع … …" ويبين من ذلك أن الحكم بعد
أن استعرض أقوال الشهود إثباتاً ونفياً ووازن بين أقوالهم انتهى إلى ترجيح أقوال شهود
المطعون عليها بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ومجادلة
الطاعنين في ذلك لا تخرج عن كونها مجادلة في تقدير الدليل وهو ما لا رقابة لهذه المحكمة
على محكمة الموضوع فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الطاعنين قدموا إلى المحكمة شهادة من عمدة ومشايخ مركز
إطسا تثبت صدور العقود موضوع النزاع من مورث الطاعنين وأن كل من مشتر وضع يده على ما
اشتراه، فلم يرد الحكم المطعون فيه على هذه الشهادة مما يعيبه بالقصور ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعنين لم يقدموا دليلاً على أنهم سبق أن تمسكوا بهذه
الشهادة أمام محكمة الموضوع وفضلاً عن ذلك فإن المحكمة ليست ملزمة بتعقب الخصوم في
تفصيلات دفاعهم وحسبها أنها أقامت قضاءها على أسباب مؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها
إذ في ذلك ما يفيد أنها أطرحت ما عدا ما أخذت به من مناحي الدفاع على أن المجادلة في
ذلك لا تخرج عن كونها مجادلة في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا رقابة
لهذه المحكمة عليها فيه.
وحيث إنه يخلص مما تقدم أن الطعن برمته لا يستند إلى أساس فيتعين رفضه.
