طعن رقم 202 سنة 24 ق – جلسة 15 /05 /1958
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 9 – صـ 487
جلسة 15 من مايو سنة 1958
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: عثمان رمزي، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد رفعت المستشارين.
طعن رقم 202 سنة 24 ق
عمل. فصل العامل في غير الحالات الواردة بالمادة 40 ق 317 لسنة
1952. التزام مدعى حصول التعسف بإثباته. م 695/ 2 مدني.
فصل العامل في غير الحالات التي أوردتها المادة 40 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة
1952 لا يدل بمجرده على أنه فصل تعسفي تنطبق عليه المادة 39 من هذا المرسوم بقانون
والمادة 695/ 2 مدني بل يجب أن يقوم الدليل على عدم صحة المبرر الذي استند إليه رب
العمل في فسخ العقد وأن يثبت أن الفصل كان تعسفياً ويلتزم من يدعي حصول التعسف بإثباته.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن
المطعون عليه أقام الدعوى رقم 389/ 1953 كلي قنا على الطاعنة طلب فيها الحكم له بمبلغ
3757 ج و170 م وأسس دعواه على أنه التحق بخدمة الطاعنة بعقد غير محدد المدة منذ 4 من
يناير سنة 1917 وأنه رغم قيامه بعمله على خير وجه فإن الطاعنة فاجأته بفصله من العمل
دون حق في 5 من فبراير سنة 1953، ومن ثم يكون من حقه المطالبة بالمكافأة عن مدة خدمته
التي جاوزت العشرين سنة بما يوازي أجر سنة ونصف سنة. كما أن من حقه المطالبة بأجر شهر
إذ فصلته الطاعنة دون أن تنذره قبل الفصل بشهر على ما يقضي به القانون، كما أن الفصل
قد حصل تعسفاً من الطاعنة، فيكون من حقه المطالبة بتعويض عن هذا الفصل التعسفي قدره
3243 ج و600 م، دفعت الطاعنة بأن المطعون عليه قد التحق بخدمتها من سنة 1917 بأجر يومي
وفصل من عمله أكثر من مرة للوفر ولما فصل في أول مايو سنة 1939 استلم مكافأته عن مدة
خدمته السابقة بمقتضى مخالصة ثم أعيد إلى العمل في ديسمبر سنة 1944 في وظيفة ملاحظ
خفراء وبقي بها إلى أن فصل آخر مرة في 10 من فبراير سنة 1953 لإلغاء الوظيفة التي كان
يشغلها، وأضافت إلى ذلك أن المكافأة التي يستحقها المطعون عليه عن مدة خدمته الأخيرة
وفق أحكام القانون هي 87 ج و384 م ولكن لما كانت اللائحة التي وضعتها الطاعنة وأقرتها
وزارة الشئون الاجتماعية ترتفع بهذه المكافأة إلى مبلغ 125 ج و531 م وكان المطعون عليه
فوق هذا يستحق أجر سبعة أيام مقابل مدة المهلة فقد عرضت على المطعون عليه مبلغ 131
ج و831 م فقبله مع احتفاظه بباقي طلباته، وبعد أن سمعت المحكمة الدعوى حكمت في 28 من
سبتمبر سنة 1953 بإلزام الطاعنة أن تدفع إلى المطعون عليه مبلغ 164 ج و880 م وأقامت
قضاءها على أن المخالصة الصادرة من المطعون عليه في سنة 1939 صريحة في براءة ذمة الطاعنة
من جميع ما كان للمطعون عليه من حقوق قبل تحريرها، وإلى أنه وإن كان المطعون عليه يتناول
أجره كل شهر إلا أن ذلك لا يخرجه من عمال المياومة وأن المكافأة ومقابل أجر المهلة
التي تستحق للمطعون عليه تقل عما قررته اللائحة التي وضعتها الطاعنة والتي قامت الأخيرة
بالوفاء بقيمتها للمطعون عليه أثناء نظر الدعوى، وانتهى الحكم إلى أن المادة 36 من
القانون قد أباحت لكل من طرفي عقد العمل غير محدد المدة فسخه بعد إنذار الطرف الآخر
في المواعيد التي حددتها، إلا أن المادة 39 قد نصت على أنه إذا لم يكن للفسخ ما يبرره
حق للمضرور في هذا الفسخ المطالبة بتعويض ما أصابه من ضرر، وأن المبرر الذي ذكرته الطاعنة
لفصل المطعون عليه وهو إلغاء وظيفته غير مقبول وفي مقدور الطاعنة عدم الالتجاء إليه
طالما أنها لم تغلق مصانعها أو لم تعد في حاجة إلى خفراء تحتاج مراقبتهم إلى ملاحظ
لهم – وقدر الحكم ما يستحق المطعون عليه من تعويض عن هذا الفصل بأجر نصف سنة مراعياً
من ذلك نوع العمل ومدة الخدمة – استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط
وقيد الاستئناف بجدولها برقم 48 سنة 29 ق.
وفي 22 من مارس سنة 1954 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وأقامت
المحكمة قضاءها على أسباب الحكم المستأنف وأضافت إليها أن المادة 40 من المرسوم بقانون
رقم 317/ 1952 وأوردت الحالات التي أباح القانون فيها لرب العمل فصل العامل دون سبق
إعلان ودون مكافأة أو تعويض على سبيل الحصر وليس من بينها فصل العامل للاستغناء عن
خدماته بسبب إلغاء وظيفته، وأنه لا وجه لما تمسكت به الطاعنة من أن فصل المطعون عليه
لهذا السبب يستند إلى اللائحة التي أصدرتها وصدقت عليها وزارة التجارة ومصلحة العمل
لأن تلك اللائحة صدرت في سنة 1843 وقد نسخت بقوانين عقد العمل الفردي الصادرة بعد ذلك،
وأن الطاعنة فصلت المطعون عليه في 10 من فبراير سنة 1953 وأخطرته كتابة بهذا الفصل
في 15 من فبراير سنة 1953 دون أن تقوم بإنذاره على ما يقضي به القانون ومن ثم تكون
مسئولة عن تعويض ما أصابه من ضرر – فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وبعد استيفاء
الإجراءات قدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص
الطعون في جلسة 26 من مارس سنة 1958 وفيها صممت النيابة على رأيها، وقررت دائرة الفحص
إحالة الطعون إلى هذه الدائرة لجلسة أول مايو سنة 1958، حيث أصرت النيابة على وجهة
نظرها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، يتحصل أولهما، في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة
القانون والخطأ في تأويله وتطبيقه، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم بني علي قول
حاصله أن المادة 40 من المرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952 ذكرت على سبيل الحصر الحالات
التي يجوز فيها لصاحب العمل فسخ العقد دون مكافأة أو تعويض – وأن الفصل بسبب إلغاء
الوظيفة ليس من الحالات التي أوردتها تلك المادة وأن الاستناد في فصل المطعون عليه
بسبب إلغاء الوظيفة إلى لائحة العمل التي وضعتها الطاعنة غير جائز لأن تلك اللائحة
قد نسختها قوانين عقد العمل الفردي التي صدرت بعد تلك اللائحة، وأن هذا الذي بني عليه
الحكم ينطوي على خلط بين الفصل الذي يترتب عليه حرمان العامل من المكافأة والتعويض
وبين حالة الدعوى، وجاء تطبيق المادة 40 سالفة الذكر في غير موضعها لأن القانون ميز
في فسخ عقد العمل بين ثلاث حالات لكل منها نتائجها المختلفة هي الفسخ مع استحقاق المكافأة
وحدها، والفسخ مع استحقاق المكافأة والتعويض والفسخ الذي يستتبع الحرمان من المكافأة
والتعويض معاً، وأن هذه الحالة الأخيرة هي التي عالجتها المادة 40 من المرسوم بقانون
رقم 317/ 1952 وأوردت الأسباب التي تبرر هذا النوع من الفسخ على سبيل الحصر – ولما
كان الفصل بسبب إلغاء الوظيفة وهو الحال في هذه الدعوى مما لا يندرج تحت إحدى الحالات
المبينة بالمادة 40 إذ أن النزاع في خصوصه كان يدور حول ما إذا كان هذا الفصل يعد عملاً
مشروعاً أو أنه فصل تعسفي، والأمر في ذلك محكوم بالقواعد العامة المقررة في القانون
المدني والقواعد التي أوردتها لائحة العمل التي وضعتها الطاعنة واعتمدتها مصلحة العمل
ووزارة التجارة في سنة 1943 أي في تاريخ سابق على آخر مرة التحق فيها المطعون عليه
بالعمل فقد نصت تلك اللائحة على حق الطاعنة في فسخ العقد لإلغاء الوظيفة وهذا النص
لا يتعارض مع نص المادة 40 من المرسوم بقانون 317/ 1952 لاختلاف مجال تطبيق كل منهما
ومن ثم يكون ما ذهب إليه الحكم من أن قانون عقد العمل الفردي قد نسخ ما أوردته اللائحة
في هذا الخصوص مخالف للقانون لأن حكم اللائحة لا يخالف أي نص من قانون عقد العمل الفردي
بل هو نص بديهي واجب التطبيق حتى ولو خلت اللائحة من ذكره لأن إلغاء الوظيفة ينطوي
على انتهاء العمل المنوط بالعمل فينعدم بذلك محل العقد، وأن مؤدى المادتين 694/ 2 و695/
2 من القانون المدني أن لرب العمل في العقد غير محدد المدة أن ينهي العقد بشرطين، أولهما
إخطار العامل بذلك في المدة التي حددها القانون، والثاني، ألا يكون استعماله لهذا الحق
استعمالاً غير مشروع، وأن الإخلال بالشرط الأول جزاؤه استحقاق العامل لأجره عن مدة
الإخطار وجزاء الإخلال بالشرط الثاني استحقاق العامل للتعويض، كل ذلك مع أحقية العامل
في المكافأة عن مدة الخدمة في الحالتين، والاستعمال غير المشروع لحق الفسخ في حكم المادة
695/ 2 مدني هو بعينه الفسخ بلا مبرر الذي نصت عليه المادة 39 من المرسوم بقانون 317/
52 وأن الفصل بسبب إلغاء الوظيفة لا يمكن أن يندرج تحت أية صورة من صور الفصل التعسفي
أو الفصل دون مبرر، كما أن مما تنعاه الطاعنة في السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه
أقام قضاءه فيما أقامه على أن إلغاء الوظيفة لا يصلح مبرراً للفصل وخلا الحكم الابتدائي
والحكم المطعون فيه من أي بيان عن إثبات الخطأ من جانب الطاعنة من أن عبء إثبات أن
الفصل حصل بطريق التعسف يقع على عاتق من يدعيه وكان على المحكمة أن تكلف المطعون عليه
بإثبات ما ادعاه في هذا الخصوص وإذ لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن المادة 39 من
المرسوم بقانون رقم 317/ 1952 تقضي بأنه إذا لم يكن لفسخ عقد العمل ما يبرره حق للمضرور
من هذا الفسخ المطالبة بتعويض ما أصابه من ضرر، وأن المبرر الذي ذكرته الطاعنة لفصل
المطعون عليه وهو إلغاء الوظيفة غير مقبول وكان في مقدور الطاعنة عدم الالتجاء إليه
طالما أنها لم تغلق مصانعها أو لم تعد في حاجة إلى خفراء تحتاج مراقبتهم إلى ملاحظ
لهم. كما أن الحكم المطعون فيه قد اخذ بأسباب الحكم الابتدائي وأضاف إليها أن المادة
40 من المرسوم بقانون رقم 317/ 1952 أوردت الحالات التي يباح فيها لرب العمل فصل العامل
دون سبق إعلان ودون مكافأة أو تعويض على سبيل الحصر وليس من بينها الفصل لإلغاء الوظيفة
– وأن استناد الطاعنة في تبرير حقها في فصل المطعون عليه لإلغاء الوظيفة إلى اللائحة
التي أصدرتها في سنة 1943 وصدقت عليها مصلحة العمل ووزارة التجارة مردود بأن هذه اللائحة
قد نسخت بصدور قوانين عقد العمل الفردي في سنة 1944 و1952 – وهذا الذي أقام الحكم المطعون
فيه قضاءه عليه مخالف للقانون – ذلك أن عقد العمل الفردي غير المحدد المدة عقد مؤقت
بطبيعته ومن ثم عني المشرع بتنظيم حالات فسخه فنص في المادة 36 من المرسوم بقانون رقم
317 لسنة 1952 على أنه "إذا كان العقد غير محدد المدة جاز لكل من الطرفين فسخه بعد
إعلان الطرف الآخر كتابة قبل الفسخ بثلاثين يوماً بالنسبة إلى العمال المعينين بأجر
شهري وسبعة أيام بالنسبة إلى العمال الآخرين فإذا فسخ العقد بغير مراعاة هذه المهلة
ألزم من فسخ العقد أن يؤدي إلى الطرف الآخر تعويضاً مساوياً لأجر العامل عن مدة المهلة
أو الجزء الباقي منها" كما نص في المادة 37 على أنه "إذا انتهت مدة عقد العمل المحدد
المدة أو كان الفصل صادراً من جانب صاحب العمل في العقد غير المحدد المدة وجب عليه
أن يؤدي إلى العامل مكافأة عن مدة خدمته …" ونص في المادة 39 على أنه "إذا فسخ العقد
بلا مبرر كان للطرف الذي أصابه ضرر من هذا الفسخ الحق في تعويض تقدره المحكمة مع مراعاة
نوع العمل ومقدار الضرر ومدة الخدمة والعرف الجاري بعد تحقيق ظروف الفسخ وذلك مع عدم
الإخلال بأحكام المادتين 36 و37" ثم أورد في المادة 40 الحالات التي يجوز فيها لصاحب
العمل فسخ العقد دون سبق إعلان العامل ودون مكافأة أو تعويض. كما أورد في المادة 41
الحالات التي يجوز فيها للعامل ترك العمل قبل نهاية العقد أو بدون سبق إعلان في العقد
غير المحدد المدة، ورتب في المادة 42 حق العامل في الحصول على المكافأة المنصوص عليها
في المادة 37 إذا ترك العمل في إحدى حالات المادة 41 ومؤدى هذه النصوص أن لرب العمل
أن ينهي عقد العمل غير محدد المدة بعد إخطار العامل في المهلة التي حددتها المادة 36،
وفي هذه الحالة لا يلزم رب العمل بغير المكافأة التي يستحقها العامل بالتطبيق لأحكام
المادة 37، فإذا لم يراع رب العمل تلك المهلة أو جزءاً منها قبل الفصل التزم بدفع أجر
مدة المهلة أو جزئها مع المكافأة. فإذا كان فسخ العقد بغير مبرر على حد تعبير المادة
39 أي كان فسخاً تعسفياً – على ما عبر به القانون المدني في المادة 695/ 2 التزم رب
العمل فوق المكافأة ومقابل أجر مدة المهلة بتعويض العامل عن هذا الفصل التعسفي، ويكون
على العامل في هذه الحالة عبء إثبات أن الفسخ حصل بطريق التعسف أما إذا كان ذلك الفسخ
راجعاً إلى حالة من الحالات التي أوردتها المادة 40 على سبيل الحصر فإن رب العمل يكون
في حل من فسخ العقد دون سبق إخطار العامل ولا يكون لهذا الأخير أي حق في أجر مهلة الإخطار
ولا في المكافأة عن مدة الخدمة ولا في التعويض عن الفصل – لما كان ذلك وكانت الطاعنة
قد فصلت المطعون عليه مستندة إلى إلغاء وظيفته وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم
المطعون فيه قد اعتبر أن مبرر الفصل على هذه الصورة غير مقبول طالما أن الطاعنة لم
تغلق مصانعها أو أنها لم تعد في حاجة إلى خفراء تحتاج مراقبتهم إلى ملاحظ لهم – وكان
الحكم المطعون فيه قد قرر أن الفصل لإلغاء الوظيفة لا يندرج تحت أية حالة من الحالات
التي نصت عليها المادة 40 من المرسوم بقانون 317/ 1952 ورتب على ذلك أن فصل المطعون
عليه لهذا السبب هو فصل تعسفي يستحق من أجله التعويض – ولم يتعرض أي الحكمين لما أثاره
المطعون عليه في دفاعه أمام محكمة أول درجة من أن الدليل على أن فصله من عمله فصل تعسفي
أن الطاعنة شغلت الوظيفة التي كان يشغلها بغيره بعد فصله منها وهو ما أنكرته الطاعنة
– لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون كما شابه قصور لأن الفصل
في غير الحالات التي أوردتها المادة 40 من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952 لا يدل بمجرده
على أنه فصل تعسفي تنطبق عليه المادة 39 من المرسوم بقانون سالف الذكر والمادة 695/
2 مدني، بل يجب أن يقوم الدليل على عدم صحة المبرر الذي استند إليه رب العمل في فسخ
العقد وأن يثبت أن الفصل كان تعسفياً ويلتزم من يدعي حصول التعسف بإثباته. وإذا كان
الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا النظر فإنه يكون متعين النقض دون حاجة لبحث ما أثارته
الطاعنة في السبب الثاني من قصور الحكم في خصوص تحقق الضرر.
