طعن رقم 41 سنة 24 ق – جلسة 13 /03 /1958
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 9 – صـ 187
جلسة 13 من مارس سنة 1958
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.
طعن رقم 41 سنة 24 ق
( أ ) تقادم مسقط "انقطاعه". صورية. انقطاع تقادم الدين الثابت
بسند تنفيذي. دعوى الصورية التي يرفعها الدائن بصورية عقد بيع صادر من مدين لآخر. لا
تعتبر قاطعة للتقادم وعدم دفعها لا يعتبر إقراراً ضمنياً قاطعاً للتقادم.
(ب) تقادم مسقط "انقطاعه". المطالبة القضائية التي تقطع التقادم. م 82 مدني قديم و383
مدني جديد.
(ج) تقادم مسقط "انقطاعه". الغاية مما ورد في المادة 383 مدني جديد من أن أي عمل يقوم
به الدائن التمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى يعتبر قاطعاً للتقادم م 152 و153
مرافعات.
1 – لا ينقطع تقادم الدين الثابت بسند تنفيذي – سواء في ظل القانون المدني القديم أو
بالتطبيق للمادة 383 من التقنين المدني الجديد – إلا بالتنبيه الذي يصدر من الدائن
الذي بيده السند التنفيذي لمدينه أو بالحجز عليه أو بالإقرار الذي يصدر من المدين بحق
الدائن صريحاً كان ذلك الإقرار أو ضمنياً. ومن ثم فإن ادعاء ذلك الدائن بصورية عقد
بيع صادر من مدينه لآخر ورفعه دعوى بطلب الحكم بهذه الصورية والقضاء بذلك لا يعتبر
من الأعمال القاطعة للتقادم بحسب القانون، ولا يشفع في اعتبار دعوى الصورية قاطعة للتقادم
القول بأنها ليست من قبيل الإجراءات التحفظية وأنها أقوى منها لأنها إنما تمهد للتنفيذ
ذلك لأن دعوى الصورية شأنها كشأن باقي الدعاوى والطرق التي قررها الشارع في التقنين
المدني للمحافظة على الضمان العام للدائنين ولا صلة لها بالطرق التنفيذية التي تكفل
بيانها قانون المرافعات ولا يمكن اعتبارها – مع التسليم بأنها تمهد للتنفيذ – بمثابة
التنبيه القاطع للتقادم وهو ذلك التنبيه الذي نص عليه قانون المرافعات واعتبره من مقدمات
التنفيذ. ونتيجة لما تقدم فإن عدم دفع تلك الدعوى لا يمكن اعتباره إقراراً ضمنياً قاطعاً
للتقادم.
2 – المطالبة القضائية التي تقطع التقادم – طبقاً لنص المادة 82 مدني قديم والمادة
383 مدني جديد على حد سواء – هي مطالبة الدائن المدين بحقه أمام القضاء أي بإقامة دعوى
بحقه إذا لم يكن ثمت سند تنفيذي بيده. فإذا كان بيد الدائن سند تنفيذي فلا حاجة به
للمطالبة القضائية.
3 – لم يستحدث المشرع بالمادة 383 من التقنين المدني حكماً جديداً وإنما قنن ما استقر
عليه القضاء في شأن الأعمال القاطعة للتقادم وغايته من قوله "إن أي عمل يقوم به الدائن
للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى يعتبر قاطعة للتقادم" أن تشمل الأعمال القاطعة
للتقادم الطلبات العارضة المقدمة من الدائن إذا كان مدعى عليه وذلك بالتطبيق للمادة
152 مرافعات، وتدخله في دعوى سبق رفعها بالتطبيق للمادة 153 مرافعات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – في أن
الطاعن أقام الدعوى 2424 سنة 1950 كلي القاهرة على المطعون عليه بصحيفة معلنة في 10/
8/ 1950. وطلب فيها الحكم بسقوط أثر الحكم الصادر من محكمة جنايات أسيوط بتاريخ 21/
7/ 1929 – في الجناية رقم 34 لسنة 1927 أسيوط لمضي أكثر من خمسة عشر عاماً منذ صدوره
دون تنفيذه، وقال شرحاً لها إنه بتاريخ 14/ 5/ 1950 نفذ مجلس بلدي أسيوط وملوي الحكم
المشار إليه بالحجز على المنقولات الكائنة بمسكنه وفاء لمبلغ 27064 جنيهاً و285 مليماً
وحدد يوم 13/ 6/ 1950 لبيع المحجوزات، ونظراً لأن الحكم سالف الذكر قد سقط بمضي المدة
الطويلة لمرور أكثر من 15 سنة على تاريخ صدوره دون تنفيذه قبل انقضاء هذه المدة. فقد
استشكل في تنفيذ هذا الحكم أمام القضاء المستعجل في القضية رقم 1708 لسنة 1950 مستعجل
مصر – فقضى فيها بتاريخ 5/ 8/ 1950 بقبول الإشكال وبوقف إجراءات البيع حتى يفصل نهائياً
في موضوع النزاع الخاص بسقوط أثر الحكم بمضي المدة الطويلة – فرفع الدعوى المذكورة
"خلال الأجل الذي حدده القضاء المستعجل" بالطلبات السالف إيرادها – ويبين مما أورده
الحكم الابتدائي – الصادر بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1952 من محكمة القاهرة الابتدائية
– في هذه الدعوى – أن المطعون عليه دفعها بالقول بأنه بعد أن أصدرت محكمة جنايات أسيوط
حكمها المنوه عنه – تعذر تنفيذه لعدم وجود شيء يملكه الطاعن إلى أن أثبتت التحريات
الإدارية أنه يملك قطعتي أرض إحداهما بالجيزة والأخرى بمنشية البكري وأنه تصرفي فيهما
بالبيع لمن يدعى أحمد صديق – وأن أحمد صديق قد أقام من جانبه الدعوى رقم 399 لسنة 1928
كلي القاهرة بطلب تثبيت ملكيته للأرض الكائنة بالدقي – فرفع المطعون عليه الدعويين
رقمي 957 لسنة 1929 كلي القاهرة و1475 لسنة 1933 كلي القاهرة، وفي أولاهما يطلب الحكم
بصورية البيع الصادر من الطاعن لأحمد صديق عن أرض الدقي – وفي ثانيتهما يطلب الحكم
بإبطال عقد البيع الخاص بقطعة الأرض الكائنة بمنشية البكري. وقد ضمت هذه الدعاوى الثلاث
وقضى فيها برفض دعوى أحمد صديق – وبصورية العقدين الصادرين من الطاعن لأحمد صديق عن
قطعتي الأرض المشار إليهما، وهما العقدان المؤرخان 14 من مايو سنة 1927 والمسجلان في
16 من مايو سنة 1927- ، واعتبارهما كأن لم يكونا – وقد تأيد هذا الحكم استئنافياً من
محكمة استئناف القاهرة في 20/ 6/ 1935 وأنه بتاريخ 20 من يوليو سنة 1948 أراد المطعون
عليه تنفيذ حكم محكمة الجنايات المنوه عنه – فحرر المحضر في ذلك اليوم محضر عدم وجود
– وأخيراً وقع بتاريخ 14/ 5/ 1950 حجزاً تنفيذياً على منقولات الطاعن – فاستشكل في
التنفيذ وقضى بإيقاف البيع – وقام دفاع المدعى عليه على أن رفع دعوى الصورية – والحكم
الصادر فيها – ومحضر عدم الوجود من شأن كل منها قطع مدة التقادم.
وبتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1952 – أصدرت محكمة القاهرة الابتدائية حكمها في الدعوى قاضياً
بسقوط أثر الحكم الصادر من محكمة جنايات أسيوط فيما يختص بالحقوق المدنية المحكوم بها
على الطاعن للمطعون عليه لمضي أكثر من خمس عشرة سنة من تاريخ صدوره دون اتخاذ أي إجراء
تنفيذي قاطع لمدة التقادم – مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات، 300 قرش مقابل أتعاب
المحاماة ورفضت ما عد ذلك من الطلبات.
وبتاريخ 21/ 1/ 1953 استأنف المطعون عليه هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف
رقم 52 لسنة 70 ق – قضت محكمة الاستئناف – في 39 من نوفمبر سنة 1953 بقبول الاستئناف
شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى (الطاعن) وإلزامه بالمصاريف عن
الدرجتين وبعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عنهما.
وبتاريخ 13 من فبراير سنة 1954 – قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم – وبعد انقضاء
المواعيد المحددة للخصوم قدمت النيابة مذكرة برأيها – طلبت فيها من دائرة فحص الطعون
إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية لأن الحكم المطعون
فيه مرجح نقضه. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17 من ديسمبر سنة 1957 – وصممت
النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وطلبت الإحالة – وقررت دائرة الفحص بتلك الجلسة
إحالة الطعن إلى هذه الدائرة بجلسة 30 من يناير سنة 1958 – وفيها طلبت النيابة نقض
الحكم المطعون فيه.
وحيث إن المطعون عليه دفع بعدم قبول الطعن شكلاً – تأسيساً على أن إعلانه بالطعن بالنقض
وقع باطلاً ذلك أنه كان يتعين – إعمالاً لحكم المادة 14 مرافعات (المعدلة بالقانون
57 لسنة 1950) تسليم صورة الإعلان إلى مأمورية قضايا الحكومة بأسيوط التي أنشئت تنفيذاً
للمادة 3 من القانون رقم 113 لسنة 1946 وتحدد اختصاصها بالاختصاص المحلي لمحكمة استئناف
أسيوط التي يقع ضمن دائرتها موطن المجلس البلدي لكل من أسيوط وملوي (المطعون عليه)
ويترتب على ذلك أن تكون مأمورية القضايا بأسيوط هي التي تكون مختصة قانوناً باستلام
صورة إعلان الطعن – دون الإدارة العامة لقضايا الحكومة التي سلمت إليها صورة إعلان
الطعن بالنقض.
وحيث إن هذا الدفع مردود – ذلك أن الفقرة الثالثة من المادة 14 من قانون المرافعات
المعدلة بالقانون رقم 57 لسنة 1950 نصت على أن صورة الإعلان فيما يتعلق بالأشخاص العامة
تسلم للنائب عنها قانوناً فيما عدا صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام. فتسلم الصورة
إلى إدارة قضايا الحكومة أو مأمورياتها بالأقاليم حسب الاختصاص المحلي لكل منها. ومؤدى
هذا النص أن إعلان صحيفة الطعن بالنقض إلى إدارة قضايا الحكومة بالقاهرة وتسليم صورة
الإعلان لها يكون صحيحاً ويتعين لذلك رفض الدفع.
وبما أن الطعن بالنقض قد استوفى أوضاعه الشكلية، فيكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون
وللثابت في الأوراق. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه من الوقائع الثابتة أنه كان سكرتيراً
لمجلس محلي ملوي ثم أسيوط واتهم بأنه استولى على مال من هذين المجلسين في سنة 1927.
وبعد أن حقق معه قدم مع آخرين لمحكمة جنايات أسيوط فحكمت عليه هذه المحكمة بالعقوبة
وبالتعويض للمجلسين البلديين في 21/ 7/ 1929 – ولم يعلم الطاعن بسعي المطعون عليه لتنفيذ
هذا الحكم إلا بعد أن أعلنته زوجته السيدة سنية محمد توفيق بدعواها التي علم منها أن
المطعون عليه قد وقع حجزاً بهذا الحكم في 14/ 5/ 1950 على منقولاتها الخاصة فتقدم للقضاء
المستعجل بأشكال في تنفيذ هذا الحكم لسقوطه بمضي المدة الطويلة – فقضى فيها بوقف إجراءات
التنفيذ وأشارت المحكمة إلى أنه في تاريخ 20/ 6/ 1948 حرر محضر عدم وجود قررت فيه من
تدعى فاطمة محمد حسنين أن الطاعن لا يقيم في المنزل الذي أريد الحجز فيه عليه وأنه
لا يملك فيه أي منقولات – وذكر الطاعن أنه إذا كان دين المجلس قد ابتدأ في سنة 1927
فإن مدة التقادم تبدأ في السريان من هذا التاريخ أما مدة تقادم الحكم الصادر في 21/
7/ 1929 بالمديونية وهي خمس عشرة سنة فيبدأ سريانها من يوم صدوره – وما لم ينفذ هذا
الحكم في خلال هذه المدة فإن أثره ينعدم وتزول الميزة القانونية الناتجة عن صدوره –
وكل ما يطلب من المدين هو أن يثبت أن الحكم لم يجر تنفيذه طوال مدة التقادم – وانه
كان من الثابت أن دعوى الصورية التي أقامها المطعون عليه ضد الطاعن وأحمد صديق كانت
قد رفعت قبل أن يصدر حكم المديونية في 21/ 3/ 1929. فإن هذه الدعوى لا يمكن أن تقطع
مدة التقادم بالنسبة لهذا الحكم – إذ أن العمل الذي يقطع المدة هو الذي يأتي بعد نشوء
الحق المطالب به – هذا إلى التقادم لا ينقطع إلا بعمل من أعمال التنفيذ المنصوص عليها
قانوناً – وليست دعوى الصورية أو الحكم الصادر فيها من أعمال التنفيذ – والقول بخلاف
ذلك ليس مما يتفق مع قواعد القانون التي تفرق بين ما يقطع مدة التقادم بالنسبة للحق
وما يقطعه بالنسبة للحكم الصادر عن هذا الحق – وقد أوضح الطاعن في التمهيد لهذا السبب
من أسباب النعي على الحكم المطعون فيه أن العمل القاطع للتقادم – لا بد أن يكون ناشئاً
من إجراء قانوني مباشر من الدائن للمدين خاصاً بالمطالبة بالدين وأنه لكي تكون المطالبة
القضائية قاطعة للتقادم يتعين أن يوضح الدائن بطريقة قاطعة تأييد حقه ضد من يسري التقادم
لمصلحته – وأن كل الإجراءات الوقتية والأعمال التحفظية التي لا تتخذ بطريقة حالة محققة
لا ينبني عليها قطع التقادم – ثم أردف الطاعن عباراته هذه بالقول بأن محكمة الاستئناف
أهدرت في حكمها المطعون فيه كل هذه المبادئ القانونية.
وحيث إن هذا النعي على أساس – ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن محكمة
الاستئناف أقامت قضاءها برفض دعوى الطاعن على ما ذكرته في أسباب حكمها من أنها: "ترى
للفصل في هذا النزاع بحث ما إذا كانت الدعوى رقم 957 لسنة 1929 كلي مصر والدعوى رقم
1475 لسنة 1933 كلي مصر المرفوعتين من مجلس محلي أسيوط وملوي ضد أحمد صديق وعلي أفندي
مراد بصفته قيماً على عبد العاطى محمد قاطعتين للمدة أم لا. وقد طلب في الأولى الحكم
باعتبار العقد المؤرخ 14/ 5/ 1927 المسجل في 16/ 5/ 1927 صورياً واحتياطياً الحكم بإبطاله
باعتباره حاصلاً إضراراً بالحكومة، وطلب في الثانية الحكم بإبطال عقد البيع الخاص بالقطعة
الثانية الكائنة بمنشية البكري والمؤرخ 16/ 5/ 1927 باعتباره صورياً وأنه كأن لم يكن
واحتياطياً بإبطال العقد المذكور لحصوله إضراراً بالحكومة – وقد قضى في هاتين الدعويين
وفي دعوى أحمد صديق ضد مديرية أسيوط ومجلس محلي ملوي وأسيوط وعبد العاطى محمد (399
سنة 1928 كلي مصر) وقد ضمت هذه القضايا وفصل فيها بحكم واحد بتاريخ 26/ 11/ 1932 برفض
الدعوى الأخيرة وبصورية العقدين الصادرين من عبد العاطي محمد إلى أحمد صديق واعتبارهما
كأن لم يكونا إلى آخر الحكم، وذكرت المحكمة أنها وقد أخذت بنظرية الصورية فلا محل بعد
ذلك للبحث في نظرية إبطال التصرفات، وقد تأيد هذا الحكم استئنافياً بتاريخ 20/ 6/ 1935
ثم قالت المحكمة: وحيث إن هذه المحكمة ترى الأخذ بالرأي القائل بالتوسع في معنى المطالبة
التي يترتب عليها قطع التقادم بمعنى أن أية مطالبة أمام القضاء يترتب عليها انقطاع
التقادم متى تبين أنها مظهرة لنية صاحب الحق في التمسك بحقه المهدد بالسقوط (يراجع
في هذا الصدد داللوز التعليقات الجديدة على المادة 2244 فرنسي بند ص 882) من الجزء
الرابع من طبعة سنة 1907 وقد جاء به:
"وإنه لا محل للقول بأنه يشترط للمطالبة التي تقطع التقادم أن تكون مترتبة وواقعة على
نفس الحق الذي يسري عليه التقادم لأن المشرع أراد أن يرتب هذا الأثر على أية مطالبة
أمام القضاء تكون مناقضة لسريان ذلك التقادم ومظهره لنية صاحب الحق في تمسكه بحقه المهدد
بالسقوط وإصراره على الوصول إليه (حكم محكمة مصر الابتدائية في 9/ 12/ 1926 محاماة
السنة 7 رقم 351 ص 503…" وليس أصرح في إظهار نية المستأنف (مجلس محلي أسيوط وملوي)
من رفع الدعويين 957 لسنة 1929، 1475 لسنة 1933 كلي مصر وتمسكه بصورية العقدين الصادرين
من المستأنف عليه (الطاعن) وطلب إبطال التصرف الحاصل منه مما يدل على إصرار المستأنف
على اقتضاء حقوقه وتمسكه بها ورفع الدعويين المشار إليهما هي وسيلة قانونية لاستخلاص
الدين والوفاء به – وقد كان المستأنف عليه خصماً في الدعويين طيلة مرحلة التقاضي فهذه
المطالبة القضائية لا شك في أنها تقطع التقادم كما أن عدم دفع المستأنف عليه لهاتين
الدعويين وعدم إنكاره الدين يعتبر إقراراً ضمنياً لقطع التقادم مثل الإقرار الصريح
– وقد نصت المادة 383 مدني جديد على أن ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت
الدعوى إلى محكمة غير مختصة وبالتنبيه والحجز وبالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه
في تفليس أو توزيع وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى،
كما نصت المادة 284 فقرة أولى مدني جديد على أن ينقطع التقادم إذا أقر المدين بحق الدائن
إقراراً صريحاً أو ضمنياً".
"وحيث إنه فيما يتعلق بالقول بأن الدعويين المرفوعتين من المستأنف من قبيل الإجراءات
التحفظية فهذه المحكمة لا تراهما كذلك فهما خاصتان بأعمال أقوى من الأعمال التحفظية
وهما تمهدان للتنفيذ على المستأنف عليه (الدكتور السنهوري الموجز في الالتزامات ص 458
بند 455".
"وحيث إنه يتضح من مجموع ما تقدم أن الدعويين المشار إليهما قاطعتان للتقادم وقد تأيد
الحكم الصادر فيهما استئنافياً في 20/ 6/ 1935. ولما كان مدة التقادم لم تكتمل حتى
15/ 10/ 1949 تاريخ العمل بالقانون المدني الجديد فإنه طبقاً للمادة السابعة منه تسري
النصوص الجديدة المتعلقة بالتقادم من وقت العمل بها على كل تقادم لم يكتمل – ولما كانت
المادة الثالثة من ذلك القانون تقضي باحتساب المواعيد بالتقويم الميلادي فتكون نهاية
مدة التقادم في 20/ 6/ 1950 – ولما كان من المسلم به حصول تنفيذ في 14/ 5/ 1950 كان
من أثره أن أقام المستأنف عليه إشكالاً أمام القضاء المستعجل كان محدداً لنظره جلسة
5/ 6/ 1950 – وهذه الإجراءات تقع جميعها قبل نهاية تكامل التقادم فيكون الحكم الصادر
ضد المستأنف عليه من محكمة جنايات أسيوط في 27/ 7/ 1929 في القضية رقم 24 سنة 1927
سايرة أسيوط، 14 سنة 1929 سايرة ملوي قائماً منتجاً لآثاره ولا محل والحالة هذه لبحث
أثر التنفيذ ضد الشركاء والآخرين ونظرية النيابة المتبادلة ويتعين إلغاء الحكم المستأنف.
وحيث إنه يبين من الحكم أن محكمة الاستئناف لم تؤسس حكمها على ما صرحت به في الأسباب
إلا على أساس واحد قررت فيه أن دعوى الصورية التي أقامها المطعون عليه ضد الطاعن وأحمد
صديق تعتبر قاطعة للتقادم – وأن عدم دفع هذه الدعوى يعتبر إقراراً ضمنياً من الطاعن
– قاطعاً هو الآخر للتقادم.
ومن حيث إن هذا الذي أقامت عليه محكمة الاستئناف قضاءها مخالف للقانون – ذلك أن دعوى
الطاعن – كما هو ثابت من الوقائع موضوعها طلب الحكم بسقوط أثر الحكم الصادر في 21/
7/ 1929 لمضي أكثر من خمس عشرة سنة دون أن يتخذ بموجبه إجراء تنفيذي، وأن تقادم الدين
الثابت بسند تنفيذي لا ينقطع سواء في ظل القانون المدني القديم أو بالتطبيق للمادة
383 من التقنين المدني الجديد إلا بالتنبيه الذي يصدر من الدائن الذي بيده السند التنفيذي
لمدينه – أو بالحجز عليه أو بالإقرار الذي يصدر من المدين بحق الدائن صريحاً كان ذلك
الإقرار أو ضمنياً – وإذ كان ذلك وكان الادعاء بصورية عقدي البيع الصادرين من الطاعن
لأحمد صديق وإقامة الدعوى من المطعون عليه بطلب الحكم بهذه الصورية والقضاء بذلك لا
يعتبر من الأعمال القاطعة للتقادم بحسب القانون – فإن تأسيس الحكم المطعون فيه قضاءه
في هذا الخصوص على خلاف هذا النظر يكون مخالفاً للقانون ولا يدفع هذه المخالفة ما ذهب
إليه ذلك الحكم من أن دفع الدعوى بالصورية يعتبر مطالبة قضائية قاطعة للتقادم – والقول
من جانبه تأييداً لهذا النظر أنه يرى الأخذ بالرأي القائل بالتوسع في معنى المطالبة
فيترتب القطع على أية مطالبة قضائية متى تبين أنها مظهرة لنية صاحب الحق في التمسك
بحقه المهدد بالسقوط والتنويه في هذا الخصوص بما ورد في المادة 383 من التقنين المدني
الجديد من اعتبار أي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى –
قاطعاً للتقادم والاستناد إلى ذلك في انطواء دعوى الصورية في مدلولها، ذلك أن المطالبة
القضائية التي تقطع التقادم – طبقاً لنص المادة 82 من القانون المدني القديم والمادة
383 من التقنين المدني الجديد – على حد سواء – هي مطالبة الدائن المدين بحقه أمام القضاء
أي بإقامة دعوى بحقه – من القول بالتوسع في معنى المطالبة – ولا جدوى منه – إذ الواقع
الثابت في هذه الدعوى هو أن بيد الدائن سنداً تنفيذياً فلا حاجة به للمطالبة القضائية
ولا جدوى كذلك من القول بأن دعوى الصورية – هي واحدة من الدعاوى التي يتمسك فيها الدائن
بحقه أثناء سيرها – وأنها بذلك تكون قاطعة للتقادم ذلك أن المشرع لم يستحدث بالمادة
383 من التقنين المدني حكماً جديداً وإنما قنن ما استقر عليه القضاء في شأن الأعمال
القاطعة للتقادم – وغايته من قوله: "إن أي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير
في إحدى الدعاوى يعتبر قاطعاً للتقادم" أن تشمل الأعمال القاطعة للتقادم للطلبات العارضة
المقدمة من الدائن إذا كان مدعى عليه وذلك بالتطبيق للمادة 152 مرافعات – وتدخله في
دعوى سبق رفعها – بالتطبيق للمادة 153 مرافعات. ولا يشفع للحكم المطعون فيه ما قرره
– تدعيماً لوجهة نظره – من أن دعوى الصورية ليست من قبيل الإجراءات التحفظية وأنها
أقوى منها لأنها إنما تمهد للتنفيذ – ذلك أن دعوى الصورية شأنها كشأن باقي الدعاوى
والطرق التي قررها الشارع في التقنين المدني – للمحافظة على الضمان العام للدائنين
– ولا صلة لها بالطرق التنفيذية التي تكفل ببيانها قانون المرافعات ولا يمكن اعتبارها
– مع التسليم بأنها تمهد للتنفيذ بمثابة التنبيه القاطع للتقادم – وهو ذلك التنبيه
الذي نص عليه قانون المرافعات واعتبره من مقدمات التنفيذ. وإذ كان ذلك وكان النظر القانوني
السليم – على ما سبق بيانه – هو اعتبار دعويي الصورية المقامتين من المطعون عليه ضد
الطاعن وأحمد صديق غير قاطعتين للتقادم – فإن عدم دفع هاتين الدعويين لا يمكن اعتباره
– بالتالي ونتيجة لما تقدم – إقراراً ضمنياً قاطعاً للتقادم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
