الطعن رقم 1248 لسنة 45 ق – جلسة 30 /11 /1975
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة 26 – صـ 792
جلسة 30 من نوفمبر سنة 1975
برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مصطفى الأسيوطي، وعادل مرزوق، ويعيش رشدي، ومحمد وهبه.
الطعن رقم 1248 لسنة 45 القضائية
(1 – 5) تعد. "على موظفين عموميين". سرقة. جريمة. "أركانها". حكم.
"تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". تقادم. ارتباط. قانون. "تفسيره".
نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرر (أ) عقوبات قوامه: انتواء
الجاني الحصول من الموظف المعتدي عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له
أن يؤديه أو أن يمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه. يستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد
أثناء قيام الموظف بعمله أو في غير فترة قيامه به لمنعه من أدائه في وقت لاحق.
لمحكمة الموضوع تكوين عقيدتها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن إليه. طالما كان
له مأخذه الصحيح من الأوراق. مثال.
عدم التزام محكمة الموضوع بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
إحالة الحكم في بيان بعض أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا عيب
طالما كانت أقوالهم جميعاً متفقة فيما استند إليه الحكم منها.
خطأ الحكم في تحديد تاريخ الواقعة. لا يؤثر في سلامته طالما أنه لا يتصل بحكم القانون
فيها. وما دامت الدعوى الجنائية لم تنقضي بمضي المدة.
تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات. مناطه: وحدة الغرض وعدم القابلية للتجزئة.
1 – من المقرر أن الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرر (أ) من
قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي
العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدي عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي
عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه،
وأن الشارع قد أطلق حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد
مع الموظف العام أو الشخص المكلف بخدمة عامة متى كانت غايته من الاعتداء أو التهديد
حمل الموظف أو المكلف بالخدمة العامة على قضاء أمر غير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف
به، يستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي
في تنفيذه أو في غير فترة قيامه به لمنعه من أدائه في المستقبل. لما كان ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه بعد أن أورد من وقائع الاعتداء الحاصلة من الطاعنين ما يكفي لتوافر
الركن المادي للجناية المذكورة، قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن نية
الطاعنين مما وقع منهما من أفعال مادية قد انصرفت إلى منع رجال الشرطة المجني عليهم
من أداء عمل من أعمال وظيفتهم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أثبت قيام الركن الأدبي
للجناية التي دان الطاعنين بها – بعنصريه العام والخاص.
2 – إذا كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة
وأورد على ثبوتها في حق الطاعنين أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، فلا
يضيره أن يكون من بين هذه الأدلة أقوال شاهدين في التحقيقات لم يدرجا في قائمة الشهود
ما دامت هذه التحقيقات كانت مطروحة بكل ما ورد فيها على بساط البحث في الجلسة كعنصر
من عناصر الإثبات في الدعوى، وكان للدفاع أن يناقش تلك الأقوال بما شاء وأن يتمسك بضرورة
حضور الشاهدين المذكورين لسماعهما أو بتلاوة أقوالهما إذا هو كان قد رأى لزوماً لذلك،
وما دام أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة
من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق. ولا على الحكم
إن هو استدل على توافر القصد الجنائي الخاص لدى الطاعنين بالواقعة الواردة بالأقوال
سالفة الذكر، بالإضافة إلى علمهما، الذي استخلصه من أقوال الشهود، بصدور أمر النيابة
العامة بضبطهما وإحضارهما لاستكمال التحقيق، ما دام أن هذا الأمر قد صدر بالفعل نتيجة
للواقعة المذكورة وهي رفضهما التوجه إلى الشرطة لسؤالهما في الشكوى المقدمة ضدهما.
3 – الأصل أن محكمة الموضوع لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم
عليه قضاءها، لما كان ذلك، فإن في عدم تعرض المحكمة للشهادة التي أدلى بها أحد شهود
الإثبات ما يفيد إطراحها لها اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي عولت عليها في حكمها.
4 – لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال بعض الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر
ما دامت أقوالهم جميعاً متفقة فيما استند إليه الحكم منها، وهو ما لا يماري فيه الطاعنان.
لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم عن المعاينة من أن
الحجارة شوهدت بالسلم وبالمنور – حيث وقع الحادث وفقاً لتصوير الحكم – في وضع دال على
أنها ألقيت عمداً، له سنده من معاينة المنزل من الداخل، أما الحجارة التي لم يمكن معرفة
ما إذا كان وجودها نتيجة الهدم أم الإلقاء فهي التي شوهدت خارج المنزل في الطريق فإن
النعي عليه في هذا الخصوص لا يكون له محل.
5 – لما كان ما يثيره الطاعن الثاني بشأن التاريخ الذي وقعت فيه جريمة السرقة، وما
يرتبه على ذلك من قيام الارتباط بين الجريمتين اللتين دين بهما، مردوداً. (أولاً) بأن
خطأ الحكم في تحديد تاريخ الواقعة لا يؤثر في سلامته طالما أن هذا التاريخ لا يتصل
بحكم القانون فيها وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة،
ومردوداً. (ثانياً) بأن تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات يتطلب
توافر شرطين (أولهما) وحدة الغرض. (والثاني) عدم القابلية للتجزئة، وإذ كان الحكم المطعون
فيه قد بين واقعة الدعوى بما ينفي توافر هذين الشرطين فإنه لا يكون ثمة محل لإثارة
الارتباط.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من …… (طاعن)، ……… (طاعن)، …… بأنهم في يوم 12 مايو سنة 1972 بدائرة مركز إسنا محافظة قنا. المتهمون الثلاثة – استعملوا القوة والتهديد مع النقيب………. وزملائه ضباط شرطة مركز إسنا وذلك بأن قذفوهم بالحجارة على النحو المبين بالأوراق لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم بضبط وإحضار المتهمين الأول والثاني ولم يبلغوا بذلك قصدهم – المتهمان الأول والثاني أيضاً – سرقوا الأخشاب المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لـ…… و…… من مسكنهما بواسطة الكسر في الخارج، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادتين 137/ 1 مكرر/ 2 و316/ 2 مكرر من قانون العقوبات. فقرر ذلك، ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام (أولاً) بمعاقبة كل من…… و……… بالسجن لمدة ثلاث سنوات عن التهمة الأولى المسندة إليهما. (ثانياً) بمعاقبة…… بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة شهور عن التهمة الثانية المسندة إليه، (ثالثاً) ببراءة المتهم الثالث مما أسند إليه، (رابعاً) ببراءة المتهم الأول من التهمة الثانية المسندة إليه. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان المحكوم عليهما
(الطاعنين) بجريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عامين لحملهم بغير حق على الامتناع
عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم ودان الطاعن الثاني أيضاً بجريمة سرقة قد شابه قصور في
التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون،
ذلك بأنه – في الشق الخاص بالجريمة الأولى – لم يستظهر القصد الجنائي الخاص، فضلاً
عن تخلف الركن المادي الذي يلزم لتوافره مضي فترة زمنية بين الفعل وبين النتيجة. وأورد
ضمن أدلة الثبوت أقوال شرطي وعريف سريين في التحقيقات مع أنهما لم يدرجا في قائمة الشهود
ولم تكن أقوالهما قد نوقشت أو تليت في الجلسة، وقد استدل بها على علم الطاعنين بصدور
أمر النيابة العامة بضبطهما حالة أن هذه الأقوال انصبت على واقعة سابقة على صدور أمر
الضبط. كما أسقط الحكم شهادة الشاهد السادس من شهود القائمة التي أدلى بها بجلسة المحاكمة
بما ينفي ركني الجريمة الأولى رغم تمسك الدفاع بها. وأحال في بيان أقوال بعض الشهود
إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول. ونقل عن المعاينة أن الحجارة شوهدت في وضع دال
على أنها ألقيت عمداً في حين أن الثابت بالمعاينة أنه من غير المستطاع معرفة ما إذا
كان وجود هذه الحجارة نتيجة الهدم أو الإلقاء. كما وأن الحكم – في الشق الخاص بالجريمة
الأخرى – أثبت تاريخاً لها لم تحدث فيه، وبفرض وقوعها فيه – وهو التاريخ ذاته الذي
وقعت فيه الجريمة الأولى – فإن الجريمتين تكونان مرتبطتين ارتباطاً لا يقبل التجزئة
مما كان يستوجب أعمال حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات في حق الطاعن
الثاني.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعنين تعرضا لحيازة مالكي
منزل ببندر إسنا فضبطت عن ذلك شكوى إدارية أصدرت النيابة العامة فيها أمراً بتاريخ
14 من مايو سنة 1967 بمنع تعرضهما ونفذ هذا الأمر بالفعل، ثم صدر قراراً من جهة التنظيم
بهدم المنزل لأيلولته للسقوط وإذ تغافل المالكان عن تنفيذه فقد حكم عليهما بالغرامة
وتنفيذ قرار الهدم مما اضطرهما إلى إخلاء المنزل وغلقه بالأقفال واستمر الحال كذلك
حتى يوم 10 من مايو سنة 1972 حيث ذهب الطاعن الثاني واقتحم المنزل بعد أن فتح بابه
عنوة وكسر أقفاله ونزع بعض أبوابه ونوافذه الخشبية وقام ببيعها لتاجر أخشاب واستمر
في هدم الحوائط ونزع الأبواب والنوافذ مما دعا زوج إحدى المالكين ووكيلها إلى التقدم
بشكوى ضد الطاعنين إلى مركز إسنا فأرسل معاون المركز شرطياً وعريفاً سريين في طلب الطاعنين
ولكنهما لم يذعنا وأغلقا باب هذا المنزل من الداخل مما استدعى عرض الأمر على النيابة
العامة التي أصدرت بتاريخ 12 من مايو سنة 1972 أمرها بضبط وإحضار الطاعنين والأشخاص
القائمين معهما بهدم المنزل لاستكمال التحقيق. وقد عهد مأمور المركز إلى رئيس المباحث
ومعاون المركز ورئيس نقطة إسنا قبلي وأحد الضباط بتنفيذ هذا الأمر فاصطحب هؤلاء معهم
قوة من رجال الشرطة ولما وصلوا إلى المنزل شاهدوا الطاعنين يقومان مع بعض العمال بهدم
حائط السطح وقد رفضا النزول والتوجه معهم إلى النقطة تنفيذاً لأمر النيابة وإذ دخلوا
المنزل للقبض عليهما فقد قاما مع آخرين بمحاصرتهم في المنور وعلى السلم وقذفوهم بالحجارة
بقصد منعهم من القبض على الطاعنين وقد حال احتماؤهم بالجدران دون إصابتهم، واستدعى
مأمور المركز الذي تعذر عليه الدخول في المنزل والقبض على الطاعنين بسبب قيامهما مع
باقي الأشخاص بقذف الحجارة على رجال الشرطة ولما هدد باقتحام المنزل بالقوة تدخل أحد
أقارب الطاعنين آخذا على عاتقه إحضارهما وبالفعل تمكن من إقناعهما بتسليم نفسيهما وتم
ضبطهما. وبعد أن أورد الحكم مؤدى الأدلة التي استند إليها في القول بثبوت الواقعة بالصورة
المتقدمة في حق الطاعنين، والتي استمدها من أقوال رئيس المباحث ومعاون المركز ورئيس
نقطة إسنا قبلي والضابط الذي ذهب برفقتهم ومأمور المركز والشرطي والعريف السريين وأحد
مالكي المنزل ومن محضر المعاينة ومحضر تحريات رئيس المباحث ومستندات ملكية المنزل،
استعرض دفاع الطاعنين ثم رد عليه مدللاً على توافر ركن جريمة استعمال القوة والعنف
– المادي والأدبي – بقوله: "وحيث إن المحكمة تطمئن لأقوال شهود الإثبات من رجال الشرطة
وتجدها جديرة باقتناعها بأن المتهمين…… – الطاعنين – أحيطا علماً بقرار النيابة
الصادر بالقبض عليهما وبأن رجال الشرطة حضروا لتنفيذ هذا لأمر وأنه قد طلب منهما النزول
من سطح المنزل حيث كانا وجمع من الأشخاص يقومون بأعمال الهدم ثم كان ردهما على ذلك
بقذف الحجارة على القوة ومحاصرة بعض رجالها الذين أرادوا الصعود إليهما للقبض عليهما
في منور المنزل وعلى سلمه مع الاستمرار في قذفهم بالحجارة وإن حذر رجال الشرطة هؤلاء
وحيطتهم جنبتهم الإصابة وجاء ذلك مؤيداً بالمعاينة التي قطعت في أن قذف الحجارة على
رجال الشرطة في المنور وعلى سلم المنزل كان متعمداً – وبعد فإن إحاطة المتهمين المذكورين
علماً بالغرض من قدوم رجال الشرطة إليهما وهو تنفيذ أمر النيابة بالقبض عليهما مع رفضهما
لطلب سابق بمعرفة الشرطي السري……… والعريف السري……… أمر يدل على نيتهما
الخاصة ورغبتهما في الحيلولة بين رجال الشرطة وتأدية عملهم في تنفيذ أمر النيابة بالقبض
عليهما". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في
المادة 137 مكرر (أ) من قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة
بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدي عليه
على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع
عن أداء عمل كلف بأدائه، وأن الشارع قد أطلق حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل
القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام أو الشخص المكلف بخدمة عامة متى كانت غايته
من الاعتداء أو التهديد حمل الموظف أو المكلف بالخدمة العامة على قضاء أمر غير حق أو
اجتناب أداء عمله المكلف به، يستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد أثناء قيام الموظف
بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه أو في غير فترة قيامه به لمنعه من أدائه في المستقبل.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد من وقائع الاعتداء الحاصلة من الطاعنين
ما يكفي لتوافر الركن المادي للجناية المذكورة، قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف
الواقعة أن نية الطاعنين مما وقع منهما من أفعال مادية قد انصرفت إلى منع رجال الشرطة
المجني عليهم من أداء عمل من أعمال وظيفتهم، هو تنفيذ أمر النيابة العامة بضبطهما وإحضارهما
لاستكمال التحقيق في الشكوى المقدمة ضدهما، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أثبت قيام
الركن الأدبي للجناية التي دان الطاعنين بها – وإذ كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لهذه للجريمة وأورد على ثبوتها في حق
الطاعنين أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، فلا يضيره أن يكون من بين
هذه الأدلة أقوال شاهدين في التحقيقات لم يدرجا في قائمة الشهود ما دامت هذه التحقيقات
كانت مطروحة بكل ما ورد فيها على بساط البحث في الجلسة كعنصر من عناصر الإثبات في الدعوى،
وكان للدفاع أن يناقش تلك الأوراق بما شاء وأن يتمسك بضرورة حضور الشاهدين المذكورين
لسماعهما أو بتلاوة أقوالهما إذا هو كان قد رأى لزوماً لذلك، وما دام أنه من المقرر
أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن
إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق. ولا على الحكم إن هو استدل على
توافر القصد الجنائي الخاص لدى الطاعنين بالواقعة الواردة بالأقوال سالفة الذكر – بالإضافة
إلى علمهما، الذي استخلصه من أقوال الشهود. بصدور أمر النيابة العامة بضبطهما وإحضارهما
لاستكمال التحقيق – ما دام أن هذا الأمر قد صدر بالفعل نتيجة للواقعة المذكورة وهي
رفضهما التوجه إلى الشرطة لسؤالهما في الشكوى المقدمة ضدهما. لما كان ذلك وكان الأصل
أن محكمة الموضوع لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها،
فإن في عدم تعرض المحكمة للشهادة التي أدلى بها أحد شهود الإثبات ما يفيد إطراحها لها
اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي عولت عليها في حكمها. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم
أن يحيل في بيان أقوال بعض الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم
جميعاً متفقة فيما استند إليه الحكم منها وهو ما لا يماري فيه الطاعنان، لما كان ذلك،
وكان البين من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم عن المعاينة من أن الحجارة شوهدت
بالسلم وبالمنور – حيث وقع الحادث وفقاً لتصوير الحكم – في وضع دال على أنها ألقيت
عمداً، له سنده من معاينة المنزل من الداخل، أما الحجارة التي لم يمكن معرفة ما إذا
كان وجودها نتيجة الهدم أم الإلقاء فهي التي شوهدت خارج المنزل في الطريق. لما كان
ذلك وكان ما يثيره الطاعن الثاني بشأن التاريخ الذي وقعت فيه جريمة السرقة، وما يرتبه
على ذلك من قيام الارتباط بين الجريمتين اللتين دين بهما، مردوداً. (أولاً) بأن خطأ
الحكم في تحديد تاريخ الواقعة لا يؤثر في سلامته طالما أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم
القانون فيها وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة، ومردوداً.
(ثانياً) بأن تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات يتطلب توافر
شرطين أولهما وحدة الغرض والثاني عدم القابلية للتجزئة، وإذ كان الحكم المطعون فيه
قد بين واقعة الدعوى بما ينفي توافر هذين الشرطين فإنه لا يكون ثمة محل لإثارة الارتباط.
لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
