الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 279 لسنة 34 ق – جلسة 29 /02 /1992 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون – العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) – صـ 879


جلسة 29 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي – نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب وحسني سيد محمد والطنطاوي محمد الطنطاوي – نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 279 لسنة 34 القضائية

جامعات – أعضاء هيئة التدريس – إعارة
المادة 85 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات معدلاً بالقانون رقم 18 لسنة 1981.
يجوز إعارة عضو هيئة التدريس بالجامعة بقرار من رئيس الجامعة بعد أخذ رأى مجلس الكلية أو المعهد – يشترط لذلك أن الإعارة لجامعة أجنبية أو معهد علمي أجنبي في مستوى الجامعة المصرية – لم يقصد المشرع في المادة 85 من اشتراطه أن يكون المعهد العلمي الأجنبي الذي أعاره عضو هيئة التدريس للعمل به في مستوى الكليات المصرية أن يكون هناك تطابق تام في المستوى بينهما – أساس ذلك: اختلاف تنظيم التعليم في كل دولة عن الأخرى – يكفي أن يكون المعهد قريب المستوى من الكليات المصرية – يؤكد ذلك الفهم أن المشرع أجاز إعارة عضو هيئة التدريس للعمل بوزارات الحكومة ومصالحها أو الهيئات أو المؤسسات العامة الدولية أو الجهات غير الحكومية فيما تخصصوا فيه متى كانت المهمة في مستوى الوظيفة التي يشغلوها لو أراد المشرع التطابق في المستوى بين المعهد العلمي الأجنبي والكليات المصرية لما أجاز إعارة عضو هيئة التدريس للعمل في مجال آخر غير التدريس وتطلب فقط أن تكون المهمة في هذه الحالة الأخيرة في مستوى الوظيفة التي يشغلونها – معهد التربية للمعلمين بدولة الكويت يعد في مستوى الكليات المصرية في مفهوم المادة 85 سالفة الذكر – تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 12/ 1987 أودع الدكتور محمد عصفور بصفته وكيلاً عن الدكتور محمد سعيد علي زكي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 279/ 34 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بتاريخ 12/ 11/ 1987 في الدعويين رقمي 953/ 38 ق، 352/ 39 ق المقامتين من الطاعن ضد المطعون ضدهم والذي قضى بقبول الدعويين شكلاً ورفضهما موضوعاً وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن بالحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار برفض تجديد إعارة الطاعن ونتيجة لذلك إلغاء قرار إنهاء خدمته وما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وأثناء ذلك وبجلسة 28/ 10/ 1991 أودع الطاعن حافظة مستندات كما أودع الحاضر عن الجامعة مذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه وإلزام الطاعن بالمصروفات وبجلسة 23/ 12/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره أمامها جلسة 11/ 1/ 1992 وتدوول نظره أمامها وبعد أن استمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الطاعن قد اختصم ليس فقط رئيس جامعة المنوفية باعتباره الممثل القانوني للجامعة وإنما اختصم أيضاً عميد الكلية الزراعة بجامعة المنوفية ولما كان هذا الأخير ليس له صفة في النزاع فإن الطعن يكون غير مقبول بالنسبة له.
وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 29/ 11/ 1983 أقام الطاعن الدعوى رقم 953/ 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد/ رئيس جامعة المنوفية وعميد كلية الزراعة بجامعة المنوفية طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من رئيس الجامعة بتاريخ 27/ 7/ 1983 بعد الموافقة على تجديد إعارته لعام ثان للعمل بمعهد التربية للمعلمين بالكويت وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ ذلك القرار.
وقال شرحاً لدعواه أن جامعة المنوفية وافقت له على الإعارة لمدة عام للعمل بمعهد التربية للمعلمين بالكويت وبعد انتهاء العام تقدم بطلب لتجديد إعارته لعام ثان فوافق على ذلك مجلس قسم الأغذية الذي ينتمي إليه المدعي بكلية الزراعة بشبين الكوم كما وافق على ذلك مجلس الكلية إلا أنه يعرض الأمر على رئيس الجامعة أشر بتاريخ 27/ 7/ 1983 بعدم الموافقة دون إبداء أية أسباب وقد تقدم بتظلم من هذا القرار بتاريخ 22/ 9/ 1983 أشار فيه إلى أن عدم الموافقة قد وقع بالمخالفة لأحكام المادة 85 من قانون الجامعات التي تقضي بأن تكون الإعارة لمدة سنتين وبالتالي لا يجوز الامتناع عن الموافقة له على الإعارة للسنة الثانية. وأضاف المدعي أنه لا يجوز للجامعة أن ترفض تجديد إعارته لعام ثان استناداً إلى القول بعدم تناسب مستوى معاهد الكويت مع مكانة الأستاذ الجامعي ذلك لأن هذا الاعتقاد لا أساس له إذ أن لائحة المعاهد الكويتية تتضمن شروطاً لتعيين أعضاء هيئة التدريس بها تطابق شروط تعيين أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية كما أن – شروط الالتحاق بالمعاهد الكويتية ومناهج التعليم بها تدل تماماً على أنها تعتبر في مصاف كليات الجامعية على ما تبين من القرارات الواردة باللائحة الأساسية لمعاهد التعليم بالكويت ومقارنتها بالقرارات التي تدرس في أية كلية من الكليات المناظرة بالجامعات المصرية وانتهى المدعي إلى طلب الحكم له بطلباته المشار إليها آنفاً.
وبموجب عريضة أخرى مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 21/ 10/ 1984 أقام المدعي الدعوى رقم 352/ 39 ق ضد وزير التعليم العالي ورئيس جامعة المنوفية طالباً فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 169/ 1984 الصادر في 28/ 4/ 1984 بإنهاء خدمته وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه سالفة البيان بعد أن كرر مطاعنه على قرار عدم الموافقة على تجديد إعارته أن رئيس الجامعة لم يتوقف تعسفه عند هذا الحد بل أصدر قرار إنهاء خدمته اعتبارا من 1/ 9/ 1983 لانقطاعه عن العمل بعد انتهاء مدة إعارته لدولة الكويت وأنه قد علم بهذا القرار في 15/ 5/ 1984 فتقدم بتظلم فيه بتاريخ 24/ 6/ 1984 تأسيساً على أن مدة الإعارة عامين قابلة للتجديد في حين أنه لم يقض بالإعارة سوى عشرة شهور وأن جميع الجامعات المصرية توفد أعضاء هيئة التدريس بها للعمل بالمعاهد الكويتية ومنها المعهد الذي أعير إليه وتجدد إعارتهم لمدة أربع سنوات مما يكشف عن أن الجامعة مجحفة بحقه واختتم عريضة دعواه بطلباته آنفة الذكر وبجلسة 12/ 11/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعويين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات وقد أقامت المحكمة قضاءها على أساس أنه بالنسبة لموضوع الدعوى رقم 953/ 38 ق فإن المستفاد من المواد 41، 55، 85 من قانون تنظيم الجامعات أن إجراءات إعارة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات تمر بمراحل تتدرج من مجلس القسم إلى مجلس الكلية ثم رئيس الجامعة وأن دور كل منهم فيها واضح ومحدد حيث يقتصر مجلس القسم ومجلس الكلية على الاقتراح والترشيح لها ثم يناط القرار بشأنها لرئيس الجامعة باعتباره السلطة في إدارة شئون الجامعة والمسئول عن تنفيذه القوانين واللوائح بها وبهذه الصفة يكون السلطة المختصة بإصدار قرار الإعارة حتى ولو خالف ذلك ما عرض عليه من اقتراح وترشيح في هذا الخصوص وأن الإعارة تكون لمدة عامين قابلة للتجديد فيما عدا الحالات التي تقتضيها مصلحة قومية وأنها يجب أن تكون لجامعة أو معهد علمي في مستوى الكليات أو لجهة حكومية أو غير حكومية في تخصصاتهم متى كانت مهمتهم في مستوى الوظيفة التي يشغلونها في الجامعة.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان ما جرى عليه العمل من تجديد الإعارة سنوياً لا يتناقض مع تجديد مدتها الإجمالية على النحو السالف وكان يبين من قرار رئيس الجامعة رقم 406 بتاريخ 20/ 9/ 1982 أنه قد صدر بإعارة المدعي بصفته أستاذاً بقسم علوم الأغذية ووكيل كلية الزراعة للعمل بوزارة التربية بالكويت للتدريس بالمعاهد العليا لمدة عام أول العام الجامعي 82/ 1983 اعتباراً من تاريخ إخلاء طرفه وحتى 31/ 8/ 1983 أي أن صفة المدعي ومكانته العلمية قد روعيت عندما ووفق على إعارته للتدريس بالمعاهد العالية بوزارة التربية بالكويت وهو ما يتصور أنها أعلى مستوى الكليات التي يجوز الإعارة إليها غير أنه بعد استفسار الجامعة من المستشار الثقافي بمكتب رعاية المصالح الكويتية بالقاهرة بشأن إعارة المدعي وزميل له من الكلية ورد الكتاب رقم 193/ ب/ ع بتاريخ 16/ 1/ 1983 بأن كليهما يعملان في معهد التربية للمعلمين الذي يقبل به الطلاب الحاصلين على الثانوية العامة أو ما يعادلها وأن مدة الدراسة به سنتان يحصل بعدها الطالب على دبلوم معهد المعلمين وإذ روعيت صفة المدعي ومكانته العلمية عند إصدار قرار الجامعة بإعارته للتدريس بالمعاهد العالية بوزارة التربية بالكويت وقد اتضح بعد ذلك أن إعارته ليس لمعهد عالي في مستوى الكليات على ما يتطلبه القانون صراحة في المادة 85 من قانون تنظيم الجامعات وكان تجديد الإعارة على هذا النحو يتعارض مع حكم القانون ومن ثم يكون قرار رئيس الجامعة بعدم الموافقة على تجديد تلك الإعارة لعام ثان قراراً صحيحاً قائماً على سببه الذي يبرره ومتفقاً وأحكام القانون ولا يشوبه أي تعسف أو انحراف بالسلطة في هذا الخصوص ولا حاجة فيما أثاره المدعي بشأن المقررات الدراسية أو نظام الوحدات أو الفصول الدراسية به أو مكانته العلمية فيه لأن ذلك لا يغير من أنه دون مستوى الكليات أو المعاهد العلمية التالية التي يصح إعارته إليها وعليه فإن دعوى المدعي بإلغاء القرار تكون فاقدة لأساسها ويتعين لذلك القضاء برفضها وبالنسبة لموضوع الدعوى رقم 352 لسنة 39 ق التي يطلب فيها الطاعن إلغاء قرار إنهاء خدمته فقد أشارت محكمة القضاء الإداري في حكمها سالف الذكر، أن المستفاد من المادة 117 من قانون تنظيم الجامعات أنه يشترط للإبقاء على العلاقة الوظيفية لعضو هيئة التدريس المنقطع عن العمل بغير إذن أن يعود إلى عمله خلال ستة اشهر على الأكثر من تاريخ الانقطاع وإلا اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه وأن العودة التي عناها المشرع هي عودة عضو هيئة التدريس إلى مباشرة عمله بطريقة فعلية أو الرجوع عن حالة الانقطاع التي تشكل في حقه مخالفة تأديبية ومتى كان ذلك وكان النص السالف لم يتطلب إنذار عضو هيئة التدريس لإعمال أثره القانوني في حقه بل اكتفى بثبوت استمرار انقطاعه دون العودة لاستلام عمله وتقديم العذر خلال تلك المدة الطويلة البالغة نصف العام ومع ذلك فإن الثابت أن الكلية قد أخطرت المدعي بالكتاب رقم 1150 في 3/ 10/ 1983 على عنوانه بالخارج بعدم موافقة مدير الجامعة على تجديد إعارته وأعادت إنذاره على عنوانه بالخارج وعنوانه بالداخل بالسكن بين رقمي 30، 31 بتاريخ 9/ 1/ 1984 ومع ذلك استمر المدعي في الانقطاع عن عمله مفضلاً عمله بالخارج عن وظيفته بالداخل وعليه صدر القرار المطعون فيه رقم 169 بتاريخ 28/ 4/ 1984 بإنهاء خدمته بعد توالي ثمانية أشهر من انقطاعه اعتباراً من 1/ 9/ 1983 عقب انتهاء إعارته.
واستطردت المحكمة بأنه لما كانت قد انتهت إلى رفض الدعوى بطلب إلغاء قرار رئيس الجامعة بعدم الموافقة على تجديد إعارة المدعي لعام ثان وقد توافرت في حالته كل دواعي وموجبات أعمال أحكام المادة 117 من قانون تنظيم الجامعات في حقه وعليه يكون قرار إنهاء خدمته المطعون عليه صحيحاً قائماً على سببه متفقاً وأحكام القانون ويكون الطعن فاقداً لسنده في الواقع والقانون ويكون متعيناً رفض الدعوى.
وإذ لم يلق حكم محكمة القضاء الإداري السالف الإشارة إليه قبولاً لدى الطاعن لذلك فقد أقام طعنه الماثل طالباً إلغاءه بعد أن نعى عليه أنه صدر على خلاف أحكام القانون وذلك للأسباب الآتية: –
أولاً: أن المحكمة أقامت قضاءها بالنسبة للطعن على قرار الجامعة برفض تجديد إعارة الطاعن لعام ثان على أساس أن المعهد المعار إليه ليس في مستوى كليات الجامعة المصرية استناداً إلى نص المادة 85 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49/ 1972 ولا يتناسب مع مكانة أستاذ الجامعة وهذا الذي ذهبت إليه المحكمة غير سديد لأنه – لا يطابق الحقيقة من وجهين الأول أن لائحة المعاهد الكويتية تتضمن شروطاً لتعيين أعضاء هيئة التدريس تطابق شروط تعيين أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية والثاني أن شروط الالتحاق بالمعاهد الكويتية ومناهج التعليم بها تدل تماماً على أنها في مصاف كليات الجامعة ولا يقدح في ذلك أن الدراسة بتلك المعاهد تستغرق سنتين فقط لأن العبرة ليست بعدد السنين وأن اختيار مدة الدراسة على هذا النحو راجع إلى أخذ جامعة الكويت بتكثيف الدراسة والأخذ بنظام الوحدات بحيث لا يتخرج الطالب إلا بعد نجاحه في الوحدات الدراسية فضلاً عن العام الجامعي يحتوي على ثلاثة فصول دراسية وليس قاصراً على فصلين فقط وبالإضافة إلى ما تقدم فإن جميع جامعات جمهورية مصر العربية أعارت وتعير أساتذة إلى هذه المعاهد وأن جامعة المنوفية ذاتها قد وافقت على إعارة زميله الدكتور/…….. لمدة أربع سنوات لهذا المعهد كما أعارت وجددت إعارة كل من السيد الدكتور/…….. والدكتور/…….. لمعاهد من نفس النوعية نفس المستوى وعلى ذلك يكون قرار جامعة المنوفية بعدم تجديد إعارة الطاعن لعام ثان مخالف للقانون واجب الإلغاء.
ثانياً: أنه وقد بان عدم مشروعية قرار جامعة المنوفية بعدم تجديد الإعارة لعام ثان للطاعن على النحو السالف بيانه ومن ثم فإنه لا يكون منقطعاً عن العمل ولا يجوز إعمال المادة 117 من القانون رقم 49/ 1982 في حقه وفضلاً عن ذلك فإنه كان يتعين قبل إنهاء خدمته ضرورة إنذاره حسبما أوجبت المادة 98 من القانون رقم 47/ 1978 وليس صحيحاً أن المادة 117 المشار إليها لا تستوجب هذا الإنذار لأن الإنذار هو ضمانة جوهرية وإن كان المشرع قد أوجبها بالنسبة للعاملين المدنيين بالدولة فمن باب أولى – يستوجبها بالنسبة لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات وبناء عليه يكون قرار إنهاء خدمة الطاعن قد صدر مخالفاً لأحكام القانون واجب الإلغاء.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب الطاعن في دعواه الأولى رقم 953/ 38 ق إلغاء قرار جامعة المنوفية بعدم الموافقة على تجديد إعارته لعام ثان فإنه بالرجوع إلى أحكام القانون رقم 49/ 1972 بشأن تنظيم الجامعات – معدلاً – بالقانون رقم 18/ 1981 أن المادة 85 من هذا القانون تنص على أنه " – ….. يجوز إعارة عضو هيئة التدريس لجامعة أجنبية أو معهد علمي أجنبي في مستوى الكليات أو للعمل بوزارات الحكومة ومصالحها أو الهيئات والمؤسسات العامة الدولية أو بجهة غير حكومية فيما تخصصوا فيه متى كانت المهمة في مستوى الوظيفة التي يشغلونها في الجامعة وتكون الإعارة بقرار من رئيس الجامعة بعد أخذ رأى مجلس الكلية أو المعهد المختص وتتقرر الإعارة لمدة سنتين قابلة للتجديد مرة واحدة فيما عدا الحالات التي تقتضيها مصلحة قومية فتكون الإعارة – قابله للتجديد مرتين.
ومن حيث إن المستفاد من النص المشار إليه أنه يجوز إعارة عضو هيئة التدريس بالجامعة بقرار من رئيس الجامعة بعد أخذ رأى مجلس الكلية أو المعهد وأنه يشترط لجواز ذلك إذا كانت الإعارة لجامعة أجنبية أو معهد أجنبي أن تكون في مستوى الجامعة المصرية وأن الإعارة تكون لمدة سنتين قابلة للتجديد مرة واحدة، فيما عدا الحالات التي تقتضيها مصلحة قومية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق في الطعن الماثل أن جامعة المنوفية أصدرت قرارها برفض تجديد إعارة الطاعن لعام ثان استناداً إلى أنه قد ثبت لديها أن معهد التربية للمعلمين بالكويت المعار إليه الطاعن هو معهد لا يعد في مستوى الكليات المصرية إذ إنه يقبل الطلاب الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها ومدة الدراسة به سنتان يحصل بعدها الطالب على دبلوم معهد المعلمين.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة عريضة الدعوى رقم 953/ 38 ق المقامة من المدعي أمام محكمة القضاء الإداري ومذكرة دفاعه المودعة بجلسة 12/ 1/ 1984 أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة أن جامعة الزقازيق وافقت على تجديد إعارة كل من الدكتور/……. والدكتور/…….. لمعهد التربية للمعلمين بالكويت وأن جامعة عين شمس قامت تجديد إعارة الدكتور عبده السيد شحاته للمعهد المذكور وأن جامعة المنوفية المطعون ضدها سبق لها أن وافقت على إعارة زميله الدكتور/……. لمدة أربع سنوات لنفس المعهد المذكور.
ومن حيث إن جامعة المنوفية لم تنكر أو تجحد الإعارات سالفة البيان سواء أمام – محكمة القضاء الإداري أو أمام هذه المحكمة ومن ثم فليس جامعة المنوفية فقط التي تكون قد اعترفت بأن معهد التربية للمعلمين بدولة الكويت في مستوى الكليات المصرية في مفهوم المادة 85 من القانون رقم 49/ 1972 بشأن تنظيم الجامعات المشار إليها وبالتالي يجوز إعارة عضو هيئة التدريس بالجامعات المصرية بالمعهد المذكور بل وجامعة عين شمس وجامعة الشرقية ولا ينال من ذلك القول بأنه قد ثبت من كتاب سفارة ماليزيا مكتب رعاية المصالح الكويتية بالقاهرة بالقسم الثقافي رقم 93/ ب/ ع بتاريخ 16/ 1/ 1983 أن هذا المعهد يلتحق به الطلاب الحاصلون على الثانوية العامة أو ما يعادلها ومدة الدراسة به سنتان يحصل بعدها الطالب على دبلوم معهد المعلمين الأمر الذي يكشف عن أن مستواه لا يرقى إلى مستوى الكليات المصرية التي تمنح درجة البكالوريوس – والليسانس والتي تستلزم مدة دراسة قدرها أربع سنوات على الأقل وبالتالي لا يجوز إعارة عضو هيئة التدريس بالجامعات المصرية للعمل بهذا المعهد استناداً إلى حكم المادة 85 المذكور – ذلك لأن المشرع في المادة 85 لم يقصد من اشتراطه أن يكون المعهد العلمي الأجنبي الذي أجاز إعارة عضو هيئة التدريس للعمل به في مستوى الكليات المصرية وأن يكون هناك تطابق تام في المستوى بينهما لاختلاف نظم التعليم في كل دولة عن الأخرى وإنما يكفي أن يكون المعهد قريب المستوى من الكليات المصرية ويؤكد ذلك الفهم أن المشرع أجاز إعارة عضو هيئة التدريس للعمل بوزارات الحكومة ومصالحها أو الهيئات أو المؤسسات العامة الدولية أو الجهة غير الحكومية فيما تخصصوا فيه متى كانت المهمة في مستوى الوظيفة التي يشغلونها إذ يستفاد من ذلك أن المشرع لو كان قد أراد التطابق في المستوى بين المعهد العلمي الأجنبي والكليات المصرية لما أجاز إعارة عضو هيئة التدريس للعمل في مجال آخر غير التدريس وتطلب فقط أن تكون المهمة في هذه الحالة الأخيرة في مستوى الوظيفة التي يشغلونها ونتيجة ذلك فإنه على ضوء هذا الفهم فإن معهد التربية للمعلمين بدولة الكويت يعد في مستوى الكليات المصرية في مفهوم المادة 85 سالفة الذكر وبالتالي فإن إصدار جامعة المنوفية قرارها برفض تجديد إعارة الطاعن لعام ثان بسبب أن المعهد المذكور أقل في مستواه من الكليات المصرية يكون قد صدر على نحو مخالف للقانون خليقاً بالإلغاء وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله واجب الإلغاء.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب الطاعن في دعواه الثانية رقم 352/ 39 ق إلغاء قرار جامعة المنوفية الصادر بإنهاء خدمته اعتباراً من تاريخ انقطاعه عن العمل عقب انتهاء إعارته بالسنة الأولى فإنه بالرجوع إلى أحكام المادة 117 من القانون رقم 49/ 1972 بتنظيم الجامعات يبين أنها تنص على أن يعتبر عضو هيئة التدريس مستقيلاً إذا انقطع عن عمله أكثر من شهر بدون إذن ولو كان ذلك عقب انتهاء مدة ما رخص له فيه من إعارة أو مهمة علمية أو أجازة تفرغ علمي أو أجازة موافقة الزوج أو أي أجازة أخرى وذلك ما لم يعد خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ الانقطاع وتعتبر خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
ومن حيث إن المحكمة وقد انتهت على النحو السالف بيانه إلى عدم مشروعية قرار جامعة المنوفية برفض تجديد إعارة الطاعن لعام ثان يبدأ من تاريخ إنهاء إعارته للعام الأول في 31/ 8/ 1983 وإلغاء هذا القرار ومن ثم يكون قد تولد للطاعن الحق في الإعارة لعام ثان يبدأ من تاريخ انتهاء إعارته للعام الأول وبالتالي فإن المذكور لا يعتبر منقطعاً عن العمل ولا يجوز عندئذ إنهاء خدمته للانقطاع استناداً إلى حكم المادة 117 من القانون رقم 49/ 1972 بشأن تنظيم الجامعات السالف الإشارة إليه.
وبناء على ما تقدم يكون قرار جامعة المنوفية بإنهاء خدمة الطاعن للانقطاع مخالفاً للقانون متعين الإلغاء وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه بدوره يكون قد خالف صحيح حكم القانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إنه من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعويين شكلاً وإلغاء قرار رئيس جامعة المنوفية بتاريخ 27/ 7/ 1983 بعدم تجديد إعارة الطاعن لمعهد التربية للمعلمين بالكويت وكذلك إلغاء القرار رقم 169 لسنة 1984 بإنهاء خدمته وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جامعة المنوفية بالمصروفات عن الدرجتين

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات