الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 24 لسنة 12 قضائية “دستورية” – جلسة 01 /01 /1994 

المحكمة الدستورية العليا – الجزء السادس
من أول يوليو 1993 حتى آخر يونيو 1995 – صـ 117

جلسة أول يناير سنة 1994

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر – رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولي الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض – أعضاء، وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما – المفوض، وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد – أمين السر.

(القاعدة رقم 11)
القضية رقم 24 لسنة 12 قضائية "دستورية"

1 – دعوى دستورية "الحكم فيها – حجيته المطلقة – انتهاء الخصومة".
قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 3 لسنة 10 ق، بعدم دستورية المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 بشأن المشردين والمشتبه فيهم، وبسقوط أحكام المواد 6، 13، 15 منه، المرتبطة بها، يحوز حجية مطلقة تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرحه من جديد على هذه المحكمة لمراجعته – رفع دعوى أخرى تستهدف الطعن في النص ذاته. أثره: اعتبار الخصومة منتهية في الدعوى.
2 – دعوى دستورية "المصلحة فيها – ارتباطها بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية".
ارتباط المصلحة الشخصية المباشرة – وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، بأن يكون النص التشريعي المطعون فيه – بتطبيقه عليه – قد ألحق به ضرراً مباشراً، مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة، قوامه: شرطان: أولهما: أن يقيم المدعي الدليل على أن ضرراً واقعياً مباشراً ممكناً إدراكه قد لحق به، لا تكفي المصلحة النظرية، وثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه، فإذا لم يكن المدعي من المخاطبين به، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو لم يكن قد طبق عليه أصلاً، أو كان الإخلال المدعي به لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية. سابقة الحكم بعدم دستورية النصوص المنشئة لجريمة الاشتباه وكذلك تلك المرتبطة بها ومن بينها المواد 8، 9، 16 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945. أثره: انتفاء مصلحة المدعي في الطعن على هذه النصوص.
1 – إذ خلص قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 3 لسنة 10 قضائية "دستورية" إلى عدم دستورية المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 بشأن المتشردين والمشتبه فيهم، وكذلك إلى سقوط أحكام المواد المرتبطة بها وهي المواد 6، 13، 15، وكان هذا الحكم قد نشر في الجريدة الرسمية في 14 يناير سنة 1993، وكان قضاء هذه المحكمة – فيما فصل في الدعوى المتقدمة – يحوز حجية مطلقة تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه من جديد على هذه المحكمة لمراجعته، ذلك أن الخصومة في الدعوى الدستورية – وهي بطبيعتها من الدعاوى العينية – إنما توجه إلى النصوص التشريعية المدعي مخالفتها للدستور، ولا يعتبر قضاء المحكمة باستيفاء النص التشريعي لأوضاعه الشكلية التي يتطلبها الدستور أو خروجه عليها، أو بتوافقه مع الأحكام الموضوعية في الدستور أو مروقه منها، منصرفاً إلى من كان طرفاً في الدعوى التي صدر فيها دون غيره، بل متعدياً إلى الأغيار جميعهم، ومنسحباً إلى كل سلطة في الدولة بما يردهم عن التحلل منه، أو مجاوزة مضمونه. متى كان ذلك؛ فإن مصلحة المدعي محددة في نطاق الطعن على المادتين 5، 6 من المرسوم بقانون المشار إليه، تكون قد انتفت لبلوغه الغاية التي توخاها من مناعية عليهما بما يتعين معه اعتبار الخصومة منتهية في هذا الشق.
2 – المصلحة الشخصية المباشرة المعتبرة شرطاً لقبول الدعوى الدستورية، لا تعتبر متحققة بناءً على مجرد مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعي – قد أخل بأحد الحقوق التي كفلها الدستور على نحو ألحق به ضرراً مباشراً، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، مرتبطاً بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة ذاتها منظوراً بصفة مجردة. ولا يجوز بالتالي الطعن على النص التشريعي بعدم الدستورية، إلا بعد توافر شرطين أوليين يحددان معاً مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة، ولا يتداخل أحدهما مع الآخر، أو يندمج فيه، وإن كان استقلال كل منهما عن غيره. لا ينفي تكاملهما، وبدونهما مجتمعين لا يجوز لهذه المحكمة أن تباشر رقابتها على دستورية النصوص التشريعية، أولهما أن يقيم المدعي – وفي حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون عليه – الدليل على أن ضرراً واقعياً اقتصادياً، أو غيره قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشراً، مستقلاً بعناصره، ممكناً إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، ذلك أن إسناد الرقابة الدستورية إلى هذه المحكمة لا يتوخى الفصل في خصومة تكون المصلحة بشأنها نظرية كتلك التي تتغيا تقرير حكم الدستور مجرداً في موضوع معين لأغراض أكاديمية أو أيدلوجية، أو دفاعاً عن قيم مثالية يرجى تثبيتها، أو كنوع من التعبير في الفراغ عن وجهة نظر شخصية، أو لتوكيد مبدأ سيادة القانون في مواجهة صور من الإخلال بمضمونه لا صلة للطاعن بها، أو لإرساء مفهوم معين في شأن مسألة يترتب عليها ضرر بالطاعن، ولو كانت تثير اهتماماً عاماً، وإنما قصد المشرع بهذه الرقابة التي تقوم عليها المحكمة الدستورية العليا، أن تقدم من خلالها الترضية التي تقتضيها أحكام الدستور عند وقوع عدوان على الحقوق التي كفلها، ومن ثم تكون هذه الرقابة موطئاً لمواجهة أضرار واقعية بغية ردهاً، وتصفية آثارها القانونية. ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها، وثانيهما أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينها تحتم أن يكون الضرر المدعي به ناشئاً من هذا النص، مترتباً عليه. فإذا لم يكن النص التشريعي المطعون عليه قد طبق على المدعي أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك إن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه عند رفعها. متى كان ما تقدم، وكان مؤدى قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 3 لسنة 10 قضائية "دستورية" – فيما خلص إليه من تقرير عدم دستورية وسقوط النصوص المنظمة لجريمة الاشتباه سواء في ذلك تلك التي أنشأتها أو المرتبطة بها – أن القواعد العامة التي انتظمها هذا المرسوم بقانون – والتي لا يقتصر سريانها على جريمة الاشتباه، بل تحكمها هي وجريمة التشرد في آن واحد، لم يعد ممكنا إعمالها في مجال إحداهما وهي جريمة الاشتباه. متى كان ذلك؛ فإن الفصل في مطابقة أحكام المواد 8، 9، 16 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المشار إليه للدستور، أو مناهضتها لقواعده، لن يكون له من أثر على الدعوى الموضوعية، ومن ثم تكون المصلحة في الطعن على هذه النصوص منتفية.


الإجراءات

بتاريخ 18 أبريل سنة 1990 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية القانون رقم 98 لسنة 1945 بشأن المشردين والمشتبه فيهم.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعي في القضية رقم 9 لسنة 1988 جنح اشتباه سنورس بوصفه مرتكباً لجريمة اشتباه معاقباً عليها بالمواد 5/ 1، 6، 8، 9، 16 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 بشأن المشردين والمشتبه فيهم، وإذ أدانته محكمة جنح اشتباه سنورس بوضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة ستة أشهر، وكان قد طعن على حكمها هذا بطريق المعارضة التي نظرت بجلسة 4/ 3/ 1990 وفيها دفع بعدم دستورية نصوص المواد 5، 6، 8، 9، 16 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المشار إليه، وكانت محكمة الموضوع قد قدرت جدية دفعه، وصرحت له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إنه في خصوص ما تضمنه الشق الأول من الدعوى الماثلة من الطعن بعدم دستورية المادتين 5، 6 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 بشأن المتشردين والمشتبه فيهم، فإنه إذ خلص قضاء هذه المحكمة في الدعوى رقم 3 لسنة 10 قضائية "دستورية" إلى عدم دستورية المادة الخامسة منه وكذلك إلى سقوط أحكام المواد المرتبطة بها وهي المواد 6، 13، 15 وكان هذا الحكم قد نشر في الجريدة الرسمية في 14 يناير سنة 1993، وكان قضاء هذه المحكمة – فيما فصل في الدعوى المتقدمة – يحوز حجية مطلقة تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه من جديد على هذه المحكمة لمراجعته، ذلك أن الخصومة في الدعوى الدستورية – وهي بطبيعتها من الدعاوى العينية – إنما توجه إلى النصوص التشريعية المدعي مخالفتها للدستور، ولا يعتبر قضاء المحكمة باستيفاء النص التشريعي لأوضاعه الشكلية التي يتطلبها الدستور أو خروجه عليها أو بتوافقه مع الأحكام الموضوعية في الدستور أو مروقه منها، منصرفاً إلى من كان طرفاً في الدعوى التي صدر فيها دون غيره، بل متعدياً إلى الأغيار جميعهم، ومنسحباً إلى كل سلطة في الدولة بما يردهم عن التحلل منه أو مجاوزة مضمونه. متى كان ذلك، فإن مصلحة المدعي – محددة في نطاق الطعن على المادتين 5، 6 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المشار إليه، تكون قد انتفت لبلوغه الغاية التي توخاها من مناعية عليهما بما يتعين معه اعتبار الخصومة منتهية في هذا الشق.
وحيث إن مما ينعاه المدعي على المواد 8، 9، 16 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المشار إليه – من مخالفتها للدستور وخروجها على أحكامه – مردود بما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن المصلحة الشخصية المباشرة المعتبرة شرطاً لقبول الدعوى الدستورية، لا تعتبر متحققة بالضرورة بناء على مجرد مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص – بتطبيقه على المدعي – قد أخل بأحد الحقوق التي كفلها الدستور على نحو ألحق به ضرراً مباشراً، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، مرتبطاً بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة ذاتها منظوراً بصفة مجردة، ولا يجوز بالتالي الطعن على النص التشريعي إلا بعد توافر شرطين أوليين يحددان معاً مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة، ولا يتداخل أحدهما مع الآخر، أو يندمج فيه، وإن كان استقلال كل منهما عن غيره، لا ينفي تكاملهما، وبدونهما، مجتمعين لا يجوز لهذه المحكمة أن تباشر رقابتها على دستورية النصوص التشريعية، أولهما: أن يقيم المدعي – وفي حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون عليها – الدليل على أن ضرراً واقعياً اقتصادياً أو غيره قد لحق به. ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشراً، مستقلاً بعناصره، ممكناً إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، ذلك أن إسناد الرقابة الدستورية إلى هذه المحكمة لا يتوخى الفصل في خصومة تكون المصلحة بشأنها نظرية كتلك التي تتغيا تقرير حكم الدستور مجرداً في موضوع معين لأغراض أكاديمية أو أيدلوجية، أو دفاعاً عن قيم مثالية يرجى تثبيتها، أو كنوع من التعبير في الفراغ عن وجهة نظر شخصية، أو لتوكيد مبدأ سيادة القانون في مواجهة صور من الإخلال بمضمونه لا صلة للطاعن بها، أو لإرساء مفهوم معين في شأن مسألة يترتب عليها ضرر بالطاعن ولو كانت تثير اهتماماً عاماً، وإنما قصد المشرع بهذه الرقابة التي تقوم عليها المحكمة الدستورية العليا، أن تقدم من خلالها الترضية التي تقتضيها أحكام الدستور عند وقوع عدوان على الحقوق التي كفلها، ومن ثم تكون هذه الرقابة موطئا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها، وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها، وثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينها تحتم أن يكون الضرر المدعي به ناشئاً من هذا النص مترتباً عليه، فإذا لم يكن النص التشريعي المطعون عليه قد طبق على المدعي أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك إن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها، متى كان ما تقدم، وكان المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المشار إليه، قد ضم بين دفتيه أحكام المواد 8، 9، 16 المطعون عليها باعتبارها من القواعد العامة التي لا يقتصر سريانها على جريمة الاشتباه، بل تحكمها هي جريمة التشرد في آن واحد معاً، وكان مؤدى قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 3 لسنة 10 قضائية "دستورية" – فيما خلص إليه من تقرير عدم دستورية وسقوط النصوص المنظمة لجريمة الاشتباه سواء في ذلك تلك التي أنشأتها أو المرتبطة بها – أن القواعد العامة المشار إليها التي كانت تنظم هاتين الجريمتين، لم يعد ممكنا إعمالها في مجال إحداهما وهي جريمة الاشتباه بعد أن لم تعد لها قائمة بزوال وجودها قانوناً، ومن ثم أضحى تطبيقها – وأيا كان وجه الرأي في دستوريتها – منحصراً في جريمة التشرد لا يمتد لسواها، متى كان ذلك فإن الفصل في مطابقة أحكام المواد 8، 9، 16 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 المشار إليه للدستور أو مناهضتها لقواعده، لن يكون له من أثر على الدعوى الموضوعية، إذ لا يعتبر هذا الفصل لازماً للبت في أية مسألة كلية أو فرعية تعتبر قواماً لها أو تكون متصلة بها، ومن ثم تكون المصلحة في الطعن على هذه النصوص منتفية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات