الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1255 سنة 28 ق – جلسة 08 /12 /1958 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة التاسعة – صـ 1044

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد، وأحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمود حلمي خاطر المستشارين.


الطعن رقم 1255 سنة 28 القضائية

مسئولية جنائية. القصد والباعث. جريمة. أركانها. الباعث ليس منها. لا عبرة به في المسئولية.
مثال في جريمة ضرب.
إن قول المتهم من أنه قصد إبعاد المجني عليها عن مكان المشاجرة خوفاً عليها فدفعها بيده ووقعت على الأرض إنما يتصل بالباعث، وهو لا يؤثر في قيام الجريمة ولا عبرة له في المسئولية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحدث بلبيبة تادرس عزام عمداً الإصابة المبينة بتقرير الصفة التشريحية بأن دفعها بكلتا يديه فسقطت على الأرض. ولم يكن يقصد من ذلك قتلها ولكن الضرب أفضى إلى موتها. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 236/ 1 من قانون العقوبات فقررت الغرفة بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المواد 17 و55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بخيت عبده حنين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض….. إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول هو الإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الطاعن دفع بجلسة المحاكمة بأن الإصابة لا شأن لها بالوفاة. وطلب استدعاء الطبيب الشرعي الذي أجرى الصفة التشريحية لمناقشته بالجلسة ومواجهته بطبيب المجموعة الصحية الذي أثبت أن الوفاة نتجت عن سكتة قلبية وكسر بعنق الفخذ الأيسر على خلاف ما أثبته الطبيب الشرعي في تقريره من أن الوفاة تعزي إلى كسر الفخذ ومضاعفها من التهاب رئوي حاد مزدوج وامتصاص صديدي عفن من قرح فراشية بالعجز، وقد تمسك الدفاع بأن كسر الفخذ لا دخل له في إحداث الوفاة، لأنه كان قد أخذ في الالتحام وأخرجت المجني عليها من المستشفى على أن يرفع الجبس بعد مدة معينة، وقال إن كثرة ما بها من أمراض خطيرة خصوصاً تضخم القلب وما به من تشحم وتليف وإصابات بجدار الأورطي وبالشرايين التاجية هي التي أدت إلى الوفاة بالسكتة القلبية دون أن يكون لإصابة الفخذ أي دخل فيها وطلب إزاء هذا الخلاف بين تقريري الطبيبين القضاء أصلياً بالبراءة واحتياطياً استدعاء الطبيبين لمناقشتهما بالجلسة ومواجهتهما بهذا الخلاف، ولكن المحكمة لم تجب هذا الطلب ولم ترد عليه في حكمها.
وحيث إن الواقعة كما بينها الحكم المطعون فيه تتحصل: "في أنه بتاريخ 21 من سبتمبر سمنة 1956 بدائرة قسم بولاق تشاجرت المدعوة عايدة لبيب مع المدعو سمعان ميخائيل ابن المجني عليها، وقد حضر المتهم نجيب عبده وهو زوج أخت عايدة لبيب، فاعتقدت المجني عليها أنه حضر ليضرب ابنها سمعان ميخائيل وصاحت، فدفعها نجيب عبده المتهم بيده وأوقعها على الأرض، وأصيبت بكسر في فخذها وأدخلت المستشفى وخرجت في يوم 20 من أكتوبر سنة 1956 حيث تنبه عليها برفع الجبس بعد ثلاثة شهور، وقد تحرر محضر بضبط الواقعة، وبتاريخ 26 من أكتوبر سنة 1956 توفيت المجني عليها، فأخطرت النيابة وتولت التحقيق" ثم أورد الحكم الأدلة التي استند إليها في ثبوت التهمة في حق الطاعن وهي أقوال سمعان ميخائيل ابن المجني عليها والتقرير الطبي الابتدائي وتقرير الصفة التشريحية وأورد مؤدي هذين التقريرين، ويتحصل الأول في أن "المجني عليها أدخلت المستشفى يوم 25 من سبتمبر سنة 1956 مصابة باشتباه كسر بعظم الفخذ الأيسر وأنه بالكشف عليها يوم 26 أكتوبر سنة 1956 عقب وفاتها وجد أن سبب الوفاة سكتة قلبية وكسر بعنق الفخذ الأيسر" ويتحصل تقرير الصفة التشريحية في أن "الرئتين محتقنتان وأوزيماويتات والقلب متضخم ومتشحم متليف بدرجة متوسطة والكبد متضخم قليلاً ومحتقن وهش والطحال ضعف حجمه الطبيعي ومحتقن بالشق على أنسجة الفخذ الأيسر وجدت انسكابات دموية تتخلل الأنسجة الرخوة والعضلات، وحول رأس عظمة الفخذ وجد كسر شرخي حديث آخذ من بدء الالتئام بعنق عظمة الفخذ ما بين المدورين وممتد إلى أنسية هذا العنق…. وتعزى الوفاة إلى هذه الإصابة وهي كسر بعنق عظمة الفخذ الأيسر وما ضاعفها من التهاب رئوي حاد ركودي مزدوج وامتصاص صديدي عفن من قرح فرشي بالعجز، وقد ساعد على هذه المضاعفات تقدمها في السن مع ضعف قلبها" – لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أخذت بالتقريرين معا لما تبينته من عدم وجود خلاف بينهما في أن إصابة عظمة الفخذ الأيسر قد ساهمت في إحداث الوفاة فلم تر حاجة لاستدعاء الطبيبين لمناقشتهما بالجلسة بعد أن وضح لها الأمر بما يكفي لاقتناعها – لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن الحكم أخطأ في القانون إذ قضى بمعاقبة الطاعن عن تهمة الضرب الذي أفضى إلى موت المجني عليها، مع أنه تبين من مناقشة أن الشاهد الوحيد في الدعوى أن الطاعن لم يكن بقصد إيذاء المجني عليها حين دفعها بيده، بل كان يقصد إبعادها عن مكان المشاجرة خوفاً عليها فيكون ركن العمد غير متوفر.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الجاني ارتكب الفعل عن إرادة وعلم بأن ما فعله يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليها أو صحتها فإنه يكون قد دلل على توافر القصد الجنائي في جريمة الضرب العمد، وهو قصد عام لا حاجة إلى التحدث عنه صراحة، وأما ما يشير إليه الطاعن من أنه قصد لإبعاد المجني عليها عن مكان مشاجرة خوفاً عليها فدفعها بيده ووقعت على الأرض، هذا الذي يقوله الطاعن إنما يتصل بالباعث، وهو لا يؤثر في قيام الجريمة ولا عبرة به في المسئولية، ومن ثم يكون هذا الوجه غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات