الطعن 1160 سنة 28 ق – جلسة 17 /11 /1958
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة التاسعة – صــ 916
جلسة 17 نوفمبر سنة 1958
برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد، وفهيم يسى جندي، والسيد أحمد عفيفي، وأحمد زكى كامل المستشارين.
الطعن 1160 سنة 28 القضائية
(ا) تحقيق. تفتيش. تنفيذ الإذن به.
تنفيذ الإذن بتفتيش متهم في أي مكان وجد به ولو غاير المكان المحدد بأمر التفتيش.
(ب) تحقيق. تفتيش. شروط التمسك ببطلانه. المصلحة.
الدفع بحرمة المكان إنما شرع لمصلحة صاحبه.
(ج) استدلال. دخول المنازل والمحلات العامة لغير التفتيش.
حق رجال البوليس ولو لم يكونوا من رجال الضبطية في دخول المقهى لتنفيذ القوانين واللوائح.
1 – متى صدر إذن النيابة بتفتيش متهم فللبوليس أن ينفذ هذا الأمر عليه أينما وجده
ولا يكون للمتهم أن يحتج بأنه كان وقت إجراء التفتيش في مكان آخر غير المكان المحدد
بأمر التفتيش.
2 – الدفع بحرمة المكان التي كفلها القانون إنما شرع لمصلحة صاحبه.
3 – المقهى من المحال العامة المفتوحة للجمهور الذي من حق رجال البوليس ولو لم يكونوا
من رجال الضبطية القضائية أن يدخلوه لتنفيذ القوانين واللوائح.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز جواهر مخدرة حشيشا وأفيونا) فىفي غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 جـ وأخيره و35 من المرسوم بقانون رقم 351 سنة 1952 والفقرتين 1 و12 من الجدول أ المرفق به فقررت بذلك ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات الزقازيق دفع الحاضر مع المتهم ببطلان إجراءات التفتيش لحصوله فىفي مكان غير الوارد فىفي الإذن. سمعت المحكمة المذكورة هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند 12 من الجدول رقم أا المرافق له مع تطبيق المادة 30 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنين وبتغريمه خمسمائة جنيه وبمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة وذلك على اعتبار أن الأحراز كان بقصد التعاطى. وقد ردت المحكمة فىفي أسباب حكمها على الدفع قائلة بأنه فىفي غير محله ويتعين رفضه. فطعن الطاعن فىفي هذا الحكم بطريق النقض… األخ.
المحكمة
… وحيث إن محصل الوجهين الأول والثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون
فيه شابه القصور والخطأ في الاستدلال ذلك أن الطاعن دفع ببطلان التفتيش مستندا إلى
سببين أولهما أن التفتيش وقع في مكان آخر غعير المكان المأذون بتفتيشه وثانيهما أن
الإذن بالتفتيش لم يبنى على تحريات جدية. إلا أن الحكم التفت عن الرد عن الشطر الثاني
من هذا الدفع وجاء رده على الشطر الأول غير سائغ ولا مقبول إذ قال أن تفتيش الأشخاص
لا يشترط وقوعه في مكان معين مع أن الضابط طلب الإذن بضبط الطاعن وتفتيشه وهو يقوم
بتجزئة المخدر في مقهى معين مما يوجب إجراء الضبط والتفتيش في هذا المكان ولا يصح أن
يجاوزه إلى غيره ولو أن الأمر صدر بالقبض على الطاعن في أي مكان يوجد فيه لكان باطلا
لمساسه حرمة الأماكن التي يجوز استباحتها ولأن القبض والتفتيش من إجراءات التحقيق التي
لا تكون إلا حيث تكون هناك جريمة معينة ظهرت واستقرت ولا يجوز أن يكونا وسيلة من وسائل
الكشف عن الجرائم كما أن الحكم أخطأ في الاستدلال إذ دان الطاعن عن إحراز المخدر المضبوط
مع أنه لم يضبط في حيازته بل عثر عليه في أرض مقهى عام يضم أشخاصا كثيرين غير الطاعن
ولم يثبت أن هذا الأخير ألقاه بل ثبت من تفتيشه أنه لا يحوز مخدرا.
وحيث إن واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه تخلص في أن الملازم سيد محمد وفا
ضابط مباحث بندر الزقازيق علم من تحرياته أن الطاعن وعبد السلام الطوانسى يحرزان مخدرات
وأن أولهما يعمل على تجزئتها في مقهى للثاني فاستصدر إذنا من النيابة بتفتيشهما وتفتيش
منزليهما وعند قيامه لتنفيذ المأمورية اصطحب معه ضابط مكتب مكافحة مخدرات بالزقازيق
محمد حسن خليل وقوة من رجالهما وعلما بأن الطاعن قد ذهب إلى مولد فتبعه إلى هناك حيث
وجده في مقهى بساحة المولد وبجواره راقصة وما أن دخل المقهى حتى هب من كانوا فيه وقوفا
ومن بينهم الطاعن نفسه ولم يعثر معه على شيء ولكنه عثر بين قدميه على قطعة من الحشيش
فالتقطها كما التقط قطعتين أخريين عثر حوله وقبض على الطاعن كما عثر خارج سور السرداق
على لفافة بها قطعة من "الأفيون" واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال الضابط سيد
محمد وفا والمخبر موسى مصطفىفي منسي في التحقيقات والجلسة وأقوال الضابط محمد حسن خليل
والراقصة……… وفتحي الدسوقي في التحقيقات وإلى تقرير التحليل. وعرض الحكم إلى
الدفع ببطلان إجراءات التفتيش لحصوله في مكان غير الذي ورد في إذن التفتيش فقال " وحيث
إن قانون الإجراءات الجنائية فيما نص عليه بمناسبة تفتيش الأشخاص لم يشترط وقوع التفتيش
في مكان معين بل يحق لرجل الضبط القضائي الذي وكل إليه تنفيذ متى كان الإذن خاصا بتفتيش
شخص أن يفتشه أينما وجد حسبما يراه ويتضح له عند قيامه بتنفيذه، أمل صدور الإذن بتفتيش
المقهى الذي حدده الضابط فلا يعنى وجوب تفتيش شخص المتهم فيه بل هو أمر مستقل عن تفتيش
شخص المتهم ومن ثم لا يكون الضابط قد تجاوز حدود الإذن الصادر له في تفتيش المتهم ومن
ثم يكون الدفع لا سند له ويتعين رفضه" كما رد الحكم على دفاع الطاعن من أن وجود قطع
المخدر متناثرة حوله وإحداها بين قدميه لا يدل على أنه هو الذي أقلى بها فقال " وحيث
إنه عما ذهب إليه الدفاع من أن وجود القطع المتناثرة حول المتهم (الطاعن) وإحداها بين
قدميه لا يدل على أن المتهم هو الذي ألقى بها على الأرض إذ قد يكون غيره قذف بها عند
دخول رجال البوليس فاستقرت إحداها بين قدميه فينفيه ما قررته الراقصة………… في
التحقيق من أن المتهم كان يضع المخدرات على المنضدة أمامه وكان يعطى منها لعامل المقهى
فيقدم له ولمن كانوا معه التدخين فلما شعر بدخول رجال مكتب المخدرات أسقط ما على المنضدة
على الأرض وقد شهد الضابط سيد محمد وفا أنه عثر على قطعة بين قدمي المتهم بعد أن فتشه
ولم يعثر معه على شيء من المخدرات ثم أرشده زميله الضابط محمد حسن خليل والبوليس الملكي
موسى مصطفىفي منسي على قطعتين أخريين كانتا على مسافات متفاوتة من المتهم وأيده في
ذلك الضابط محمد حسن خليل والمخبر موسى مصطفىفي منسي ".". ولما كان الحكم المطعون فيه
قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها
وأورد على ذلك أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها وكان لمحكمة الموضوع أن تكون
عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى وكان ما قاله الحكم سائغا في استخلاص
أن الطاعن كان محرزا لقطع الحشيش التي وجدت بين قدميه وبالقرب منه وكان ذلك لا يتعارض
مع ما قاله من أنه لا علاقة للطاعن بقطعة الأفيون التي وجدت خارج المقهى لما كان ذلك
وكان إذن النيابة متى صدر بتفتيش متهم فلرجال الضبطية القضائية المنتدبين لإجرائه أن
ينفذوا هذا الأمر عليه أينما وجدوه ولا يكون للمتهم أن يحتج بأنه كان وقت إجراء التفتيش
في مكان آخر غير المكان المحدد بأمر التفتيش فإن الدفع بحرمة المكان التي كفلها القانون
إنما شرع لمصلحة صاحبه، هذا فضلا عن أن المكان الذي ضبط فيه الطاعن محرزا المخدر وهو
مقهى من المحال العامة المفتوحة للجمهور والذي من حق رجال البوليس ولو لم يكونوا من
رجال الضبطية القضائية أن يدخلوه لتنفيذ القوانين واللوائح، لما كان ما تقدم وكان يبين
من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش لأنه لم يبين على تحريات
جدية فإن ما جاء بهذين الوجهين من الطعن يكون غير سديد.
وحيث إن محصل الوجهين الثالث والرابع هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ فىفي الإسناد وشابه
القصور في البيان إذ نسب إلى الراقصة……… أنها شهدت في التحقيق بأن الطاعن وآخرين
كانوا يدخنون الحشيش قبل وصول أفراد القوة بنحو عشر دقائق وأن الحشيش كان موضوعا على
منضدة أمام الطاعن وكان هو وعبد السلام الطوانس يسلمان عامل المقهى قطعا منه ليعدها
للتدخين، فلما دخل الضابط أسقط ما معه من مخدر حيث عثر عليه. كما نسب الحكم إلى فتحي
دسوقي أنه شهد في التحقيق بأن الطاعن كان يدخن الحشيش قبل وصول رجال البوليس بقليل
ولما أن رآهم أسقط حشيشا كان بيده على الأرض مع أنه بالرجوع إلى محضر البوليس يبين
أن هذين الشاهدين لم يكونا يعرفان حائز المخدر، كما قررت الراقصة……… فىفي تحقيق
النيابة أن الحشيش كان موضوعا على منضدة أمام الطاعن ولكمنها لم تنظره وهو يضعه على
تلك المنضدة. أما عن واقعة تجزئة الحشيش فقد عدلت عن اتهام الطاعن إلى اتهام شخص آخر
يدعى عبد السلام وقرر فتحي دسوقي في تحقيق النيابة أنه رأى الحشيش في يد الطاعن خلافا
لما قررته الراقصة من أنه كان موضوعا على المنضدة وادعى الشاهد المذكور أن الطاعن أسقط
الحشيش ثم عدل عن ذلك وقال أنه لم ير واقعة إسقاط المخدر – وقد أشار الطاعن في دفاعه
إلى أن الضابط فتشه فلم يجد معه شيئا من المواد المخدرة ولكنه وجد قطعا من الحشيش متناثرة
على الأرض بين قدمي الطاعن وهذا لا يعنى أنها له بالذات فقد تكون لغيره من رواد المقهى
وأن رواية الراقصة……… وفتحي الدسوقي وعبد السلام الطوانس في التحقيق موعز بها
من رجال البوليس وقد عدلوا عنها بالجلسة، ولكن المحكمة ردت على دفاعه هذا ردا مقتبضا
ضمته اطمئنانها إلى أقوال الشهود سالفىفي الذكر بالتحقيقات كما قالت أنها لا ترى مؤاخذة
الطاعن عن قطعة الأفيون التي وجدت ملقاة على باب المقهى مع أنها لا تختلف في الحكم
عما وجد في أرض المقهى بجوار الطاعن.
وحيث إنه لما كان يبين من الإطلاع على صورة التحقيقات التي أمرت المحكمة بضمها بالجلسة
تحقيقا لوجهي الطعن أن الشاهدين الراقصة…… وفتحي محمود الدسوقي قررا في تحقيق النيابة
أنهما رأيا الطاعن يسقط المادة المخدرة على الأرض عند اقتراب أفراد القوة منه وكان
لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق
أو المحاكمة وتطرح ما عداه دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب إذ الأمر مرجعه إلى ما
تقتنع به وتطمئن إليه فإن الحكم إذ عول على شهادة الشاهدين السالفىفي الذكر في التحقيقات
يكون بمنأى عن الخطأ في الإسناد، لما كان ذلك وكان ما يقوله الطاعن من أن المحكمة لم
تر محلا لمؤاخذة الطاعن عن قطعة الأفيون التي وجدت ملقاة على باب المقهى مع أنها لا
تختلف في الحكم عما وجد في أرض المقهى قد عرض له الحكم في قوله " وحيث أن الاتهام نسب
إلى المتهم (الطاعن) أنه كان يحرز أفيونا وليس من دليل على هذه التهمة إذ الثابت في
التحقيق أن الضابط عثر على اللفافة المحتوية على قطعة الأفيون خارج المقهى بعد أن تم
ضبط المتهم وتفتيش من كانوا معه في المقهى مما يدل أنه لا علاقة للمتهم بالأفيون المضبوط"
– وهذا الذي قاله الحكم سائغ في بيان ظروف ضبط كل من الأفيون والحشيش ومؤد إلى النتيجة
التي انتهى إليها الحكم من استبعاد مساءلة الطاعن عن إحراز قطعة الأفيون وإدانته عن
تهمة إحراز الحشيش ومن ثم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.