الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 5267 لسنة 42 قضائية عليا – جلسة 03 /08 /1997 

مجلس الدولة – المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون – الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) – صـ 1421


جلسة 3 من أغسطس سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم – رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: السيد محمد السيد الطحان، وإدوارد غالب سيفين، وسامي أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم – نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 5267 لسنة 42 قضائية عليا

جامعات – التبرعات والرسوم الدراسية الجامعية – ضوابطهما.
– المواد 7، 23، 169 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975.
– أجاز المشرع للجامعات قبول تبرعات لا تتعارض مع الغرض الأصلي الذي أنشئت من أجله وهو خدمة المجتمع والارتقاء به حضارياً متوخية فى ذلك رقى الفكر وتقدم العلم وتزويد البلاد بالمتخصصين فى مختلف المجالات – ناط المشرع قبول هذه التبرعات بمجلس الجامعة وحده دون غيره بينما لم يعقد لمجلس الكلية من اختصاص فى هذا الشأن سوى اقتراح قبول هذه التبرعات – حرص المشرع – إيماناً منه بمجانية التعليم الجامعي لأبناء الجمهورية فى مختلف مراحله – على عدم إلزامهم بأداء مبالغ مالية مقابل العملية التعليمية ذاتها سوى ما ناط باللائحة التنفيذية تعيينه كرسوم مقابل الخدمات الطلابية المختلفة على أن تخصص حصيلتها للخدمة التي تستأدى عنها وقد عينت اللائحة التنفيذية هذه الرسوم – مؤدى ذلك – لا يجوز تحصيل أية مبالغ أخرى لم يفرضها المشرع تحت مسمى تبرع أو خلافه أخذاً بعيني الاعتبار أن التبرع يجب أن يكون واضح الدلالة على نية المتبرع ومقصده والإحادت كليات الجامعة عن الأوضاع والإجراءات القانونية التي لا مناص من التقيد بها فى هذا المضمار – تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 14/ 7/ 1996 أودع الأستاذ/ …….. المحامى المقبول أمام محكمة النقض بصفته وكيلاً عن/…….. تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا قيد بجدولها تحت رقم 5267 لسنة 42 ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية فى الدعوى رقم 8171 لسنة 1 ق بجلسة 24/ 6/ 1996 القاضي فى منطوقه:
"حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى مصروفاته وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فى موضوعها".
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه وتنفيذ الحكم بمسودته الأصلية بلا إعلان.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4/ 11/ 1996 وتداولت نظره بالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 3/ 3/ 1997 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى/ موضوع" لنظره بجلسة 11/ 5/ 1997، وبناء على الطلب المقدم من الطاعن تم تقصير الأجل لينظر الطعن بجلسة 30/ 3/ 1997، وبهذه الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن ليصدر فيه الحكم بجلسة 8/ 6/ 1997 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 15/ 6/ 1983 ثم لجلسة 3/ 8/ 1997 لاستكمال المداولة – وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه القانونية المقررة، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر النزاع تتحصل فى أنه بتاريخ 13/ 2/ 1996 أقام الطاعن الدعوى رقم 8171 لسنة 1 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية طالباً فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف القرار المطعون فيه، بامتناع جامعة قناة السويس عن قيده كطالب بكلية الصيدلة بالجامعة للعام الدراسي 95/ 1996 وتمكينه من دخول الامتحان، وفى الموضوع بإلغاء القرار الطعين وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة المصروفات وتنفيذ الحكم بمسودته الأصلية بلا إعلان.
وقال شارحا لدعواه بأنه حصل على بكالوريوس العلوم البيطرية عام 1993 بتقدير "مقبول" وتقدم بطلب مع بداية العام الدراسي 95/ 1996 إلى جامعة قناة السويس "كلية الصيدلة" لقبوله وقيده طالباً بالفرقة الأولى بالكلية لانطباق الشروط الواردة باللائحة على حالته، إلا أن الكلية طلبت قيامه بسداد مبلغ ثلاثين ألف جنيه كتبرع الأمر الذي أضطره إلى تحرير شيك بنكي بالمبلغ مسحوب على فرع بنك مصر فرع طلعت حرب بالإسكندرية وأرفقه بالطلب المقدم منه فى هذا الشأن، ثم تقدم بعد ذلك بطلب إلى مدير الجامعة لإعفائه من المبلغ المذكور حيث أحال الطلب إلى عميد الكلية فى 29/ 1/ 1996.
وأضاف المدعى بأنه فوجئ بمنعه من دخول امتحان النصف الأول من العام الدراسي بدعوى عدم قبول قيده لعدم سداده المبلغ المذكور إذ رفض البنك صرف القيمة لاختلاف التوقيع، وعلى الفور قام بإثبات حالة منع الكلية له من دخول الامتحان وذلك فى 4/ 2/ 1996 تحت رقم 28 أحوال – قسم أول الإسماعيلية.
ونعى المدعى على القرار المذكور بأنه جاء مجحفاً بحقوقه حيث أن اسمه أدرج بكشوف الملحقين بالكلية وسمح له بدخول المعامل وأنه اكتسب بذلك مركزاً قانونياً لا يجوز المساس به، فضلاً عن أن شرط التبرع الذي فرضته الكلية يعد مخالفاً للقانون، وخلص من ذلك إلى الحكم له بطلباته المنوه عنها.
وبجلسة 24/ 6/ 1996 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية حكمها برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى مصروفات هذا الطلب.
وشيدت المحكمة قضاءها المذكور على أساس أن المدعى تقدم بطلب للالتحاق بكلية الصيدلة جامعة قناة السويس وأرفق به شيكاً بمبلغ ثلاثين ألف جنيه كتبرع منه فى إعداد التجهيزات التي لم تستكمل بالكلية وأن البنك رفض صرف قيمة الشيك مما يعد إخلالاً بالالتزام الذي قطعه الطالب على نفسه والذي وافق مجلس الجامعة على اعتباره شرطاً للقبول، ولم يثبت أن الكلية قبلت من زملائه أحداً لم يقم بسداد هذا المبلغ، ومن ثم يكون امتناع الكلية عن قبول قيده بالفرقة الأولى بها قائماً بحسب الظاهر من الأوراق على سببه المبرر له، ويكون النعي عليه بعدم المشروعية فى غير محله الأمر الذي ينتفي به ركن الجدية فى شأن طلب وقف تنفيذه مما يتعين معه رفض هذا الطلب دون حاجة لبحث ركن الاستعجال.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها السابق.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أساس أن الحكم المطعون عليه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وذلك على سند من أن تفسير المحكمة لأحكام المادتين 23.7 من قانون تنظيم الجامعات خلط بين مسمى "التبرع" ومسمى "الرسوم" فالتبرع يقوم على إرادة حرة مختارة للمتبرع أما الرسوم فهي مقابل خدمة لا تؤدى إلا بسدادها ويستند تقديرها إلى القانون، وبالتالى تكون الكلية تحايلت على القاعدة المقررة بعدم جواز فرض الرسوم إلا بقانون وفرضت فى الواقع رسماً غير مشروع أسمته بالتبرع من جانب الطلبة وهو أمر لا يجوز الارتكان إليه كشرط لعملية القبول بالكلية.
ولما كان الحكم بوقف التنفيذ يعد استثناء من الأصل المقرر قانوناً لتنفيذ القرارات الإدارية فإن من المستقر عليه قضاء وجوب توافر ركنين للحكم به، الأول: توافر الجدية فى الأسباب التي قام عليها الطلب الموضوعي بإلغاء القرار بما يرجح معه بحسب الظاهر الحكم بإلغائه عند الفصل فى الموضوع.
الثاني: توافر الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ نتائج يتعذر تداركها فيما لو تم التنفيذ.
ومن حيث إنه عن مدى توافر الركن الأول المتعلق بجدية الطلب فإن المادة من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 تنص على أن "الجامعات هيئات عامة ذات طابع علمي وثقافي ولكل منها شخصية اعتبارية ولها أن تقبل ما يوجه إليها من تبرعات لا تتعارض مع الغرض الأصلي الذي أنشئت له الجامعة.
كما تنص المادة من القانون على أن "يختص مجلس الجامعة بالنظر فى المسائل الآتية:
أولاً: مسائل التخطيط والتنسيق والتنظيم والمتابعة.
ثانيا: المسائل التنفيذية………
"23" قبول التبرعات فى حدود ما تنص عليه المادة السابعة.
وتنص المادة على أن التعليم مجاني لأبناء الجمهورية فى مختلف المراحل الجامعية… ويؤدى جميع الطلاب الرسوم التي تحددها اللائحة التنفيذية مقابل الخدمات الطلابية المختلفة، على أن تخصص حصيلة كل رسم منها للخدمة المؤدى عنها.
وقد بينت اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات المشار إليه الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 وتعديلاته فى المواد 64، 271، 333 الحالات التي يؤدى فيها الطلاب هذه الرسوم بالفئة المعينة لها.
ومن حيث إنه يبين من مجموع النصوص المتقدمة أن المشرع الدستوري وضع أصلاً عاماً من مقتضاه عدم تكليف أحد بأداء ضريبة إلا إذا صدر بها قانوناً – أما الرسم وهو مبلغ من المال يجبيه أحد الأشخاص العامة من الأفراد نظير خدمة معينة تؤديها الدولة إليه، فلا يجوز فرضه إلا بناء على قانون يكتفي فيه بتقرير مبدأ الرسم تاركاً شروط دفعه وتحديد سعره إلى سلطة أخرى.
وبالرجوع إلى قانون تنظيم الجامعات المشار إليه يبين أن المشرع من ناحية أخرى أجاز للجامعات قبول تبرعات لا تتعارض مع الغرض الأصلي الذي أنشئت من أجله وهو خدمة المجتمع والارتقاء به حضارياً متوخية في ذلك رقي الفكر وتقدم العلم وتزويد البلاد بالمتخصصين في مختلف المجالات.
وناط المشرع قبول هذه التبرعات بمجلس الجامعة وحده دون غيره، بينما لم يعقد لمجلس الكلية من اختصاص في هذا الشأن سوى اقتراح قبول هذه التبرعات.
ومن ناحية أخرى وإيماناً من المشرع بمجانية التعليم الجامعي لأبناء الجمهورية في مختلف مراحله حرص على عدم إلزامهم بأداء مبالغ مالية مقابل العملية التعليمية ذاتها سوى ما ناط باللائحة التنفيذية تعيينه كرسوم مقابل الخدمة الطبية المختلفة على أن تختص حصيلتها للخدمة التي تستأدي عنها، وقد عينت اللائحة التنفيذية هذه الرسوم، ومن ثم لا يجوز تحصيل أية مبالغ أخرى يفرضها المشرع تحت مسمى تبرع أو خلافه أخذاً بعين الاعتبار أن التبرع يجب أن يكون واضح الدلالة في نية المتبرع ومقصده وإلا حادت كليات الجامعة عن الأوضاع والإجراءات القانونية التي لا معدي عن التقيد بها في هذا المضمار.
ونظراً لأن نصوص اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات خلت مما يجيز تقرير هذه المبالغ التي تدفع مقابل القيد بالكليات بالنسبة للراغبين في الحصول على دراسة أو مؤهل جامعي منها متى توافرت في حقهم شروط القبول من ناحية التأهيل الدراسي، كذا لا تتوافر في نصوص القانون ما يمنح لتلك الكليات أدنى اختصاص في تقرير ذلك، ومن ثم فلا يجوز لكليات معينة تحصيل مثل هذه المبالغ تحت أي مسمى ولو كانت بمسمى التبرعات لمجافاة ذلك أحكام الدستور وعدم استقامته على سند صحيح من القانون، وإن كان هذا الالتزام القانوني من جانب الجامعات بإتاحة التعليم المجاني لطلابها لا يتعارض مع ما يقابله من التزام أدبي من القادرين ممن أتيحت لهم ولأبنائهم فرصة التعليم العالي بالتبرع لها طواعية واختياراً في حدود الضوابط التي قررها القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بغير هذا النظر فإنه يكون أخطأ في تطبيق أحكام القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجامعة المصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات