الطعن رقم 614 لسنة 38 قضائية عليا – جلسة 02 /08 /1997
مجلس الدولة – المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة
– مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون – الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997)
– صـ 1405
جلسة 2 من أغسطس سنة 1997
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط – نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد مجدي محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، والسيد محمد العوضى، ومحمود سامي الجوادي – نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 614 لسنة 38 قضائية عليا
طوائف خاصة من العاملين – عاملون بالهيئة القومية للبريد – ترقية
– مدى جواز ترقية المعار والحاصل على أجازة بدون مرتب.
لائحة نظام العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات رقم
70 لسنة 1982 بناء على التفويض التشريعي المنصوص عليه فى المادة 16 من القانون رقم 19
لسنة 1982 بإنشاء الهيئة القومية للبريد.
إن كلا من المعار والحاصل على أجازة بدون مرتب لا تجوز ترقيته خلال الإعارة أو الأجازة
مهما تعددت مراتها إلا فى نسبة الأقدمية ولمرة واحدة كذلك لا يجوز ترقية أى منهما سواء
بالأقدمية أو بالاختيار خلال الستة أشهر التالية لعودته من الإعارة أو الأجازة إذ استلزم
المشرع لإجرائها تقدير كفاية عن مدة أدناها ستة أشهر – الحكم الذي قرره المشرع بنص
تشريعي قاطع لحكمه صدر عنها وتحقيقاً لغاية تغياها تتصل بتحقيق المصلحة العامة – إن
هو إلا حكم يتعين إعماله والنزول على مقتضاه وليس من قبيل الضوابط أو المعايير المنوط
وضعها بجهة الإدارة فى مجال الترقية بالاختيار فالفارق بين الأمرين جد كبير والخلط
بينهما يؤدى إلى قضاء غير سديد – تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 16/ 2/ 1992 أودع/…… المحامى بصفته وكيلاً عن السيد/
رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتقرير طعن
قيد بجدولها تحت رقم 614 لسنة 38 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى
بالمنصورة بجلسة 18/ 12/ 1991 فى الدعوى رقم 1394 لسنة 8 ق المرفوعة من السيد/…….
ضد الطاعن وآخر والذي قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول لرفعها على غير
ذي صفة وبقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 70 الصادر بتاريخ
16/ 1/ 1986 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية إلى الدرجة الأولى وما يترتب على
ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون
فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وبعد إعلان تقرير الطعن قانوناً أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً
في الطعن ارتأت في خاتمته الحكم بقبول الحكم شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون
فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت بجلسة 14/ 4/ 1997 إحالته إلى
المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وحددت لنظره أمامها جلسة 17/ 5/ 1997 وفيها
نظرته المحكمة على الوجه الثابت بمحضرها وقررت إصدار الحكم بجلسة 14/ 6/ 1997 حيث تقرر
مد أجل النطق به لجلسة اليوم لإتمام المداولة وبهذه الجلسة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته
المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن
– تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1394 لسنة 8 ق أمام محكمة القضاء الإدارى
بالمنصورة ضد كل من وزير المواصلات ورئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد بصفته وذلك
بتاريخ 11/ 5/ 1986 طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 70 الصادر فى 16/ 1/ 1986 فيما
تضمنه من تخطيه فى الترقية إلى الدرجة الأولى مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة
المصروفات وقال شرحاً لدعواه أنه يعمل بوظيفة مساعد مدير بالإدارة العامة للبريد بالدقهلية
من الدرجة الثانية بأقدمية ترجع إلى 1/ 11/ 1971 وفى 16/ 1/ 1971 وفى 16/ 1/ 1986 صدر
القرار المطعون فيه بترقية بعض زملائه إلى الدرجة الأولى متخطياً إياه فتقدم بتظلم
فى 9/ 3/ 1986 وأجابت جهة الإدارة على تظلمه فى 6/ 5/ 1986 مفصحة عن سبب التخطي وهو
عدم وضع تقرير كفاية عنه أثناء الأجازة الخاصة بدون مرتب التي رخص له فيها ونعى المدعى
على القرار مخالفة القانون قولاً بأنه كان يتعين على جهة الإدارة الاعتداد بتقاريره
السابقة وخلص إلى طلب الحكم بطلباته.
وبجلسة 18/ 12/ 1991 أصدرت المحكمة حكمها مثار الطعن الماثل والذي سلف إيراد منطوقه
وأقامت قضاءها بعد استعراضها أحكام المواد 32 و36 و37 من قانون نظام العاملين المدنيين
بالدولة معدلاً بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والمادتين 35 و71 من لائحة العاملين بالهيئة
القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات رقم 70 لسنة 1985 على ما يحمل
فى أن الأجازة الخاصة رخصة قررها الشارع للعامل ولا يجوز أن يحرم بسببها من حقه فى
الترقية ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة 71 من لائحة العاملين المشار إليها من
عدم جواز ترقية العائد من إعارة أو أجازة خاصة قبل وضع تقرير كفاية عنه عن مدة ستة
شهور على الأقل تالية للعودة إذ أن هذا النص هو من ضوابط الترقية بالاختيار ومن المقرر
أن مناط مشروعية ضوابط ومعايير الترقية بالاختيار التي يجوز للسلطة المختصة وضعها رهبن
بألا تتعارض مع الأحكام المقررة قانوناً للترقية بالاختيار.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله
ذلك أن العاملين بالهيئة القومية للبريد تحكم شئونهم الوظيفة لائحة خاصة صدر بها قرار
وزير النقل والمواصلات رقم 70 لسنة 1983 وهو مالا يدع مجالاً لتطبيق قانون العاملين
المدنيين بالدولة عليهم إلا فيما سكتت اللائحة عن إيراد نص خاص فيه هذا وقد جاءت اللائحة
بنصوص قاطعة لا يجوز بمقتضاها ترقية المعار بعد انتهاء إعارته إلا بعد تقدير كفايته
عن مدة لا تقل عن ستة أشهر وقضت بسريان ذات الحكم على من يحصل على أجازة خاصة بدون
مرتب شأن المدعى الذي كان فى أجازة خاصة فى المدة من 29/ 11/ 1980 حتى 28/ 11/ 1985
وصدر القرار الطعين فى 16/ 1/ 1986 قبل مضى ستة شهور على عودته للعمل وبالتالى يكون
تخطيه فى الترقية سليماً قانوناً هذا وقد أخطأ الحكم فى تفسير القانون وتأويله حين
أعتبر نصاً وارداً فى لائحة العاملين بالدولة وهو نص واجب التطبيق من دون قانون العاملين
المدنيين بالدولة أخذاً بقاعدة أن الخاص يقيد العام من قبيل الضوابط أو المعايير التي
يناط وضعها بالسلطة المختصة فى مجال الترقية بالاختيار.
ومن حيث إنه بمطالعة أحكام لائحة نظام العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار
وزير النقل والمواصلات رقم 70 لسنة 1982 بناء على التفويض التشريعي المنصوص عليه فى
المادة 16 من القانون رقم 1982 بإنشاء الهيئة القومية للبريد يبين أن المادة 35 منها
قضت فى فقرتها السادسة بأن لا يوضع تقرير كفاية عن العامل المعار أو الموفد في بعثة
أو الحاصل على أجازة دراسية عن مدة الإعارة أو البعثة أو الأجازة المشار إليه ويستصحب
آثار آخر تقرير كفاية حصل عليه قبل الإعارة أو البعثة أو الأجازة المذكورة …. الخ
فأبانت فى غير غموض أو إبهام أن المخاطبين بحكمها لا توضع عنهم تقارير كفاية بحسبان
أن الجامع بينهم هو عدم قيامهم بممارسة أعمال وظائفهم الأصلية التي يرد عليها التقويم
مما قدر معه المشرع أعمال قاعدة الاستصحاب بيد أن المشرع أستن حكماً خاصاً بترقية المعار
ورد النص عليه فى المادة 71 من اللائحة فنص فى الفقرة الثانية منها على أنه "لا يجوز
ترقيته خلال مجموع مدد الإعارة طوال مدة خدمته إلا مرة واحدة وفى نسبة الأقدمية كما
لا يجوز ترقيته بعد انتهاء الإعارة إلا بعد تقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر"
وأحالت المادة 84 من اللائحة فى شأن العامل الذي يحصل على أجازات بدون مرتب إلى الأحكام
المقررة فى شأن التقرير والعلاوة والترقية بالنسبة إلى العامل المعار ومؤدى ذلك أن
كلا من المعار والحاصل على أجازة بدون مرتب لا تجوز ترقيته خلال مدة الإعارة أو الأجازة
مهما تعددت مراتها إلا فى نسبة الأقدمية ولمرة واحدة كذلك لا يجوز ترقية أى منهما سواء
بالأقدمية أو بالاختيار خلال الستة أشهر التالية لعودته من الإعارة أو الأجازة إذ استلزم
المشرع لإجرائها تقدير كفايته عن مدة أدناها ستة أشهر.
ومن حيث إنه ليس من ريب فى أن هذا الحكم الذي قرره المشرع بنص تشريعي قاطع لحكمة صدر
عنها وتحقيقاً لغاية تغياها تتصل بتحقيق المصلحة العامة إن هو إلا حكم يتعين أعماله
والنزول على مقتضاه وليس من قبيل الضوابط أو المعايير المنوط وضعها بجهة الإدارة فى
مجال الترقية بالاختيار فالفارق بين الأمرين جد كبير والخلط بينهما يردى إلى قضاء غير
سديد.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم وإذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده كان فى أجازة
خاصة بدون مرتب فى المدة من 29/ 11/ 1980 حتى 28/ 11/ 1985 وأن القرار المطعون فيه
صدر فى 16/ 1/ 1986 ولما تنقضي على عودته من الأجازة مدة الستة أشهر التي استلزم المشرع
وضع تقرير كفاية عنها فإن القرار المذكور إذ انطوى على تخطيه فى الترقية يكون قد جاء
موافقاً صحيح حكم القانون وتضحي الدعوى من ثم بطلب إلغائه على غير سند خليقة بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى خلاف هذا النظر فوقع مخالفاً للقانون مخطئاً
فى تطبيقه وتأويله الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون
ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.