الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1733 لسنة 38 ق – جلسة 15 /07 /1995 

مجلس الدولة – المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون – الجزء الثاني (من 7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995) – صـ 2143


جلسة 15 من يوليه سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت – نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين، وأبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وغبريال جاد عبد الملاك – نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1733 لسنة 38 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة – تأديب – معيار الغلو في الجزاء.
– تتمتع السلطات التأديبية ومن بينها المحاكم التأديبية بسلطة تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك – مناط مشروعية هذه السلطة ألا يشوبها غلو – من صور الغلو: عدم الملائمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري ونوع الجزاء ومقداره لأن ركوب متن الشطط في القسوة يؤدي إلى إحجام عمال المرافق العامة عن تحمل المسئولية خشية التعرض لهذه القسوة بينما الإفراط المسرف في الشفقة يؤدي إلى الاستهانة في الواجب طمعاً في هذه الشفقة المفرطة في اللين – معيار عدم المشروعية في هذه الحالة ليس معياراً شخصياً وإنما هو معيار موضوعي قوامه عدم تناسب درجة خطورة الذنب الإداري مع نوع الجزاء ومقداره – تعيين الحد الفاصل بين نطاق المشروعية وعدم المشروعية يخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا – تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 17/ 5/ 1992 أقام الأستاذ/ ……… المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن – قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد برقم 1733/ 38 ق عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بجلسة 30/ 4/ 1991 في الدعوى رقم 1057/ 32 ق والذي قضى بمجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة والخصم من الأجر للآخرين.
وقد انتهى تقرير الطعن للأسباب الواردة به تفصيلاً إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً في الدعوى بالعقوبة المناسبة.
وبتاريخ 25/ 5/ 1992 تم إعلان الطعن للمطعون ضده.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة وبمجازاته بالخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر إلى القدر الذي كان عليه قبل الترقية.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 12/ 4/ 1995 وبجلسة 26/ 4/ 95 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 27/ 5/ 1995 وبهذه الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 30/ 4/ 1991 وقدم طلب المساعدة القضائية في 20/ 6/ 1991 وصدر القرار في طلب الإعفاء رقم 257/ 37 ق عليا في 9/ 5/ 1992 ثم أقيم هذا الطعن بتاريخ 27/ 5/ 1992 ومن ثم فإن الطعن يكون قد أقيم في الميعاد القانوني واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في أنه بتاريخ 22/ 7/ 1990 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 1057/ 32 ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها مشتملة على تقرير باتهام كل من:
سكرتير الدعوى بمديرية أوقاف الفيوم درجة ثالثة.
مندوب صرف مديرية أوقاف الفيوم – درجة ثالثة.
مندوب صرف منطقة سنورس بالفيوم – درجة ثالثة.
مدير الدعوى بمديرية أوقاف الفيوم درجة أولى.
لأنهم خلال المدة من يونيو 1985 وحتى سبتمبر 89 لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وأمانة ولم يحافظوا على كرامة وظائفهم طبقاً للعرف العام كما لم يحافظوا على أموال الجهة التي يعملون بها وارتكبوا ما ترتب عليه ضياع حق مالي للدولة بأن:
الأول (الطاعن ):
1 – اصطنع المستندات المشار إليها بالأوراق والتي تفيد أداء الخطباء لخطب الجمعة خلال المدة المنوه عنها بالأوراق خلافاً للحقيقة حال تركهم العمل في هذا المجال وقام بالتوقيع عليها بتوقيعات نسب صدورها لمفتش المنطقة والمفتش الأول المختصين بذلك على النحو المبين بالأوراق.
2 – أثبت على غير الحقيقة بكشوف حصر الخطب الملغاه بمعرفته استحقاقه لمبلغ 3 جنيه تارة عن الخطبة و5 جنيهات تارة أخرى على أنه حاصل على مؤهل الثانوية الأزهرية حال كونه حاصلاً على مؤهل الإعدادية الأزهرية فقط مما ترتب عليه حصوله بدون وجه حق على مكافآت بالزيادة عن المستحق له وهو 3 جنيهات عن كل خطبة بالمخالفة للتعليمات وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
3 – استعمال المحررات المزورة فيما زورت من أجله وهو الاستيلاء على مبلغ 3215 جنيهاً نتيجة لذلك وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
4 – تقاعس عن إثبات ما يفيد إلغاء تراخيص بعض الخطباء وسبب وتاريخ الإلغاء وعنوان المرخص له وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
5 – تقاعس قبل عامي 88، 1989 عن إعداد السجلات اللازمة لقيد آخر صرفية للخطباء بالمخالفة للتعليمات.
6 – لم يقم باستيفاء مستندات أغلب ملفات الخطباء المعينين بمكافأة وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
7 – أهمل المحافظة على تراخيص بعض خطباء المكافأة من مقيمي الشعائر المذكورين مما ترتب عليه فقدها على النحو المبين بالأوراق.
المخالف الثاني والثالث: قاما بصرف المبالغ المقررة قيمتها بالأوراق بأسماء الخطباء سالفي الذكر للمخالف الأول دون سند من الواقع أو القانون وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
الرابع: اعتمد كشوف حصر الخطب المنوه عنها بالأوراق والمقدمة إليه من المخالف الأول دون مراجعتها والتحقق من مدى أحقية الخطباء المذكورين بها لصرف المكافأة المقررة.
وقد طلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكورين تأديبياً طبقاً للمواد الواردة بتقرير الاتهام.
ومن حيث إنه بجلسة 30/ 4/ 1991 صدر الحكم المطعون فيه بفصل المخالف الأول "الطاعن" من الخدمة وبمجازاة الثاني والثالث بخصم عشرة أيام من راتب كل منهما وبخصم خمسة أيام من راتب الرابع وأقام قضاؤه بالنسبة للطاعن على أن المخالفات المنسوبة إليه ثابتة في حقه من واقع ما تضمنه فحص أعماله واعترافه بها بتحقيقات النيابة الإدارية وأمام المحكمة.
ومن حيث إن مبنى الطعن في الحكم المطعون فيه هو مخالفة القانون وذلك للمغالاة في تقدير الجزاء وعدم مراعاة شجاعة الطاعن باعترافه بالذنب وتوبته.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المخالفات السابق الإشارة إليها ثابتة في حقه من واقع تقارير الفحص لأعماله واعترافه أمام المحكمة وبتقرير الطعن الماثل ومن ثم فإن الطاعن يكون مسئولاً عن ارتكابه هذه المخالفات التي تشكل مخالفة إدارية تستوجب المسائلة التأديبية مما يتعين معه مجازاته عنها.
ومن حيث إن المقرر أن السلطات التأديبية ومن بينها المحاكم التأديبية تتمتع بسلطة تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك لأن مناط مشروعية هذه السلطة لا يشوب استعمالها غلو – ومن صور هذا الغلو عدم الملائمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري وبين نوع الجزاء ومقداره لأن ركوب متن الشطط في القسوة يؤدي إلى إحجام عمال المرافق العامة من تحمل المسئولية خشية التعرض لهذه القسوة الممعنة في الشطط بينما الإفراط المسرف في الشفقة يؤدي إلى الاستهانة في الواجب طمعاً في هذه الشفقة المفرطة في اللين – وأن معيار عدم المشروعية في هذه الحالة ليس معياراً شخصياً وإنما هو معيار موضوعي قوامه أن درجة خطورة الذنب الإداري لا تتناسب البتة مع نوع الجزاء ومقداره وأن تعيين الحد الفاصل بين نطاق المشروعية وعدم المشروعية يخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم وإن كانت المخالفات المنسوبة إلى الطاعن ثابتة في حقه إلا أنه نظراً لما يحيط بالمجتمع من ظروف المعيشة القاسية وقيامه بسداد مبلغ 930 جنيهاً من جملة ما استولى عليه وأن النيابة العامة حفظت هذا الاتهام محافظة على مستقبله الوظيفي الذي هو مصدر لرزقه ولأسرته، ومبادرته بالاعتراف بالذنب وإعلان التوبة باعتبار أن هذه الكبوة عارضة في حياته الوظيفية وأن العقوبة شرعت للتقويم والعلاج وليس للبتر من أول مرة ومن ثم فإنه في ضوء هذه الاعتبارات كلها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خرج عن المشروعية إلى عدم المشروعية بفصل الطاعن من الخدمة مما يتعين معه إعادة التوازن في اختيار العقوبة المناسبة بإلغاء عقوبة الفصل ومجازاته الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به مجازاة الطاعن/…… بالفصل من الخدمة وبمجازاته بالخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات