الطعن رقم 938 لسنة 28 ق – جلسة 07 /10 /1958
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة التاسعة – صـ 779
جلسة 7 من أكتوبر سنة 1958
برياسة السيد المستشار حسن داود، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمود مجاهد، ومحمود حلمي خاطر المستشارين.
الطعن رقم 938 لسنة 28 القضائية
رشوة. الرشوة في محيط الوظائف العامة. جريمة الراشي. عناصر الواقعة
الإجرامية. اختصاص المرتشي بالعمل أو الامتناع الذي يطلبه منه الطرف الآخر. مناط اختصاص
الموظف بالعمل المتعلق بالرشوة. كفاية صدور أمر شفوي من رئيس إلى موظف بالقيام بعمل
معين لاعتباره مختصا به. كفاية اتصال العمل الذي دفعت الرشوة من أجله بأعمال وظيفة
المرتشي. انتفاء التعارض بين ما جرى عليه العمل في المحاكم من قيام الكتاب الأول بأمر
رؤسائهم بتحديد الجلسات وبين ما أورده نص المادة 69 مرافعات. أثر ذلك. صحة إدانة المتهم
في جريمة عرض رشوة لم يقبلها كاتب أول محكمة للإخلال بواجبات وظيفته بشأن تحديد الجلسات.
يكفى لكي يكون الموظف مختصا بالعمل أن يصدر إليه أمر شفوي من رئيسه بالقيام به، كما
يكفى أن يكون العمل الذي دفعت الرشوة من أجله له اتصال بأعمال وظيفة المرتشي، وإذ كان
العمل قد جرى في المحاكم على أن يكون يقوم الكتاب الأول بأمر رؤسائهم بتحديد الجلسات
حتى ينتظم العمل في دوائر المحاكم المتعددة، وحتى توزع القضايا على الجلسات توزيعا
عادلا، وكان لا تعارض بين ما جرى عليه العمل وبين ما أورده نص المادة 69 من قانون المرافعات،
فإن إدانة المتهم بجريمة عرض رشوة على كاتب أول محكمة للإخلال بواجبات وظيفته بشأن تحديد
الجلسات ولم تقبل منه يكون صحيحا في القانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: عرض على موظف عمومي هو صبحي
صالح عصمت كاتب أول محكمة محرم بك رشوة هي مبلغ 20 قرشا للإخلال بواجب من واجبات وظيفته،
ولم يقبل منه. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للمادتين
109 و110 من قانون العقوبات، فصدر قرارها بذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية سمعت الدعوى
وقضت حضوريا بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة 3 سنوات وبتغريمه 500 جنيه وبمصادرة المبلغ
المضبوط وذلك تطبيقا للمواد 103 و109مكرر و110 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم
69 لسنة 1953.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو القصور في البيان والخطأ في القانون ذلك
أن الطاعن عرض للتناقض الواضح بين أقوال شاهدي الإثبات فيما يتعلق بمكان وزمان عرض
النقود على الأول منهما وظروف عرضها والأشخاص الموجودين بداخل الغرفة، وأن هذا التناقض
يعيب الأدلة ويمنع تساندها، ولكن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع ولم يرد عليه
فجاء باطلا لقصوره عن الرد على دفاع جوهري للطاعن. يضاف إلى ذلك أن الدفاع عن الطاعن
دفع بأن الرشوة كما عرفتها المادة 103 من قانون العقوبات هي ما تهدف إلى أن يؤدى الموظف
عملا من أعمال وظيفته، فإذا خرج العمل المطلوب عن اختصاص الموظف فلا رشوة، وبالتالي
فلا جريمة في الأمر، وأن كاتب أول المحكمة ليس له اختصاص في تحديد الجلسات إذ المتقاضون
هم الذين يحددونها – على مسئوليتهم عملا بالمادتين 69 و72 من قانون المرافعات، وأن
كل عمله في هذا السبيل يقتصر على تلقى صحف الدعاوى وتقدير الرسوم المستحقة عليها وتحصيلها،
ولكن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن العرف جرى على أن يحدد الكاتب الأول
موعد الجلسة، ووجه الخطأ فيما قاله الحكم هو أن العرف لا يغير قاعدة قانونية ثابتة
بنص القانون، ولا يجعل من فعل مباح جريمة تقتضى عقابا ما.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر معه جميع العناصر القانونية
للجريمة التي دان بها الطاعن، وساق على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما
رتبه عليها، ورد على دفاع الطاعن الخاص بعدم اختصاص كاتب أول المحكمة بتحديد الجلسات
في قوله: "إن هذا القول مردود بما جرى عليه العمل فعلا من تدخل الكتاب الأول بالمحاكم
في تحديد جلسات الدعاوى تنظيما لعدد المنظور منها بكل جلسة بما يتحمله للزمن المخصص
لكل جلسة من الجلسات" – لما كان ذلك, وكان العمل قد جرى في المحاكم على أن يقوم الكتاب
الأول بأمر رؤسائهم بتحديد الجلسات حتى ينتظم العمل في دوائر المحاكم المتعددة، وحتى
توزع القضايا على الجلسات توزيعا عادلا، وكان يكفى لكي يكون الموظف مختصا بالعمل أن
يصدر إليه أمر من رئيسه شفويا بالقيام بالعمل، كما يكفى أن يكون العمل الذي دفعت الرشوة
من أجله له اتصال بأعمال وظيفة المرتشي، وكان لا تعارض بين ما جرى عليه العمل وبين
ما أورده نص المادة 69 من قانون المرافعات – لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الصدد لا يكون سديدا. هذا ولما كان التناقض في أقوال الشهود لا يعيب الحكم المطعون
فيه ولا يقدح في سلامته متى استخلص الإدانة من أقوالهم في منطق سليم بما لا تناقض فيه،
فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.