الرئيسية الاقسام القوائم البحث

طعن رقم 580 سنة 28 ق – جلسة 10 /06 /1958 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة التاسعة – صـ 655

جلسة 10 من يونيه سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, والسيد أحمد عفيفي, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.


طعن رقم 580 سنة 28 ق

قتل خطأ. حكم "تسبيب كاف". صورة واقعة يتوفر فيها ركن الخطأ.
إذا كان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها أن المتهم هو الذي صدم المجني عليها بالسيارة التي يقودها فتسبب في قتلها من غير قصد ولا تعمد بأن سار بسيارته في شارع مزدحم بالمارة والسيارات بسرعة كبيرة دون أن ينبه المارة فصدم المجني عليها رغم رؤيته لها على مسافة كان يمكنه الوقوف بها لو أنه كان يسير بسرعة عادية, فهذا يكفي لبيان الخطأ الذي وقع من المتهم وتسبب عنه وفاة المجني عليها والذي لولاه لما وقع الحادث مما يبرر إدانته في جريمة القتل الخطأ.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تسبب من غير قصد ولا تعمد قي قتل فاطمة فوزي أحمد بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه وعدم مراعاته اللوائح بأن قاد سيارة بسرعة ينجم عنها الخطر رغم سيره عكس اتجاه مرور دون أن يستعمل آلة التنبيه فصدم المجني عليها فحدثت بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وادعى بحق مدني كل من: 1- فوزي أحمد الطوخي و2- سنية عبد اللطيف زغلول قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية والحارس القضائي على شركة مارشتز للتأمين بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنح شبرا الجزئية قضت حضورياً عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم سنة واحدة مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً مصريا مع إلزامه بالتضامن التضامني مع المسئول عن الحقوق المدنية بأن يدفع للمدعيين بالحق المدني مبلغ ألفي 2000 جنيه مصري مقابل التعويض والمصاريف المناسبة و500 قرش أتعاب المحاماة وبرفض باقي الطلبات – فاستأنف المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية هذا الحكم. وفي أثناء نظر هذين الاستئنافين أمام محكمة القاهرة دفع الحاضر عن شركة التأمين ببطلان الحكم المستأنف وقال إنه صدر قرارا وزاري قي 26 يناير سنة 1957 برقم 115 لسنة 1957 بشطب الشركة وأحيلت إلى مصلحة التأمين – وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة نظرهما قضت حضورياً بقبولهما شكلاً وفي موضوع الدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل بلا مصاريف جنائية. وفي موضوع الدعوى المدنية. أولاً – بالنسبة للمتهم بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المتهم المذكور بأن يدفع للمدعيين بالحق المدني المستأنف ضدهما مبلغ 300 جنيه (ثلاثمائة جنيه) على سبيل التعويض مناصفة بينهما والمصاريف المدنية المناسبة عن الدرجتين وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وثانياً – وبالنسبة لشركة التأمين المسئولة عن الحقوق المدنية بإلغاء الحكم المستأنف في شطره الخاص بها وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية قبل هذه الشركة.
فطعن الوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض…. الخ.


المحكمة

… وحيث إن الطاعن يعيب على الحكم المطعون فيه القصور الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه اغفل بيان رابطة السببية بين خطأ الطاعن ووفاة المجني عليها وليس يكفي أن يقول الحكم أن الطاعن كان يقود سيارته بسرعة ودون أن يستعمل جهاز التنبيه, بل يجب لصحته أن يبين كيفية مصادمة السيارة للمجني عليها تلك الكيفية التي ظهر منها خطأ الطاعن, واستناد المحكمة إلى أقوال شاهد الإثبات "علي معوض" لا يغنيها عن ذلك لأن هذا الشاهد نسب إلى الطاعن خطأ معيناً جعله المحور الرئيسي لقيام هذا الركن وهو أن الطاعن كان يسير في وسط الطريق مخالفاً بذلك قواعد المرور ولكن المحكمة ثاني درجة استبعدت هذا الوجه من الخطأ فأصبحت أقوال هذا الشاهد لا تكفي لإيجاد رابطة السببية بين خطأ الطاعن ووفاة المجني عليها. هذا ولم يحاول الحكم أن يوفق بين أقوال الشاهد من أن المجني عليها كانت تخترق الشارع عرضاً من اليمين إلى الشمال وأن عجلات السيارة اليمنى هي التي دهستها وبين واقعة وجود المجني عليها على يسار السيارة ومن خلفها الأمر الذي يتعارض مع نسبة الخطأ للطاعن مما يعيبه يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن المجني عليها البالغة من العمر أحد عشر عاما كانت تجتاز الشارع شبرا من اليمين إلى الشمال فصدمتها سيارة الطاعن التي كانت قادمة من ناحية شبرا البلد قاصداً اتجاه محطة سكة حديد القاهرة فحدثت بها الإصابات المبنية بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها. واستدل الحكم على ثبوت الواقعة من أقوال شاهد الإثبات وما دلت عليه المعاينة والتقرير الطبي واعتراف الطاعن بعدم استعماله آلة التنبيه. ثم تحدث الحكم عن قيام ركن الخطأ في قوله "وحيث إنه يبين من أقوال هذا الشاهد ومن المعاينة أن المتهم كان يقود السيارة بسرعة عندما ارتكب الحادث ولم يستعمل آلة التنبيه. كما اعترف بذلك في أقواله خصوصاً وأنه كان يسير في شارع شبرا المزدحم دائماً بالعربات والسيارات والترام والمارة كذلك وهو أحد مداخل القاهرة ولا محل لما أثاره الدفاع عن المتهم من عدم لزوم استعمال جهاز التنبيه ما دامت المجني عليها لم تكن في مواجهة السيارة, فهذا القول مردود عليه بأنه قد ثبت للمحكمة أن المتهم كان يسير بسرعة وفي شارع مزدحم فلا أقل من أن يستعمل آلة التنبه في السيارة طالما الزحام أمامه حتى يتجنب ما قد يحدث من مفاجأة قد لا تكون في حسبانه. فضلا عن أن المتهم طبقاً لرواية شاهد الإثبات التي تطمئن إليها المحكمة لابد وأن يكون قد رأى المجني عليها قبل أن يصدمها بسيارته فكان في مكنته أن يستعمل جهاز التنبيه قبل الاقتراب من مكانها" ثم تحدث الحكم في موضع آخر عن المعاينة فقال "إن الثابت من المعاينة أن السيارة تركت خلفها آثار فرامل ظاهرة طول 6 أمتار ومؤدي ذلك أن السائق المتهم بدأ بوقف السيارة عند اصطدامه وأنه عندما أتم إيقافها كانت السيارة قد تعدت المجني عليها التي أصبحت خلفها" ثم تحدث الحكم هم رابطة السببية – بعد أن أورد مضمون التقرير الطبي في شأن إصابات المجني عليها في قوله "وحيث إنه ثبت من التقرير الطبي وأقوال الشهود والمتهم أن وفاة المجني عليها حدثت بعد اصطدامها بالسيارة ومن ثم تكون علاقة السببية بين خطأ المتهم الضرر متوافرة" لما كان ذلك, وكانت المحكمة قد أثبتت بالأدلة السائغة التي أوردتها أن المتهم هو الذي صدم المجني عليها بالسيارة التي يقودها تسبب في قتلها من غير قصد ولا تعمد بأن سار بسيارته في شارع مزدحم بالمارة والسيارات بسرعة كبيرة دون أن ينبه المارة فصدم المجني عليها رغم رؤيته لها على مسافة كان يمكنه الوقوف بها لو أنه كان يسير بسرعة عادية, فهذا يكفي لبيان الخطأ الذي وقع من المتهم وتسبب عنه وفاة المجني عليها وأنه لولا خطؤه لما وقع الحادث مما يبرر إدانته في جريمة قتل خطأ – لما كان ذلك, وكان باقي ما ينعاه الطاعن لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في واقعة الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن به لمحكمة النقض, فإن الطعن يكون على غير أساسا متعينا رفضه موضوعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات