الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 18 لسنة 1 قضائية “دستورية” – جلسة 05 /02 /1983 

أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء الثانى
من أكتوبر 1981 حتى ديسمبر 1983 – صـ 77

جلسة 5 من فبراير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار فاروق سيف النصر رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ و د. فتحى عبد الصبور ومحمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد وفوزى أسعد مرقس أعضاء، وحضور السيد المستشار محمد كمال محفوظ المفوض، والسيد أحمد على فضل الله أمين السر.


القضية رقم 18 لسنة 1 قضائية "دستورية"

1- دستور – لوائح الضرورة – نص المادة 53 من دستور سنة 1958 لم يفرض جزاء لعدم عرض لوائح الضرورة على مجلس الأمة – عدم عرضها لا يترتب عليه أى مساس بقوتها.
2- تأميم – دستور سنة 1958 – خلوه من نص خاص فى شأن مبدأ التأميم – هذا المبدأ يجد سنده فى النص العام الذى ورد فى المادة الخامسة منه بشأن الملكية الخاصة – مقتضى ذلك.
3- تأميم – القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 بشأن تأميم بعض الشركات والمنشآت – هذا التأميم استهدف الصالح العام وتم مقابل تعويض ولم ينطو على مصادرة الملكية الخاصة – أساس ذلك.
4- دستورية القوانين – الرقابة القضائية على دستورية القوانين – نطاقها – النعى على كيفية تطبيق القانون وإجراءات تنفيذه – لا تشكل عيبا دستوريا ولا تمتد إليه رقابة المحكمة الدستورية العليا.
1- إن المادة 53 من دستور سنة 1958 كانت تنص على أن لرئيس الجمهورية أن يصدر أى تشريع أو قرار مما يدخل أصلا فى اختصاص مجلس الأمة إذا دعت الضرورة إلى اتخاذه فى غياب المجلس على أن يعرض عليه فور انعقاده فإذا اعترض المجلس على ما أصدره رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثى أعضائه سقط ما له من أثر من تاريخ الاعتراض. ويستفاد من هذا النص أنه وأن أوجب عرض ما يصدره رئيس الجمهورية من تشريعات تطبيقا له على مجلس الأمة فور انعقاده، إلا أنه لم يفرض جزاء لعدم عرضه وذلك خلافاً لمسلك المشرع فى سائر الدساتير الأخرى سواء السابقة على هذا الدستور أو اللاحقة له إذ نصت جميعاً على أن القرارات بقوانين التى يصدرها رئيس الجمهورية فى غيبة المجلس النيابى لدواعى الضرورة يزول ما لها من قوة القانون إذا لم تعرض على المجلس. وهذه المغايرة فى الحكم بين دستور سنة 1958 والدساتير الأخرى تدل على أن المشرع فى هذا الدستور قصد ألا يرتب ذلك الأثر على مجرد عدم عرض القرارات بقوانين على مجلس الأمة بل أوجبه فقط فى حالة اعتراض المجلس عليها بالأغلبية الخاصة التى نص عليها.
2- إنه وأن كان المشرع الدستورى لم يضمن دستور سنة 1958 نصاً خاصاً فى شأن مبدأ التأميم، إلا أن هذا المبدأ يجد سنده فى النص العام الذى ورد فى المادة الخامسة من هذا الدستور التى تقضى بأن "الملكية الخاصة مصونة وينظم القانون وظيفتها الاجتماعية ولا تنزع الملكيه إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون" مما مقتضاه جواز تقييد حق الملكية الخاصة نزولاً على مقتضيات الصالح العام باعتبارها وظيفة اجتماعية ينظم القانون أداءها فى خدمة الجماعة بأسرها. وهو ما ردده دستور سنة 1971 فى المادة 32 منه إلى التى جعلت الملكية الخاصة وظيفة اجتماعية وقضت بأن يكون استخدامها بما لا يتعارض مع الخير العام للشعب، وفى المادة 34 التى نصت على أن الملكية مصونة… ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون. وما أكده ذلك الدستور فى المادة 35 من أنه "لا يجوز التأميم إلا للمنفعة العامة وبقانون ومقابل تعويض".
3- إن القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 بشأن تأميم بعض الشركات والمنشآت بعد أن نص فى الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على تأميم الشركات والمنشآت المبينة بالجدول المرفق به ومن بينها الشركة المصرية المتحدة للملاحة البحرية، حرص فى مادته الثانية على تعويض أصحاب المشروعات المؤممة وبين كيفية أداء التعويض إليهم فنص على أن "تتحول أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المؤممة إلى سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة…" كما أفصح المشرع فى المذكرة الإيضاحية للقانون عن مقاصده واعتبارات المصلحة العامة التى تغياها من إصداره فأشار إلى أن الهدف من التأميم هو توسيع قاعدة القطاع العام بحسبانه ضرورة قومية لتوجيه الاقتصاد القومى توجيهاً مؤثراً ومفيداً لخطة التنمية بما يكفل المضى بها قدماً نحو الغايات المقصودة منها مما يقتضى حشد القوى الفنية والإمكانيات المادية اللازمة لها – دون ترك أعبائها وتمويل احتياجاتها للقطاع الخاص الذى قد يتجه بجهوده وفق الاحتياجات التى تمليها مصالحه الخاصة وفى ذلك ما قد يقيم العثرات أمام خطة التنمية" لما كان ذلك، فإن ما ذهب إليه المدعون من أن ذلك القرار بقانون إذ قضى بتأميم الشركة المملوكة لهم لم يستهدف الصالح العام وأن تأميمها قد تم بغير مقابل بما ينطوى على مصادرة للملكية الخاصة التى كفلها الدستور يكون غير سديد.
4- ما أثاره المدعون بشأن الإجراءات التنفيذية اللاحقة على تأميم الشركة وأيلولة ملكيتها إلى الدولة سواء ما تعلق منها بصدور قرار جمهورى بإدماجها فى شركة أخرى ثم العدول عن هذا الإدماج أو بصدور قرار بتصفيتها ذلك أن هذه المطاعن – أياً كان وجه الرأى فيها – لا تعدو أن تكون نعيا على كيفية تطبيق القانون وإجراءات تنفيذه، وجدلاً حول مدى مشروعية هذه الإجراءات مما لا يجوز التعرض له أمام هذه المحكمة إذ لا يشكل عيباً دستورياً يوصم به هذا القانون وتمتد إليه رقابتها.


الإجراءات

بتاريخ 30 أبريل سنة 1978 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت فيما تضمنه من إدراج الشركة المصرية المتحدة للملاحة البحرية فى الجدول المرافق له.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
وبجلسة 4 أبريل سنة 1981 قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة المدعية الثامنة، فأستأنف باقى المدعين السير فيها بموجب صحيفة اودع قلم الكتاب فى 31 مارس سنة 1982 وذلك بصفاتهم الشخصية وباعتبارهم ورثة المتوفاة.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 4154 لسنة 1975 مدنى كلى الإسكندرية طالبين الحكم بثبوت ملكيتهم للشركة المصرية المتحدة للملاحة البحرية وتسليمها لهم مع الزام المدعى عليهم بأن يدفعوا لهم قيمة التعويض الذى يقدره أحد الخبراء عما فاتهم من كسب منذ تأميم ذلك الشركة. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعون بعدم دستورية القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت وذلك فيما تضمنه من تأميم الشركة المشار إليها، فقضت المحكمة فى 27 مارس سنة 1978 بوقف الدعوى وحددت للمدعين أجلاً غايته 31 مايو من ذات السنة لرفع دعواهم الدستورية، فأقاموا الدعوى الماثلة.
وحيث إن المدعين ينعون على القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت مخالفته للدستور استناداً إلى سببين حاصل أولهما أن هذا القرار بقانون صدر من رئيس الجمهورية فى غيبة مجلس الأمة ولم يعرض على المجلس فور انعقاده فسقط ما له من قوة القانون طبقاً لنص المادة 53 من دستور سنة 1958 الذى كان قائماً وقتئذ.
وحيث إن المادة 53 من دستور سنة 1958 كانت تنص على أن لرئيس الجمهورية أن يصدر أى تشريع أو قرار مما يدخل أصلاً فى اختصاص مجلس الأمة إذا دعت الضرورة إلى اتخاذه فى غياب المجلس على أن يعرض عليه فور انعقاده فإذا اعترض المجلس على ما أصدره رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثى أعضائه سقط ما له من أثر من تاريخ الاعتراض. ويستفاد من هذا النص أنه وأن أوجب عرض ما يصدره رئيس الجمهورية من تشريعات تطبيقاً له على مجلس الأمة فور انعقاده، إلا أنه لم يفرض جزاء لعدم عرضه وذلك خلافاً لمسلك المشرع فى سائر الدساتير الأخرى سواء السابقة على هذا الدستور أو اللاحقة به إذ نصت جميعاً على أن القرارات بقوانين التى يصدرها رئيس الجمهورية فى غيبة المجلس النيابى لدواعى الضرورة يزول ما لها فى قوة القانون إذا لم تعرض على المجلس. وهذه المغايرة فى الحكم بين دستور سنة 1958 والدساتير الأخرى تدل على أن المشرع فى هذا الدستور قصد ألا يرتب ذلك الأثر على مجرد عدم عرض القرارات بقوانين على مجلس الأمة بل أوجبه فقط فى حالة اعتراض المجلس عليها بالأغلبية الخاصة التى نص عليها، ومن ثم فإن ما ينعاه المدعون فى هذا السبب يكون فى غير محله.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الثانى أن القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 إذ أورد فى الجدول المرفق به الشركة المملوكة للمدعين ضمن الشركات والمنشآت التى نصت مادته الأولى فى فقرتها الأولى على تأميمها يكون قد خالف المادة 35 من دستور سنة 1971 التى تشترط أن يكون التأميم لاعتبارات الصالح العام ومقابل تعويض، ذلك أن هذه الشركة لم تسهم – بعد تأميمها – بأى دور فى تنمية الاقتصاد القومى سواء بكيانها الذاتى أو بإدماجها فى احدى شركات القطاع العام ذلك الإدماج الذى صدر به القرار الجمهورى رقم 1480 لسنة 1961 ثم ما لبث أن عدل عنه بموجب القرار الجمهورى رقم 2126 لسنة 1963 بعد أن كانت المدعى عليها الخامسة – المؤسسة المصرية العامة للنقل البحرى قد أصدرت فى 26 ديسمبر سنة 1962 قراراً بتصفية الشركة على غير سند من القانون وبادرت باتخاذ عدة تصرفات فى هذا الصدد لم تحظ بموافقة المصفى، وهكذا تأرجحت الشركة بعد تأميمها – بين عدة أنظمة قانونية وواقعية لم يستقر على إحداها الأمر الذى يكشف عن أن تأميمها لم يستهدف الصالح العام. فضلاً عن أن هذا التأميم لم يقترن بأداء التعويض المستحق للمدعين عن أيلولة حقوقهم فى الشركة إلى الدولة، بل أدت التصفية المشار إليها إلى مديونيتهم هم للدولة وهو ما يعد بمثابة مصادرة لأموالهم تتنافى مع ما يقرره الدستور فى المادة 36 من حظر المصادرة العام للأموال وعدم جواز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى.
وحيث إن نطاق الطعن على هذا النحو يكون قد تحدد من الناحية الموضوعية فى النعى بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 بشأن تأميم بعض الشركات والمنشآت فيما قضت به من تأميم الشركة المصرية المتحدة الملاحة البحرية بإدراجها فى الجدول المرفق بهذا القانون.
وحيث إنه وأن كان المشرع الدستورى لم يضمن دستور سنة 1958 نصاً خاصاً فى شأن مبدأ التأميم، إلا أن هذا المبدأ يجد سنده فى النص العام الذى ورد فى المادة الخامسة من هذا الدستور التى تقضى بأن "الملكية الخاصة مصونة وينظم القانون وظيفتها الاجتماعية ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون". مما مقتضاه جواز تقييد حق الملكية الخاصة نزولاً على مقتضيات الصالح العام باعتبارها وظيفة اجتماعية ينظم القانون أداءها فى خدمة الجماعة بأسرها. وهو ما ردده دستور سنة 1971 فى المادة 32 منه التى جعلت للملكية الخاصة وظيفة اجتماعية وقضت بأن يكون استخدامها بما لا يتعارض مع الخير العام للشعب، وفى المادة 34 التى نصت على أن الملكية مصونة…. ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقا للقانون. وما أكده ذلك الدستور فى المادة 35 من أنه "لا يجوز التأميم إلا للمنفعة العامة وبقانون ومقابل تعويض".
وحيث إن القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 بشأن تأميم بعض الشركات والمنشآت بعد أن نص فى الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على تأميم الشركات والمنشآت المبينة بالجدول المرفق به ومن بينها الشركة المصرية المتحدة للملاحة البحرية، حرص فى مادته الثانية على تعويض أصحاب المشروعات المؤممة وبين كيفية أداء التعويض إليهم فنص على أن "تتحول أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المؤممة إلى سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة…." كما أفصح المشرع فى المذكرة الإيضاحية للقانون عن مقاصده واعتبارات المصلحة العامة التى تغياها من إصداره فأشار إلى أن الهدف من التأميم هو "توسيع قاعدة القطاع العام بحسبانه ضرورة قومية لتوجيه الاقتصاد القومى توجيهاً مؤثراً ومفيداً لخطة التنمية بما يكفل المضى بها قدماً نحو الغايات المقصودة منها مما يقتضى حشد القوى الفنية والإمكانيات المادية اللازمة لها – دون ترك أعبائها وتمويل احتياجاتها للقطاع الخاص الذى قد يتجه بجهوده وفق الاحتياجات التى تمليها مصالحه الخاصة وفى ذلك ما قد يقيم العثرات أمام خطة التنمية" لما كان ذلك، فإن ما ذهب إليه المدعون من أن ذلك القرار بقانون إذ قضى بتأميم الشركة المملوكة لهم لم يستهدف الصالح العام وأن تأميمها قد تم بغير مقابل بما ينطوى على مصادرة للملكية الخاصة التى كفلها الدستور يكون غير سديد.
وحيث إنه لا ينال من ذلك ما أثاره المدعون بشأن الإجراءات التنفيذية اللاحقة على تأميم الشركة وأيلولة ملكيتها إلى الدولة سواء ما تعلق منها بصدور قرار جمهورى بإدماجها فى شركة أخرى ثم العدول عن هذا الإدماج أو بصدور قرار بتصفيتها ذلك أن هذه المطاعن – أياً كان وجه الرأى فيها – لا تعدو أن تكون نعياً على كيفية تطبيق القانون وإجراءات تنفيذه، وجدلاً حول مدى مشروعية هذه الإجراءات مما لا يجوز التعرض له أمام هذه المحكمة إذ لا يشكل عيبا دستوريا يوصم به هذا القانون وتمتد إليه رقابتها. كما لا يقدح فى ذلك ما ذهب إليه المدعون من أن تصفية شركتهم المؤممة أسفرت عن عدم استحقاقهم لأى تعويض، ذلك أن العبرة فى بيان ما إذا كان التأميم قد تم بمقابل أو بدونه هو بما تقرره نصوص قانون التأميم بعض النظر عما قد ينتهى إليه تنفيذ أحكامه فى مجال تقويم المشروع المؤمم وتحديد ما له من حقوق وما عليه من التزامات قد تستغرق هذه الحقوق فلا يبقى لأصحابه ما يعوضون عنه.
لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه المدعون على القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 من مخالفته للدستور سواء من الناحية الشكلية أو من الناحية الموضوعية، يكون على غير أساس، الأمر الذى يتعين معه رفض الدعوى.

لهذه الأسباب:

حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادره الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل اتعاب المحاماة.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات