الطعن رقم 23 لسنة 3 قضائية “دستورية” – جلسة 15 /05 /1982
أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء
الثانى
من أكتوبر 1981 حتى ديسمبر 1983 – صـ 40
جلسة 15 مايو سنة 1982
برئاسة السيد المستشار أحمد ممدوح عطية رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ فاروق سيف النصر وكمال سلامة عبد الله ومحمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد أعضاء، والسيد المستشار د. عوض المر المفوض، والسيد/ أحمد على فضل الله أمين السر.
القضية رقم 23 لسنة 3 قضائية "دستورية"
1- مصادرة – المصادرة العامة محظورة حظراً مطلقاً – المصادرة الخاصة
لا تجوز إلا بحكم قضائى.
2- مصادرة – المصادرة الخاصة – المادة 36 من الدستور – نصها على حظر المصادرة الخاصة
إلا بحكم قضائى – جاء مطلقا غير مقيد – شموله المصادرة الخاصة فى جميع صورها – النص
الذى يجيز الوزير الاقتصاد أو من ينيبه أن يأمر بالمصادرة الإدارية مخالف للمادة 36
من الدستور.
1- إن المشرع الدستورى أرسى الأحكام الخاصة بالمصادرة بما نص عليه فى المادة 36 من
دستور سنة 1971 من أن "المصادرة العامة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا
بحكم قضائى" فنهى بذلك نهياً مطلقاً عن المصادرة العامة، وحدد الاداة التى تتم بها
المصادرة الخاصة وأوجب أن تكون حكماً قضائياً وليس قراراً إدارياً، حرصاً منه على صون
الملكية الخاصة من أن تصادر إلا بحكم قضائى، حتى تكفل إجراءات التقاضى وضماناته لصاحب
الحق الدفاع عن حقه وتنتفى بها مظنة العسف أو الافتئات عليه، وتأكيداً لمبدأ الفصل
بين السلطات على أساس أن السلطة القضائية هى السلطة الاصيلة التى ناط بها الدستور إقامة
العدالة بحيث تختص دون غيرها من السلطات بالأمر بالمصادرة.
2- لما كان نص المادة 36 المشار إليها إذ حظر تلك المصادرة إلا بحكم قضائى قد جاء مطلقاً
غير مقيد، بعد أن عمد المشرع الدستورى سنة 1971 إلى حذف كلمة "عقوبة" التى كانت تسبق
عبارة "المصادرة الخاصة" فى المادة 57 من دستور سنة 1956 المقابلة للمادة 36 من دستور
سنة 1971، وذلك حتى يجرى النص فى إطلاقه ويعم حكمه ليشمل المصادرة الخاصة فى كافة صورها،
فإن النص الذى يجيز لوزير الاقتصاد أو من ينيبه أن يأمر بالمصادرة إداريا يكون مخالفاً
للمادة 36 من الدستور، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
الإجراءات
بتاريخ 4 أبريل سنة 1981 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم
578 سنة 28 قضائية بعد أن قررت محكمة القضاء الادارى فى 6 يناير سنة 1981 وقف الدعوى
وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المادة العاشرة من القانون
رقم 9 لسنة 1959 فى شأن الاستيراد.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى فى الدعوى المحالة كان قد
اقام الدعوى رقم 3906 سنة 1973 مدنى كلى جنوب القاهرة طالباً
الحكم بتسليمه البضائع التى وجدت بحقائبه عند تفتيشها بمطار القاهرة الدولى قولاً بأنه
كان فى مرور عابر فى طريقه إلى بيروت وأن القرار الصادر بمصادرتها إدارياً لعدم حصوله
على ترخيص فى استيرادها مخالف للواقع وللقانون. وبجلسة 28 فبراير سنة 1974 قضت محكمة
جنوب القاهرة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة حيث قيدت برقم 578 لسنة 28 قضائية. وبتاريخ 6 يناير سنة 1981 قررت محكمة
القضاء الإدارى وقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية
المادة العاشرة من القانون رقم 9 لسنة 1959 فى شأن الاستيراد، تأسيساً على ما أوردته
فى قرار الإحالة من أن الثابت من الأوراق أن الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات
أصدرت فى 25 أغسطس سنة 1973 قراراً بالاكتفاء بمصادرة المضبوطات بدلاً من إحالة المدعى إلى المحاكمة الجنائية استنادا إلى حكم المادة العاشرة من القانون رقم 9 لسنة 1959
فى شأن الاستيراد، وأن هذه المادة فيما تضمنته من إجازة المصادرة الإدارية تماثل المادة
9/ 4 من القانون رقم 80 لسنة 1947 بشأن تنظيم الرقابة على عمليات النقد الأجنبى، التى سبق أن قضت المحكمة العليا بتاريخ 4 مارس سنة 1978 فى الدعوى رقم 3 لسنة 8 قضائية بعدم
دستوريتها لمخالفتها نص المادة 36 من الدستور، الأمر الذى رأت معه المحكمة إحالة الأوراق
إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المادة العاشرة المشار إليها.
وحيث إن القانون رقم 9 لسنة 1959 فى شأن الاستيراد – قبل إلغائه بالقانون رقم 118 لسنة
1975 فى شأن الاستيراد والتصدير – تناول فى المواد السابعة والثامنة والتاسعة منه العقوبات
المقررة على مخالفة أحكامه وشروط الافراج عن السلع المستوردة بالمخالفة لهذه الأحكام،
ثم نصت المادة العاشرة منه على أنه "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات
فى هذه الجرائم إلا بناء على طلب كتابى من وزير الاقتصاد أو من ينيبه كتابة فى ذلك
ويجوز لوزير الاقتصاد أو من ينيبه الاكتفاء بمصادرة السلع المستوردة إدارياً مع سداد
رسم الاستيراد المستحق، ولو كانت السلع معفاة من أدائه…..".
وحيث إن المشرع الدستورى أرسى الأحكام الخاصة بالمصادرة بما نص عليه فى المادة 36 من
دستور سنة 1971 من أن "المصادرة العامة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا
بحكم قضائى" فنهى بذلك نهياً مطلقاً عن المصادرة العامة، وحدد الأداة التى تتم بها
المصادرة الخاصة وأوجب أن تكون حكماً قضائياً وليس قراراً إدارياً، حرصاً منه على صون
الملكية الخاصة من أن تصادر إلا بحكم قضائى، حتى تكفل اجراءات التقاضى وضماناته لصاحب
الحق الدفاع عن حقه وتنتفى بها مظنة العسف أو الافتئات عليه، وتأكيداً لمبدأ الفصل
بين السلطات على أساس أن السلطة القضائية هى السلطة الأصيلة التى ناط بها الدستور إقامة
العدالة بحيث تختص دون غيرها من السلطات بالأمر بالمصادرة.
لما كان ذلك، وكان نص المادة 36 المشار إليها إذ حظر تلك المصادرة إلا بحكم قضائى قد
جاء مطلقاً غير مقيد، بعد أن عمد المشرع الدستورى سنة 1971 إلى حذف كلمة "عقوبة" التى كانت تسبق عبارة "المصادرة الخاصة" فى المادة 57 من دستور سنة 1956 المقابلة للمادة
36 من دستور سنة 1971، وذلك حتى يجرى النص فى إطلاقه ويعم حكمه ليشمل المصادرة الخاصة
فى كافة صورها، فإن النص الذى يجيز لوزير الاقتصاد أو من ينيبه أن يأمر بالمصادرة إدارياً
يكون مخالفاً للمادة 36 من الدستور، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
لهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة العاشرة من القانون رقم 9 لسنة 1959 فى شأن الاستيراد – قبل إلغائه بالقانون رقم 118 لسنة 1975 – فيما نصت عليه من أنه "يجوز لوزير الاقتصاد أو من ينيبه الاكتفاء بمصادرة السلع المستوردة إدارياً".
