الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 9 لسنة 1 قضائية “دستورية” – جلسة 07 /02 /1981 

أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء الأول
التى أصدرتها حتى 30 يونيه سنة 1981م – صـ 172

جلسة 7 فبراير سنة 1981

برئاسة السيد المستشار أحمد ممدوح عطية رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ فاروق محمود سيف النصر ومحمد فهمى حسن عشرى وكمال سلامة عبد الله ود. فتحى عبد الصبور ومحمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى – أعضاء، والسيد المستشار د. محمد أبو العينين – المفوض، والسيد/ سيد عبد البارى إبراهيم – أمين السر.


القضية رقم 9 لسنة 1 قضائية "دستورية"

مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى – طبيعة قراراته – تداخل ما يباشره فى صدد اعتماد قرارات اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى مع عملها – أثر ذلك.
لما كانت القرارات التى تصدرها اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى، وهى تمارس عملاً قضائياً أسنده إليها المشرع، تعتبر بحسب طبيعتها أحكاماً قضائية وليست قرارات إدارية، وكان مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى إذ يباشر – فى صدد اعتماده قرارات هذه اللجنة – ما اختص به بنص صريح فى القانون، فإن ما يتولاه فى هذا الشأن يتداخل مع عمل اللجنة، وهو عمل قضائى على ما سلف بيانه، بحيث تلحق الصفة القضائية ما يصدره المجلس من قرارات.


الإجراءات

بتاريخ 3 أبريل سنة 1977 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية البند رقم من المادة السادسة من القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى والقانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى، وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعيين كانوا قد أقاموا الاعتراض رقم 87 لسنة 1963 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى يطلبون فيه الاعتداد بعقد البيع الابتدائى الصادر إليهم من والدتهم بتاريخ 15 اغسطس سنة 1960 عن أطيان زراعية مساحتها 79 ف و23 ط، كما كانت البائعة بدورها قد أقامت الاعتراض رقم 158 لسنة 1963 تطلب فيه الاعتداد بذات العقد، وبعد ضم الاعتراضين قررت اللجنة بجلسة 21 مارس سنة 1965 رفضها موضوعاً. طعن المدعون فى هذا القرار أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 142 لسنة 18 ق طالبين إلغاءه، ودفعت الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بعدم قبول الطعن استناداً إلى البند رقم من المادة السادسة من القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى والقانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها والذى لا يجيز الطعن فى القرارات الصادرة من اللجان القضائية للإصلاح الزراعى قبل العمل بأحكام هذا القانون إذا كان قد صدر فى شأنها قرار نهائى من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، وإذ كان مجلس الإدارة قد صدق بتاريخ 11 يونيه سنة 1966 على القرار المطعون فيه فإن الطعن عليه يكون غير جائز، فدفع المدعون بعدم دستورية البند رقم من المادة السادسة المشار إليه، وبجلسة 4 يناير سنة 1977 قررت المحكمة وقف الفصل فى الطعن وحددت للمدعين ثلاثة أشهر لرفع دعواهم الدستورية، فأقاموا الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة السادسة من القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى والقانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها تنص على أنه "يجوز لأطراف النزاع الطعن فى القرارات الصادرة من اللجان القضائية المنصوص عليها فى الفقرة الأخيرة من المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه والصادرة قبل العمل بأحكام هذا القانون وذلك بتوافر الشروط التالية:
1 – …………
2 – ألا يكون القرار قد صدر فى شأنه قرار نهائى من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى".
وحيث إن المدعين يطلبون الحكم بعدم دستورية البند رقم من هذه المادة لأسباب حاصلها أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى لا تعدو أن تكون لجنة إدارية، وأن كلاً من قراراتها والقرارات الصادرة بشأنها من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى هى قرارات إدارية وليست أحكاماً قضائية، وبالتالى يكون النص على عدم جواز الطعن فى قرارات هذه اللجان – الصادرة قبل العمل بالقرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 – إذا كان قد صدر فى شأنها قرار نهائى من مجلس إدارة الهيئة القامة للإصلاح الزراعى مخالفاً للمادة 68 من الدستور التى كفلت حق التقاضى للناس كافة وحظرت النص على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء، بالإضافة إلى إخلاله بمبدأ المساواة بين المواطنين إذ أباح للبعض الطعن فى قرارات تلك اللجان لمجرد التراخى فى التصديق عليها، وحظره على البعض الآخر ممن بادر مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بالتصديق على القرارات الصادرة ضدهم.
وحيث إن الحكومة طلبت رفض الدعوى استناداً إلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض وجرى به قضاء المحكمة العليا من اعتبار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى جهة قضاء ناط بها المشرع سلطة الفصل فيما أسند إليها من منازعات.
وحيث إن المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى المعدلة بالقرار بقانون رقم 381 لسنة 1956 – وقبل تعديلها بالقرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 – كانت تنص فى فقرتها الثانية على أن "… تشكل لجنة قضائية أو أكثر من مستشار من المحاكم يختاره وزير العدل تكون له الرئاسة ومن عضو بمجلس الدولة ومندوب عن اللجنة العليا للإصلاح الزراعى ومندوب عن الشهر العقارى وآخر عن مصلحة المساحة وتكون مهمتها فى حالة المنازعة تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضى المستولى عليها، وذلك لتعيين ما يجب الاستيلاء عليه طبقاً لأحكام هذا القانون، كما تختص هذه اللجنة بالفصل فى المنازعات الخاصة بتوزيع الأراضى المستولى عليها". كما نصت الفقرة الرابعة منها على أن "… تبين اللائحة التنفيذية الإجراءات التى تتبع فى رفع المنازعات أمام اللجنة القضائية وكيفية الفصل فيها". ونصت المادة 27 من هذه اللائحة التنفيذية – بعد تعديلها بقرار رئيس الجمهورية الصادر فى 31 يناير سنة 1957 – على أن "… تقوم اللجنة القضائية فى حالة المنازعة – بتحقيق الإقرارات وفحص الملكية والحقوق العينية وإجراءات التوزيع ولها فى سبيل ذلك تطبيق المستندات وسماع أقوال من ترى لزوماً لسماع أقوالهم وتكليف المستولى لديهم أو من وزعت الأرض عليهم وغيرهم من ذوى الشأن الحضور أمامها لإبداء ملاحظاتهم وتقديم ما تطلبه منهم من بيانات أو مستندات ويكون التكليف بكتاب موصى عليه بعلم الوصول قبل الجلسة بأسبوع على الأقل. ولذوى الشأن أن يحضروا أمام اللجنة بأنفسهم أو ينيبوا عنهم محامياً فى الحضور. وللجنة الاستعانة بمن ترى الاستعانة بهم من الموظفين الفنيين أو الإداريين أو غيرهم من ذوى الخبرة. ولا يكون انعقاد اللجنة صحيحاً إلا بحضور جميع أعضائها وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة وتكون مسببة". وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 131 لسنة 1953 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه – فى شأن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى – أنه "…… نظراً لأهميتها خلع عليها صفة قضائية وحددت طريقة تشكيلها ليكفل لذوى الشأن من الضمانات ما يكفله لهم القضاء العادى فى هذا النوع من مسائل فيتم بذلك التوفيق بين مصالح الأفراد من جهة ومصلحة الدولة فى سرعة البت فى مسائل ملكية الأراضى المستولى عليها"، وهو ما أشارت إليه أيضاً المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون رقم 381 لسنة 1956 بتعديل المادة 13 مكرراً سالفة الذكر فيما أوردته من أنه "ولذلك أنشئت لجنة قضائية روعى فى تشكيلها أن تكفل لذوى الشأن من الضمانات ما تكفله لهم جهات القضاء….".
كما أوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 11 لسنة 1972 بإلغاء موانع التقاضى فى بعض القوانين أنه بما تضمنه هذا القانون من إلغاء للنصوص الواردة فى قوانين الإصلاح الزراعى التى كانت تحصن الأعمال والقرارات الإدارية من رقابة القضاء "… لم يعد هناك أى مانع من موانع التقاضى فى هذه الحالات، فضلاً عما كان قد استقر عليه قضاء محكمة النقض من اعتبار اللجنة القضائية المشكلة طبقاً لقانون الإصلاح الزراعى جهة قضائية مستقلة بالنسبة لما خصها الشارع بنظره من تلك المنازعات (نقض مدنى جلسة 23 ديسمبر سنة 1965، الطعن رقم 260 لسنة 31 القضائية)".
وحيث إن مؤدى ما تقدم أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى هى جهة قضائية مستقلة عن جهتى القضاء العادى والإدارى أنشأها المشرع وخصها بالفصل دون سواها فيما ينشأ عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعى من منازعات متعلقة بملكية الأراضى المستولى عليها، وقرارات الاستيلاء الصادر بشأنها وما يتصل بتوزيعها على المنتفعين بأحكامه، وذلك بإتباع إجراءات قضائية لها كافة سمات إجراءات التقاضى وضماناته وتؤدى إلى سرعة البت فى هذه المنازعات حتى يحسم أمرها وتتحقق بذلك الأهداف التى صدر من أجلها قانون الإصلاح الزراعى، وهو ما أفصح عنه المشرع فى المذكرات الإيضاحية للقانون رقم 131 لسنة 1953 والقرار بقانون رقم 381 لسنة 1956 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعى، والقانون رقم 11 لسنة 1972 بشأن إلغاء موانع التقاضى على ما سلف بيانه، وبالتالى فإن القرارات التى تصدرها هذه اللجنة، وهى تمارس عملاً قضائياً أسنده إليها المشرع، تعتبر بحسب طبيعتها أحكاما قضائية وليست قرارات إدارية. كما أن مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى إذ يباشر – فى صدد اعتماده قرارات اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى – ما اختص به بنص صريح فى القانون، فإن ما يتولاه فى هذا الشأن يتداخل مع عمل اللجنة، وهو عمل قضائى على ما سلف بيانه، فتلحق لزوماً الصفة القضائية ما يصدره من قرارات. لما كان ذلك وكان إسناد ولاية الفصل المنازعات الناشئة عن تطبيق قانون الإصلاح الزراعى إلى هيئة قضائية مستقلة عن جهتى القضاء العادى والإدارى لما سلف بيانه من اعتبارات، مما يدخل فى سلطة المشرع إعمالاً للتفويض المخول له بالمادة 167 من الدستور فى شأن تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها، فإن ما ينعاه المدعون على البند رقم من المادة السادسة من القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 المشار إليه من أنه يتضمن مصادرة لحق التقاضى ويحصن القرارات الإدارية من رقابة القضاء يكون على غير أساس.
لما كان ما تقدم وكان مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق لا يعنى المساواة بين جميع الأفراد رغم اختلاف ظروفهم ومراكزهم القانونية، ذلك أن المشرع يملك لمقتضيات الصالح العام وضع شروط عامة مجردة تحدد المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون، بحيث يكون لمن توافرت فيهم هذه الشروط دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التى كفلها لهم المشرع، وينتفى مناط المساواة بينهم وبين من تخلفت بالنسبة إليهم هذه الشروط. ولما كان ما تضمنه البند رقم من المادة السادسة من القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 موجهاً إلى كافة من تماثلت ظروفهم ومراكزهم القانونية من أطراف النزاع، بعدم صدور قرار نهائى من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى فى شأن القرار الذى أصدرته اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى، وتوافر بذلك لهذا النص شرطاً العموم والتجريد، فإن النعى عليه بالإخلال بمبدأ المساواة يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الدعوى.

لهذه الأسباب:

حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماه.


أصدرت المحكمة فى جلسة 7 فبراير 1981 أحكاماً فى القضايا أرقام 12، 14، 19 لسنة 1 قضائية تضمنت ذات المبدأ.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات