الرئيسية الاقسام القوائم البحث

قاعدة رقم الطعن رقم 14 لسنة 16 قضائية “تنازع” – جلسة 02 /03 /1996 

أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء السابع
من أول يوليو 1995 حتى آخر يونيو 1996 – صـ 933

جلسة 2 مارس سنة 1996

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ نهاد عبد الحميد خلاف وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور – أعضاء، وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفى على جبالى – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدى أنور صابر – أمين السر.

قاعدة رقم
القضية رقم 14 لسنة 16 قضائية "تنازع"

1- دعوى تنازع تنفيذ الأحكام المتناقضة "ولاية المحكمة الدستورية العليا – وحدة المحل – تناقض – تعذر التنفيذ"
مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها فى مجال فض التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين لتعذر تنفيذها معاً يقتضيها التحقق أولاً من وحدة موضوعهما ثم من تناقض قضائيهما – البحث بعد ذلك فى مدى تعذر تنفيذهما معا.
2- قرار إدارى "الفصل فى مشروعيته: التحقق من أركانه".
الفصل فى مشروعية القرار الإدارى يدخل أصلا فى اختصاص القضاء الإدارى – تقدير مشروعيته يقتضى التحقق من توافر أركانه ومنها ركن السبب.
3- دومين خاص – تشريع "القانون رقم 147 لسنة 1957 تقادم".
عدم جواز تملك أموال الدولة الخاضعة أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم طبقاً للقانون المشار إليه – انصراف هذه القاعدة إلى كل تقادم لم يكتمل قبل العمل بأحكامه.
4- حيازة – اختصاص – "القضاء العادى".
تقدير توافر الحيازة المكسبة للملك بشرائطها المقررة قانوناً مما يدخل الفصل فيه فى اختصاص القضاء العادى.
5- ملكية "اختصاص".
تحقيق الملكية يدخل ابتداء وانتهاء فى اختصاص القضاء العادى – عدم جواز إصدار جهة القضاء الادارى قضاء قطعيا فيها تستبق به جهة القضاء الأصيل بالفصل فيها.
6- دعوى تنازع تنفيذ الأحكام المتناقضة "الحكم الأولى بالتنفيذ".
أولى الحكمين المدعى تناقضهما بالتنفيذ إنما يكون للجهة التى اختصها المشرع بولاية الفصل فى الخصومة القضائية محددة على ضوء القواعد التى حدد المشرع بها لكل جهة قضائية نصيبها فى المنازعات التى عهد إليها بالفصل فيها.
1- إن التناقض بين حكمين نهائيين صادرين عن جهتين قضائيتين مختلفتين – فى تطبيق أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا – يفترض وحدة موضوعهما محدداً على ضوء نطاق الحقوق التى فصلا فيها. بيد أن وحدة هذا الموضوع، لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا فيه. كذلك إن تناقضهما – إذا قام الدليل عليه – لا يدل لزوماً على تعذر تنفيذهما معا، بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها فى مجال فض التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معاً، يقتضيهما أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما، ثم من تناقض قضائيهما وتهادمهما معاً فيما فصلا فيه من جوانب ذلك الموضوع، فإذا قام الدليل على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معاً متعذراً. وهو ما يعنى أن بحثهما فى تعذر تنفيذ هذين الحكمين، يفترض تناقضهما؛ ولا يقوم هذا التناقض بداهة إذا اختلفا موضوعاً.
2، 3، 4- إن القرار الصادر عن الجهة الإدارية فى شأن المدعى عليهم فى الدعوى الماثلة متضمنا ازالة تعديهم على الأرض المتنازع عليها، لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً بمعنى الكلمة ذلك إن الإدارة اتجهت أثناء قيامها بوظائفها، إلى الإفصاح عن إرادتها الملزمة بها لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح، فى الشكل الذى يتطلبه القانون إحداثاً لأثر قانونى معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً، وابتغاء مصلحة عامة. وإذ كان الفصل فى مشروعية هذا القرار مما يدخل أصلا فى اختصاص محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة؛ وكان تقدير هذه المشروعية يقتضيها أن تتحقق من توافر الأركان التى يقوم عليها ذلك القرار، ويندرج تحتها ركن السبب باعتباره الحالة الواقعية أو القانونية التى حملتها على التدخل لاتخاذ قراراها المطعون فيه؛ وكان قيام هذه الحالة – فى نطاق النزاع الماثل – بعناصرها الواقعية والقانونية – يتصل برابطة وثقى بما إذا كان المال المتنازع عليه من الأموال العامة التى لا يجوز تملكها أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم، أو من أموالها الخاصة التى كان الحق فى كسبها بالتقادم مكفولاً إلى ما قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 بتعديل نص المادة 970 من القانون المدني؛ وكان هذا القانون قد نص على عدم جواز تملك أموال الدولة الخاصة أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم، شأنها فى ذلك شأن أموالها العامة؛ وكان هذا القانون نافذاً بأثر مباشر، ومنصرفاً بالتالى إلى كل تقادم لم يكتمل قبل العمل بأحكامه؛ وكان تقدير توافر الحيازة المكسبة للملك بشرائطها المقررة قانوناً سواء من ناحية هدوئها وظهورها واستمرارها وانتفاء التباسها بغيرها، واقترانها بنية التملك، مما يدخل الفصل فيه فى اختصاص جهة القضاء العادي؛ وكان المدعى عليهم فى الدعوى الماثلة قد أبانوا أمام جهة القضاء الإدارى، عن أن النزاع حول ملكية الأرض التى صدر القرار المطعون فيه بشأنها متضمناً إزالة تعديهم عليها، لا زال مطروحاً على جهة القضاء العادى لم تفصل فيه بعد؛ فإن النزاع حول الملكية يكون مؤثراً فى المنازعتين المدنية والإدارية، وبإثباتها للمدعى عليهم – فى الدعوى الماثلة – أو نفيها عنهم، تتحدد مشروعية القرار رقم 167 لسنة 1985 الصادر عن الجهة الإدارية بإزالة تعديهم على أرض النزاع، وهو ما يعنى وحدة هاتين المنازعتين فى موضوعيهما باعتبار أن الخلاف حول الملكية، هو جوهر النزاع الموضوعى أمام جهة القضاء العادى، وهو – فى الوقت ذاته – عين المسألة الاولية التى تتحدد على ضوئها مشروعية القرار المطعون فيه أمام جهة القضاء الإدارى. وكان ينبغى عليها بالتالى أن تتربص قضاء جهة القضاء العادى فى شأنها بلوغاً لغاية الأمر فيها.
5، 6- إن البين من الاطلاع على الأوراق، أنه على خلاف قضاء قاطع عن محكمة القضاء الإدارى بأن عين النزاع من الأموال العامة للدولة، وأن رد يد المدعى عليهم عنها، وإزالة تعديهم عليها بالقرار المطعون فيه، يعد عملاً مشروعاً مستوجباً رفض طلبهم إلغاء هذا القرار، فإن قضاء المحكمتين الابتدائية والاستئنافية أقيم على دعامتين: أولاهما: أن عين النزاع كانت أصلاً من الأموال العامة للدولة بحكم تخصيصها للمنفعة العامة، إلا أن زوال هذا التخصيص عنها فعلاً يخرجها من نطاقها لتدخل فى أموال دومينها الخاص. ثانيتهما: أن أموال هذا الدومين كان يجوز تملكها بالتقادم إلى ما قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 بتعديل نص المادة 970 من القانون المدنى، إذ حال هذا التعديل – واعتباراً من تاريخ نفاذه – دون تملكها أو كسب أى حق عينى عليها بالتقام. وعلى ضوء هاتين الدعامتين خلص قضاء المحكمتين الابتدائية والاستئنافية إلى إثباتها ملكية الأرض المتنازع عليها للمدعى عليهم باعتبار أن حيازتهم لها – وبوصفها واقعة مادة تحققها محكمة الموضوع – مستوفية لشرائطها المقررة قانون، وأن استجماعهم لشرائطها هذه – بما فى ذلك اكتمال مدتها واقترانها بنية التملك – قد تم تعديل نص المادة 970 من القانون المدني؛ متى كان ذلك، وكان ما قرره هذان الحكمان مما تقدم، لا يعدو أن يكون فصلاً فى حقوق الملكية التى يدخل تحقيقها ابتداء وانتهاء فى ولاية جهة القضاء العادى، ولا يجوز لجهة القضاء الإدارى أن تصدر قضاء قاطعاً فيها تستبق به جهة القضاء الأصيل بالفصل فيها؛ وكان من المقرر قانوناً أن أولى الحكمين المدعى تناقضهما بالتنفيذ، إنما يكون للجهة التى اختصها المشرع بولاية الفصل فى الخصومة القضائية، محددة على ضوء القواعد التى حدد المشرع بها لكل جهة قضائية نصيبها أو قسطها من المنازعات التى عهد إليها بالفصل فيها، فإن الحكم الصادر عن جهة القضاء العادى، يكون هو الأجدر والأحق بالتنفيذ.


الإجراءات

بتاريخ 15 أكتوبر سنة 1994 أودع المدعيان قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة طالبين الحكم بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعاوى المضمومة لبعضها أرقام 5056، 5366 لسنة 39 قضائية، 636، 1093، 1094 لسنة 40 قضائيه، والقاضى برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه بتلك الدعاوى، وذلك دون الحكمين الصادرين من محكمة شبين الكوم فى الدعويين رقمى 5331، 7998 لسنة 1985 المؤيدين استئنافياً فى الاستئنافين رقمى 539 لسنة 23 قضائية، 699 لسنة 25 قضائية.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى الثانى – بتفويض من الأول – كان قد أصدر القرار رقم 167 لسنة 1985 بإزالة التعدى الواقع من المدعى عليهم على القطعتين رقمى 163، 164 بحوض داير الناحية رقم 27 بمنوف، وذلك على سند مما ارتأته لجنة إزالة التعديات على أملاك الدولة، من أن هاتين القطعتين تدخلان فى أموالها العامة تحت مسمى جرن روك أهالى. وقد أقامت المدعى عليها الاخيرة ضد المدعين فى الدعوى الماثلة، الدعوى رقم 5331 لسنة 1985 مدنى شبين الكوم بطلب تثبيت ملكيتها لجانب من القطعة رقم 364، وكف منازعة المدعيين لها فى هذا الشأن. كما أقام باقى المدعى عليهم – فى الدعوى الماثلة – الدعوى رقم 7995 لسنة 1985 مدنى شبين الكوم بذات الطلبات بالنسبة إلى باقى مساحة القطعة رقم 164 وكامل مسطح القطعة رقم 163، وقد قضت محكمة شبين الكوم الابتدائية بأحقية المدعى فى طلباتهما وتثبيت ملكيتها للقطعتين المذكورتين، تأسيساً على أن أرض النزاع وإن كانت أصلاً من الأموال العامة، إلا أن تخصيصها للمنفعة العامة قد زال عنها بالفعل منذ ما يربو على الخمسة والخمسين عاماً، ولأن وضع يدع المدعين عليها، ظل مستمراً امتداداً لوضع يد أسلافهم مدة تزيد على الخمسة عشر عاماً قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 بتعديل نص المادة 970 من القانون المدنى، واتسم وضع اليد عليها بالظهور والاستمرار بنية التملك. وقد طعن المدعيان فى الدعوى الماثلة فى قضاء محكمة أول درجة، وذلك بالاستئنافين رقمى 539 لسنة 23 قضائية، 699 لسنة 25 قضائية، وقضى فيهما بقبولهما شكلاً ورفضهما موضوعاً. وفى الوقت ذاته كان المدعى عليهم فى الدعوى الماثلة، قد أقاموا أمام محكمة القضاء الإدارى الدعاوى أرقام 5056، 5366 لسنة 39 قضائية و636 و1093 و1094 و1095 لسنة 40 قضائية بطلب وقف تنفيذ القرار الصادر بإزالة تعديهم على القطعتين 163، 164 المشار إليهما، وفى الموضوع بإلغاء القرار. وقد ضمت محكمة القضاء الإدارى هذه الدعاوى إلى بعضها ليصدر فيها حكم واحد، وقضى فى الشق المستعجل فيها برفض طلب وقف التنفيذ، وفى موضوعها برفض الدعوى على سند من أن الثابت بدفاتر المساحة أن أرض النزاع جرن روك أهالى منذ 1901، وأنها بذلك من الأموال العامة التى لا يجوز تملكها أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم وفقا لأحكام القانون المدنى، وأنه على ضوء ذلك يكون القرار الصادر بإزالة التعدى الواقع عليها بالطريق الإدارى، موافقاً صحيح حكم القانون.
وإذ ارتأى المدعيان فى الدعوى الماثلة، أن الأحكام النهائية الصادر بعضها من جهة القضاء الادارى، وبعضها الأخر من جهة القضاء المدنى، تتناقض فيما بينها ويتعذر تنفيذها معاً، فقد أقاما هذه الدعوى لفض التناقض بينها.
ومن حيث إن التناقض بين حكمين نهائيين صادرين عن جهتين قضائيتين مختلفتين – فى تطبيق أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا – يفترض وحدة موضوعهما محدداً على ضوء نطاق الحقوق التى فصلا فيها – بيد أن وحدة هذا الموضوع، لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا فيه. كذلك إن تناقضهما – إذا قام الدليل عليه – لا يدل لزوماً على تعذر تنفيذهما معا، بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها فى مجال فض التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معاً، يقتضيهما أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما؛ ثم من تناقض قضائيهما وتهادمهما معاً فيما فصلا فيه من جوانب ذلك الموضوع؛ فإذا قام الدليل على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معاً متعذراً. وهو ما يعنى أن بحثهما فى تعذر تنفيذ هذين الحكمين، يفترض تناقضهما؛ ولا يقوم هذا التناقض بداهة إذا اختلفا موضوعاً.
وحيث إن القرار الصادر عن الجهة الإدارية فى شأن المدعى عليهم فى الدعوى الماثلة متضمناً إزالة تعديهم على الأرض المتنازع عليها، لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً بمعنى الكلمة؛ ذلك أن الإدارة اتجهت أثناء قيامها بوظائفها، إلى الإفصاح عن إرادتها الملزمة بها لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح، فى الشكل الذى يتطلبه القانون إحداثاً لأثر قانونى معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً، وابتغاء مصلحة عامة.
وإذ كان الفصل فى مشروعية هذا القرار مما يدخل أصلا فى اختصاص محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة؛ وكان تقدير هذه المشروعية يقتضيها أن تتحقق من توافر الأركان التى يقوم عليها ذلك القرار، ويندرج تحتها ركن السبب باعتباره الحالة الواقعية أو القانونية التى حملتها على التدخل لاتخاذ قراراها المطعون فيه؛ وكان قيام هذه الحالة – فى نطاق النزاع الماثل – بعناصرها الواقعية والقانونية – يتصل برابطة وثقى بما إذا كان المال المتنازع عليه من الاموال العامة التى لا يجوز تملكها أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم، أو من أموالها الخاصة التى كان الحق فى كسبها بالتقادم مكفولاً إلى ما قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 بتعديل نص المادة 970 من القانون المدني؛ وكان هذا القانون قد نص على عدم جواز تملك أموال الدولة الخاصة أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم، شأنها فى ذلك شأن أموالها العامة؛ وكان هذا القانون نافذاً بأثر مباشر، ومنصرفاً بالتالى إلى كل تقادم لم يكتمل قبل العمل بأحكامه؛ وكان تقدير توافر الحيازة المكسبة للملك بشرائطها المقررة قانوناً سواء من ناحية هدوئها وظهورها واستمرارها وانتفاء التباسها بغيرها، واقترانها بنية التملك، مما يدخل الفصل فيه فى اختصاص جهة القضاء العادي؛ وكان المدعى عليهم فى الدعوى الماثلة قد أبانوا أمام جهة القضاء الإدارى، عن أن النزاع حول ملكية الأرض التى صدر القرار المطعون فيه بشأنها متضمناً إزالة تعديهم عليها، لا زال مطروحاً على جهة القضاء العادى لم تفصل فيه بعد؛ فإن النزاع حول الملكية يكون مؤثراً فى المنازعتين المدنية والإدارية، وبإثباتها للمدعى عليهم – فى الدعوى الماثلة – أو نفيها عنهم، تتحدد مشروعية القرار رقم 167 لسنة 1985 الصادر عن الجهة الإدارية بإزالة تعديهم على أرض النزاع، وهو ما يعنى وحدة هاتين المنازعتين فى موضوعيهما باعتبار أن الخلاف حول الملكية، هو جوهر النزاع الموضوعى أمام جهة القضاء العادى، وهو – فى الوقت ذاته – عين المسألة الأولية التى تتحدد على ضوئها مشروعية القرار المطعون فيه أمام جهة القضاء الإداري؛ وكان ينبغى عليها بالتالى أن تتربص قضاء جهة القضاء العادى فى شأنها بلوغاً لغاية الأمر فيها.
وحيث إن البين من الاطلاع على الأوراق، أنه على خلاف قضاء قاطع عن محكمة القضاء الإدارى بأن عين النزاع من الأموال العامة للدولة، وأن رد يد المدعى عليهم عنها، وإزالة تعديهم عليها بالقرار المطعون فيه، يعد عملاً مشروعاً مستوجباً رفض طلبهم إلغاء هذا القرار؛ فإن قضاء المحكمتين الابتدائية والاستئنافية أقيم على دعامتين: أولاهما: أن عين النزاع كانت أصلاً من الأموال العامة للدولة بحكم تخصيصها للمنفعة العامة، إلا أن زوال هذا التخصيص عنها فعلاً يخرجها من نطاقها لتدخل فى أموال دومينها الخاص. ثانيتهما: أن أموال هذا الدومين كان يجوز تملكها بالتقادم إلى ما قبل صدور القانون رقم 147 لسنة 1957 بتعديل نص المادة 970 من القانون المدنى، إذ حال هذا التعديل – واعتباراً من تاريخ نفاذه – دون تملكها أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم. وعلى ضوء هاتين الدعامتين خلص قضاء المحكمتين الابتدائية والاستئنافية إلى إثباتها ملكية الأرض المتنازع عليها للمدعى عليهم باعتبار أن حيازتهم لها – وبوصفها واقعة مادة تحققها محكمة الموضوع – مستوفية لشرائطها المقررة قانونا، وأن استجماعهم لشرائطها هذه – بما فى ذلك اكتمال مدتها واقترانها بنية التملك – قد تم تعديل نص المادة 970 من القانون المدني؛ متى كان ذلك، وكان ما قرره هذان الحكمان مما تقدم، لا يعدو أن يكون فصلا فى حقوق الملكية التى يدخل تحقيقها ابتداء وانتهاء فى ولاية جهة القضاء العادى، ولا يجوز لجهة القضاء الإدارى أن تصدر قضاء قاطعاً فيها تستبق به جهة القضاء الأصيل بالفصل فيها؛ وكان من المقرر قانوناً أن أولى الحكمين المدعى تناقضهما بالتنفيذ، إنما يكون للجهة التى اختصها المشرع بولاية الفصل فى الخصومة القضائية، محددة على ضوء القواعد التى حدد المشرع بها لكل جهة قضائية نصيبها أو قسطها من المنازعات التى عهد إليها بالفصل فيها، فإن الحكم الصادر عن جهة القضاء العادى، يكون هو الأجدر والأحق بالتنفيذ.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكمين النهائيين الصادرين من جهة القضاء العادى فى الاستئنافين رقمى 539 لسنة 23 قضائية، 699 لسنة 25 قضائية.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات