قاعدة رقم الطعن رقم 7 لسنة 17 قضائية “تنازع” – جلسة 21 /10 /1995
أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء السابع
من أول يوليو 1995 حتى آخر يونيو 1996 – صـ 877
جلسة 21 أكتوبر سنة 1995
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين – أعضاء، وحضور السيد المستشار الدكتور/ عادل عمر شريف – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدى أنور صابر – أمين السر.
قاعدة رقم
القضية رقم 7 لسنة 17 قضائية "تنازع"
1- دعوى تنازع تنفيذ الأحكام المتناقضة "شروطها".
التناقض الذى يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه هو ذلك الذى يقوم بين
حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين، إذا كانا متعامدين على محل وحدا
وتعذر تنفيذهما معاً.
2- دعوى تنازع تنفيذ الأحكام المتناقضة "شروط وحدة المحل".
استيثاق المحكمة الدستورية العليا من شرط وحدة المحل يكون سابقاً على بحثها فى مدى
تنفيذ الحكمين المتناقضين معا أو تعذره.
3- حراسة – اختصاص "قضاء القيم" تشريع "القانون رقم 34 لسنة 1971" – عقوبة.
الاختصاص المعقود لقضاء القيم فى مجال فرض الحراسة على أموال بذواتها طبقاً لأحكام
القانون رقم 34 لسنة 1971 لا يقع إلا على الاموال وفى الأحوال المنصوص عليها فى هذا
القانون ووفقاً لضوابطه – فرض الحراسة وفقاً له لا يتمحض عن عقوبة مقيدة للحرية – أمر
الجزاء طبقاً له عائد إلى الأموال ذاتها.
4- حراسة " نطاقها اتساعه استثناءً" – تشريع "القانون رقم 34 لسنة 1971".
اشتمال الفقرة الأولى من المادة 18 من هذا القانون على مبدأ عام مؤداه أن الحراسة لا
تشمل إلا الأموال التى تكون فى ملك الخاضع فعلاً فى تاريخ فرضها، جواز مدها – استثناء
– وعملاً بفقرتها الثالثة من هذه المادة إلى غيرها من الأموال الواقعة تحت سيطرته الفعلية.
5- حراسة – اختصاص "قضاء القيم".
تقدير قيام واقعة بقاء أموال تحت سيطرة الخاضع رغم تصرفه الظاهر بنقل ملكيتها للغير،
منوط بقضاء القيم.
6- دعوى تنازع تنفيذ الأحكام المتناقضة: اختلاف المحل "قضاء القيم وقضاء عادى".
تقرير قضاء القيم لحقيقة بقاء أموال بذاتها تحت سيطرة الخاضع الفعلية – عدم مناقضته
أحكاماً نهائية صادرة من جهة القضاء العادى تقرر بموجبها ملكية أغيار لبعض الأموال
التى تناولتها الحراسة: اختلاف المحل بينهما.
1- إن التناقض الذى يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه طبقاً للبند (ثالثاً)
من المادة 25 من قانونها، هو ذلك الذى يقوم بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين
مختلفتين، إذا كان متعامدين على محل واحد، وتعذر تنفيذهما معاً. فإذا كانا غير متحدين
محلاً، أو مختلفين نطاقاً فلا تناقض. وكذلك الأمر كلما كان التعارض بينهما ظاهرياً
لا يتعمق الحقائق القانونية، أو كان مما تزول الشبهة فيه من خلال التوفيق بين دلالة
ما رميا إليه. بما مؤداه أن شرط هذا التناقض أن يكون إعمال أحد هذين الحكمين متهادماً
مع إنفاذ الآخر.
2- إن استيثاق المحكمة الدستورية العليا – وعلى ما جرى عليه قضاؤها – من شرط وحدة المحل
– محددا على ضوء موضوع الحقوق المتنازع عليها فى كلتا الدعويين المدعى تناقض الحكمين
الصادرين بشأنهما – يكون سابقا بالضروره على بحثها فى مدى إمكان تنفيذهما معا أو
تعذر هذا التنفيذ.
3- إن الاختصاص المعقود لقضاء القيم فى مجال فرض الحراسة على أموال بذواتها بالتطبيق
لأحكام القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب – لا يقع إلا
على الأموال، وفى الأحوال المنصوص عليها فى هذا القانون، ووفقاً للضوابط التى حددها،
ولتحقيق أغراض من بينها درء المخاطر المرتبة على إتيان أفعال من شأنها الإضرار بالمصالح
الاقتصادية للمجتمع الاشتراكى، وإفساد الحياة السياسية فى البلاد، أو تعريض الوحدة
الوطنية للخطر، بما مؤداه أن فرضها لا يتمحض عن عقوبة مقيدة للحرية، بل مناطها إتيان
أفعال بذواتها يكون المال عادةً أداتها أو وسيلتها. ومن ثم كان أمر الجزاء وفقاً لأحكام
القانون رقم 34 لسنة 1971 المشار إليه، عائداً إلى الأموال، بقصد إجهاض حركتها التى تنافى مصالح الجماعة، ولرد شرور الأضرار الناشئة عن استخدامها غير المشروع.
4 – أموال الشخص كلها أو بعضها هى التى يجوز إخضاعها للحراسة أو المصادرة. وهى كذلك
محل دعواها، ولا يتصور وجودها بدونها؛ ومن ثم كان اتصال الحراسة والمصادرة بهذه الأموال،
أوثق من ارتباطها بشخص من يملكها، أو من كان من الناحية الواقعية قد أخضعها لسيطرته
الفعلية. وقد ابتغى المشرع بتقرير أحوال فرضها، تقويم سلوك يناقض فى تقديره القيم التى حددها؛ والتى تقوم الدلائل الجدية على الانحراف عنها. ومن ثم آثر المشرع أن يقرر بنص
الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 34 لسنة 1971 آنف البيان مبدأ عاماً فى شأن الأموال التى تقوم الدلائل الجدية على اتصالها بالأفعال التى حظر هذا القانون ارتكابها،
مؤداه أن الحراسة لا تشمل إلا الأموال التى تكون فى ملك الخاضع فعلاً فى تاريخ فرضها؛
مع جواز مداها "استثناءً" – وعملاً بفقرتها الثالثة – إلى غيرها من الأموال الواقعة
تحت سيطرته الفعلية – ولو كانت على اسم زوجته أو أولاده القصر أو البالغين، أو غير
هؤلاء – إذا كان الخاضع هو مصدر هذه الأموال.
5، 6- إن الحراسة – على ضوء هذا المفهوم – لا تتناول أصلاً إلا الأموال التى يملكها
الخاضع فى تاريخ فرضها، ولا شأن لأيهما بما يؤول إليه من الأموال بعد هذا التاريخ؛
وكانت التصرفات التى أجازتها الفقرة الثانية من المادة 18 من القانون رقم 34 لسنة 1971
المشار إليه، هى تلك التى يكون الخاضع قد نقل بها بعض أمواله إلى الغير إذا كان العقد
المتعلق بها- ولو لم يكن قد سجل – قد نفذ، أو كان ثابت التاريخ قبل منعه من التصرف
فى أمواله؛ وكان المشرع قد دل بالفقرة الثانية من المادة 18 ذاتها على عدم الاعتداد
بالتصرفات التى يكون الخاضع قد أجراها، إذ لابستها الصورية التى تحمل معها دلائل التواطؤ،
ليكون ظاهرها خروج أموال بذاتها من ذمته، وحقيقتها بقاؤها من الناحية الواقعية تحت
سيطرته الفعلية، يوجهها الوجهة التى ينبغى بها الإضرار ببعض المصالح الحيوية؛ فإن قضاء
القيم بدرجتيه -فى مجال فرض الحراسة على أموال بذواتها،- لا يرتبط لزوماً – "وفى كل
الأحوال" بما يكون منها مملوكاً للخاضع فى تاريخ إيقاعها، بل يجوز استثناءً مدها إلى
غيرها من الأموال التى أخرجها من ملكه ظاهراً؛ وأبقاها حقيقة فى دائرة نفوذه، ليهيمن
عليها، ويقبض بيده على زمامها؛ وكانت هذه الحقيقة الواقعة – وهى بقاء أموال تحت سيطرة
الخاضع، ولو كان ظاهر التصرفات التى أجراها فى شأنها يدل على أنها أنشأت لغيره أو نقلت
إليه حق الملكية بصددها – منوطاً بقضاء القيم، وعليها انبنى الحكمان الصادران من محكمة
القيم فى الدعوى رقم 41 لسنة 15 قضائية – والمؤيدان بقضاء المحكمة العليا للقيم – وذلك
فيما قضيا به من شمول الحراسة المفروضة على أموال الخاضع "محمد محمود حمزة" لشقة النزاع
والتى كان يتخذها مقراً لشركة الأشخاص التى ألفها مع زوجه. متى كان ذلك؛ وكان تقرير
قضاء القيم لهذه الحقيقة الواقعة، لا يناقض أحكاماً نهائية أو باتة، أصدرتها جهة القضاء
العادى تقرير بموجبها ملكية أغيار لملكية بعض الأموال التى تناولتها الحراسة، فإن الحكمين
المدعى تناقضهما يكونان مختلفين محلاً، ولا يقوم بهما التناقض بالمعنى المقصود فى قانون
المحكمة الدستورية العليا.
الإجراءات
بتاريخ الحادى عشر من فبراير سنة 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة
نائبة عن المدعى – قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالباً للحكم – فى موضوعها –
بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القيم بتاريخ 11/ 4/ 1987 فى التظلم المقدم فى الدعوى
رقم 41 لسنة 15 ق والقاضى برفضه، والمؤيد بالحكم الصادر من المحكمة العليا للقيم بتاريخ
24/ 10/ 1987 فى الطعن رقم 17 لسنة 7 ق قيم عليا باعتباره الحكم الواجب التنفيذ، دون
الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بتاريخ 29/ 5/ 1988 فى الدعوى رقم 2595
لسنة 1988 والمؤيد بالحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 13/ 7/ 1994 فى الطعن رقم 2921
لسنة 59 قضائية.
قدم المدعى عليهم عدة مذكرات طلبوا فى ختامها الاعتداد بالحكم الثانى – باعتباره الحكم
الصادر من المحكمة صاحبة الولاية والواجب التنفيذ – دون الحكم الأول؛ أو القضاء برفض
الطلب.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى العام الاشتراكى كان قد أصدر بتاريخ 4/ 6/ 1995 قراراً بمنع "محمود أحمد حمزة" و"محمد
محمود حمزة" من التصرف فى أموالهما، ثم أحالهما إلى محكمة القيم بالدعوى رقم 41 لسنة
15 ق حراسات بوصف أنهما أتيا أفعالاً من شأنها الإضرار بالمصالح الاقتصادية للمجتمع
الاشتراكى بأن عرضا على الشاكين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات مشاركتهما فى مشروعاتهما
التجارية مقبل حصولهم على أرباح طائلة وتقاضيا منهم بهذا الزعم المبالغ المبينة بالاوراق
واستوليا عليها لأنفسهما، كما تضخمت أموال ثانيهما بصورة ملحوظة، وطلب – للأسباب الواردة
فى قرار الإحالة – فرض الحراسة على اموالهما، طبقا لنصوص المواد 2، 3/ 5، 18 فقرة
أخيرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب. وبتاريخ
4/ 1/ 1986 قضت محكمة القيم بفرض الحراسة على الأموال التى بينها الحكم ومن بينها الشقة
رقم 21 بالعقار رقم 125 شارع الحجاز بمصر الجديدة – وقد تأيد قضاؤها هذا بالحكم الصادر
من المحكمة العليا للقيم بتاريخ 12/ 4/ 1986، إلا أن المدعى عليه الأول فى الدعوى الماثلة
تقدم بتظلم إلى المدعى العام الاشتراكى – عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقى المدعى عليهم
– يتضرر فيه من إدارج تلك الشقة ضمن المركز المالى للخاضع الثانى محمد محمود حمرة على
سند من أنها دخلت فى ملكيتهم بمقتضى عقد بيع عرفى مؤرخ 6/ 10/ 1984 صادر عن هذا الخاضع
لقاء مائة ألف جنيه، وثبت تاريخه فى 14/ 3/ 1985، إلا أن المدعى العام الاشتراكى أصدر
قراره فى 15/ 11/ 1986 برفض التظلم، مما حدا بالمدعى عليهم إلى اللجوء بتظلمهم إلى
محكمة القيم التى قضت برفضه تأسيساً على ما بان لها من صورية العقد سند، فلا يعتد به
وفقاً للفقرة الثانية من المادة 18 من القانون رقم 34 لسنة 1976 بتنظيم فرض الحراسة
وتأمين سلامة الشعب، وقد تأيد ذلك الحكم بقضاء المحكمة العليا للقيم بتاريخ 24/ 10/
1987، الصادر فى الطعن المقيد بجدولها رقم 17 لسنة 7 قضائية قيم عليا.
وحيث إن المدعى عليهم ثابروا على ادعائهم ملكية الشقة محل النزاع، فأقاموا الدعوى رقم
5295 لسنة 1988 امام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد كل من المدعى العام الاشتراكى والخاضع للحراسة محمد محمود حمزة والشركة العربية للإسكان والاستثمار بطلب صحة ونفاذ
عقد البيع المؤرخ 4/ 11/ 1980 المبرم بين هذين الأخيرين. وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ
6/ 10/ 1984 الصادر من الخاضع المذكور للمدعى عليهم – وموضوعهما شقة النزاع – وبإلزام
المدعى العام الاشتراكى بتسليمها لهم. وبتاريخ 29/ 5/ 1988 قضت تلك المحكمة للمدعى
عليهم بكامل طلباتهم. وقد استأنف المدعى العام الاشتراكى هذا القضاء أمام محكمة استئناف
القاهرة بالاستئناف المقيد بجدولها برقم 9338 لسنة 105 قضائية. وبتاريخ 23/ 5/ 1989
قضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف، وبوقف الدعوى لحين انقضاء الحراسة
على العين محل عقدى البيع. وإذا طعن المدعى عليهم على ذلك الحكم بطريق النقض فى الطعن
رقم 2921 لسنة 59 قضائية، فقد قضت محكمة النقض بتاريخ 13/ 7/ 1994 بنقض الحكم المطعون
فيه، وبتأييد الحكم المستأنف، وذلك تأسيساً على أن عقد البيع الصادر من الخاضع للحراسة
محمد محمود حمزة للمدعى عليهم، قد ثبت تاريخه ومضمونه فى الإنذار الموجه منهم إليه
بتاريخ 14/ 3/ 1985، وهو تاريخ سابق على صدور القرار بمنع هذا الخاضع من التصرف فى أمواله بتاريخ 4/ 6/ 1985، ولا يكون للحكم الصادر بفرض الحراسة بالتالى، حجية بشأنه،
لصدوره مجاوزاً حدود اختصاص المحكمة التى أصدرته.
وحيث إن حقيقة طلبات المدعى تتحدد فى الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القيم فى الدعوى
رقم 41 لسنة 15 قضائية حراسات، والمكمل بالحكم الصادر منها برفض تظلم المدعى عليهم
والمؤيدين كليهما من المحكمة العليا للقيم – على الوجه السالف بيانه – فيما قضيا به
من فرض الحراسة على الشقة محل النزاع، وبرفض طلب المدعى عليهم إخراجها من عداد الأموال
المفروضة عليها الحراسة باعتباره الحكم واجب التنفيذ دون الحكم الصادر من محكمة شمال
القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 5295 لسنة 1985، والمؤيد من محكمة النقض بحكمها الصادر
فى الطعن رقم 2921 لسنة 59 قضائية، فيما قضى به من صحة ونفاذ عقدى البيع الصادرين فى شأن هذه الشقة عينها.
وحيث إن التناقض الذى يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه طبقاً للبند
"ثالثاً" من المادة 25 من قانونها، هو ذلك الذى يقوم بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين
قضائيتين مختلفتين، إذا كانا متعامدين على محل واحد، وتعذر تنفيذهما معاً. فإذا كان
غير متحدين محلا، أو مختلفين نطاقاً فلا تناقض. وكذلك الأمر كلما كان التعارض بينهما
ظاهرياً لا يتعمق الحقائق القانونية، أو كان مما تزول الشبهة فيه من خلال التوفيق بين
دلالة ما رميا إليه. بما مؤداه أن شرط هذا التناقض أن يكون إعمال أحد هذين الحكمين
متهادماً مع إنفاذ الآخر.
وحيث إن استيثاق المحكمة الدستورية العليا – وعلى ما جرى عليه قضاؤها – من شرط وحدة
المحل – محدداً على ضوء موضوع الحقوق المتنازع عليها فى كلتا الدعويين المدعى تناقض
الحكمين الصادرين بشأنهما – يكون سابقاً بالضرورة على بحثها فى مدى إمكان تنفيذهما
معاً أو تعذر هذا التنفيذ.
وحيث إن الاختصاص المعقود لقضاء القيم فى مجال فرض الحراسة على أموال بذواتها بالتطبيق
لأحكام القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب – لا يقع إلا
على الأموال، وفى الأحوال المنصوص عليها فى هذا القانون، ووفقاً للضوابط التى حددها،
ولتحقيق أغراض من بينها درء المخاطر المرتبة على إتيان أفعال من شأنها الإضرار بالمصالح
الاقتصادية للمجتمع الاشتراكى، وإفساد الحياة السياسية فى البلاد، أو تعريض الوحدة
الوطنية للخطر. بما مؤداه أن فرضها لا يتمحض عن عقوبة مقيدة للحرية، بل مناطها إتيان
أفعال بذواتها يكون المال عادةً أداتها أو وسيلتها. ومن ثم كان أمر الجزاء وفقاً لأحكام
القانون رقم 34 لسنة 1971 المشار إليه، عائداً إلى الأموال، بقصد اجهاض حركتها التى تنافى مصالح الجماعة، ولرد شرور الأضرار الناشئة عن استخدامها غير المشروع.
وحيث إن لازم ما تقدم، أن أموال الشخص كلها أو بعضها هى التى يجوز إخضاعها للحراسة،
وهى كذلك محل دعواها، ولا يتصور وجودها بدونها؛ ومن ثم كان اتصال الحراسة والمصادرة
بهذه الأموال، أوثق من ارتباطها بشخص من يملكها، أو من كان من الناحية الواقعية قد
أخضعها لسيطرته الفعلية. وقد ابتغى المشرع بتقرير أحوال فرضها، تقويم سلوك يناقض فى تقديره القيم التى حددها؛ والتى تقوم الدلائل الجدية على الانحراف عنها. ومن ثم آثر
المشرع أن يقرر بنص الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 34 لسنة 1971 آنف البيان
مبدأ عاماً فى شأن الأموال التى تقوم الدلائل الجدية على اتصالها بالأفعال التى حظر
هذا القانون ارتكابها، مؤداه أن الحراسة لا تشمل إلا الأموال التى تكون فى ملك الخاضع
فعلاً فى تاريخ فرضها، مع جواز مداها "استثناءً" – وعملاً بفقرتها الثالثة
– إلى غيرها
من الأموال التى يكون الخاضع قد أدخلها واقعاً فى سيطرته الفعلية، ولو كانت على اسم
زوجته أو أولاده القصر أو البالغين، أو غير هؤلاء، إذا كان الخاضع هو مصدر هذه الأموال.
وحيث إن الحراسة – على ضوء هذا المفهوم – لا تتناول أصلاً إلا الأموال التى يملكها
الخاضع فى تاريخ فرضها، ولا شأن لأيهما بما يؤول إليه من الأموال بعد هذا التاريخ؛
وكانت التصرفات التى أجازتها الفقرة الثانية من المادة 18 من القانون رقم 34 لسنة 1971
المشار إليه، هى تلك التى يكون الخاضع قد نقل بها بعض أمواله إلى الغير إذا كان العقد
المتعلق بها- ولو لم يكن قد سجل – قد نفذ، أو كان ثابت التاريخ قبل منعه من التصرف
فى أمواله؛ وكان المشرع قد دل بالفقرة الثالثة من المادة 18 ذاتها على عدم الاعتداد
بالتصرفات التى يكون الخاضع قد أجراها، إذ لابستها الصورية التى تحمل معها دلائل التواطؤ،
ليكون ظاهرها خروج أموال بذاتها من ذمته؛ وحقيقتها بقاؤها من الناحية الواقعية تحت
سيطرته الفعلية، يوجهها الوجهة التى ينبغى بها الإضرار ببعض المصالح الحيوية؛ فإن قضاء
القيم بدرجتيه -فى مجال فرض الحراسة على أموال بذواتها،- لا يرتبط لزوماً – "وفى كل
الأحوال" – بما يكون منها مملوكاً للخاضع فى تاريخ إيقاعها. بل يجوز استثناءً مدها
إلى غيرهن من الأموال التى أخرجها من ملكه ظاهراً، وأبقاها حقيقة فى دائرة نفوذه، ليهيمن
عليها، ويقبض بيده على زمامها؛ وكان تقدير قيام هذه الواقعة – وهى بقاء أموال تحت سيطرة
الخاضع، ولو كان ظاهر التصرفات التى أجراها فى شأنها يدل على أنها أنشأت لغيره أو نقلت
إليه حق الملكية بصددها – منوطاً بقضاء القيم، وعليها انبنى الحكمان الصادران من محكمة
القيم فى الدعوى رقم 41 لسنة 15 قضائية – والمؤيدان بقضاء المحكمة العليا للقيم – وذلك
فيما قضيا به من شمول الحراسة المفروضة على أموال الخاضع "محمد محمود حمزة" لشقة النزاع
والتى كان يتخذها مقراً لشركة الأشخاص التى ألفها مع زوجه. متى كان ذلك؛ وكان تقرير
قضاء القيم لهذه الحقيقة الواقعة، لا يناقض أحكاماً نهائية أو باتة، أصدرتها جهة القضاء
العادى تقرير بموجبها ملكية أغيار لملكية بعض الأموال التى تناولتها الحراسة، فإن الحكمين
المدعى تناقضهما يكونان مختلفين محلاً، ولا يقوم بهما التناقض بالمعنى المقصود فى قانون
المحكمة الدستورية العليا.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
