الطعن رقم 423 لسنة 47 ق – جلسة 27 /11 /1979
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
العدد الثالث – السنة 30 – صـ 80
جلسة 27 من نوفمبر 1979
برئاسة السيد المستشار عز الدين الحسينى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد فاروق راتب، مصطفى قرطام؛ عبد الحميد المنفلوطى وأحمد كمال سالم.
الطعن رقم 423 لسنة 47 القضائية
(1، 2) إثبات "مبدأ الثبوت بالكتابة".
تقديم الخصم لورقة كدليل فى الدعوى. حق المحكمة من تلقاء نفسها فى اعتبارها مبدأ
ثبوت بالكتابة ولو لم يتمسك من قدمها بذلك.
اعتبار الورقة مبدأ ثبوت بالكتابة. شرطه.
دعوى "تكييف الدعوى".
التزام محكمة الموضوع بتكييف الدعوى تكييفها القانونى الصحيح.
1 – متى قدم الخصم ورقة فى الدعوى فإنه يكون متمسكاً بما لهذه الورقة من قوة فى الإثبات، فإذا تبين لمحكمة الموضوع من الورقة وجود مبدأ ثبوت بالكتابة فلها – إعمالاً
للرخصة المخولة لها بالمادة 189 من قانون المرافعات السابق – المقابلة للمادة 70 من
قانون الاثبات رقم 25 لسنة 1968 – أن تأمر من تلقاء نفسها بالإثبات بشهادة الشهود متى
رأت فى ذلك فائدة للحقيقة.
2 – لا يتطلب القانون بيانات معينة فى الورقة لاعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة ويكفى أن
تكون صادرة من الخصم أو يحتج عليه بها وأن تجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال.
3 – من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق
وتكييفها القانونى الصحيح.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المطعون
عليه أقام الدعوى رقم 1740 سنة 1974 مدنى كلى الجيزة ضد الطاعن لإلزامه مبلغ 1649 جنيه
و780 مليم، وقال بياناً لها أن المدعى عليه اتفق معه على أن يبيعه قطعة أرض
زراعية مساحتها 1 ف و9 ط و1 س واقتضى منه عربوناً على دفعتين، أولاهما مبلغ 523
جنيه بموجب إيصال مؤرخ 19/ 1/ 1967، والثانية مبلغ 29 جنيه و860 مليماً بموجب إيصال
مؤرخ 21/ 2/ 1967، غير أن المدعى عليه باع ذات الأرض مرة أخرى إلى من يدعى ……..
بعقد مسجل برقم 4784 فى 16/ 11/ 1969، ولحاجة المدعى إليها فقد اشتراها من الآخر بعقد
مسجل برقم 3078 فى 29/ 8/ 1973 صادر له ولشقيقه……..، وإذ يحق للمدعى استرداد ضعف
العربون الذى دفعه مضافا إليه مبلغ 500 جنيه على سبيل التعويض ومبلغ 44 جنيه و60
مليماً فوائده من تاريخ العدول، فقد أقام الدعوى بطلبه. وفى 27/ 3/ 1975 حكمت المحكمة
بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفى أن المبلغ المبين بالإيصالين المؤرخين 19/ 1
و21/ 2/ 1967 دفع من ثمن الأرض الموضحة بصحيفة الدعوى. وبعد سماع شهود الطرفين حكمت
فى 2/ 11/ 1975 بإلزام المدعى بمبلغ 652 ج و890 م استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة
استئناف القاهرة، وقيد الاستئناف برقم 3740 سنة 96 ق. وبتاريخ 16/ 2/ 1977 قضت المحكمة
بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة
مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة. فحددت جلسة
لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب، ينعى الطاعن بالثلاثة الأولى منها على الحكم المطعون
فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك
يقول أن محكمة أول درجة اعتبرت الإيصالين المؤرخين 19/ 1 و21/ 2/ 1967 والمقدمين من
المطعون عليه مبدأ ثبوت بالكتابة وقضت من تلقاء نفسها بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت
المطعون عليه أن المبلغ المبين بهما هو جزء من ثمن الأطيان الموضحة بصحيفة الدعوى.
وقد اعترض الطاعن على تنفيذ حكم التحقيق وطلب العدول عنه ودفع بعدم جواز لإثبات بشهادة
الشهود وتمسك بأن وجود مبدأ الثبوت بالكتابة مقرر لمصلحة المكلف بالإثبات ولم يكن يجيز
للمحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بالإحالة إلى التحقيق ما دام المطعون عليه لم يطلب
ذلك ولم يدع وجود هذا المبدأ وقد أفصح الطالب للمحكمة عن سبب استلامه المبلغ الوارد
بالإيصالين بأنه من ثمن أطيان باعها أخيه……. إلى المطعون عليه بعقد مسجل فى 8/
7/ 1968، وتمسك بأن هذين الإيصالين لا يصلحان مبدأ ثبوت بالكتابة لأنه يجب فى الورقة
لتعتبر كذلك أن تدل بذاتها على الحق المراد إثباته وأن تجعله مرجح الحصول. وإذ رفض
الحكم المطعون فيه هذا الدفاع استناداً إلى أنه يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أن
تأمر بالإثبات بشهادة الشهود فى الأحوال التى يجيز فيها القانون ذلك، واستخلص من الإيصالين
رغم خلوهما من بيان العين المبيعة والثمن المتفق عليه، توافر مبدأ الثبوت بالكتابة،
وأباح المطعون عليه إثبات التعاقد المدعى به بشهادة الشهود وأن يثبت بذات الطريق عكس
ما ورد بعقد البيع المسجل المشار إليه، فإن الحكم يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه
الفساد فى الاستدلال. هذا إلا أن محكمة الموضوع لم تستجب لطلب الطاعن ضم الدعوى رقم
1578 سنة 1922 مدنى كلى طنطا والتى يتضح منها صحة دفاعه فى خصوص سبب تحرير الإيصالين،
وهو ما يعيب حكمها منها صحة دفاعه فى خصوص سبب تحرير الإيصالين، وهو ما يعيب حكمها
بالإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه متى قدم الخصم ورقة فى الدعوى فإنه يكون متمسكاً
بما لهذه الورقة من قوة فى الإثبات، فإذا استبان لمحكمة الموضوع من الورقة وجود مبدأ
ثبوت بالكتابة فلها إعمالاً للرخصة المخولة لها بالمادة 189 من قانون المرافعات
السابق – المقابلة للمادة 70 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن تأمر من تلقاء نفسها
بالإثبات بشهادة الشهود متى رأت فى ذلك فائدة للحقيقة. وإذ لا يتطلب القانون بيانات
معينة فى الورقة لاعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة ويكفى أن تكون صادرة من الخصم أو يحتج
عليه بها وأن تجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال.
وإذ يبين من الحكم الابتدائى – المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه – أنه استند فى اعتبار
الإيصالين المؤرخين 19/ 1 و21/ 2/ 1967 مبدأ ثبوت بالكتابة إلى أنهما صادران من الطاعن
وموقعان منه وأن الثابت بالإيصال الأول استلام الطاعن من المطعون عليه مبلغ 523 ج من
ثمن أطيان اشتراها بحوض…….. بناحية……، والثانى بمبلغ 29 جنيه و890 مليماً
من ثمن أطيان اشتراها المطعون عليه بناحية……..، وأن من شأن ما ورد بهذين الإيصالين
جعل التصرف المراد إثباته قريب الاحتمال، ولما كان هذا الذى أقيم عليه الحكم هو استخلاص
سائغ، وكان تقدير مبدأ الثبوت بالكتابة هو من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع
متى أقام قضاءه على أسباب سائغة. ولما كانت محكمة الموضوع قد استخلصت فى حدود سلطتها
أن المبلغ الوارد بالإيصالين الصادرين من الطاعن مثبت الصلة عن عقد البيع المسجل فى 8/ 7/ 1968 والصادر من أخيه إلى المطعون عليه مما لا محل معه أصلاً للنعى على الحكم
بأنه أجاز إثبات عكس ما أثبت بهذا العقد بشهادة الشهود. ولما كانت محكمة الموضوع غير
ملزمة بالاستجابة لطلب ضم قضايا أخرى متى وجدت فى أوراق الدعوى ما يكفى لاقتناعها بالفصل
فيه، لما كان ذلك فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون والفساد
فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الخامس الفساد فى الاستدلال، ذلك أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم
الابتدائى رغم أن استخلاصه لأقوال الشهود يخالف الواقع.
وحيث إنه لما كان الطاعن لم يبين فى صحيفة الطعن مواطن النعى على أقوال الشهود وكيف
استخلص الحكم منها خلاف الواقع، فإن النعى بهذا السبب يكون مجهلاً وغير مقبول.
وحيث إن حاصل السببين السادس والسابع القصور فى التسبيب، ذلك أن الطاعن تمسك أمام محكمة
الموضوع بأنه والمطعون عليه يعمل كل منهما لحساب باقى أخوته، وأن المبلغ المبين بالإيصالين
المقدمين من المطعون عليه دفع من ثمن أطيان أخرى باعها أخوه….. إلى المطعون عليه
بعد تحرير الإيصالين، وقد استدل الطاعن على صحة هذا الدفاع بعقدى بيع مسجلين أولهما
صادر من أخيه المذكور إلى المطعون عليه والثانى صادر من…… إلى المطعون عليه وأخيه،
كما قدم الطاعن سند الوكالة الرسمى الصادر له من أخيه. وإذ أغفل الحكم المطعون فيه
التحدث عن هذا المستند، واكتفى فى الرد على دفاع الطاعن بأن العقد الأول صادر للمطعون
عليه من آخر مع أن البائع أخ الطاعن، فإنه يكون مشوبا بالقصور.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائى – المؤيد لأسبابه بالحكم
المطعون فيه – أنه بعد أن استعرض وقائع الدعوى ودفاع الطرفين وما قدمه كل منهما من
مستندات، حصل أقوال شهود الطرفين وصرح باطمئنانه إلى أقوال شهود المطعون عليه – وهو
ما لم يكن محل نعى مقبول من الطاعن – واستخلص من الإيصالين الصادرين من الطاعن وأقوال
شهود الطرفين، أن المبلغ الوارد بالإيصالين هو جزء من ثمن الأطيان الموضحة بصحيفة الدعوى
والتى باعها الطاعن إلى المطعون عليه بيعاً بات، ولما كان هذا الذى أقيم
عليه الحكم تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليه، فإنه لا يكون عليه أن هو لم يتتبع الطاعن
فى شتى وجوه دفاعه والرد عليه، إذ فى قيام الحقيقة التى اقتنع به، الرد الضمنى المسقط
لكل تلك الأوجه، ويكون النعى على الحكم بالقصور فى التسبيب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع مخالفة الثابت بالأوراق والخطأ فى تكييف الدعوى ذلك أن المطعون
عليه أكد فى صحيفة الدعوى أن المبلغ الذى تسلمه منه الطاعن بموجب الإيصالين المؤرخين
19/ 1، 21/ 2/ 1967 هو عربون البيع، وطلب رد ضعفه لعدول الطاعن عن العقد، إلا أن الحكم
المطعون فيه أقام قضاءه على أن العقد الذى أبرم هو بيع بات، وإذ فسخ بسبب استحالة تنفيذ
الطاعن لالتزامه بنقل الملكية إلى المطعون عليه فيجب إعادة المتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها قبل التعاقد، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والخطأ فى تكييف
الدعوى.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع ملزمة
بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانونى الصحيح، وإذ حصل الحكم المطعون فيه – بما
له من سلطة فى فهم الواقع – أن المبلغ الذى قبضه الطاعن هو بعض الثمن الذى انعقد به
البيع بات، وأن دعوى المطعون عليه هى مطالبة برد هذا المبلغ كأثر من آثار فسخ
عقد البيع بسبب استحالة قيام البائع (الطاعن) بتنفيذ التزامه بنقل الملكية إلى المشترى (المطعون عليه)، فإن النعى على الحكم بمخالفة الثابت فى الأوراق والخطأ فى تكييف الدعوى
يكون على غير اساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
