الرئيسية الاقسام القوائم البحث

طعن رقم 70 سنة 28 ق – جلسة 12 /05 /1958 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة التاسعة – صـ 486

جلسة 12 من مايو سنة 1958

برئاسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومحمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, ومحمد عطية إسماعيل المستشارين.


طعن رقم 70 سنة 28 ق

(أ) تفتيش. تنفيذه. صدور الإذن. بتفتيش المتهم ومسكنه دون تحديد مسكن معين شموله كل مسكن للمتهم مهما تعدد.
(ب) نيابة عمومية. اختصاص وكيل النيابة الكلية بأعمال التحقيق بدائرة المحكمة الكلية دون حاجة إلى ندبه من رئيس النيابة ذلك.
1- متى كان الأمر الصادر من النيابة قد نص على تفتيش المتهم وتفتيش مسكنه ومن يوجد معه لضبط ما لديه من مخدرات, دون أن يحدد مسكناً معيناً للمتهم فهو بهذا يشمل كل مسكن له مهما تعدد.
2- إن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها دون حاجة إلى ندب منه بذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- أحمد علي حسن بصارة (الطاعن) و2- مكافأة بكر محمد بكر بأنهما حازا وأحرزا بقصد الاتجار جواهر مخدرة 81.700 كيلو جراماً وسبعمائة جرام حشيشاً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالة المتهمين. إلى محكمة جنايات المنصورة لمحاكمتهما بالمواد 1 و2 و7 و33 و35 و37/ 2 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند 12 من الجدول أ الملحق، فقررت الغرفة بذلك وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات المنصورة دفع الحاضر مع المتهمين ببطلان إذن التفتيش بحجة أنه صادر ممن لا يملكه وأنه بنى على تحريات غير جدية كما دفع ببطلان التفتيش نفسه لحصوله في مكان لا يشمله إذن التفتيش والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و33 ج و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند رقم 12 من الجدول أ الملحق به بالنسبة إلى المتهم الأول – أولاً – بمعاقبة أحمد علي حسن بصارة بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المادة المخدرة المضبوطة قالت في أسباب حكمها إن الدفع في غير محله. وثانياً – ببراءة المتهمة مكافأة بكر محمد بكر مما أسند إليها. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض….. الخ.


المحكمة

… من حيث إن محصل أوجه الطعن الستة هي أولاً – أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في أسبابه ذلك أن الطاعن دفع أمام محكمة الجنايات ببطلان الأمر الصادر بتفتيش مسكنه استناداً إلى أنه بنى على تحريات غير جدية, وقد رد الحكم على هذا الدفع رداً قاصراً, إذ لم يورد أي دليل على جدية التحريات التي اطمأنت إليها المحكمة. ثانياً – أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وبنى على إجراء باطل فقد دفع الطاعن ببطلان التفتيش الحجرة التي وجد بها المخدر, لأنه تم بغير إذن من النيابة العامة إذ الإذن بالتفتيش صدر قاصراً على المنزل الذي فتشه البوليس أولاً ولم يعثر فيه على شيء, وقد رد الحكم على هذا الدفع بأنه نص في الإذن على تفتيش المتهم (الطاعن) وسكنه دون أن يحدد سكناً معيناً له, وإذن فهو يشمل كل منزل يقيم فيه المتهم. وهذا الرد معيب لأنه قيد تحدد في طلب الإذن بالتفتيش وفي محضر التحقيق الذي أجراه وكيل النيابة منزل الطاعن المطلوب تفتيشه, وقد نفذ رجل الضبط إذن التفتيش على أساس أنه ينصب على المنزل المذكور واقتحمه فلم يعثر على شيء, وبهذا يكون إذن التفتيش الذي نص فيه على أن يكون التفتيش مرة واحدة فقط نقد استنفذ قوته ويكون تفتيش غرفة الطاعن الواقعة فوق مقهاه البعيدة عن منزله استناداً إلى ذات الإذن الصادر بتفتيش مسكنه الأول فد وقع باطلاً. أما التفسير الذي قال به الحكم فإنه لا يستقيم إلا إذا كان إذن التفتيش قد صدر بتفتيش كل مسكن للمتهم وهو ما لم يحدث في هذه الدعوى. ثالثاً – أن الحكم شابه تناقض وفساد في أسبابه إذ قال في رده على الدفع ببطلان التفتيش أن المتهم ينكر ملكية الغرفة التي فوق مقهاه والتي وجدت المواد المخدرة بها ومن ثم فليس له أن يطعن ببطلان التفتيش, بينما قطع الحكم في موضع آخر بأن هذه الغرفة مملوكة له استناداً على أنه وإن كان قد أنكر بادئ الأمر صلته بها إلا أنه عاد بعد ذلك وقرر أنه صاحبها. رابعاً – إن الحكم قد أخطأ في تأويل القانون إذ قال في رده على الدفع ببطلان التفتيش "إن المادة 71 فقرة ثانية من قانون الإجراءات الجنائية قد أعطت لمأمور الضبط المندوب أن يجري استثناء أي عمل من أعمال التحقيق الذي ندب له, ولو لم يرد له ذكر في أمر الندب متى كان ذلك متصلاً بالعمل المندوب له ولازماً لكشف الحقيقة, وأنه إذا ما تبين له لأسباب معقولة أن الأشياء المراد ضبطها موجودة في منزل آخر يجاوره – فإن له أن يفتش ذلك المنزل – خاصة إذا كان التأخير في ذلك فقد يسمح بتهريب أو إعدام الأشياء المطلوب ضبطها كما هو الحال في الدعوى" وهذا التفسير الذي ذهب إليه الحكم غير صحيح إذ واضح من نص المادة سالفة الذكر أنه لا يكفي أن يكون العمل الآخر الذي يتخذه المندوب متصلاً بالإجراء الذي ندب لمباشرته ومفيداً في كشف الحقيقة, بل يجب أن يكون لازماً تحتمه الضرورة ويخشى فوات الوقت إن لم يتخذ فعلاً بينما يبين من الحكم المطعون فيه أن تفتيش الحجرة التي ضبطت بها المخدرات لم يأت عن طريق تفتيش المسكن الأول للطاعن وإنما جاء نتيجة لواقعة مستقلة جاء ذكرها مصادفة على لسان شيخ البلد هي أن الطاعن ينام في مسكن آخر له أعلا مقهاه, هذا إلى أن الحكم قد أخطأ في الإسناد إذ أن ما قاله من أن الغرفة الكائنة فوق المقهى تجاور المنزل الأول يخالف ما هو ثابت بالأوراق من أنها تبعد عن المنزل مسافة بعيدة. خامساً – أن الحكم أخطا في تطبيق القانون فقد دفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لصدوره ممن لا يملكه وقد رد الحكم على هذا الدفع بقوله إن الإذن صدر من وكيل النيابة المنصورة الكلية الذي ندبه رئيس النيابة وهو رد غير سديد, إذ لم يحصل ندب من رئيس النيابة لوكيل النيابة بالأوضاع المقررة للندب, وكل ما يوجد بالأوراق هو إشارة من رئيس النيابة نصها "حضرة فلان" فضلاً عن أن قيام وكيل النيابة الكلية بالتحقيق في دائرة مركز ميت غمر يخالف القرار الذي يحدد ولاية وكيل النيابة ميت غمر إذ الاختصاص بالتحقيق لا يضفي على وكيل النيابة من ندبه وإنما من القانون نفسه ومن قرار تعيينه في جهة معينة. سادساً – أن الحكم قد شابه قصور فقد دفع الطاعن بأن العبارة التي أشر بها رئيس النيابة على طلب الإذن بالتفتيش لا تعتبر انتداباً لوكيل النيابة بإجراء التحقيق, ولا تحتمل سوى معنى واحد هو فحص هذا الطلب, إلا أن الحكم لم يرد على هذا الدفاع مما يعيبه بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله "إن وكيل مكتب المخدرات المنصورة اليوزباشي يوسف محمد خضير قام بإذن من النيابة بتفتيش منزل الطاعن بجهة "أتميدة" بعد أن تبين له من تحرياته السرية أنه يتجر بالمخدرات على نطاق واسع, وكان في صحبته الملازم أول عادل عبد الرازق وقوة من المخبرين والعساكر فوجد بالمنزل المذكور مخبأ سرياً للمخدرات وحقيبة تتصاعد منها رائحة الأفيون, إلا أنه لم يعثر على شيء من المواد المخدرة, كما أنه لم يجد الطاعن وأخبره الملازم أول عادل عبد الرازق أن الطاعن وزوجته بحجرة ملحقة بمقهاه ويقيم فيها وبتفتيش هذه الحجرة وجد بها دولابا بقاعدة سحرية عثر فيها علي كمية من الحشيش قدرها 264 تربة بلغ وزنها71 كيلو جراماً 700 جرماً" واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال وكيل مكتب المخدرات والضابط عادل عبد الرازق ورجال القوة الذين حضروا التفتيش وأقوال وكيل مكتب المخدرات والضابط عادل عبد الرازق ورجال القوة الذين حضروا التفتيش وأقوال عمدة ناحية أتميدة وشيخ خفرائها وإلى تقرير التحليل, ثم رد الحكم على الدفع ببطلان إذن التفتيش لمختلف الأسباب والشوائب التي ألحقها به الطاعن فقال "وبما أن المتهمين (الطاعن وزوجته) أنكرا التهمة المسندة إليهما ودفع الحاضرين عنهما ببطلان إذن التفتيش بدعوى أنه صادر ممن لا يملكه, وأنه بنى على تحريات غير جدية, كما أنهما دفعا ببطلان التفتيش نفسه لحصوله في مكان لا يشمله إذن التفتيش, وبما أن هذه الدفوع في غير محلها فقد تبين من مراجعة الأوراق أن طلب إذن التفتيش وقع من وكيل مكتب مخدرات المنصورة لرئيس نيابة المنصورة الذي انتدب الأستاذ سليم عليوة وكيل النيابة الكلية لذلك فأجرى سيادته تحقيق التحريات ثم أصدر إذن التفتيش ولا شك أن لكل منهما الأول بصفته رئيساً للنيابة الكلية والثاني وكيلا بها إصدار ذلك الإذن لأن الواقعة حدثت في دائرة المحكمة الكلية التي يعملون بها – أما القول بأن إذن التفتيش بنى على تحريات غير جدية فينفيه ما هو ظاهر في الأوراق من جدية التحريات التي أجراها وكيل مكتب المخدرات والتحقيقات التي أجرتها النيابة بشأن تلك التحريات مما تراه المحكمة كافياً للإذن بالتفتيش وبما أنه فيما يتعلق ببطلان التفتيش نفسه فإن الدفع به قائم على أن طالب الإذن طلب تفتيش مسكن معين للمتهم الأول (الطاعن) وهو منزله الذي فتش أولاً – ولم يعثر به على شيء من المواد المخدرة, أما الغرفة الموجودة فوق مقهاه التي فتشت ووجدت بها تلك المواد فإنه لم يشملها إذن التفتيش – وبما أن هذا القول في غير محله أيضاً إذ أنه وإن كان طالب الإذن قد طلب تفتيش منزل معين للمتهم يسكن فيه فإن إذن النيابة قد نص على تفتيش المتهم وتفتيش مسكنه ومن يوجد معه لضبط ما لديه من مخدرات فهو لم يحدد مسكناً معينا للمتهم, وبهذا يشمل كل مسكن له أي كل منزل يقيم فيه, والثابت من أقوال رجال الحفظ بالناحية التي حصل فيها التفتيش أن للمتهم سكنين بتلك الناحية. أولهما المنزل الذي فتش أولاً, وثانيهما الغرفة الموجودة فوق مقهاه والتي يقم فيها في بعض الأحيان والتي وجد نائماً بها وهو وزوجته ليلة الحادث, كما وجدت بها منقولاتهما وأشياء أخرى خاصة بهما مما يقطع بأن هذه الغرفة هي سكن آخر للمتهمين وهي بهذه الصفة يشملها إذن التفتيش على أن المادة 71/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية قد أعطت للمأمور المندوب أي يجري استثناء أي عمل آخر من أعمال التحقيق الذي ندب له ولو لم يرد له ذكر في أمر الندب متى كان ذلك متصلاً بالعمل المنتدب له ولازماً لكشف الحقيقة, فإذا ما ندب مأمورا لتفتيش منزل متهم وتبين له لأسباب معقولة أن الأشياء المراد ضبطها موجودة في منزل آخر يجاوره فإن له أن يفتش ذلك المنزل خاصة إذا كان التأخير في ذلك قد يسمح بتهريب أو إعدام الأشياء المطلوب ضبطها هذا هو الحال في الدعوى الحالية, يضاف إلى ذلك أن المتهم (الطاعن) ينكر ملكيته للغرفة التي حصل تفتيشها, فليس له أن يدفع ببطلان ذلك التفتيش, ومن أجل ذلك جميعه يكون الدفع بالبطلان في غير محله يتعين رفضه" ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر التي دان الطاعن بها, وأورد على ذلك أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها, وكان المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره فأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن, كما هو الحال في الدعوى, فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك, وكان الأمر الصادر من النيابة قد نص على تفتيش الطاعن وتفتيش مسكنه ومن يوجد معه لضبط ما لديه من مخدرات دون أن يحدد مسكناً معيناً للطاعن, وهو بهذا يشمل كل مسكن له مهما تعدد, وكان الثابت مما أورده الحكم ومما أقر به الطاعن فيطعنه أنه يسكن في الحجرة التي تقع أعلى مقهاه فإن تفتيش هذه الحجرة يكون داخلاً في حدود أمر التفتيش, ولا يمكن القول بأن أمر التفتيش قد انتهى مفعوله بتنفيذ مقتضاه عقب تفتيش المسكن الأول للطاعن ما دام الثابت أن له أكثر من مسكن, ومن ثم يكون ما قاله الحكم وأسس عليه قضاءه بصحة إجراءات القبض والتفتيش سلامتها صحيحاً في القانون ويصح الاستناد إليه في رفض الدفع ببطلانها بغض النظر عما قاله الحكم تزيداً من تقريرات خاطئة لا تؤثر في الدليل المستمد من التفتيش الصحيح – لما كان ما تقدم, وكانت العبارة التي أشر بها رئيس النيابة على طلب الإذن بالتفتيش تتضمن ندب وكيل النيابة الكلية لإجراء التحقيق فيه, وما أثبته الحكم من حصول هذا الندب يتضمن الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن وكان وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها, دون حاجة إلى ندب منه بذلك, ومن ثم فإن إذن التفتيش الصادر من وكيل النيابة الكلية في دائرة اختصاص النيابة الكلية كما حدث قي هذه الدعوى يكون صحيحاً صادراً ممن يملكه – لما كان كل ذلك, فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات