الطعن رقم 926 لسنة 33 ق – جلسة 23 /12 /1963
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 14 – صـ 962
جلسة 23 من ديسمبر سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، وحسين صفوت السركي، وأحمد موافي، ومحمد عبد الوهاب خليل.
الطعن رقم 926 لسنة 33 القضائية
تفتيش. "تفتيش السيارات الخاصة بالطرق العامة".
انصراف القيود الواردة على التفتيش إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة، طالما هي في
حيازة أصحابها. سقوط هذه الحماية عنها في حالة خلوها وكان ظاهر الحال يشير إلى تخلى
صاحبها عنها.
إن القيود الواردة على التفتيش تنصرف إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون
تفتيشها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون، طالما هي في حيازة أصحابها،
فإذا كانت خالية وكان ظاهر الحال يشير إلى تخلى صاحبها عنها سقطت عنها هذه الحماية
وجاز تفتيشها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 7/ 4/ 1959 بدائرة كفر الدوار: أولاً – هرب البضائع المبينة الوصف بالمحضر بأن نقلها من خارج البلاد إلى داخل الإقليم المصري للجمهورية العربية المتحدة بطريق غير مشروع دون أداء الرسوم والعوائد الجمركية المقررة بالمخالفة للأحكام الخاصة بشأن الأصناف الممنوع استيرادها. ثانياً – قاد سيارة نقل محملة بالبضائع دون تحرير حافظة شحن بالجمرك. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و7 من القانون رقم 623 سنة 1955 والمادتين 1, 2 من القانون رقم 449 سنة 1955 والمادتين 1، 2 من القانون 115 سنة 1957 والقرار المعدل له. وكانت مصلحة الجمارك قد طلبت كتابة إحالة المحضر للنيابة العامة لمحاكمة المتهم طبقاً للقانون كما تضمن طلبهاً المطالبة بتعويض للمصلحة قدره 16967 جنيهاً و296 مليماً. وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنح كفر الدوار دفع الحاضر مع المتهم ببطلان إجراءات القبض والتفتيش وقد ردت المحكمة على هذا الدفع بأنه في غير محله. ثم قضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 4/ 1/ 1962 عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ ومصادرة المواد موضوع الجريمة وإلزامه بأن يدفع لمصلحة الجمارك بصفتها مبلغ 16967 جنيهاً و296 مليماً بلا مصروفات جنائية. استأنف المحكوم عليه هذا الحكم. وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة دمنهور الابتدائية – بهيئة استئنافية – ردد الحاضر مع المتهم الدفع ببطلان إجراءات التفتيش. ثم قضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 27/ 12/ 1962 بقبوله شكلاً وفى الموضوع: أولاً – برفض الدفع ببطلان التفتيش. ثانياً – رفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض…. إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة
التهريب الجمركي قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في البيان ذلك بأن الطاعن دفع
ببطلان القبض والتفتيش لإجرائهما في غير الأحوال الجائزة قانوناً وقد رفضت المحكمة
هذا الدفع وأسست قضاءها على أن الطاعن قد تخلى عن السيارة بما يبيح تفتيشها مع أن واقع
الحال أنه لم يتخل عنها إذ سقطت في منحدر فتوجه إلى حيث يستعين بمن يصلحها كما لم يدلل
الحكم على ثبوت عناصر جريمة التهريب في حق الطاعن وما قاله من أن المضبوطات صناعة الخارج
لا يكفى للتدليل على قيامها.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه هرب بضائع بأن نقلها من خارج البلاد
إلى داخل الإقليم المصري للجمهورية العربية المتحدة بطريقة غير مشروعة ودون أداء الرسوم
والعوائد الجمركية المقررة وبالمخالفة للأحكام الخاصة بشأن الأصناف الممنوع استيرادها
وبأنه قاد سيارة نقل محملة بالبضائع دون أن يحرر حافظة شحن بالحمولة بالتطبيق للمواد
1 و2 و7 من القانون رقم 623 لسنة 1955 و1 و2 من القانون رقم 449 سنة 1955 و1 و2 من
القانون رقم 115 سنة 1957 ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بحبس الطاعن شهرين مع الشغل
وكفالة 10 جنيهات لوقف التنفيذ ومصادرة المواد موضوع الجريمة و إلزامه بأن يدفع لمصلحة
الجمارك بصفتها مبلغ 16967 جنيهاً و296 مليماً بلا مصروفات جنائية، فاستأنف، ومحكمة
ثاني درجة قضت بحكمها المطعون فيه حضورياً بقبوله شكلاً وفى الموضوع: أولاً برفض الدفع
ببطلان التفتيش. وثانياً – برفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف
جنائية. وبين الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه واقعة الدعوى
بما مجمله أنه في أثناء التحري في حادث سرقة بإكراه استبان وجود مرتكبيه في منطقة سيدي
غازي وإذا كان رجال الشرطة في سبيلهم لتفتيش منازل هؤلاء المتهمين التقوا في ساعة مبكرة
من صباح يوم الضبط بسيارة نقل اشتبهوا في حمولتها وحاولوا إيقافها. غير أن سائقها –
وقد استبان صفاتهم – انعطف مسرعاً إلى طريق جانبي فلم يلحقوا به، حتى إذا كان صباح
ذلك اليوم أبصرواً سيارة نقل معطلة على جانب الطريق مطابقة لأوصاف تلك السيارة ولم
يكن بها أحد وتبينوا أنها تحمل كمية كبيرة من الدخان والأقمشة الصوفية وغيرها مهربة
من المملكة الليبية عن طريق الصحراء الغربية التي كانت السيارة قادمة من اتجاهها –
دون أداء الرسوم الجمركية المقررة – ودلت التحريات على أن الطاعن هو قائد هذه السيارة
فلما تم ضبطه بعد ثلاثة أيام أقر بذلك وبأنه كان ينقل المضبوطات لحساب آخرين نظير أجر
وأن أحدهم وقد كان معه بالسيارة أكرهه على أن يسير بها في طريق جانبي ليتحاشى فقط المرور
خشية ضبطهم إلا أن السيارة تعطلت في الطريق فتم ضبطها، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي
قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه في قوله "وحيث إنه بالنسبة
لبطلان التفتيش والقبض فإن المحكمة ترى أن التفتيش الذي يحرمه القانون على رجال الضبطية
القضائية إنما هو التفتيش الذي يكون في إجرائه اعتداء على الحرية الشخصية أو انتهاك
لحرمة المساكن اللهم إلا في أحوال التلبس والأحوال الأخرى التي يجوز لهم القبض فيها
– أما التفتيش الذي يقوم به رجال الشرطة أثناء البحث عن مرتكبي الجرائم وجمع الاستدلالات
الموصلة للحقيقة فغير محظور ويصح الاستشهاد بها في الدعوى وعلى هذا فتفتيش السيارة
في الطريق وضبط بها هذه البضائع المهربة من الرسوم الجمركية والممنوع استيراد بعضها
لا يعد تفتيشاً باطلاً لأنها ليست بمساكن كما أنه لم يكن فيما حصل فيها من تفتيش تعرض
لحرية المتهم الشخصية والثابت أنه لم يكن موجوداً بمكان التفتيش وقت حصوله وكانت السيارة
في الطريق العام وحدها دون قائد ما ودون أن يكون إلى جوارها أي شخص ما. بل إن المحكمة
ترى أكثر من ذلك أن هذا لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذي يبغيه القانون وإنما ضرب من ضروب
التحري عن مالك السيارة أو قائدها عله يهتدي إلى معرفة شئ من محتوياتها ولا جناح على
الشرطة في ذلك". وأضاف الحكم الاستئنافى إلى ذلك قوله "إنه يجوز تفتيش السيارة بالطريق
العام دون إذن من سلطة التحقيق في غير أحوال التلبس إذا كانت خالية وظاهر الحال يشير
إلى تخلى صاحبها عنها" وكان ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم يتفق وصحيح القانون ذلك
بأن القيود الواردة على التفتيش تنصرف إلى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون
تفتيشها إلا في الأحوال الاستثنائية التي رسمها القانون طالما هي في حيازة أصحابها
فإذا ما كانت خالية وكان ظاهر الحال يشير إلى تخلى صاحبها عنها سقطت عنها هذه الحماية
وجاز تفتيشها. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم عن واقعة الدعوى يشير إلى أن الضابط
وجد السيارة خالية وهى تقف في طريق جانبي ودعته شبهته فيها. التي تسبغها ظروف الحال
وملابساته ومظاهر الريبة التي أحاطت بالسيارة إلى محاولة الكشف عن حمولتها، وكان تقدير
تلك الظروف من الأمور الموضوعية التي تخضع لسلطة محكمة الموضوع فإن النعي على الحكم
فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان التفتيش يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان
الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر
به كافة العناصر القانونية لجريمة التهريب الجمركي التي دان بها الطاعن ودلل على ثبوتها
في حقه في قوله "وحيث إنه عن موضوع التهمة فالثابت مما تقدم ولا خلاف فيه أن البضائع
مهربة من الرسوم والعوائد الجمركية المقررة وقد اعترف المتهم بأنه هو الذي كان يقود
السيارة ولما كانت المادة الأولى في فقرتها الأولى تنص على أنه يعتبر في حكم التهريب
ارتكاب أي فعل بقصد التخلص من كل أو بعض الرسوم أو العوائد الجمركية المقررة أو التهرب
من أحكام القوانين وكان الثابت أن المتهم قد ساهم بالنصيب الأكبر في الجريمة المسندة
إليه وذلك بما تستخلصه المحكمة من وقائع الدعوى وبالذات في المكان الذي نقلت منه البضاعة
وهو الطريق العمومي بالصحراء ومحاولة مرور المتهم في طريق جانبي حتى يتفادى السير أمام
كشك المرور بالبضائع التي يحملها وأوصافها والحالة التي كان عليها وسيره بها في طريق
يقل فيه المرور عادة في هذا الوقت وعدم امتثاله للوقوف عند رؤيته سيارات الشرطة ليلاً
قبل ضبطه وما أدلى به هذا المتهم صراحة من أن من كان يرافقه أنهى إليه بأنه سيتم ضبطه
فيما لو مر بالسيارة على نقطة المرور ويؤيد ما تقدم أن المتهم قد هرب بمجرد رؤيته السيارة
أمام نقطة الشرطة بعد ضبطها ولم يضبط كذلك إلا بعد خمسة أيام من تاريخ ضبط السيارة
والثابت أنه مرتبط الصلة بالسيارة وقد استأجرها من مالكها ومن ثم حق عقاب المتهم…"
وهو تدليل كاف في استظهار أركان جريمة التهريب الجمركي وثبوتها بكافة عناصرها القانونية
في حق الطاعن. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
