طعن رقم 38 سنة 28 ق – جلسة 06 /05 /1958
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة التاسعة – صـ 467
جلسة 6 من مايو سنة 1958
برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, والسيد أحمد عفيفي, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.
طعن رقم 38 سنة 28 ق
شركات. الشركة التي تجتاز دور التصفية. عدم خضوعها لقيود النسب
المقررة بالمادة 93 من ق رقم 26 سنة 1954.
إن شركات المساهمة التي تجتاز دور التصفية لا تخضع لقيود النسب المقررة بالمادة 93
من القانون رقم 26 لسنة 1954 وهي النسب الخاصة بالحد الأدنى لعدد المستخدمين المصريين
ولمجموع ما يتقاضونه من أجور ومرتبات ,إذ أن العقاب لا يكون مستحقاً إلا إذا خولفت
النسب المشار إليها آنفاً حال مزاولة الشركة نشاطها العادي.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بصفته مديراً لفرع الشركة المساهمة نيوزيلاند للتامين (ليمتد) بمصر بأنه: لم يستوف النسب القانونية للمصريين المستخدمين بالشركة من حيث عددهم ومجموع ما يتقاضونه منها من أجور ومرتبات, وطلبت عقابه بالمواد 90/ 1 و93 و104/ 4 من القانون رقم 26 لسنة 1954. ومحكمة قصر النيل الجزئية قضت حضورياً بتغريم المتهم مائتي جنيه والنفاذ تطبيقاً لمواد الاتهام سالفة الذكر. فاستأنف, ومحكمة مصر الابتدائية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف. فطعن في الحكم الأخير بطريق النقض….. إلخ.
المحكمة
… حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو الخطأ في
تطبيق القانون, ذلك أن الثابت من الأوراق أن الشركة موضوع الدعوى دخلت في دور التصفية
منذ 17 مارس سنة 1953 وأبلغ قرارا التصفية إلى الإدارة المختصة بشركات التأمين بوزارة
المالية, وتوقفت فعلاً منذ ذلك التاريخ من إجراء أية عملية جديدة, وأصبحت أعمالها مقصورة
على التصفية التي يقتضي حتماً تخفيض عدد الموظفين, وقام المديرون الذين كانوا يديرون
الشركة بإجراء هذا التخفيض, وينبني على هذه التصفية استحالة التزام الشركة بمراعاة
النسبة المقررة قانوناً لعدد الموظفين المصريين ومقدار مرتباتهم, إذ لم يكن غرض الشارع
حين وضع الأحكام المتضمنة تحديد هذه النسب إلا أن تكون مفروضة على الشركات في حال قيامها
بنشاطها العادي, أما إذا تضاءل نشاطها بسبب دخولها في مرحلة التصفية وبسبب انسحاب الموظفين
المصريين بمحض اختيارهم بعد حصولهم على حقوقهم وبعد أن وجدوا لأنفسهم أعمالاً أخرى
خارج الشركة, فإن احتفاظ الشركة بالنسب القانونية يصبح غير ممكن, ويكون القول بالتزامها
بمراعاة هذه النسب خروجا على قصد الشارع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه – الذي أيد الحكم الابتدائي لأسبابه قال في بيان واقعة الدعوى
أنها تخلص: "فيما أثبته بمحضره المؤرخ في 2 فبراير سنة 1955 السيد/ سعد طه سماحة المفتش
بمصلحة الشركات بوزارة التجارة والصناعة, وفي المذكرة المقدمة من هذه المصلحة بتاريخ
26من فبراير سنة 1955 من أن شركة نيوزيلاندة للتأمين ليمتد الكائنة بشارع سليمان رقم
37 فرع لشركة مساهمة مركزها الرئيسي مدينة أوكلاند ويخضع – أي هذا الفرع الكائن بالديار
المصرية – بهذه المثابة لأحكام المواد من 92 إلى 98 من القانون رقم 26 لسنة 1954 التي
تحتم على الشركات الأجنبية التي تزاول نشاطها في مصر ألا يقل عدد المستخدمين المصريين
فيها عن 75% من مجموع مستخدميها وألا يقل مجموع أجور المصريين عن 65% من مجموع الأجور
والمرتبات التي تؤديها الشركة, وأنه اتضح من البيانات المقدمة من ذلك الفرع بتاريخ
10 يناير سنة 1955 أن مجموع الموظفين بالفرع ثلاثة, اثنان منهم من المصريين أي بنسبة
66 و66 بعجز 8.34% عن النسبة الواجب توافرها وأن مجموع المرتبات الشهرية 138 جنيهاً
673 مليماً ينال المصريين منها 55 جنيهاً 341 مليماً أي بنسبة 40% وبعجز قدره 25% عن
النسبة الواجب بلوغها طبقاً للقانون….. الخ". واستطرد الحكم من ذلك إلى مناقشة دفاع
الطاعن الذي يردده في طعنه, وانتهى من مناقشته إلى التقرير بمعاقبته على مقتضى المواد
90/ 1 و93 و104/ 4 من القانون رقم 26 لسنة 1954 استناداً إلى القول بأنه "لا يجدي المتهم
(الطاعن) تعلله بأنه كان من العسير على الفرع – بعد صدور قرارا التصفية – أن يستخدم
أشخاصاً لاستيفاء النسبية المطلوبة لآجال قصيرة بعد أن تقلص نشاطه بحيث انعدام إنتاجه,
وبعد أن سهلت الشركة في سخاء ترك العمل بها للمستخدمين الذين يرغبوا في ذلك – لا يجديه
تعلله بهذا القول إذ لا عسر أو صعوبة في استيفاء هذه النسب وفي احترام القانون, ما
دام الفرع قائماً بعمله لا يزال سواء البيع اتسع مجال نشاطه أو ضاق, ولا تأثير لاتساع
النشاط أو ضيقه على وجوب احترام القانون".
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ أوجب على شركات المساهمة وهي تجتاز دور التصفية أن تخضع
لقيود النسب المقررة بالمادة 93 من القانون رقم 26 لسنة 54 وهي النسب الخاصة بالحد
الأدنى لعدد المستخدمين المصريين ولمجموع ما يتقاضونه من أجور ومرتبات, وأن تلتزم قانوناً
باتباعها شأنها في ذلك شأن حالة ممارسة تلك الشركات نشاطها الطبيعي أو العادي – إذ
أوجب الحكم ذلك يكون مخطئاً في تطبيق القانون وفي تأويله, إذ أن هذه الشركات وإن كانت
تحتفظ استثناء بشخصيتها المعنوية في فترة التصفية, إلا أن احتفاظها بها في تلك الفترة
لم يشرع إلا لضرورة لازمة تقاس تقدر بالقدر الذي يقضيه تسهيل عملية التصفية نفسها كاستيفاء
حقوق الشركات ووفاء ما على الشركة من ديون, أما فيما عدا هذا النطاق فإن الشركة في
دور التصفية تنقضي وتزول وينعدم كيانها القانوني وتقتصر مهمة المصفي الذي يحل في هذه
الحالة محل مدير الشركة وأعضاء مجلس الإدارة على جرد أموال الشركة وتحديد الصافي فيها
تمهيداً لقسمته بين الشركاء، ويمتنع عليه أن يبدأ أعمالاً جديدة لحساب الشركة أو الشركاء,
لما كان ذلك فإن العقاب لا يكون مستحقاً إلا إذا خولفت النسب المشار إليها آنفاً حال
مزاولة الشركة نشاطها العادي, ومتى تقرر ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون على غير
أساس متعيناً نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن. ولما كان يبين من الأوراق أن التقدير
الخاطئ الذي استند إليه الحكم قد حجب المحكمة عن تحقيق دفاع الطاعن وبحث ما إذا كان
فرع الشركة موضوع الدعوى قد زاول نشاطه العادي أو أنه زال وانقضى بعد أن تقرر حله وأصبح
يمر بدور التصفية, فإنه يتعين مع نقض الحكم إحالة القضية على المحكمة الاستئنافية لتفصل
فيها من جديد هيئة ألأخرى.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
