الطعن رقم 1009 لسنة 33 ق – جلسة 16 /12 /1963
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 14 – صـ 935
جلسة 16 من ديسمبر سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
الطعن رقم 1009 لسنة 33 القضائية
( أ ) شيك بدون رصيد. جريمة.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. متى تتم: بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه
بعدم وجود مقابل وفاء قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق. تقديم الشيك إلى البنك. لا شأن
له في توافر أركان الجريمة. هو إجراء مادي يتجه إلى استيفاء مقابل الشيك. إفادة البنك
بعدم وجود الرصيد إجراء كاشف للجريمة.
(ب) مسئولية جنائية. قوة قاهرة. شيك بدون رصيد.
صدور قانون بوضع أرصدة بعض الشركات تحت التحفظ. اعتباره قوة قاهرة. أثر ذلك: انعدام
مسئولية المتهمين الجنائية عن الجريمة المنصوص عليها في المادة 337 عقوبات التي تقع
خلال الفترة من تاريخ العمل بالقانون سالف الذكر حتى تاريخ الإفراج عن أموال تلك الشركات.
1 – جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه
بعدم وجود مقابل وفاء قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق، أما تقديم الشيك إلى البنك فلا
شأن له في توافر أركان الجريمة بل هو إجراء مادي يتجه إلى استيفاء مقابل الشيك، وما
أفاده البنك بعدم وجود الرصيد إلا إجراء كاشف للجريمة.
2 – الأمر بوضع أرصدة شركات الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية تحت التحفظ عملاً
بأحكام القرار بالقانون رقم 212 لسنة 1961، يوفر في صحيح القانون قوة قاهرة يترتب على
قيامها انعدام مسئولية المتهمين الجنائية عن الجريمة المنصوص عليها في المادة 337 من
قانون العقوبات التي تقع خلال الفترة من تاريخ العمل بالقانون سالف الذكر حتى تاريخ
الإفراج عن أموال تلك الشركات.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما في يوم 31/ 5/ 1960 بدائرة قسم الموسكى: أعطيا بسوء نية لعبد الحميد محمد مصطفى شيكاً مسحوباً على البنك الأهلي التجاري السعودي لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابهما بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات. ومحكمة الموسكى الجزئية قضت غيابياً بتاريخ أول فبراير سنة 1961 عملاً بمادتي الاتهام بحبس كل من المتهمين ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 300 قرش لكل لإيقاف التنفيذ. فعارضا. وعند نظر المعارضة دفع الحاضر معهما بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى. وبتاريخ 21 يونيه سنة 1961 قضت المحكمة المذكورة بعد أن ضمت القضيتين رقمي 1336 سنة 1961 و1338 سنة 1961 جنح الموسكى بقبول المعارضة شكلاً في القضية رقم 8054 سنة 1961 جنح الموسكى وفى موضوعها بتعديل الحكم المعارض فيه. وحضورياً في الجنحتين رقمي 1336 سنة 1961 و1338 سنة 1961 جنح الموسكى أولاً – برفض الدفع بعدم اختصاص هذه المحكمة محلياً بنظر الدعوى وباختصاصها. وثانياً – بحبس كل من المتهمين عن التهم الثلاث ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 500 قرش لكل لإيقاف التنفيذ. فاستأنف المتهمان هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بتاريخ 11/ 11/ 1961 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمين من التهمة المسندة إليهما. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض….. إلخ.
المحكمة
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ قضى
بإلغاء الحكم المستأنف وتبرئة المطعون ضدهما من جريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد أخطأ
في تطبيق القانون ذلك بأنه استند في قضائه ببراءتهما إلى القول بأنه بصدور القرار بقانون
رقم 112 لسنة 1960 بتأميم شركات الأدوية – ومنها الشركة التي يمثلها المطعون ضدهما
– قامت قوة قاهرة حالت دون صرف قيمة الشيكات التي سحباها لصالح المجني عليه فلا يسألان
عن امتناع البنك عن الدفع وأنه كان يتعين على المجني عليه أن يتقدم للجهة المختصة بما
في ذمة الشركة المؤممة فيستأدى دينه من المبالغ المعتمدة للتعويض عن التأميم، في حين
أن القرار بقانون سالف الذكر لم يمس أموال شركات الأدوية المؤممة لدى البنوك بل اقتصر
الأمر على تجميدها اعتباراً من 17/ 7/ 1960 ثم أفرج عنها في 20/ 10/ 1960 ولم يتقدم
المجني عليه لصرف قيمة الشيكات إلا بعد فوات هذه الفترة حيث تكشف له أنه لا يقابلها
رصيد قائم مما مفاده أن المطعون ضدهما أصدرا الشيكات لصالح المجني عليه دون أن يكون
للشركة مقابل وفاء قابل للسحب وقت إصدارها وهو ما تتحقق به مساءلتهما عن الجريمة.
وحيث إن النيابة العامة أقامت ضد المطعون ضدهما ثلاث دعاوى لإعطائهما بسوء نية للمجني
عليه شكيات لا يقابلها رصيد قائم قابل للسحب، وطلبت عقابهما بالمادتين 336/ 1 و337
من قانون العقوبات، ويبين من مراجعة الأوراق أن تواريخ هذه الشيكات هي على التوالي
31/ 5/ 1960 و31/ 7/ 1960 و30/ 9/ 1960 و31/ 10/ 1960 و30/ 11/ 1960. ومحكمة أول درجة
قضت في الدعاوى الثلاث – بعد ضمها – بحبس كل من المطعون ضدهما ثلاثة أشهر – فاستأنفا
هذا الحكم، ومحكمة ثاني درجة قضت حضورياً – بالحكم المطعون فيه – بقبول الاستئناف شكلاً
وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءتهما من التهمة المسندة إليهما، وحصلت واقعة
الدعوى بقولها "ومن حيث إن التهمة المسندة إلى المتهمين – المطعون ضدهما – قامت على
سند ما توافرت عليه الأوراق من أن المجني عليه أبلغ وقرر أنه تخارج عن نصيبه في شركة
التوزيعات المتحدة للأدوية نظير مبلغ 2900 ج تحررت به شيكات وقع عليها المتهمان نيابة
عن الشركة وأنه لما تقدم يوم 14/ 11/ 1960 بشيك محرر في 31/ 5/ 1960 بمبلغ 500 ج وآخر
محرر يوم 31/ 10/ 1960 بمبلغ 50 ج امتنع البنك عن الصرف وأفاد بالرجوع على الساحب"
وبعد أن عرض الحكم لدفاع المطعون ضدهما القائم على أنه تعذر عليهما تسديد قيمة الشيكات
بسبب صدور القانون رقم 212 لسنة 1960، تناول الاتهام الموجه إليهما فرد عليه بقوله
"ومن حيث إنه وإن كان لا مراء في أن المتهمين مسئولان عن توقيعهما على الشيكين نيابة
عن الشركة مسئولية مدنية وجنائية إلا أنه من ناحية أخرى فلا جدال في أن هذه المسئولية
تكون في حدود ذمة الشركة المالية فإذا ما صدر قانون بتأميم تلك الشركة أصبح المتهمان
في حل من هذا الالتزام ولا يكونان بذلك مسئولين عن امتناع البنك عن الدفع، وكان يتعين
على المجني عليه أن يتقدم للجهة المختصة بما له في ذمة الشركة المؤممة حتى يستأدى دينه
من المبالغ المعتمدة تعويضاً عن ذلك التأميم. ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن التهمة المسندة
إلى المتهمين تكون غير قائمة على أساس ويتعين لذلك تبرئتهما". لما كان ذلك، وكان الأمر
بوضع أرصدة شركات الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية تحت التحفظ عملاً بأحكام
القرار بالقانون رقم 212 لسنة 1961 المعمول به اعتباراً من تاريخ نشره في 17/ 7/ 1960
يوفر في صحيح القانون قوة قاهرة يترتب على قيامها انعدام مسئولية المتهمين الجنائية
من الجريمة المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات، إلا أنه لما كان الثابت
من تحصيل الحكم المطعون فيه لوقائع الدعوى أن الشيكين – اللذين اجتزأ بهما عن إيراد
بيان باقي الشيكات – استحقاق في 31/ 5/ 1960 و31/ 10/ 1960 وكان القرار بالقانون رقم
212 لسنة 1960 والذي رتب الحكم على مجرد صدوره انحلال مسئولية المطعون ضدهما عن امتناع
البنك عن الدفع – لم يعمل به إلا اعتباراً من 17/ 7/ 1960 ثم أفرج عن أموال الشركة
في 20/ 10/ 1960 على ما هو ثابت من مدونات الحكم المستأنف نقلاً عن الشهادة التي قدمها
المطعون ضدهما إلى محكمة أول درجة مما ظاهره خروج هذين الشيكين عن نطاق الأثر الذي
رتبه الحكم على صدور ذلك القانون. لما كان ذلك، وكانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم
بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء قابل للسحب في
تاريخ الاستحقاق أما تقديم الشيك إلى البنك فلا شأن له في توافر أركان الجريمة بل هو
إجراء مادي يتجه إلى استيفاء مقابل الشيك، وما إفادة البنك بعدم وجود الرصيد إلا إجراء
كاشف للجريمة. ولما كان الرأي الذي ذهب إليه الحكم فأطلق مقتضاه على جميع الشيكات منتهياً
إلى براءة المطعون ضدهما، قد حجبه عن بحث توافر أركان الجرائم المسندة إليهما عما أصدراه
من شيكات تنأى بها تواريخ استحقاقها عن نطاق الفترة التي جمدت فيها أموال الشركة وبحث
علة امتناع البنك عن الدفع في هذه المواعيد ومدى مسئولية المطعون ضدهما عن التقدم بالشيكات
– موضوع الاتهام – إلى البنك لصرفها بعد الإفراج عن أرصدة الشركة لدى البنوك، مما يصم
استدلال الحكم بالقصور الذي يعيبه بما يبطله ويعجز هذه المحكمة عن مراقبة سلامة تطبيق
القانون على الواقعة كما صار إثباتها به. لما كان ما تقدم، فإن النعي على الحكم يكون
في محله ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
