الطعن رقم 778 لسنة 33 ق – جلسة 28 /10 /1963
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 14 – صـ 710
جلسة 28 من أكتوبر سنة 1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: توفيق الخشن، وأديب نصر، ومختار رضوان، وأحمد موافي.
الطعن رقم 778 لسنة 33 القضائية
(أ، ب، ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تفتيش. "إذن التفتيش
". "إصداره". محكمة الموضوع.
( أ ) عدم تقيد المحكمة بالأخذ بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر. لها أن تركن في
سبيل تكوين عقيدتها – عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة
بها – إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة عليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة
الممكنات العقلية. ما دام لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
(ب) الخطأ في اسم المطلوب تفتيشه لا يبطل التفتيش. ما دام الحكم قد استظهر أن الشخص
الذي حصل تفتيشه هو في الواقع بذاته المقصود بأمر التفتيش. مثال.
(ج) تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. من المسائل الموضوعية. الأمر
فيها موكول إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. مثال.
1 – المحكمة غير مقيدة بألا تأخذ إلا بأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر، بل لها أن
تركن في سبيل تكوين عقيدتها – عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية
المتصلة بها – إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة عليها بطريق الاستنتاج والاستقراء
وكافة الممكنات العقلية، ما دام لا يخرج في ذلك عن الاقتضاء العقلي والمنطقي. وإذا
كان الحكم لم يؤسس قضاءه على القول بأن الطاعن أقر بوجود الضابط وقت القبض والتفتيش
– كما زعم الطاعن في طعنه – بل أقامه على قوله إن الطاعن أقر في التحقيقات بما يستخلص
منه صدق شهادة الضابط وسلامتها فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد يكون في
غير محله.
2 – من المقرر أن الخطأ في اسم المطلوب تفتيشه لا يبطل التفتيش ما دام الحكم قد استظهر
أن الشخص الذي حصل تفتيشه هو في الواقع بذاته المقصود بأمر التفتيش. ولما كانت المحكمة
قد أفصحت بما أوردته في مدوناتها عن اطمئنانها إلى أن الطاعن هو الذي انصبت عليه التحريات
وهو المقصود في الإذن الصادر بالتفتيش. فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب يكون
على غير أساس.
3 – من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل
الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ولما كانت
المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي قام عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره
وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فلا معقب عليها في ذلك.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 25/ 2/ 1961 بدائرة مركز كفر الزيات "أحرز جوهراً مخدراً (حشيشاً) بقصد الاتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً". وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمواد 1/ 1 و2 و7/ 1 – 2 و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول. فقررت الغرفة ذلك. وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات طنطا دفع الحاضران مع المتهم: أولاً – ببطلان إذن التفتيش. ثانياً – ببطلان ما تلاه من إجراءات وردت المحكمة على الدفعين بأنهما على غير أساس. ثم قضت المحكمة المذكورة حضورياً بتاريخ 26/ 12/ 1961 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل ستة شهور وبتغريمه خمسمائة جنيه وبمصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض…. إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد وشابه
قصور في التسبيب، ذلك أنه رد على الدفع ببطلان التفتيش لإجرائه في غيبة المأذون له
به بقوله إن الطاعن نفسه أقر بوجود الضابط وقت التفتيش مع أن الثابت من التحقيق أن
الطاعن نفى ذلك صراحة وأن المخبر هارون علام شهد بما مؤداه أن الضابط لم يكن موجوداً
وقت ضبطه للطاعن ولكن الحكم أغفل مفهوم قول هذا الشاهد – كما أطرح الدفع ببطلان الإذن
الصادر بالتفتيش لعدم جدية التحريات دون أن يعنى بالرد على ما ثبت في البطاقة الشخصية
وما ورد بشهادة العمدة وشيخ البلد من عدم وجود اسم شهرة للطاعن وما ثبت من وجود شخص
آخر باسم عبد الظاهر أبو جازيه يعمل سائقاً وقد تم الضبط في موقف السيارات الأمر الذي
يتصل بالسائق ولا يتصل بعامل في شونة بنك التسليف.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية
لجريمة إحراز المواد المخدرة بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي التي دان الطاعن بها وأورد
على ثبوتها في حقه أدلة تؤدى إلى ما رتبه عليها. عرض للدفع ببطلان إجراءات التفتيش
لحصولها بغير رقابة وإشراف المأذون له به – وفنده بقوله "وحيث إن هذا الذي زعمه الدفاع
لم يقم عليه أي دليل بل ينقضه ويهدمه من أساسه شهادة الضابط الذي قرر أنه كان مع المخبر
توفيق هارون بموقف السيارات وكان يرتدى الملابس البلدية – وقد قرر المتهم (الطاعن)
أن المخبرين أمسكوه وفتشه شخص لا يعرفه يلبس الملابس البلدية وواجهه بلفافات التقطها
من الأرض وهذا الذي أدلى به المتهم في التحقيقات يؤيد كل التأييد رواية الضابط لأنه
كان يلبس الملابس البلدية والتقط اللفافة من على الأرض وواجه بها المتهم ولم يجرح المتهم
الضابط بما يحمل على الشك في روايته ومن ثم فيكون ما زعمه الدفاع من عدم وجود الضابط
أمر يجافى الحقيقة والواقع باعتراف المتهم نفسه وبذلك يكون الضبط والتفتيش قد تما بمعرفة
الضابط المأذون له بهما ومن ثم فيكون الدفع الثاني ببطلان التفتيش على غير أساس متعين
الرفض…." لما كان ذلك، وكان استخلاص المحكمة لمؤدى أقوال الضابط التي لم يجرحها الطاعن
وما أقر به الطاعن في التحقيقات من أن شخصاً لا يعرفه يرتدى الملابس البلدية قام بتفتيشه
والتقط اللفافات من الأرض وواجهه بها هو استخلاص سائغ وسليم يستقيم به اطراح دفاع الطاعن
ولا يكون له من بعد – أن يطعن على الحكم بدعوى مخالفة الثابت في الأوراق – إذ المحكمة
غير مقيدة بألا تأخذ إلا بالأقوال الصريحة أو مدلولها الظاهر بل لها أن تركن في سبيل
تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها
– إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة عليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة
الممكنات العقلية ما دام لا يخرج في ذلك عن الاقتضاء العقلي والمنطقي وإذ كان الحكم
لم يؤسس قضاءه على القول بأن الطاعن أقر بوجود الضابط وقت القبض والتفتيش – على ما
يزعم الطاعن في طعنه – بل أقامه على قوله إن الطاعن أقر في التحقيقات بما يستخلص منه
صدق شهادة الضابط وسلامتها فإن النعي عليه بدعوى الخطأ في الإسناد يكون في غير محله
– وأما ما يثيره الطاعن من قصور الحكم المطعون فيه في الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش
لعدم جدية التحريات فإن الحكم رد على هذا الدفع رداً سائغاً، عرض فيه للقول بوجود سائق
باسم عبد الظاهر أبو جازيه ولأقوال العمدة في شأن ذلك ورد عليه في تدليل سليم بما يبرر
التفاته عن هذا الدفع بشأن مغايرة الاسم الصادر به إذن التفتيش وما ينطوي عليه ثبوت
ذلك من عدم جدية التحريات التي انبنى عليها – لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ
في اسم المطلوب تفتيشه لا يبطل التفتيش ما دام الحكم قد استظهر أن الشخص الذي حصل تفتيشه
هو في الواقع بذاته المقصود بأمر التفتيش وكانت المحكمة قد أفصحت بما أوردته في مدوناتها
عن اطمئنانها إلى أن الطاعن هو الذي انصبت عليه التحريات وهو المقصود في الإذن الصادر
بالتفتيش – استناداً منها إلى العناصر الصحيحة التي ساقتها في هذا الصدد وكان تقدير
جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر
فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فمتى كانت هذه المحكمة قد اقتنعت بجدية
الاستدلالات التي قام عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على
تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها في ذلك، لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير
أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
