الرائيسية الاقسام القوائم البحث

طعن رقم 1596 سنة 27 ق – جلسة 07 /01 /1958 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة التاسعة – صـ 11

جلسة 7 من يناير سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل ومصطفى كامل، وعثمان رمزي، ومحمود حلمي خاطر المستشارين.


طعن رقم 1596 سنة 27 ق

دفاع. تحقيق. خلو الملف المطبوع من ذكر نتيجة تحليل البقع التي وجدت بملابس المتهم – لا إخلال بحق الدفاع.
إذا كان الملف المطبوع قد أغفل ذكر نتيجة تحليل البقع التي وجدت بملابس المتهم فإنه لا يجوز النعي على المحكمة بأنها أخلت بحقه في الدفاع، ذلك أنه كان في وسع محامي المتهم وقد لاحظ هذا النقص أن يستوفيه بطلب الاطلاع على أصل التقرير الم ودع بملف القضية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما الأول – قتل عمداً محمد الدمرداش إسماعيل مع سبق الإصرار والترصد بأن عقد النية على قتله وأعد لذلك سكينا مشحوذاً وترصد له في الطريق حتى إذا ظفر به طعنه بالسكين في بطنه وباقي جسمه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته. الثاني – اشترك بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة مع المتهم الأول على ارتكاب الجريمة سالفة الذكر وبأن اتفق معه وحرضه على ارتكابها وساعده على ذلك بأن قدم له سكيناً مشحوذاً ليرتكب بها هذه الجريمة وقد تمت بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض وتلك المساعدة وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 40/ 1/ 2/ 3، 41 و 230 و 231 و 232 من قانون العقوبات فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمعاقبة الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة.
فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض….. إلخ.


المحكمة

… وحيث إن الطاعنين يبنيان طعنهما على أن الحكم المطعون فيه شابه القصور وتخاذل أسبابه والخطأ في الإسناد فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع وبطلان إجراءات التحريز وفي تفصيل ذلك يقول الطاعنان أن المجني عليه عندما سئل في محضر جميع الاستدلالات وصف الجاني بأنه شخص طويل القامة في حين أن الطاعن الأول قصيرها وفد أبدى الدفاع ذلك للمحكمة فلم ترد عليه في حكمها كذلك استندت المحكمة في إدانة الطاعن الأول إلى ضبط معطف أسود اللون بمنزل الطاعن الثاني وتبين أنه يناسب جسم المتهم الأول مع أن أق وال الشهود بالجلسة أن الشخص الذي رأوه بمكان الحادث كان يرتدي معطفاً أصفر اللون وما كان يصح الاستناد إلى هذين الدليلين معا لتعارضهما، هذا إلى أن الثابت في الحكم المطعون فيه أن جلباب الطاعن الأول ظهر به بقع دموية بالناحية اليسرى منها عند الصدر والكتف وقال المتهم عنها أنها من دم البراغيث وفي موضع آخر من الحكم ذكرت المحكمة أن البقع التي وجدت بجلباب المتهم الأ ول من دم آدمي مع أن الجلباب عندما عرض على المحقق وجد عليه آثراً أشر حولها وبتحليل هذه الآثار لم يتضح وجود دم وإنما عثر في أسفل فتحة الجيب الأيسر على بقعة حمراء ظهر من التحليل أنها من دماء آدمية وهذه البقعة لم يكن مؤشراً عليها ولم يثبتها المحقق في محضره وكان للمحكمة أن تستند إليها كدليل خصوصاً وأنه لم يثبت أنها من فصيلة دماء المجني عليه، هذا إلى أن المحكمة لم تكشف في حكمها كيف وصلت هذه البقعة الدموية إلى مكانها من الجلباب مع ملاحظة أن المتهم كان يرتدي فوقه معطفاً وقد تنازل دفاع الطاعن الأول الإشارة إلى ذلك غير أن الحكم اكتفى في دره بما قاله من أن تقرير التحليل أثبت أن البقع التي وجدت بجلباب الطاعن من دماء آدمية على خلاف ما ادعاه الطاعن من أنها من دم البراغيث ويبين من الاطلاع على تقرير التحليل المنسوخ بالملف المطبوع أنه لم يشر إلا إلى تحليل البقع التي وجدت بالجلباب ولم يتضمن شيئاً عن نتيجة تحليل البقع التي وجدت بالصديري الثابتة بأصل هذا التقرير وقد أدى هذا النقض في النسخ إلى أن محامي الطاعن لم يتمكن من إبداء دفاعه بشأن هذه البقع التي أظهر التحليل أنها من دماء آدمية ومع أن المحقق لم يثبت سوى بقعة واحدة بالصديري في الكتف الأيسر دون بقعة الظهر التي أشار إليها تقرير التحليل ولم يتبين أن دماء هاتين البقعتين من فصيلة دماء المجني عليه ويقول الطاعن الأ ول أيضاً أن النيابة أرسلت خطاباً إلى مأمور المركز تطلب فيه إعادة تحريز ملابس المجني عليه وملابس المتهم الأ ول ولم ينسخ هذا الخطاب بالملف المطبوع مع أن القانون يوجب أن يكون التحريز بمعرفة النيابة وترتب على ذلك أن الدفاع لم يتمكن من أن يدفع أمام محكمة الجنايات ببطلان إجراءات التحريز لخلو صورة الجناية من هذه الخطابات وفي ذلك إخلال بحقه في الدفاع كما أخطأ الحكم في الاسناد عندما تحدث عن الشاهدين عبد الحميد الحسيني زاهر وزميله محمد زكي نوار أنهما لما سمعا ما قصه عليهما محمد حسين السلكاوي عن رؤيته للمتهم الأول جالا ببصرهما فرأيا المتهم المذكور متنكراً ببالطو أسود وملثماً بلثام لا يظهر غير عينيه مع أنه بالرج وع إلى أقوال هذين الشاهدين في التحقيقات الابتدائية وبالجلسة تبين بأنهما لم يتحققا من هوية هذا الشخص الملثم وإنما علما بأنه المتهم الأول من زميلهما محمد السلكاوي. فضلاً عن أن الشاهدين المذكورين لم يعين أيهما في التحقيق لون المعطف. وشهد محمد زكي نوار وزملاؤه في الجلسة بأنه المعطف أصفر اللون وكان الحكم أرد أن يقيم صلة بين المعطف الذي رآه الشهود على المتهم وبين المعطف الأسود المضبوط بمنزل المتهم الثاني وذلك في سبيل تأييد الاتهام وأخطأ الحكم في الاسناد من ناحية أخرى حين أثبت أن محمد صبري الإبراشي شهد بأنه صاحب المتهم الثاني عند زيارته لإبراهيم متولي منصور شاحذ السكاكين وبالرجوع إلى أقوال هذا الشاهد في التحقيق – لأنه لم يحضر أمام المحكمة – يبين أنه ما كان يعرف اسم السنان المذكور. وقد ظهر فيما بعد أن اسمه محمد حسين الزيني وليس إبراهيم متولي منصور وأخيراً فإن المحكمة لم تبين واقعة التحريض المنسوبة للمتهم الثاني ولم تورد دليلاً على أن السكين التي استعملت في ارتكاب الحادث هي التي شحذت ولا على أن الطاعن الثاني سلم الطاعن الأول سكيناً.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم الثاني إسماعيل إسماعيل الرواد من مواطني سندوب بمركز المنصورة شك في قيام علاقة آثمة بين زوجته وبني المجني عليه محمد الدمرداش إسماعيل وصار الشك يقيناً لديه. ثم أصبح هما مقيماً مقعداً ملك عليه حراسة ودفعه للتخلص من غريمه فشحذ سكيناً قدمها لابن أخته السيد حسن مسعود المتهم الأول واتفق معه على قتل المجني عليه فترصد له هذا في الطريق ليلة 28 من مارس سنة 1954 وهو ملثم بلثام بخفية حتى إذا ما قدم المجني عليه ابتدره بطعنتين من السكين أولاهما في بطنه وأدت إلى وفاته "ثم أورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة قبل الطاعنين أدلة سائغة منها شهادة شهود الإثبات والتقارير الطبية. ولما كان ما آثاره الدفاع عن طول قامة الشخص الذي اعتدى على المجني عليه أخذاً بما جاء بأقوال هذا الأخير بمحضر البوليس وهو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليه صراحة ما دام هذا الرد مستفاداً ضمناً من قضائها بإدانة الطاعن الأول لأدلة الثبوت العديدة التي أوردتها، وفضلاً عن ذلك فإن المحكمة لم تعول فيما استدلت به على وقوع الجريمة من المتهم الأ ول على ما أدلي به المجني عليه قبل وفاته. لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على صورة الجنابة المقدمة من الطاعنين مع أسباب الطعن أن الشهود محمد السيد علي وردة ومحمد زكي نوار ومحمد الحسيني السلكاوي وعبد الحميد الحسيني زاهر قد اقتصروا في تحقيق النيابة على القول بأن الطاعن الأول عندما شوهد واقفاً بمكان الحادث كان يرتدي معطفاً وملثماً ولم يذكر أحد منهم شيئاً عن لون هذا المعطف وأثبت الحكم أنه بتفتيش منزل الطاعن الثاني ضبط به معطف أسود اللون بمقاسه على الطاعون الأول وجد مناسباً لجسمه وقد استنتجت المحكمة من ذلك بحق أنه هو المعطف الذي أشار إليه شهود الإثبات في التحقيق الابتدائي وإذا كان الحكم قد جرى في سياق أسبابه على وصف المعطف الذي كان يلبسه الطاعن الأول بأنه معطف أسود اللون فإن معنى ذلك أن المحكمة لم تأخذ بما قرره هؤلاء الشهود أمامها بالجلسة عن لون المعطف وأنها في سبيل تكوين عقيدتها جمعت بين الدليل المستمد من أقوال الشهود في التحقيق وبين الدليل المستمد من التفتيش واستقر في عقيدتها أن المعطف الذي كان يرتديه المتهم الأول هو المعطف الأسود الذي ضبط وليس في ذلك ما يعيب الحكم بخطأ الاسناد أ و تخاذل الأسباب كما يذهب الطاعن وإنما هو استدلال سليم استخلصته المحكمة من وقائع الدعوى وما اطمأنت إليه من أدلتها التي لها أصلها الثابت في الأوراق، لما كان ذلك وكان الحكم فد أثبت استناداً إلى تقرير التحليل وجود بقع من دماء آدمية بجلباب الطاعن الأول واتخذ من ذلك دليلاً على كذب دفاعه الذي زعم فيه أنه ما علق بجلبابه هو من دماء البراغيث. وكان ما يقوله الطاعن من أنه كان يجب لصحة الاستدلال بهذه البقع أن يثبت أنها من فصيلة دم المجني عليه لا وجه له ما دام التقرير الكيماوي قد أشار إلى أن العينات التي أخذت لا تكفي لبحث الفصائل، لما كان ذلك يبين من الاطلاع على صورة الجناية المقدمة مع أسباب الطاعن أن وكيل النيابة المحقق قد أصدر قراراً (الصحيفة 35 من الصورة المذكورة) بإرسال ملابس المتهم سيد حسن مسعود (وهو الطاعن الأول) لمصلحة الطلب الشرعي لفحصها وبيان ما إذا كانت بها بقع دموية آدمية أم لا، ولما كان واضحاً من عموم صيغة هذا القرار أن المحقق لم يقصر طلبه على تحليل الآثار التي شاهدها هو بل طلب أن يشمل الفحص كل ما يعثر عليه (الطبيب) الشرعي بهذه الملابس من بقع دموية – لما كان ذلك. وكان ما يشكو منه الطاعن الأول من أن الملف المطبوع قد أغفل ذكر نتيجة تحليل البقع التي وجدت بالصديري والتي تبين أنها من دماء آدمية وأن هذا قد حال دون تمكنه من إبداء دفاعه بشأن هذا الدليل فإنه فضلاً عن أن الحكم قد خلا من الاستناد إلى نتيجة تحليل البقع التي شوهدت بهذا الصديري فإنه كانت في وسع محامي الطاعن وقد لاحظ هذا النقص أن يستوفيه بطلب الاطلاع على أصل التقرير المودع بملف القضية أما وهو لم يفعل فإنه لا يجوز له من بعد أن ينعي على المحكمة أنها أخلت بحقه في الدفاع. لما كانت ذلك وكان يبين من نص خطاب النيابة العامة أن مأمور مركز المنصورة كما أ ورد الطاعنان في الوجه الخامس من أسبابا الطعن أن الإحراز وردت من مصلحة الطب الشرعي بعد إرسالها إليها، وذلك لإعادة تحريزها جيداً. ولما كان هذا الإجراء قد قصد به إصلاح ما لحق بالإحراز وأختامها من عطب بعد أن كان قد تم تحريزها أول مرة على يد وكيل النيابة المحقق وكان قانون الإجراءات الجنائية لم يرتب البطلات على عدم مراعاة ما نصت عليه المواد 55 وما بعدها مما يجعل الأمر فيها راجعاً إلى تقدير محكمة الموضوع لسلامة الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي. وكانت المحكمة قد اطمأنت لسلامة هذه الإجراءات. كما أن الطاعن الأول لم يدع من جانبه أن عبثا وصل إلى محتويات هذه الإحراز عند إعادة تحريزها. فإن ما يثيره الطاعن عن بطلان إجراءات التحريز لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان خطأ الحكم في اسم الشخص الذي أجرى شحذ السكين للطاعن الثاني قبل وقوع الحادث وخلط بين هذا الاسم واسم إبراهيم متولي منصور الحداد الذي أعد السكين لهذا الطاعن قبل شحذها هو من قبيل الخطأ المادي الذي لا يعيب الحكم وكان الاشتراك بالتحريض والاتفاق ليس له مظاهر خارجية يستدل لها بأفعال مادية فإنه يكفي لسلامة الحكم بحصول الاشتراك بهما أن تكون المحكمة قد عللت ما استنتجته من قيامهما على نحو يسوغ اعتقادها بحقيقة حصوله. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن الثاني هو صاحب المصلحة في إزهاق روح المجني عليه وأنه هو الذي شحذ السكين استعداداً للجريمة التي انتوى بها القضاء على المجني عليه وجعل من المتهم الأول آلة في يده وعاملاً لتحقيق مأربه ورتبت على ذلك أنه شريك للمتهم الأول في القتل فإن الحكم يكون قد بين عناصر الاشتراك بياناً كافياً لا قصور فيه" – لما كان ذلك وكان الحكم قد استنتج في منطق سليم من ظروف الدعوى ومن الوقائع التي سبقت ارتكاب القتل أن السكين التي أعدها الطاعن الثاني وشحذها قبل الحادث بأيام هي التي استعملها الطاعن الأول في ارتكاب الجريمة فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل.
وحيث أنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات