الطعن رقم 1018 لسنة 36 ق – جلسة 01 /11 /1966
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 17 – صـ 1053
جلسة أول نوفمبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.
الطعن رقم 1018 لسنة 36 القضائية
(أ) خيانة أمانة. وكالة.
يستوي في الوكالة – كسبب من الأسباب الواردة في المادة 341 عقوبات على سبيل الحصر لوجود
المال المختلس لدى المتهم – أن تكون وليدة عقد أو أن يكون مصدرها القانون.
تعدد الأسانيد القانونية لوجود المال المختلس تحت يد المتهم بصفته وكيلا.
تخلف أحدها لا ينهض لإسقاط الوكالة. ما دام قد بقى تحت يده بموجب أي سند منها، وما
دام هو لم يقم من جانبه بما توجبه الوكالة الثابتة في حقه بتسليم المال المعهود إليه.
(ب) خيانة أمانة. قصد جنائي.
جريمة خيانة الأمانة. القصد الجنائي فيها. توافره: بتصرف الحائز في المال المسلم إليه
على وجه الأمانة بنية إضاعته على ربه ولو كان هذا التصرف بتغيير حيازته الناقصة إلى
ملكية كاملة مع بقاء عين ما تسلمه تحت يده.
(ج) طعن. استئناف. نقض.
قاعدة عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه. انصرافها إلى العقوبة والتعويض المقضي بهما دون
أتعاب المحاماة.
(د) حكم. "تسبيبه. ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
1- القانون حين عرف جريمة خيانة الأمانة في المادة 341 من قانون العقوبات لم ينص على
أن تكون الوكالة – باعتبارها سببا من الأسباب التي أوردها على سبيل الحصر لوجود المال
المختلس لدى المتهم – وليدة عقد, بل اكتفى في ذلك بعبارة عامة هى أن يكون تسليم المال
قد حصل إلى الوكيل بصفة كونه وكيلا بأجرة أو مجانا، مما يستوي فيه بالبداهة ما يكون
منشؤه التعاقد وما يكون مصدره القانون، وأنه إذا تعددت الأسانيد القانونية لوجود المال
المختلس تحت يد المتهم بصفته وكيلا، فإن تخلف أحدها لا ينهض لإسقاط الوكالة ما دام
المال قد بقى تحت يده بموجب أي سند منها، وما دام هو لم يقم من جانبه بما توجبه الوكالة
الثابتة في حقه بتسليم المال المعهود إليه.
2- القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة كما هى معرفة في القانون يتوفر بتصرف الحائز
في المال المسلم إليه على وجه الأمانة بنية إضاعته على ربه ولو كان هذا التصرف بتغيير
حيازته الناقصة إلى ملكية كاملة مع بقاء عين ما تسلمه تحت يده.
3 – من المقرر أن قاعدة عدم جواز إضرار الطاعن بطعنه لا تنصرف إلا إلى العقوبة المحكوم
بها أو التعويض المقضي به، بحيث لا يجوز الحكم عليه بعقوبة أشد من العقوبة التي قضى
بها الحكم السابق، كما لا يجوز أن تتجاوز في تقدير التعويض الناشئ عن الجريمة المبلغ
الذي كان قد قدر في الحكم المنقوض. أما أتعاب المحاماة فإن تقديرها يرجع إلى ما تبينته
المحكمة من الجهد الذي بذله المحامي في الدعوى وما تكبده المحكوم عليه من أتعاب لمحاميه
والأمر في هذا التقدير لمحكمة الموضوع دون معقب عليها فيه.
4 – الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما خلال شهر فبراير سنة 1954 بدائرة قسم الدرب الأحمر: بددا المنقولات المبينة بالمحضر والمملوكة لورثة إبراهيم لمعي إضرارا بهم والمسلمة إليهما على سبيل الوكالة بوصفهما مديرين فبدداها إضرارا بالورثة. وطلبت عقابهما بالمادة 341 من قانون العقوبات. وادعت فاطمه عبد العظيم بصفتها وصية على أختيها إلهام ونوال قاصرتي المرجوم إبراهيم لمعي بحق مدني قدره 51 ج على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين بالتضامن. وفي أثناء نظر هذه الدعوى أمام محكمة الدرب الأحمر الجزئية دفع الحاضر مع المتهمين بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. والمحكمة المشار إليها قضت حضوريا بتاريخ 14 يناير سنة 1957 (أولا) في الدعوى الجنائية بانقضائها بمضي المدة وبراءة المتهمين مما أسند إليهما بلا مصاريف جنائية (وثانيا) في الدعوى المدنية بإلزام المتهمين متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحق المدني بصفتها وصية على أختيها إلهام ونوال قاصرتي المرحوم إبراهيم لمعي مبلغ وقدره 51 ج (واحد وخمسون جنيها) تعويضا مؤقتا وألزمتهما متضامنين المصاريف المدنية. فأستأنف المتهمان هذا الحكم. ومحكمة مصر الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بتاريخ 28 مايو سنة 1959 في الدعوى المدنية المستأنفة بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف ألزمت المستأنفين المصروفات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقضى في طعنه بتاريخ 16 مايو سنة 1961 بقبوله شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة مصر الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى بالنسبة إلى الطاعن وإلى إبراهيم إبراهيم لمعي وإلزام المطعون ضدها بالمصروفات. أعيدت الدعوى ثانية إلى محكمة القاهرة الابتدائية وقضت فيها (بهيئة جديدة) حضوريا بتاريخ 31 ديسمبر سنة 1964 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليهما المصروفات وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية… إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تبديد
منقولات مسلمة إليه على سبيل الوكالة قد انطوى على فساد في الاستدلال وأخطأ في الإسناد
وشابه القصور في التسبيب وخالف القانون، ذلك بأن المدافع عن الطاعن أثار أمام المحكمة
الاستئنافية واقعة أساسية هى أن إدارته للمصنع بدأت بقرار من المحكمة الحسبية في 2/
7/ 1941 وانتهت بقرار آخر صدر منها في 10/ 5/1942 أن الجرد الذي حصل في 27/ 5/ 1943
بمعرفة الخبير "أحمد صلاح الدين" في حضور الطاعن وشقيقه أثبت وجود جميع العدد والآلات
كاملة وبذلك برز الدليل على براءته من تبديدها، إلا أن المحكمة سواء في الحكم الابتدائي
أو في الحكم الاستئنافي خلطت بين انتهاء الإدارة، وبين الجرد الحاصل بعد انتهائها حيث
اعتبرت الجرد استمرار للتسليم الحاصل قبله، والذي انتهى بإخلائهما من الإدارة. كما
أن الحكم المطعون فيه افترض أن ما لم يبع من الآلات استيفاء للديون باق في عهدة الطاعن
وأخيه على مقتضى الإدارة دون سند لهذا القول واعتبر فقد الآلات قرين الاختلاس دون أن
يتحدث بشئ عن القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة وهولا يتحقق إلا إذا كان الجاني
قد انتوى إضافة الشئ إلى ملكه، كما أن المحكمة المطعون في حكمها قد أضرت بالطاعن بعد
نقض الحكم السابق فزادت أتعاب المحاماة من جنيهين إلى خمسة، مع أن الطعن يتمخض لمصلحة
الطاعن فلا يضار به، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكمين الابتدائي والاستئنافي الذي أخذ بأسبابه بينا واقعة الدعوى بما محصله
أن السيد إبراهيم لمعي توفى عن تركة منها مصنع لإنتاج "الأظرف والجوابات" وكان من بين
ورثته ابنتاه القاصرتان "إلهام ونوال" اللتان عينت أختهما لوالدتهما السيدة "فاطمة
محمد عبد العظيم عمارة" وصية عليهما. وكان ولداه الراشدان "إسماعيل إبراهيم لمعي" –
الطاعن – وإبراهيم إبراهيم لمعي يديران هذا المصنع حال حياة والدهما واستمر هذا الوضع
ثابتا لهما فعلا بعد وفاة المورث، في 2/7 /1941 صدر قرار من المجلس الحسبي بإقرارهما
في الإدارة التي كانت ثابتة لهما بالأمر الواقع، ولم ينشئ لهما مركزا قانونيا لم يكن،
أو يضف إلى مركزهما وصفا جديدا غير ما كان، وجردت الآلات التي كانت في إدارتهما بمعرفة
الخبير "أحمد صلاح الدين" بموجب محضر الجرد المؤرخ في 27/ 5/ 1943 ثم تقدم الطاعن في
20/ 1/ 1949 إلى المجلس ليأذن له في شراء الآلات المبينة في طلبه وبالأثمان التي قدرها
الخبير الذي قام بحصرها، فأذن المجلس الحسبي بالبيع، وكلف معاون المحكمة إيداع نصيب
القاصرتين من الثمن، وتحرير عقد بيع الآلات المذكورة وتسليمها إلى الطاعن، مع تكليفه
جرد الآلات الباقية وتسليمها إلى الوصية، فقام المعاون بتنفيذ الشق الأول من مهمته
المبينة في هذا القرار بتحرير عقد بيع مؤرخ 5/ 1/ 1949 متضمنا بيع نصيب القاصرتين في
الآلات التي أوردها الطاعن في طلبه ذاك، وأما بالنسبة إلى الشق الثاني وهو تسليم الوصية
باقي الآلات فإن الماعون عجز عن أدائه بعد أن أقام الطاعن وأخوه العراقيل في سبيله،
وأن محكمة الأحوال الشخصية تبينت عدم جدوى توقيع الغرامات عليهما، فقررت في 17/ 1/
1954 إبلاغ النيابة العامة ضدهما، فقامت الوصية بذلك في 6/ 3/ 154 وقد أثبت الحكم المطعون
فيه أنه على الرغم من إدارة الطاعن وأخيه للمصنع فإنهما لم يسلما الوصية على القاصرتين
نصيبهما في آلاته الباقية، بل زعما حينا أن بعضها قد سرق، مع أن السرقة إنما وقعت على
بعض البضائع الموجودة في المصنع دون آلاته، وزعما حينا آخر أن حجوزا أوقعت على بعضها
وبيعت وفاء للديون المحجوز بها، مع أن الحجوز لا تستغرق كل الآلات الباقية في عهدتهما
مما يقطع بأنهما أضاعا هذا القدر الباقي على القاصرتين بسوء نية – ثم تناول الحكم المطعون
فيه دفاع الطاعن بأن إدارته للمصنع بدأت في 2/ 7/ 1941 بقرار المجلس الحسبي وانتهت
في 10/ 5/ 1942 وجردت موجوداته فثبت وجودها جميعا في 27/ 5/ 1943وهوتاريخ لاحق لانتهاء
تلك الإدارة بموجب ذلك القرار – وأن بعض آلات المصنع سرق، وبعضه بيع وفاء لحجوز ورد
عليه بقوله: "وحيث إنه يبين مما تقدم أن المتهمين وإن توليا إدارة المصنع بقرار من
المحكمة الحسبية في 2/ 7/ 1941 إلا أن الثابت من أقوال الوصية في محاضر تحقيق النيابة
وجمع الاستدلالات أنهما كانا يتوليان الإدارة قبل ذلك بعد وفاة المورث فعلا قبل وحال
حياته إذ كانا يشتركان معه في ذلك، وأن المحكمة الحسبية إذ قررت تعينهما مديرين للمصنع
إنما راعت هذا الأمر الواقع فعلا، فلا محل للقول بعدم استلامهما أدوات وآلات المصنع،
إذ أن ذلك ثابت في حقهما إن لم يكن بقرار المحكمة الحسبية أو بمحضر جرد الخبير فبصفة
كونهما مديرين لتركة المورث، ويضعان اليد على أعيانها، ولم يقدما ما يدل على تسليمهما
لهذه الآلات والأعيان بعد ذلك. وحيث إنه بالنسبة لما أثاره المتهمان من أن أكثر من
حجز قد توقع على معظم الآلات التي تسلمت إليهما وانتهى الأمر فيها بالبيع وأن سرقة
قد حدثت بالورشة فإنه تبين بعد اطلاع محكمة أول درجة على الملف الحسبي أن السرقة إنما
كانت بالنسبة لبعض البضائع ولا تشمل العدد والآلات، وتبين من محضر معاون المحكمة الحسبية
المؤرخ 18/ 2/ 1954 – والذي أثبت فيه الآلات التي لم يتم بيعها وتعتبر عهدة لدى المتهمين
– أن محضر جرد هذه الآلات 28 بندا وبمراجعة محاضر جرد الخبير عن المتهمين والمؤرخة
18/ 5/ 1948 و25/ 5/ 1949 و19/ 12/ 1949 و24/ 11/ 1946 و11/ 6/ 1947 و4/ 2/ 1947 و24/
3/ 1946 و10/ 7/ 1945 أن ما وقع الحجز عليه وبيع قاصر على ما أثبته المعاون بمحضره
السابق في عشرة بنود هى الأول والثالث والرابع والخامس والتاسع والعاشر والثالث عشر
والرابع عشر والثامن عشر والخامس والعشرون، ومن ثم تبقى الآلات والعدد الأخرى المبينة
في باقي البنود في عهدة المتهمين وإذن فإنهما يلتزمان بتعويض المدعيين مدنيا" لما كان
ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أعرض عن دلالة قرار المجلس الحسبي في إثبات تسلم
الطاعنين للآلات بصفتهما مديرين للمصنع، وعن دلالة توقيعه على انتهاء إدارتهما بعد
التاريخ المحدد فيه. وركن في إثبات التسليم بصفة أساسية إلى الوضع القانوني الذي كان
ثابتا لهما فعلا قبل ذلك حال حياة المورث وبعد وفاته، وأن هذه الصفة بقيت لهما باعتبارهما
وكيلين عن الورثة كما كانا من قبل وكيلين عن المورث، ولا تبرأ ذمتهما – بحسب الأحكام
المقررة في القانون للوكالة – حتى يقدما حسابا عن إدارتهما ويسلما الأعيان التي في
عهدتهما إلى أصحابها من الورثة، ذلك أن القانون حين عرف جريمة خيانة الأمانة في المادة
341 من قانون العقوبات لم ينص على أن تكون الوكالة باعتبارها سببا من الأسباب التي
أوردها على سبيل الحصر لوجود المال المختلس لدى المتهم وليد "عقد" بل اكتفى في ذلك
بعبارة عامة هى أن يكون تسلم المال قد حصل إلى الوكيل بصفة كونه وكيلا بأجرة أو مجانا،
مما يستوي فيه بالبداهة ما يكون منشؤه التعاقد، وما يكون مصدره القانون، وأنه إذا تعددت
الأسناد القانونية لوجود المال المختلس تحت يد المتهم بالاختلاس بصفته وكيلا، فإن تخلف
أحدهما لا ينهض شيئا لإسقاط الوكالة ما دام المال قد بقى تحت يده بموجب أي سند منها،
وما دام هو لم يقم من جانبه بما توجبه الوكالة الثابتة في حقه بتسليم المال المعهود
إليه. ولما كانت المحكمة قد عولت في تكوين عقيدتها في استلام المتهمين لآلات المصنع
وأدواته على أنهما كانا يشاركان والدهما في إدارة المصنع حال حياته, وأنهما استمروا
في إدارته بعد وفاته، وأن قرار المحكمة الحسبية بتنصيبهما في الإدارة إنما كان تحصيلا
للحاصل وتقريرا للأمر الواقع، وأنهما لم يقوما بعد ذلك بتسليم ما بقى من آلات المصنع
إلى القاصرتين، فلا محل بعد ذلك للنعي على الحكم بالخطأ في الإسناد في شأن إثبات السند
القانوني لاستلامهما آلات المصنع بالإستناد إلى قرار المجلس الحسبي أو تقرير الخبير
المشار إليه في الطعن، لأن هذا الخطأ بفرض وقوعه لا يعيب الحكم لأنه لم يتناول من الأدلة
ما يؤثر في عقيدة المحكمة. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت
هذه المحكمة بضمها تحقيقا للطعن أنها ضمت تقريرا مقدما في 19/ 5/ 1944 من الخبير المحاسب
محمد عبد النبي وهدان عن فحص حساب المصنع في المدة من 8/ 5/ 1941 إلى 10/ 5/ 1942 بناء
على قرار المجلس الحسبي في 10/ 5/ 1942 وقد أشير فيه إلى الطاعن بصفته مديرا للمصنع,
وليس فيه أدنى إشارة إلى أن الطاعن قد انتهت إدارته للمصنع فعلا أو أنه تخلى عن إدارته,
أو سلم هذه الإدارة إلى غيره، كما خلت المفردات من كل ما أراد الطاعن الاستدلال به
على شئ من ذلك، ومن ثم فإن ما يدعيه الطاعن من الخطأ في الإسناد أو فساد في الاستدلال
لا يكون له وجه ولا يعتد به. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يدع مجالا في تقريراته
للشك في أن المتهمين – والطاعن أحدهما – قد تسلما المصنع لإدارته, وأضاعا على القاصرتين
حقهما فيما بقى من آلاته وأدواته، تارة بدعوى السرقة، وأخرى بدعوى الحجز، وأنهما أقاما
شتى العراقيل في وجه معاون المحكمة الحسبية الذي كلف من قبلها في تسلم حصة القاصرتين،
وتسليمها إليهما – ولم تجد المحكمة بدا من إبلاغ النيابة ضدهما حيث لم يجد جدوى من
توقيع الغرامات عليهما، ولم يقدم المتهمان حتى صدور الحكم ما يدل على أنهما أبرآ ذمتهما
وسلما ما كان في عهدتهما، وانتهى من ذلك إلى أن الطاعن وأخاه اختلسا آلات المصنع، فإن
ما أورده الحكم فيما تقدم بيانه فيه التدليل الكافي على القصد الجنائي في جريمة خيانة
الأمانة كما هى معرفة في القانون، من تصرف الحائز في المال المسلم إليه على وجه الأمانة
بنية إضاعته على ربه، ولو كان هذا التصرف بتغيير حيازته الناقصة إلى ملكية كاملة مع
بقاء عين ما تسلمه تحت يده. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن قاعدة عدم جواز إضرار
الطاعن بطعنه لا تنصرف إلا إلى العقوبة المحكوم بها أو التعويض المقضي به، بحيث لا
يجوز الحكم عليه بعقوبة أشد من العقوبة التي قضى بها الحكم السابق كما لا يجوز أن تتجاوز
في تقدير التعويض الناشئ عن الجريمة المبلغ الذي كان قد قدر في الحكم المنقوض. أما
أتعاب المحاماة فإن تقديرها يرجع إلى ما تتبينه المحكمة من الجهد الذي بذله المحامي
في الدعوى وما تكبده المحكوم عليه من أتعاب لمحاميه، والأمر في هذا التقدير لمحكمة
الموضوع دون معقب عليها فيه. لما كان ذلك كله، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين
رفضه موضوعا.
