الطعن رقم 1186 لسنة 36 ق – جلسة 04 /10 /1966
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 17 – صـ 918
جلسة 4 من أكتوبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي، نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، وجمال المرصفاوي، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود العمراوي.
الطعن رقم 1186 لسنة 36 القضائية
(أ، ب) مواد مخدرة. جريمة. "جريمة مستمرة". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه.
تسبيب غير معيب".
(أ) جريمة إحراز أو حيازة المخدر. طبيعتها: جريمة مستمرة.
(ب) القصد الحنائي في تلك الجريمة. ماهيته: هو علم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو
ما يحوزه من المواد المخدرة.
عدم التزام المحكمة بالتحدث عن هذا الركن استقلالا.
(ج) مأمورو الضبط القضائي. اختصاص. مواد مخدرة.
لمديري إدارة مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين
الأول والثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية في الجرائم المنصوص
عليها في هذا القانون.
(د) تفتيش. "إذن التفتيش". نقض. "أسباب الطعن. مالا يقبل منها". مواد مخدرة.
دعوى التناقض في إذن التفتيش. إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(هـ) وصف التهمة. مواد مخدرة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تعديل المحكمة وصف التهمة من حيازة مخدر بقصد الاتجار إلى حيازته بغير قصد الاتجار
أو التعاطي دون لفت نظر المتهم أو المدافع عنه. لا إخلال بحق الدفاع.
(و) عقوبة. "تقديرها". "ظروف مخففة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام موجبات الرأفة. من اطلاقات محكمة الموضوع. عدم التزامها ببيان الأسباب التي
من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته.
1- جريمة إحراز أو حيازة المخدر من الجرائم المستمرة.
2- القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر إنما هو علم المحرز أو الحائز بأن
ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة. والمحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالا عن هذا
الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافيا في الدلالة على أن المتهم كان عالما بأن ما
يحرزه مخدر.
3- المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها
والاتجار فيها جعلت لمديري إدارة مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط
والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في
جميع أنحاء الجمهورية في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. ومن ثم فإن صح قول
الطاعن ببدء وقوع جريمة حيازة المخدر بدائرة مركز بلبيس بمحافظة الشرقية، فإن ذلك لا
يخرج الواقعة من اختصاص رئيس مكتب مكافحة المخدرات بالقليوبية الذي استصدر الإذن، وما
دام تنفيذ هذا الإذن كان معلقا على استمرار تلك الجريمة إلى دائرة اختصاصه.
4- لما كان الطاعن أو المدافع عنه – على ما يبين من محاضر جلسات المحاكمة – لم يثير
أمام محكمة الموضوع دعوى التناقض في إذن التفتيش، فلا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام
محكمة النقض.
5- من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل
المسند إلى المتهم باعتبار أن هذا الوصف ليس نهائيا فمن حق المحكمة تعديله متى رأت
أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى هى أنه الوصف القانوني السليم. ولما
كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة – وهى حيازة
المخدر – هى بذاتها التي اتخذتها المحكمة أساسا للوصف الجديد الذي دانت الطاعن به دون
إضافة شئ جديد إلى تلك الواقعة، بل نزلت بها – حين استبعدت قصد الاتجار – إلى وصف أخف
من الوصف المبين بأمر الإحالة، وهو الحيازة بغير قصد الاتجار أو التعاطي، ولم يتضمن
هذا التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة الأولى، فإنه
لا محل لما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع.
6- تقدير قيام موجبات الرأفة من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان دواعيها
أو الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته أو عدم نزولها بها إلى
الحد الأدنى.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في 24 يناير سنة 1965 بدائرة
مركز الخانكة محافظة القليوبية: حازا جوهرا مخدرا "حشيشا " وكان ذلك بقصد الاتجار في
غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات
لمعاقبتهما طبقا للمواد 1/ 1 و2 و34/ 1 – أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند
12 من الجدول 1 المرافق.
فقرر بذلك وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات بنها دفع الحاضر مع المتهم الأول
ببطلان القبض والتفتيش كما دفع الحاضر مع المتهم الثاني ببطلان إذن التفتيش. والمحكمة
المذكورة قضت حضوريا في 5 مارس سنة 1966 عملا بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون
رقم 182 لسنة 1960 والبند رقم 12 من الجدول رقم 1 المرافق مع تطبيق المادة 17 من قانون
العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل مدة سنتين وتغريم كل منهما مبلغ خمسمائة
جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. وقد ردت على الدفعين قائلة إنهما في غير محلهما.
فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض…الخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول "فاروق محمد حسن" وإن طعن بطريق النقض في
الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسبابا فيكون طعنه غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة
حيازة وإحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي قد انطوى على فساد في الاستدلال وأخطأ
في الإسناد، ذلك بأنه دفع ببطلان القبض والتفتيش لوقوعهما قبل صدور الإذن بهما، وببطلان
الإذن ذاته لصدوره عن جريمة مستقبلة وخارجة عن دائرة اختصاص كل من الضابط المستأذن
ووكيل النيابة العامة الآذن وأنه حتى لو كان الإذن مشروطا بتواجد المتهمين في دائرة
مركز الخانكة التي تدخل في اختصاص الأخير فإنه يكون متناقضا، بيد أن الحكم رد على ذلك
أسباب غير سائغة ولم يفصح عن سنده في اعتبار الضبط المقول بوقوعه وقت السحور لاحقا
لوقت صدور الإذن بالقبض والتفتيش.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعنين بوصف أنهما في 24 يناير سنة 1965 بدائرة
مركز الخانكة محافظة القليوبية: حازا جوهرا مخدرا "حشيشا" وكان ذلك بقصد الاتجار وفي
غير الأحوال المصرح بها قانونا. ومحكمة الجنايات دانتهما بوصف أنهما حازا وأحرزا مخدرا
بغير قصد الاتجار أو التعاطي. وقد حصل الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى في أن تحريات
رئيس مكتب مكافحة المخدرات بالقليوبية دلت على أن الطاعنين وآخر يحرزون جواهر مخدرة
ويقومون بنقلها بسبل شتى، منها السيارة رقم 42200 ملاكي القاهرة، فاستصدر إذنا من النيابة
العامة بالقبض عليهم وتفتيشهم، وتربص لهم ورجاله بالقرب من نقطة مرور سرياقوس، ولما
أقبلت تلك السيارة اعترض سبيلها قائد سيارة الشرطة فتوقفت وإذ ذاك رأى رئيس المكتب
والشرطي السري محمد أحمد مسلم الطاعن الأول حاملا لفافة سارع إلى إلقائها على أرض السيارة
فور رؤيته رجال القوة فالتقطها رئيس المكتب وعثر فيها على حشيش. وقد دلل الحكم على
ثبوت هذه الواقعة بأقوال رئيس المكتب وقائد سيارته والشرطي السري وما أسفر عنه تحليل
المادة المضبوطة وهى أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك،
وكان الحكم قد عرض للدفعين ببطلان القبض والتفتيش لوقوعهما قبل صدور إذن النيابة العامة
بهما، وببطلان الإذن ذاته لصدوره عن جريمة لم تكن قد وقعت، ورد عليهما في قوله: "ومن
حيث إنه عن الدفع الأول فإن الثابت من الأوراق ومن أقوال الشهود الذين وثقت المحكمة
بهم وأخذت بأقوالهم أن التحريات كانت الساعة 12 ونصف وصدر الإذن الساعة الواحدة صباحا
وتم القبض والتفتيش بعد ذلك ولا مجال للقول بأن رجال الشرطة افتعلوا ذلك لتصحيح الإجراءات
إذ أن المتهم الثاني – الطاعن – أشهد جندي المرور وأعلن لجلسة اليوم فشهد هذا بأن المقدم
كمال كساب ورجاله حضروا إلى النقطة ومعهم المتهمين في وقت السحور أي بعد الوقت المحدد
في إذن التفتيش. أما عن الدفع الثاني المبدى من المتهم الثاني فإن محضر التحريات تصدر
بعبارة (أنه علم من التحريات السرية أن المتهمين يتجرون في المواد المخدرة) ومعنى هذا
أنهم وقت التحريات كانا يحرزان بالفعل المواد المخدرة أما عبارة أنهم سوف ينقلونها
فتنصرف إلى أنهما سوف ينقلون المخدرات التي في حوزتهما. وسئل في ذلك صراحة المقدم كمال
كساب بالجلسة فذكر أنه وقت أن استصدر الإذن كان المتهمان يحرزان المخدر بالفعل ويثبت
من ذلك أن الجريمة كانت قائمة بالفعل وقت استصدار الإذن ومن ثم يكون الدفعان في غير
محلهما ويتعين لذلك رفضهما والالتفات عن دفاع المتهمين بعد أن ثبت بيقين في ذهن المحكمة
صدق أقوال الشهود" وكان يبين من المفردات المضمومة إلى ملف الطعن أن ما أورده الحكم
– من أن إجراء الضبط وقت السحور كان تاليا لصدور الإذن – له مأخذه من أقوال شرطي المرور
بتحقيق النيابة العامة. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك،
وكان يبين من مدونات الحكم أن الجريمة التي دين الطاعن بها كانت قد وقعت حين أصدرت
النيابة العامة إذنها بالقبض والتفتيش، وكان ما أورده الحكم من ذلك سائغ وله سنده في
أوراق الدعوى، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا
مما لا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكانت جريمة إحراز أو حيازة المخدر
من الجرائم المستمرة، وكانت المادة 49 من القانون رقم 182 سنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات
وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جعلت لمديري إدارة مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها
ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأموري
الضبطية القضائية في جميع أنحاء الجمهورية في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون،
ومن ثم فإن صح قول الطاعن ببدء وقوع تلك الجريمة بدائرة مركز بلبيس بمحافظة الشرقية،
فإن ذلك لا يخرج الواقعة من اختصاص رئيس مكتب مكافحة المخدرات بالقليوبية – الذي استصدر
الإذن، ومادام تنفيذ هذا الإذن كان معلقا على استمرار تلك الجريمة إلى دائرة اختصاصه
فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير قويم. ولما كان الطاعن أو المدافع
عنه – على ما يبين من محاضر جلسات المحاكمة – لم يثير أمام محكمة الموضوع دعوى التناقض
في إذن التفتيش فلا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والخطأ
في تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة عدلت وصف التهمة المسندة إلى الطاعن من حيازة مخدر
بقصد الاتجار إلى حيازته وإحرازه بغير قصد الاتجار أو التعاطي دون لفت نظر الطاعن أو
المدافع عنه إلى هذا التعديل، وأنها أعملت في شأنه وشأن الطاعن الآخر حكم المادة 17
من قانون العقوبات دون الإفصاح عن دواعي الرأفة، ولم تنزل بعقوبة الحبس التي أوقعتها
إلى الحد الأدنى المقرر في القانون، وفي الوقت ذاته سوت بين الطاعنين في العقوبة مع
أن أولهما عائد.
وحيث إن المحكمة وهى في سبيل تقصي القصد من الإحراز قالت: "ومن حيث إنه ليس بالأوراق
ما يدل على أن الحيازة كانت بقصد الاتجار أو التعاطي فهى إذن لغيرهما" وانتهت إلى أن
الحيازة لم تكن لأي من هذين القصدين وأعملت في حق الطاعن أحكام المادتين 37 و38 من
القانون رقم 182 لسنة 1960 سالف البيان. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن المحكمة لا
تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم باعتبار
أن هذا الوصف ليس نهائيا فمن حق المحكمة تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها
إلى الوصف الذي ترى هى أنه الوصف القانوني السليم. ولما كانت الواقعة المادية المبينة
بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة – وهى حيازة المخدر – هى بذاتها التي اتخذتها
المحكمة أساسا للوصف الجديد الذي دانت الطاعن به دون إضافة شئ جديد إلى تلك الواقعة،
بل نزلت بها – حين استبعدت قصد الاتجار – إلى وصف أخف من الوصف المبين بأمر الإحالة،
وهو الحيازة بغير قصد الاتجار أو التعاطي، ولم يتضمن هذا التعديل إسناد واقعة مادية
أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة الأولى، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من دعوى
الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان تقدير قيام موجبات الرأفة من إطلاقات محكمة
الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان دواعيها أو الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر
الذي ارتأته أو عدم نزولها بها إلى الحد الأدنى، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد
وفي هذا الوجه برمته يكون غير سديد.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن في الوجه الأخير من طعنه، هو قصور الحكم لإغفاله استظهار علم
الطاعن بكنه المادة المضبوطة، على الرغم من تمسكه بإنتفائه.
وحيث إنه لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر إنما هو علم المحرز
أن ما يحرزه أو يحوزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالا
عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافيا في الدلالة على أن المتهم كان عالما
بأن ما يحرزه مخدر. وإذ كان يبين في محاضر جلسات المحاكمة أن أيا من الطاعن أو المدافع
عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم, وكان ما أورده الحكم من وقائع وظروف دالا على قيامه
في حق الطاعن، فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم،
فإن الطعن برمته يكون متعين الرفض موضوعا.
