الطعن رقم 96 لسنة 46 ق – جلسة 20 /12 /1978
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
الجزء الثانى – السنة 29 – صـ 1977
جلسة 20 من ديسمبر سنة 1978
برئاسة السيد المستشار/ محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجورى، إبراهيم فراج، صبحى رزق داود ومحمد أحمد حمدى.
الطعن رقم 96 لسنة 46 القضائية
تقادم. إيجار.
التقادم. جواز النزول عن الدفع به صراحة أو ضمناً بعد ثبوت الحق فيه. لمحكمة الموضوع
تقدير ذلك. مثال فى سقوط الحق فى المطالبة بالأجرة.
إيجار "إيجار الأماكن. ضرائب.
العقارات المملوكة للأفراد المؤجرة لمعاهد وزارة التربية والتعليم خضوعها للضريبة على
العقارات المبنية. وجوب تخفيض الاجرة بما يعادل الإعفاء الضريبي. القانون رقم 169 لسنة
1961.
1- مؤدى نص المادة 388 من التقنين المدنى أن النزول عن التقادم بسائر أنواعه عمل قانونى من جانب واحد يتم بمجرد إرادة المتنازل وحدها بعد ثبوت الحق فيه، ولما كان النزول عن
التقادم لا يخضع لأى شرط شكلى فكما يقع صراحة بأى تعبير عن الإرادة يفيد معناه، فإنه
يجوز أن يكون ضمنا يستخلص من واقع الدعوى ومن كافة الظروف والملابسات المحيطة التى تظهر منها هذه الإرادة بوضوح لا غموض فيه، ولما كان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن
قاضى الموضوع هو الذى يقدر ما إذا كان يستقى من موقف المدين ما يستفاد منه حتماً نزوله
عن الدفع بالتقادم بما لا معقب عليه ما دام استخلاصه سائغاً لما كان ذلك وكان البين
من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين بصفتهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بسقوط الحق
فى المطالبة بالأجرة بالتقادم عن المدة السابقة على 29/ 11/ 1949 وأنه استخلص من الكتاب
الذى وجهته المنطقة التعليمية إلى المطعون عليهم فى 11/ 1/ 1960 وبعد ثبوت الحق فى التمسك بالتقادم أنه مع إقرارها الضمنى بعدم سداد الأجرة وعدت بالوفاء بها لدى تقديم
مستندات التمليك، ومن الكتاب المرسل إلى المطعون عليه الأول بتاريخ 26/ 11/ 1962 المتضمن
طلب إدارة الشئون القانونية موافاتها بمذكرة مبين بها تاريخ تسليم المبنى واسم المؤجر
وقدر المبالغ المعلاة كأمانات وتواريخ الطلبات المقدمة لصرفها حتى يمكن إنهاء موضوع
الأجرة المستحقة المتأخرة ودفعها – استخلص من هذين الكتابين غير المجحودين إرادة الطاعنين
الثابتة والمؤكدة فى النزول عن التقادم فإن هذا الاستخلاص الموضوعى سائغ وله مأخذه
من الأوراق.
2- المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 169 لسنة 1961
بتقرير بعض الإعفاءات من الضريبة على العقارات المبينة أن المشرع أعفى من أداء الضريبة
على العقارات المبينة والضرائب الإضافية الأخرى المساكن التى لا يزيد متوسط الإيجار
الشهرى للحجرة بالوحدة السكنية منها على ثلاث جنيهات، كما أعفى من أداء الضريبة الأصلية
وحدها المساكن التى يزيد متوسط الإيجار الشهرى للحجرة بالوحدة السكنية منها على ثلاث
جنيهات ولا تجاوز خمسة جنيهات، بحيث يقع عبء التخفيض على عاتق الخزانة فى صورة إعفاء
الملاك من الضرائب مقابل تخفيض الأجرة بما يعادلها بقصد التخفيف عن كاهل المستأجرين،
ومؤدى المادتين 2 و21 من القانون رقم 56 لسنة 1954 فى شأن الضريبة على العقارات المبينة
أن هذه الضريبة تسرى على انحاء معينة بالجدول المرفق بالقانون، ولا يعفى من أدائها
سوى الأحوال المبينة فيها بيان حصر، وليس من بينها العقارات المملوكة للأفراد والمؤجرة
معاهد تابعة لوزارة التربية والتعليم وإذ كان البين من محضر أعمال الخبير أن المطعون
عليهم قدموا ما يفيد خضوع العقار موضوع النزاع للضريبة العقارية ولم يكن لذلك صدى فى النتيجة التى خلص إليها التقرير، وكان ما خلص إليه الخبير يخالف الثابت بمحضر أعماله
وإذ أخذ الحكم بالتقرير دون أن يفطن إلى هذا التناقض فإنه فضلاً عن خطئه فى القانون
يكون قاصر التسبيب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى أن
المطعون عليه الأول ومورث باقى المطعون عليهم أقاما – بعد رفض أمر الأداء – الدعوى
رقم 1085 لسنة 1964 مدنى أمام محكمة طنطا الابتدائية ضد الطاعنين بصفتهما – وزرة التربية
والتعليم ومنطقة طنطا التعليمية – بطلب إلزامهما أن يدفعا لهما مبلغ 1901 جنيه قيمة
الإيجار المتأخر حتى آخر شهر سبتمبر سنة 1964. وقالا شرحاً لها إنه بموجب عقد مؤرخ
9/ 11/ 1953 أجرا وزارة التربية والتعليم منزلاً مملوكاً لهما كائناً…….. بقصد
استعماله مدرسة لقاء أجرة قدرها 23 جنيه شهرياً. وإذ تأخرت الوزارة فى سداد مبلغ 1901
جنيه من الأجرة المستحقة، فقد أقاما الدعوى. طلب الطاعنان وقفها حتى يفصل فى دعوى تخفيض
الأجرة المقامة منهما، كما تمسكا بسقوط الحق فى المطالبة بالأجرة عن المدة السابقة
على 29/ 11/ 1959 بالتقادم الخمسي. وبتاريخ 11/ 1/ 1966 حكمت المحكمة بوقف الدعوى لحين
الفصل فى دعوى التخفيض، وبعد الفصل فى هذه الدعوى عدل المطعون عليهم طلباتهم إلى مبلغ
2509.80 جنيه قيمة الإيجار المستحق حتى آخر فبراير سنة 1969، وعادت المحكمة بتاريخ
23/ 9/ 1969 فحكمت بإلزام الطاعنين بأن يدفعا مبلغ 2494.561 جنيه، استأنفت وزارة التربية
والتعليم هذا الحكم بالاستئناف رقم 225 لسنة 19 ق طنطا، وبتاريخ 18/ 4/ 1972 حكمت محكمة
الاستئناف بندب مكتب الخبراء لمعاينة العقار المؤجر وبيان عدد غرفه وما إذا كان يتمتع
بالاعفاء والتخفيضات التى نص عليها القانون رقم 169 لسنة 1961، وبعد أن قدم الخبير
تقريره عادت وحكمت بتاريخ 4/ 12/ 1975 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان على هذا
الحكم والحكم الصادر بندب الخبير بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها
نقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة
المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنان بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون
فيه الخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفى بيان ذلك يقولان إن محكمة
الاستئناف سايرت محكمة أول درجة فى رفض الدفع بسقوط الحق فى المطالبة بالأجرة بالتقادم
عما زاد عن الخمس سنوات السابقة على رفع الدعوى، على سند من القول بأن كتاب المنطقة
التعليمية الموجه إلى المؤجرين فى 11/ 1/ 1960 ينطوى على التنازل عن التمسك بالتقادم
الذى كان قد تم، بنصه على صرف الإيجار عند تقديم مستندات الملكية، وهو ما يجاوز مجرد
الإقرار بالأجرة إلى الاعتراف بالدين ذاته وباستحقاقه بدليل إبداء الاستعداد لسداده
وأضاف الحكم المطعون فيه قرينة على هذا النزول استقاها من سداد الوزارة الأجرة المستحقة
عن جزء من المدة التى تمسكت بسقوط الحق فى اقتضائها، فى حين أن ما تضمنه الكتاب آنف
البيان لا يؤدى إلى معنى التنازع عن التقادم، بل يفهم منه أن المنطقة التعليمية على
استعداد لسداد ما لم يتقادم من الأجرة حال تقديم المستندات الدالة على ملكية العين
المؤجرة، وهو مجرد تقرير للواقع لوجود نزاع على ملكيتها، ولا يمكن اعتبار مطالبة الدائن
بتقديم المستندات دليلاً على التنازل عن التقادم. هذا إلى أن المبلغ الذى سددته المنطقة
يندرج ضمنه مبالغ أخرى بخلاف الأجرة، الأمر الذى ينتفى معه القول بسداد مبالغ عن المدة
التى سقطت بالتقادم، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت فى الأوراق.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن النص فى المادة 388 من التقنين المدنى على أنه "لا يجوز
النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه…. وإنما يجوز لكل شخص يملك التصرف فى حقوقه
أن ينزل ولو ضمناً عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه…." يدل على أن النزل عن التقادم
بسائر أنواعه عمل قانونى من جانب واحد يتم بمجرد إرادة المتنازل وحدها بعد ثبوت الحق
فيه. ولما كان النزول عن التقادم لا يخضع لأى شرط شكلى فكما يقع صراحة بأى تعبير عن
الإرادة يفيد معناه، فإنه يجوز أن يكون ضمناً يستخلص من واقع الدعوى ومن كافة الظروف
والملابسات المحيطة التى تظهر منها هذه الارادة بوضوح لا غموض فيه، وكان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قاضى الموضوع هو الذى يقدر ما إذا كان يستقى من موقف المدين ما
يستفاد منه حتماً نزوله عن الدفع بالتقادم بما لا معقب عليه ما دام استخلاصه سائغاً.
لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون أن الطاعنين بصفتهما تمسكا أمام محكمة
الموضوع بسقوط الحق فى المطالبة بالأجرة بالتقادم عن المدة السابقة على 29/ 11/ 1959
وإذ استخلص من الكتاب الذى وجهته المنطقة التعليمية إلى المطعون عليهم فى 11/ 1/ 1960
وبعد ثبوت الحق فى التمسك بالتقادم أنه مع إقرارها الضمنى بعدم سداد الأجرة وعدت بالوفاء
بها لدى تقديم مستندات التمليك، ومن الكتاب المرسل إلى المطعون عليه الأول بتاريخ 26/
11/ 1962 المتضمن طلب إدارة الشئون القانونية موافاتها بمذكرة مبين بها تاريخ تسليم
المبنى واسم المؤجر وقدر المبالغ المعلاة كأمانات وتواريخ الطلبات المقدمة لصرفها حتى
يمكن إنهاء موضوع الأجرة المستحقة المتأخرة ودفعها، استخلص من هذين الكتابين غير المجحودين
إرادة الطاعنين الثابتة والمؤكدة فى النزول عن التقادم، فإن هذا الاستخلاص الموضوعى سائغ وله مأخذه من الأوراق. لما كان ما تقدم وكانت هذه الدعامة الأساسية كافية لحمل
قضاء الحكم فإنه لا يعيبه ما تزيد فيه من القول بوفاء الطاعن جزءاً من الأجرة المستحقة
عن مدة متقادمة، لأن هذه القرينة – أياً كان وجه الرأى فيها – غير ذات تأثير على صحة
ما خلص إليه على النحو السابق تجليته ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون
والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقولان إن الحكم تبنى ما أورده تقرير الخبير من أن
عقار النزاع الكائن…… معفى من الضرائب العقارية، ورتب على ذلك عدم انطباق القانون
رقم 169 لسنة 1961 عليه، فى حين أن القانون رقم 56 لسنة 1954 فى شأن الضريبة على العقارات
المبنية فرض ضريبة سنوية على المبانى الواقعة فى المدن والبلاد الموضحة بالجدول المرافق
لهذا القانون أياً كان الغرض الذى تستخدم فيه طالما ليست من العقارات المعفاة من أداء
الضريبة والواردة وفق المادة 21 منه والعقار المؤجر ليس منها. وإذ لم يوضح تقرير الخبير
أو الحكم الذى اعتمد عليه الأسباب المبررة للنتيجة التى انتهى إليها فإنه يكون معيبا
بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب.
وحيث إن النعى فى محله، ذلك أنه لما كان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة
الأولى من القانون رقم 169 لسنة 1961 بتقرير بعض الإعفاءات من الضريبة على العقارات
المبينة أن المشرع أعفى من أداء الضريبة على العقارات المبنية والضرائب الاضافية الاخرى
– المساكن التى لا يزيد متوسط الإيجار الشهرى للحجرة بالوحدة السكنية منها على ثلاث
جنيهات، كما أعفى من أداء الضريبة الاصلية وحدها المساكن التى يزيد متوسط الإيجار الشهرى للحجرة بالوحدة السكنية منها على ثلاث جنيهات ولا تجاوز خمسة جنيهات، بحيث يقع عبء
التخفيض على عاتق الخزانة فى صورة إعفاء الملاك من الضرائب مقابل تخفيض الأجرة بما
يعادلها بقصد التخفيف عن كاهل المستأجرين، ومؤدى المادتين 2، 21 من القانون رقم 56
لسنة 1954 فى شأن الضريبة على العقارات المبينة أن هذه الضريبة تسرى على أنحاء معينة
بالجدول المرفق بالقانون، ولا يعفى من أدائها سوى الأحوال المبينة فيها بيان حصر، وليس
من بينها العقارات المملوكة للأفراد والمؤجرة معاهد تابعة لوزارة التربية والتعليم،
وكان البين من محضر أعمال الخبير الرقيم 4/ 1/ 1975 أن المطعون عليهم قدموا ما يفيد
خضوع العقار موضوع النزاع للضريبة العقارية ولم يكن لذلك صدى فى النتيجة التى خلص إليها
التقرير، وكان ما خلص إليه الخبير يخالف الثابت بمحضر اعماله وإذ أخذ الحكم بالتقرير
دون أن يفطن إلى هذا التناقض فإنه فضلا عن خطئه فى القانون يكون قاصر التسبيب وهو
ما يستوجب نقض الحكم على أن يكون مع النقض الاحالة.
