الطعن رقم 936 لسنة 49 ق – جلسة 21 /11 /1984
أحكام النقض – المكتب الفنى – مدنى
الجزء الثانى – السنة 35 – صـ 1858
جلسة 21 من نوفمبر سنة 1984
برياسة السيد المستشار/ يحيى العمورى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز فوده، ماهر قلادة واصف، مصطفى زعزوع وحمدى محمد علي.
الطعن رقم 936 لسنة 49 القضائية
(1، 2) حراسة "الحراسة الإدارية". اختصاص. محكمة القيم.
1 – سلطة رئيس الجمهورية بالأمر بفرض الحراسة على المؤسسات والشركات. ق 162 لسنة 1958
عدم امتدادها إلى الاشخاص الطبيعيين. الاستثناء. رعايا الدول المعادية والتى قطعت معها
العلاقات السياسية. الأمر الجمهورى الصادر بالمخالفة لذلك. معدوم الأثر. علة ذلك. اختصاص
القضاء العادى برفع ما ينتج عنه من آثار.
2 – محكمة القيم. اختصاصها بنظر المنازعات المتعلقة بالحراسات المفروضة استناداًًًًً
إلى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958. ما يكون من هذه المنازعات مطروحاًًًًً على المحاكم
بجميع درجاتها. وجوب إحالته إلى محكمة القيم. م 6 ق 141 لسنة 1981.
1 – وإن كان النص فى المادة الثالثة من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ
قد أجاز لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابى أو شفوى تدابير
معينة وردت على سبيل الحصر من بينها "الاستيلاء على أى منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة
على الشركات والمؤسسات".. إلا أن هذا النص وقد تضمنه قانون استثنائى صدر لظروف خاصة،
فإنه ينبغى عدم التوسع فى تفسيره ويلزم إعماله فى حدود ما أفصحت عنه عباراته بقصر السلطة
الممنوحة لرئيس الجمهورية بشأن فرض الحراسة على المؤسسات والشركات دون ما يجاوزه إلى
الأفراد الطبيعيين، ولم يتضمن هذا القانون أو نص آخر من التشريعات الاستثنائية المعمول
بها وقتئذ ما يسمح بفرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين باستثناء ما يختص برعايا الدول
المعادية والدول التى قطعت معها العلاقات السياسية، ولما كان الثابت أن أمر رئيس الجمهورية
رقم 138 لسنة 1961 بفرض الحراسة على بعض المواطنين من الأفراد الطبيعيين ومن بينهم
زوج الطاعنة وعائلته، قد استند رئيس الجمهورية فى إصداره إلى قانون الطوارئ رقم 162
لسنة 1958، والذى لم تجز نصوصه فرض الحراسة إلا على الشركات والمؤسسات كما سلف البيان،
فإن هذا الأمر بفرض الحراسة يكون قد صدر ممن لا يملك سلطة بما يجعله غير قائم على أساس
من الشرعية متسما بمخالفة صارخة للقانون، ويعتبر غصباًًًًً للسلطة ينحدر به إلى
مرتبة الفعل المادى المعدوم الأثر قانوناًًًًً لما ينطوى عليه من اعتداء على الحرية
الشخصية وحرمه الملك الخاص، فيصبح متجرداًًًًً عن صفته الإدارية، وتسقط عنه الحصانة
المقررة للقرارات الإدارية، ويختص بالتالى القضاء العادى برفع ما ينتج عن هذا الاعتداء
المادى من آثار ويترتب على ما تقدم أن تأشيرة الحارس العام برفضه حق الطاعنة فى الانتفاع
والتى اعتبرها الحكم المطعون فيه قراراًًًًًًًًًًًًًًً إدارياًًًًً، معدومة الأثر
قانونا
بالطبيعة لانعدام أثر قرار فرض الحراسة.
2 – وإن كانت المادة 269/ 2 من قانون المرافعات قد أوجبت أن تكون الإحالة إلى المحكمة
التى أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فى القضية من جديد، إلا أنه وقد صدر القانون رقم
141 لسنة 1981 ونص فى مادته السادسة على أن تختص محكمة القيم دون غيرها بنظر المنازعات
المتعلقة بالحراسة التى فرضت استناداًًًًً إلى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 وعلى
أن تحال إليها جميع المنازعات المطروحة على المحاكم الأخرى بجميع درجاتها، فإن مؤدى
ذلك أن محكمة القيم أصبحت هى المختصة دون غيرها بالفصل فى موضوع هذا الاستئناف وهو
ما يتعين معه احالة القضية إليها لنظرها والفصل فيها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 7733 لسنة 1976 مدنى شمال القاهرة الابتدائية على المطعون
ضدهم بطلب الحكم بطرد المطعون ضده الأول. من الفيلا المبينة بالصحيفة والتسليم، وبإلزام
المطعون ضدهما الثانى والثالث بتقديم ما تحت يدها من مستندات منتجة فى الدعوى. استناداًًًًً
إلى أنها تمتلك الفيلا المذكورة وكانت تتخذها سكنا خاصا لها ولأسرتها إلى
أن شملتها الحراسة بالتبعية لزوجها الذى فرضت الحراسة على أمواله وممتلكاته, بمقتضى
الأمر الجمهورى 138 لسنة 1961 استناداًًًًً إلى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958. وقد
باعت الحراسة الفيلا إلى شركة مصر للتأمين – المطعون ضدها الثالثة – بعقد ابتدائى مؤرخ
10/ 4/ 1963. وبتاريخ 13/ 6/ 1964 صدر القرار الجمهورى رقم 1876 لسنة 1964 الذى أعطى
للأشخاص الذين فرضت الحراسة على أموالهم وممتلكاتهم حق الاحتفاظ بمسكن واحد فى المدينة
الواحده إذا كان شاغلا لها، استثناء من أيلولة أموال وممتلكات الخاضعين للحراسة
للدولة بموجب القانون رقم 150 لسنة 1964 إلا أن الحراسة لم تمكنها من حيازة الفيلا
وطلبت إسقاط الجنسية عنها وعن زوجها وبناتها بمقولة إنهم غادروا مصر بنية عدم العودة،
وكان أن صدر القرار الجمهورى رقم 1146 لسنة 1965 بإسقاط الجنسية عنهم, ونظراًًًًً لأن
المطعون ضده الأول كان يعمل مستشاراًًًًً لرئيس الجهورية، فقد قامت الحراسة بناء على
تعليمات من رئاسة الجمهورية بتسليم الفيلا إلى شركة مصر للتأمين التى قامت بدورها بتأجيرها
إلى المطعون ضده الأول فى 17/ 2/ 66 تنفيذاًًًًً لموافقة رئيس الجمهورية على هذا التأجير
ودون موافقة الطاعنة. وإذ صدر القرار الجمهورى رقم 163 لسنة 1972 بسحب قرار إسقاط الجنسية
عن الطاعنة وزجها واولادها، ورفعت عنها الحراسة واستردت ملكية الفيلا فقد سعت لدى الحراسة
لاستلامها، إلا أن جهاز تصفية الحراسات رفض ذلك. ولما كان المطعون عليهما الثانى والثالث
يحتفظان بالمستندات المثبتة لصحة دعواها. فقد أقامتها بطلباتها سالفة البيان. قضت محكمة
الدرجة الأولى بإخلاء المطعون ضده الأول من الفيلا والتسليم. استأنف المطعون ضده الأول
هذا الحكم بالاستئناف رقم 934 لسنة 95 ق القاهرة، وبتاريخ 28/ 2/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف
بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة
مشورة، رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالوجهين الأول والرابع من السبب الأول وبالسبب الثالث من
أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب.
وفى بيان ذلك يقول أن أمر رئيس الجمهورية رقم 138 لسنة 1961 الذى فرضت بموجبه الحراسة
على الطاعنة بالتبعية لزوجها، قد صدر استناداًًًًً إلى السلطة المخولة لرئيس الجمهورية
بموجب قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1978 الذى اقتصر فى مادته الثالثة على تخويله فرض
الحراسة على الشركات والمؤسسات دون الأشخاص الطبيعيين، ومن ثم فإن هذا الأمر يكون قد
انطوى على غصب للسلطة بما ينحدر به إلى حد الانعدام، ولا يحول دون القضاء العادى وممارسة
اختصاصاته بتقدير عدم وجود مثل ذلك الأمر، وإذ كان الحارس المعين على أموالها قد عين
بموجب الامر المذكور، فإن قراراته بشأنها تكون معدومة الأثر وقد تمسكت الطاعنة أمام
محكمة الموضوع بعدم نفاذ عقد الإيجار الصادر للمطعون ضده الأول فى حقها لصدوره ممن
لا يملكه حيث كانت العين المؤجرة مملوكة لها أو فى القليل كانت صاحبة حق عينى عليها
بالانتفاع عملاًًًًً بالقرارين الجمهوريين رقمى 1876، 3515 لسنة 1964، ولأن المستأجر
كان سيء النية متواطئاًًًًً مع شركة مصر للتأمين والحراسة فأضحى تعاقده مشوباًًًًً
بالغش، إلا أن الحكم المطعون فيه نفى عن الطاعنة حقها فى الانتفاع بالعين استناداًًًًً
إلى أن قراراًًًًً إدارياًًًًً صدر من الحارس العام برفض هذا الحق وأن المحكمة لا تملك
التعرض لهذا القرار حتى ولو كان معيبا. وبذلك حجب الحكم نفسه عن بحث ما دفعت به
الطاعنة من سوء نية المستأجر وما خالط تعاقده من غش بمقولة أنه لا حق لها فى التمسك
بهذا الدفع بما يعيبه فضلا عن مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه بالقصور فى التسبيب
بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه وإن كان النص فى المادة الثالثة من القانون رقم 162
لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ قد أجاز لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ
بأمر كتابى أو شفوى تدابير معينة وردت على سبيل الحصر من بينها الاستيلاء على أى منقول
أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات.. إلا أن هذا النص وقد تضمنه قانون
استثنائى صدر لظروف خاصة، فإنه ينبغى عدم التوسع فى تفسيره، ويلزم إعماله فى حدود ما
أفصحت عنه عباراته بقصر السلطة الممنوحة لرئيس الجمهورية بشأن فرض الحراسة على المؤسسات
والشركات دون ما يجاوزه إلى الأفراد الطبيعيين، ولم يتضمن هذا القانون أو نص آخر من
التشريعات الاستثنائية المعمول بها وقتئذ ما يسمح بفرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين
باستثناء ما يختص برعايا الدول المعادية والدول التى قطعت معها العلاقات السياسية،
ولما كان الثابت أن أمر رئيس الجمهورية رقم 138 لسنة 1961 بفرض الحراسة على بعض المواطنين
من الأفراد الطبيعيين ومن بينهم زوج الطاعنة وعائلته، وقد استند رئيس الجمهورية فى إصداره إلى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، الذى لم تجز نصوصه فرض الحراسة إلا على
الشركات والمؤسسات كما سلف البيان، فإن هذا الأمر بفرض الحراسة يكون قد صدر ممن لا
يملك سلطة فرضها بما يجعله غير قائم على أساس من الشرعية متسماًًًًً بمخالفة صارخة
للقانون، ويعتبر غصباًًًًً للسلطة ينحدر به إلى مرتبة الفعل المادى المعدوم الأثر قانوناًًًًً
لما ينطوى عليه من اعتداء على الحرية الشخصية وحرمة الملك الخاص، فيصبح متجرداًًًًً
عن صفته الإدارية، وتسقط عنه الحصانة المقررة للقرارات الادارية، ويختص بالتالى القضاء
العادى برفع ما ينتج عن هذا الاعتداء المادى من آثار ويترتب على ما تقدم أن تأشيرة
الحارس العام برفض حق الطاعنة فى الانتفاع والتى اعتبرها الحكم المطعون فيه قراراًًًًً
إدارياًًًًً، معدومة الأثر قانوناًًًًً بالتبعية لانعدام اثر قرار فرض الحراسة، لما
كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحارس العام قد باع فيلا النزاع
إلى شركة مصر للتأمين بعقد ابتدائى مؤرخ 10/ 4/ 1963 بموجب التفويض الصادر له فى بيع
بعض العقارات المملوكة للخاضعين للأمر الجمهورى رقم 138 لسنة 1961 سالف الذكر، وكان
هذا الأمر – وعلى ما انتهت إليه هذه المحكمة فيما سلف – معدوم الأثر بشأن فرض الحراسة
على أموال الأشخاص الطبيعيين وممتلكاتهم. فإن هذا التصرف الذى أبرمه الحارس العام يعتبر
صادراًًًًً ممن لا يملكه، وبالتالى غير نافذ فى حق الطاعنة، وإذ كانت شركة مصر للتأمين
بعد أن تسلمت الفيلا من الحراسة قامت بتأجيرها إلى المطعون ضده الأول، وكانت الطاعنة
قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم نفاذ هذا الإيجار فى حقها باعتبارها مالكة الفيلا
وصاحبة حق انتفاع عينى عليها، لصدوره ممن لا يملكه – على النحو الذى سلف بيانه – كما
دفعت بسوء نية المستأجر وأن تعاقده قد شابه غش وتواطؤ مع شركة مصر للتأمين والحراسة
العامة، إلا أن الحكم المطعون فيه نفى عنها أى حق على العين التزاماًًًًً بالتأشيرة
الصادرة من الحارس العام برفض هذا الحق، ورتب على ذلك عدم أحقيتها فى التمسك بالدفع
بسوء نية المستأجر وانتهى إلى نفاذ عقد الإيجار فى حقها دون بحث هذا الدفاع، وهو دفاع
جوهرى قد يتغير به لو صح وجه الرأى فى الدعوى ومن ثم فإن الحكم يكون قد خالف القانون
وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى اسباب الطعن، ويتعين أن يكون مع
النقض الإحالة.
وحيث إنه وإن كانت المادة 269/ 2 من قانون المرافعات قد أوجبت أن تكون الإحالة إلى
المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فى القضية من جديد، إلا أنه وقد صدر القانون
رقم 141 لسنة 1981 ونص فى مادته السادسة على أن تختص محكمة القيم دون غيرها بنظر المنازعات
المتعلقة بالحراسة التى فرضت استناداًًًًً إلى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 وعلى
أن تحال إليها جميع المنازعات المطروحة على المحاكم الاخرى بجميع درجاتها، فإن مؤدى
ذلك أن محكمة القيم أضحت هى المختصة دون غيرها بالفصل فى موضوع هذا الاستئناف وهو ما
يتعين مع إحالة القضية إليها لنظرها والفصل فيها.
