قاعدة رقم الطعن رقم 4 لسنة 13 قضائية “تنازع” – جلسة 16 /05 /1992
أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء الخامس
– المجلد الأول
من أول يوليو 1991 حتى آخر يونيو 1992 – صـ 467
جلسة 16 مايو سنة 1992
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدى محمد على وعبد الرحمن نصير ومحمد عبد الواحد والدكتور عبد المجيد فياض – أعضاء، وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عماره – المفوض، وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد – أمين السر.
قاعدة رقم
القضية رقم 4 لسنة 13 قضائية "تنازع"
1 – دعوى تنازع الاختصاص السلبى "مناط قبولها".
مناط قبول طلب الفصل فى تنازع الاختصاص السلبى أن تكون الدعوى قد طرحت عن موضوع واحد
أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى وتخلت كلتاهما عن نظرها.
2 – جرائم القانون رقم 394 لسنة 1954 "محاكم أمن الدولة – المحاكم العادية – اختصاص".
خلو أى تشريع من نص على اختصاص محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ دون سواها
بالفصل فى جرائم القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة و الذخائر، ومن المقرر أن
هذه المحاكم هى محاكم استثنائية حدد اختصاصها قانون حالة الطوارئ، لم يسلب المشرع المحاكم
العادية شيئا من اختصاصها الأصيل الذى أطلقته المادة 15/ 1 من قانون السلطة القضائية،
انعقاد الاختصاص للمحاكم العادية بالفصل فى جرائم القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار
إليه.
3 – جناية إحراز سلاح نارى بدون ترخيص "اختصاص مشترك".
انعقاد الاختصاص بنظر هذه الجناية للمحاكم العادية مشاركة مع محاكم أمن الدولة العليا
"طوارئ".
4 – جناية السرقة بإكراه وباستعمال السلاح والشروع فيها "اختصاص".
هاتان الجريمتان ليستا من الجرائم التى تختص بنظرها محاكم أمن الدولة العليا "طوارئ".
5 – جرائم مرتبطة "جريمتى السرقة بإكراه والشروع فيها – جريمة إحراز سلاح بدون ترخيص
– الجريمة ذات العقوبة الأشد – اختصاص محكمة الجنايات".
التفسير الصحيح للمادة الثانية من أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإجالة بعض الجرائم
الى محاكم أمن الدولة، "طوارئ" تستوجب بحكم الاقتضاء العقلى أن تتبع الجريمة ذات العقوبة
الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها فى التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحاكمة
بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هى الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقا للمادة 32 عقوبات،
اختصاص الفصل فى هذه الجرائم معقود لمحكمة الجنايات وحدها كأثر لاختصاصها بالفصل فى جريمة السرقة بإكراه وهى الجريمة ذات العقوبة الأشد، وذلك ما يوجبه قانون الإجراءات
الجنائية فى المادة 214 منه.
6 – دعوى تنازع الاختصاص "حكم – مقتضاه".
مقتضى الحكم الصادر بتعيين الجهة القضائية المختصة هو إسباغ الولاية عليها من جديد
بنظر الدعوى غير مقيدة بسبق قضائها فيها بعدم الاختصاص.
1 – إن مناط قبول طلب الفصل فى تنازع الاختصاص السلبى وفقا للبند (ثانيا) من المادة
25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن تكون
الدعوى قد طرحت عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى وتخلت كلتاهما عن نظرها، ولما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الدعوى مثار التنازع
قد حكم فيها القضاء العادى بعدم الاختصاص ولائى بنظرها، وقضت محكمة أمن الدعوى العليا
"طوارئ"، – بعد إحالتها إليها بدورها بعدم اختصاصها ولائيا بنظرها، فإن كلا من هاتين
الجهتين تكون قد تخلت عن نظر الدعوى، وذلك ما يتحقق بها مناط قبول الفصل فى طلب تعيين
الجهة المختصة بالفصل فيها.
2 – إن قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ، وأمر رئيس الجمهورية
رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة "طوارئ" ومنها الجرائم المنصوص
عليها فى القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له
– وعلى ما جرى عليه قضاء هذه الحكمة – قد خلا كلاهما – كما خلا أى تشريع آخر – من النص
على اختصاص محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ وحدها – دون سواها – بالفصل
فى جرائم القانون رقم 394 لسنة 1954 آنف البيان، وكان من المقرر أن محاكم أمن الدولة،
هى محاكم استثنائية يقتصر اختصاصها طبقا للمادتين السابعة والتاسعة من قانون حالة الطوارئ
الصادر بالقرار بقانون رقم 162 لسنة 1958 على الفصل فى الجرائم التى تقع بالمخالفة
لاحكام الأوامر التى يصدرها رئيس الجمهورية، أو من يقوم مقامه، ولو كانت فى الأصل مؤثمة
بالقوانين المعمول بها، وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام والتى تحال إليها
من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، وكان المشرع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة
شيئا البتة من اختصاصها الأصيل الذى أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة
القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ليشمل الفصل فى الجرائم كافة – إلا
ما استثنى بنص خاص – ومن ثم ينعقد لهذه المحاكم الاختصاص بالفصل فى الجرائم المنصوص
عليها فى القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه.
3 – إن جريمة إحراز سلاح نارى بدون ترخيص المستندة إلى المدعى عليهما، تشكل جناية يعاقب
عليها بالسحن والغرامة طبقا لنص المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار اليه،
وتشترك فى الاختصاص بنظرها مع القضاء العام صاحب الولاية العامة الأصيلة، محاكم أمن
الدولة العليا المنصوص عليها فى المادة 7 من قانون حالة الطوارئ المشار إليه، وذلك
عملا بالبند (ثالثا) من المادة الأولى من أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981.
4، 5 – السرقة بإكراه وباستعمال السلاح المنسوبة إلى المدعى عليهما معاقب عليها بالأشغال
الشاقة المؤبدة أو المؤقتة طبقا للمواد 314، 315، 316 من قانون العقوبات، كما يعاقب
على جريمة الشروع فيها – والمنسوبة كذلك إلى المدعى عليهم – وطبقا للمادة 46 من ذات
القانون – بالأشغال الشاقة المؤقتة إذا كانت عقوبتها الأشغال الشاقة المؤبدة وبالأشغال
الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانونا أو الحبس إذا كانت العقوبة
الأشغال الشاقة المؤقتة، ومن ثم فإن قالة اختصاص هذه المحاكم بهما لارتباطهما بجريمة
إحراز سلاح نارى بدون ترخيص لا تتفق والتفسير الصحيح للمادة الثانية من أمر رئيس الجمهورية
رقم 1 لسنة 1981، والتى يجرى نصها على أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت
عدة جرائم مرتبطة بعضها ببعض لغرض واحد، وكانت أحدى تلك الجرائم داخلة فى اختصاص محاكم
أمن الدولة، فعلى النيابة العامة تقديم الدعوى برمتها إلى محاكم أمن الدولة "طوارئ"
وتطبق هذه المحاكم المادة 32 من قانون العقوبات، ذلك أن قواعد التفسير الصحيح للقانون
تستوجب بحكم الاقتضاء العقلى أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة
الأشد المرتبطة بها فى التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحاكمة وتدور فى فلكها، بموجب
الأثر القانونى للارتباط، بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هى الواجبة التطبيق على الجريمتين
وفق لنص المادة 32 من قانون العقوبات، وإذ كان اختصاص الفصل فى جريمة السرقة بإكراه
سالفة البيان – وهى ذات العقوبة الأشد – معقودا لمحكمة الجنايات وحدها، وتشترك محاكم
أمن الدولة العليا "طوارئ" مع القضاء العام فى الاختصاص بنظر الجريمة ذات العقوبة الأخف
وهى جريمة إحراز سلاح نارى بدون ترخيص المسندة أيضا إلى المدعى عليهما، فانه يتعين
أن تتبع الجريمة الأخيرة الأولى فى التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحاكمة، وهو ما يوجبه
نص المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981 من رفع
الدعوى عن الجرائم المرتبطة إذا كان بعضها من اختصاص المحاكم العادية وبعضها من اختصاص
محاكم خاصة أمام المحاكم العادية ما لم ينص القانون على غير ذلك، وهى قاعدة عامة واجبة
الإتباع فى كل محاكمة جنائية.
6 – إن محكمة الجنايات التابعة لجهة القضاء العادى هى المختصة بنظر الجرائم المنسوبة
إلى المدعى عليهما باعتبار المحكمة المختصة بالجريمة ذات العقوبة الأشد منها، فتختص
بنظر جناية السرقة بإكراه، ويمتد اختصاصها أيضا إلى الجرائم الأخرى المرتبطة بهذه الجناية،
ودون أن يغير من ذلك سبق قضاء محكمة جنايات المنيا بعدم اختصاصها ولايا بنظر الدعوى،
ذلك أن المشرع إذ ناط بالمحكمة الدستورية العليا دون غيرها الفصل فى تنازع الاختصاص
بتعيين الجهة القضائية المختصة وفقا للمادة 25 من قانونها، فان مقتضى الحكم الصادر
منها بتعيين هذه الجهة، هو اسباغ الولاية عليها من جديد بحيث تلتزم بنظر الدعوى غير
مقيدة بسبق قضائها بعدم الاختصاص، ولو أصبح هذا الحكم نهائيا.
الإجراءات
بتاريخ 24 من يوليو سنة 1991 أودع المدعى بصفته صحيفة هذه الدعوى
قلم كتاب المحكمة طالبا تعيين جهة القضاء المختصة بنظر القضية رقم 3816 لسنة 1988 جنايات
مركز المنيا المقيدة برقم 916 لسنة 1988 كلى المنيا.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئه المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة اصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن النيابه
العامة كانت قد اتهمت المدعى عليهما فى الجناية سالفة البيان بأنه فى يوم 16 من يوليو
سنة 1988 وليلة 19 من يوليو سنة 1988 بدائرة مركز ملوى محافظة المنيا:
أولا: سرقا وأخر حدث النقود والأشياء المبينة وصفا وقيمة فى تحقيقات النيابة العامة
من الأشخاص المبينة أسماؤهم فى تلك التحقيقات وذلك بطريق الإكراه الواقع عليهم بأن
أشهروا عليهم سلاحين ناريين وسوطا وهددوهم بالاعتداء عليهم بتلك الأشياء فتمكنا بتلك
الوسيلة من الإكراه من شل مقاومتهم لها والاستيلاء على المسروقات.
ثانيا: شرعا وآخر حدث فى سرقة الأشخاص الواردة أسماؤهم فى التحقيقات وذلك بطريق الإكراه
الواقع عليهم بأن هددوهم بسلاحين ناريين وسوطا فتمكنا بتلك الوسيلة من الإكراه من شل
مقاومتهم وتفتيشهم للاستيلاء على ما بحوزتهم.
وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه، هو عدم احتفاظ المجنى علهم بثمة أشياء
فى حوزتهم.
ثالثا: أحرز كل منهم بغير ترخيص سلاحين ناريين غير مششخنين "بندقية وفرد". وقد طلبت
النيابة العامة معاقبتهما بالمواد 45، 46، 315، 316 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1،
26/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانونين
رقمى 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول، وبتاريخ 27
من أبريل سنة 1989 قضت محكمة جنايات المنيا حضوريا بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى
وأمرت بإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها، استنادا إلى ما نسب إلى المتهمين
من جرائم إنما يندرج تحت الأحكام المنصوص عليها فى المادتين الأولى والثانية من أمر
رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة "طوارئ"،
ومنها الجرائم المنصوص عليها فى القانون رقم 394 لسنة 1954 والقوانين المعدلة له فى شأن أسلحة الذخائر والجرائم المرتبطة بها، ومن ثم تكون المحكمة المختصة بنظر الدعوى
هى محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ"، وإذ أحالت النيابة العامة أوراق الدعوى إلى محكمة
أمن الدولة العليا "طوارئ" بالمنيا تنفيذا لهذا الحكم فقد قضت الأخيرة بتاريخ 10 من
يناير سنة 1989 حضوريا بمعاقبة المدعى عليهما بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات ومصادرة
السلاح المضبوط، وقد أمر نائب الحاكم العسكرى العام بإلغاء الحكم وإعادة المحاكمة أمام
هيئة أخرى، وبتاريخ 2 من سبتمبر سنة 1990 قضت المحكمة المذكورة – لدى إعادة المحاكمة
– بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها
مع استمرار حبس المتهمين على ذمة القضية – وتصدق على الحكم من نائب الحاكم العسكرى العام – وكان ذلك على سند من أن المشرع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئا
البتة من اختصاصها الأصيل الذى أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة
القضائية الصادر به القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ليشمل الفصل فى الجرائم كافة إلا
ما استثنى بنص خاص، وبالتالى يشمل هذا الاختصاص الفصل فى الجرائم المنصوص عليها فى القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه، ومن ثم يكون الاختصاص معقودا للمحاكم العادية،
وباعتبار أن جريمة إحراز السلاح النارى بغير ترخيص ذات عقوبة أخف فيؤول الاختصاص إلى
المحكمة المختصة بالجريمة الأخرى الأشد عقوبة المرتبطة بها، وهى فى هذه الحالة محكمة
الجنايات، وإذ ارتأى المدعى بصفته أن ثمة تنازعا سلبيا على الاختصاص بين جهتى القضاء
العادى "محكمة الجنايات بالمنيا" والاستثنائى "محكمة أم الدولة العليا طوارئ" فقد أقام
الدعوى الماثلة.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل فى تنازع الاختصاص السلبى وفقا للبند (ثانيا) من المادة
25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن تكون
الدعوى قد طرحت عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى وتخلت كلتاهما عن نظرها، ولما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الدعوى مثار التنازع
قد حكم فيها القضاء العادى بعدم الاختصاص ولائيا بنظرها، وقضت محكمة أمن الدعوى العليا
"طوارئ" – بعد إحالتها إليها بدورها بعدم اختصاصها ولائيا بنظرها، فان كلا من هاتين
الجهتين تكون قد تخلت عن نظر الدعوى، وذلك ما يتحقق بها مناط قبول الفصل فى طلب تعيين
الجهة المختصة بالفصل فيها.
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 565 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ، وأمر رئيس الجمهورية
رقمى 1 لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة "طوارئ" ومنها الجرائم المنصوص
عليها فى القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له
– وعلى ما جرى عليه قضاء هذه الحكمة – قد خلا كلاهما – كما خلا أى تشريع آخر – من النص
على اختصاص محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ وحدها – دون ما سواها – بالفصل
فى جرائم القانون رقم 394 لسنة 1954 آنف البيان، وكان من المقرر أن محاكم أمن الدولة،
هذه هى محاكم استثنائية يقتصر اختصاصها طبقا للمادتين السابعة والتاسعة من قانون حالة
الطوارئ الصادر بالقرار بقانون رقم 162 لسنة 1958 على الفصل فى الجرائم التى تقع بالمخالفة
لأحكام الأوامر التى يصدرها رئيس الجمهورية، أو من يقوم مقامه، ولو كانت فى الأصل مؤثمة
بالقوانين المعمول بها، وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام والتى تحال إليها
من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه، وكان المشرع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة
شيئا البتة من اختصاصها الأصيل الذى أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة
القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 ليعمل الفصل فى الجرائم كافة – إلا
ما استثنى بنص خاص – ومن ثم ينعقد لهذه المحاكم الاختصاص بالفصل فى الجرائم المنصوص
عليها فى القانون رقم 394 لسنة 1954 المشار إليه.
وحيث إنه لما كان ذلك، وكانت جريمة إحراز سلاح نارى بدون ترخيص المستندة إلى المدعى عليهما تشكل جناية يعاقب عليها بالسجن والغرامة طبقا لنص المادة 26 من القانون الأخير،
وتشترك فى الاختصاص بنظرها مع القضاء العام صاحب الولاية العامة الأصيلة محاكم أمن
الدولة العليا المنصوص عليها فى المادة 7 من قانون حالة الطوارئ المشار إليه، وذلك
عملا بالبند "ثالثا" من المادة الأولى من أمر رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981 سالفة
البيان فى حين أن جريمة السرقة باكراه وباستعمال السلاح المنسوبة إلى المدعى عليهما
معاقبا عليها بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة طبقا للمواد 314، 315، 316 من قانون
العقوبات، كما يعاقب على جريمة الشروع فيها والمنسوبة كذلك إلى المدعى عليهما – وطبقا
للمادة 46 من ذات القانون – بالأشغال الشاقة المؤقتة إذا كانت عقوبتها الأشغال الشاقة
المؤبدة وبالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد عن نصف الحد الأقصى المقرر قانونا أو
الحبس إذا كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة، وهما ليستا من الجرائم التى تختص محاكم
أمن الدولة العليا "طوارئ" بنظرها، ومن ثم فإن قالة اختصاص هذه المحاكم بهما لارتباطهما
بجريمة إحراز سلاح نارى بدون ترخيص لا تتفق والتفسير الصحيح للمادة الثانية من أمر
رئيس الجمهورية رقم 1 لسنة 1981، والتى يجرى نصها على أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم
متعددة أو وقعت عدة جرائم مرتبطة بعضها ببعض لغرض واحد، وكانت إحدى تلك الجرائم داخلة
فى اختصاص محاكم أمن الدولة فعلى النيابة تقديم الدعوى برمتها إلى محاكم أمن الدولة
"طوارئ" وتطبق هذه المحاكم المادة 32 من قانون العقوبات"، ذلك أن قواعد التفسير الصحيح
للقانون تستوجب بحكم الاقتضاء العقلى أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات
العقوبة الأشد المرتبطة بها فى التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحكمة وتدور فى فلكها،
بموجب الأثر القانونى للارتباط، بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هى الواجبة التطبيق
على الجريمتين وفقا لنص المادة 32 من قانون العقوبات، وإذ كان اختصاص الفصل فى جريمة
السرقة بإكراه سالفة البيان – وهى ذات العقوبة الأشد – معقودا لمحكمة الجنايات وحدها،
وتشترك محاكم أمن الدولة العليا "طوارئ" مع القضاء العام فى الاختصاص بنظر الجريمة
ذات العقوبة الأخف وهى جريمة إحراز سلاح نارى بدون ترخيص المسندة أيضا إلى المدعى عليهما،
فأنه يتعين أن تتبع الجريمه الأخيرة الأولى فى التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحاكمة،
وهو ما يوجبه نص المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة
1981 من رفع الدعوى عن الجرائم المرتبطة إذا كان بعضها من اختصاص المحاكم العادية وبعضها
من اختصاص محاكم خاصة أمام المحاكم العادية ما لم ينص القانون على غير ذلك، وهى قاعدة
عامة واجبة الإتباع فى كل محاكمة جنائية.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، فإن محكمة الجنايات التابعة لجهة القضاء العادى هى المختصة
بنظر الجرائم المنسوبة إلى المدعى عليهما باعتبارها المحكمة المختصة بالجريمة ذات العقوبة
الأشد منها، فتختص بنظر جناية السرقة بإكراه ويمتد اختصاصها أيضا إلى الجرائم الأخرى
المرتبطة بهذه الجناية، ودون أن يغير من ذلك سبق قضاء محكمة جنايات المنيا بعدم اختصاصها
ولائيا بنظر الدعوى، ذلك أن المشرع إذ ناط بالمحكمة الدستورية العليا دون غيرها الفصل
فى تنازع الاختصاص بتعيين الجهة القضائية المختصة وفقا للمادة 25 من قانونها، فان مقتضى الحكم الصادر منها بتعيين هذه الجهة هو
اسباغ الولاية عليها من جديد بحيث تلتزم بنظر
الدعوى غير مقيدة بسبق قضائها بعدم الاختصاص ، ولو أصبح هذا الحكم نهائيا.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة باختصاص جهة القضاء العادى بنظر الدعوى.
