الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن 2938 لسنة 89 ق جلسة 6 / 11 / 2021 مكتب فني 72 ق 84 ص 911

جلسة 6 من نوفمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / حمدي أبو الخير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / بدر خليفة ، الأسمر نظير وخالد الهامي نواب رئيس المحكمة وشريف لاشين .
—————–
الطعن رقم 2938 لسنة 89 القضائية
مواد مخدرة . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي ” . حكم ” ما لا يعيبه في نطاق التدليل ” .
لا تناقض في أن ترى المحكمة في أقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة وإحراز المخدر للطاعن ولا ترى ما يقنعها بأنها بقصد الاتجار .
محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” . نقض ” المصلحة في الطعن ” . مواد مخدرة . قصد جنائي . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
تقدير الواقعة . موضوعي . حد ذلك ؟
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن القصد من إحرازه للجوهر المخدر . متى كان قصد التعاطي المعاقب به أقل القصود في التقدير العقابي .
مثال لاستظهار سائغ لقصد التعاطي في جريمة حيازة وإحراز المواد المخدرة .
إجراءات ” إجراءات التحقيق ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
مثال .
إثبات ” شهود ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير أقوال الشهود ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
إجراءات” إجراءات المحاكمة”. دفاع” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره”.
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير مقبول .
نعي الطاعن بانقطاع الصلة بين ما تم ضبطه وما تم تحليله من المادة المخدرة . جدل في تقدير الدليل . غير مقبول .
إثبات ” أوراق رسمية “. دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . نقض ” أسباب الطعن ما لا يقبل منها ” .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . شرط ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
حكم ” وضعه والتوقيع عليه وإصداره “.
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لتوقيع مُصدر الحكم عليه . ما دام موقعاً عليه منه فعلاً . توقيعه بتوقيع غير مقروء . لا يعيبه . حد ذلك ؟
تزوير ” الادعاء بالتزوير”. حكم ” بطلانه “.
وقوع بطلان جوهري في الحكم لاحق على صدوره . يجيز الادعاء بالتزوير لأول مرة أمام محكمة النقض . نعي الطاعن بتزوير التوقيع المنسوب صدوره لرئيس الدائرة مصدرته . غير مقبول . ما دام لم يتخذ إجراءات الادعاء بالتزوير المنصوص عليها بالمواد من ٤9 حتى 58 إثبات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوي بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيميائي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلي ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة وإحراز الجوهر المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها ، فلا يكون ثمة محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت قصد التعاطي في حق الطاعن بقوله : (( وحيث إنه عن القصد من إحراز المتهم للمخدر فإن المحكمة لا تعول على ما أسبغته النيابة العامة على هذا القصد ولا تعتد بما دلت عليه تحريات ضابط الواقعة وما أدلى به في التحقيقات من اتجار المتهم في تلك المواد ، كما تلتفت عما قرره في هذا الخصوص من قول منسوب للمتهم . لما كان ذلك ، وكانت الأوراق خلواً من الدليل اليقيني علي هذا القصد ونظراً لصغر حجم الكمية المضبوطة بحوزة المتهم فإن المحكمة تأخذه بالقدر المتيقن من أمرها وهو قصد التعاطي )) . لما كان ذلك ، وكان ما قاله الحكم كافياً للتدليل على إحراز المخدر بقصد التعاطي ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه ، وكان تقدير الواقعة مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام قد دلل عليها بأسباب سائغة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً ، هذا فضلاً عن انتفاء مصلحته في تعييبه علي الحكم بشأن نفي قصد الاتجار وقصوره في التدليل على قصد التعاطي في حقه باعتبار أن قصد التعاطي هو أقل القصود في التقدير العقابي للعقوبات المقررة لحيازة وإحراز المواد المخدرة .
3- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه من وجود نقص بالتحقيقات ، وهو عدم إجراء تحليل له لإثبات تعاطيه للمواد المخدرة ، ولم يطلب إلى محكمة الموضوع تدارك هذا النقص ، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة علي المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .
4- لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال ضابط الواقعة – شاهد الإثبات – لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً أمام محكمة الموضوع بشأن اختلاف العينة التي أرسلت للتحليل عن تلك التي تم ضبطها ولم يطلب إجراء تحقيق في شأنه فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها ، هذا إلى أن جدل الطاعن وتشكيكه في انقطاع الصلة بين المادة المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة العامة وبين تلك التي أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة العامة من وزن لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير التحليل من وزن إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها .
6- لما كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ، واطرحت المحكمة في نطاق ما هو مخول لها في تقدير موضوعي ما جاء بالمستندات المقدمة منه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن القانون وإن اشترط أن يكون الحكم موقعاً عليه بإمضاء مصدره إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً لهذا التوقيع ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره وكون الحكم ممهور بتوقيع غير مقروء لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة للقانون ، ما دام أنه موقع عليه فعلاً من رئيس الهيئة التي أصدرته ، فإن ما يثيره الطاعن على الحكم في هذا الصدد غير ذي وجه .
8- من المقرر أنه إذا بني الطعن علي وقوع بطلان جوهري في الحكم المطعون فيه وادعى بتزوير ورقته بعد صدور الحكم المطعون فيه ، فإن الادعاء بالتزوير أمام محكمة النقض يكون جائزاً ، وكان من المقرر أن المشرع نظم في المواد من 49 حتى 58 من قانون الإثبات طريق الادعاء بالتزوير وأوجب في المادة 49 منه أن يكون الادعاء بالتزوير بتقرير بقلم الكتاب ، وكان المقرر أيضاً أنه يجب على مدعي التزوير أن يسلك في الادعاء بالتزوير الأوضاع المنصوص عليها في تلك المادة وما بعدها من قانون الإثبات حتى ينتج الادعاء بالتزوير أثره القانوني ومن حق مدعى التزوير اللجوء إليه دون حاجة إلى تصريح من المحكمة ولا يعتبر ادعاء بالتزوير في معنى المادة 49 سالفة الذكر ما لم يتبع الطريق الذى رسمه القانون . لما كان ذلك ، وكان الطاعن وإن تمسك بصحيفة طعنه بوقوع تزوير في التوقيع المنسوب صدوره لرئيس الدائرة مصدرة الحكم ، وهو مما يجوز إبداءه لأول مرة أمام محكمة النقض باعتباره لاحقاً علي صدور الحكم المطعون فيه إلا أنه لم يسلك في ادعائه هذه الإجراءات التي نصت عليها المادة 49 من قانون الإثبات والتي أوجبت أن يكون الادعاء بالتزوير بتقرير في قلم الكتاب رغم أنه لا يحتاج إلى تصريح أو إذن من المحكمة ، كما أنه يجوز أن يحصل التقرير به قبل الجلسة الأولى المحددة لنظر الطعن ، فإن ادعاء الطاعن بهذا التزوير يكون ولا أثر له قانوناً ، ويضحى ما يثيره في هذا الخصوص غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ” هيروين ” وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات …. لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 2 ، 37 /1 ، 42 /1 من القانون ١٨٢ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ عشرة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وذلك باعتبار أن إحراز الجوهر المخدر بقصد التعاطي .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض …. إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد التعاطي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، وران عليه البطلان ؛ ذلك أنه استند في نفي قصد الاتجار لديه إلى مجرد القول بأنه لم يقم الدليل على توافره مع أن الثابت من ماديات الواقعة وتحريات وأقوال ضابط الواقعة ما يدل على توافر قصد الاتجار في حقه ، كما لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر قصد التعاطي ، هذا إلى قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم إجراء تحليل للطاعن لإثبات تعاطيه للمخدر ، وعول الحكم على أقوال ضابط الواقعة – شاهد الإثبات – في حمل قضائه بالإدانة مع أنها لا تؤدي إلى النتيجة التي رتبها عليها ، ولم تفطن المحكمة إلى دلالة الاختلاف في وزن المادة المخدرة بين ما رصدته النيابة العامة عنها وما أورده تقرير التحليل في شأنها وأغفلت تحقيق دفاع الطاعن في هذا الصدد وما قدمه من مستندات تأييداً لدفاعه ، وأخيراً فقد جاء الحكم باطلاً لتوقيع رئيس الهيئة مصدرته عليه بتوقيع غير مقروء ، وهو ما يطعن عليه بالتزوير أمام محكمة النقض لتقضي ببطلانه ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيميائي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلي ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة وإحراز الجوهر المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها ، فلا يكون ثمة محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت قصد التعاطي في حق الطاعن بقوله : (( وحيث إنه عن القصد من إحراز المتهم للمخدر فإن المحكمة لا تعول علي ما أسبغته النيابة العامة على هذا القصد ولا تعتد بما دلت عليه تحريات ضابط الواقعة وما أدلى به في التحقيقات من اتجار المتهم في تلك المواد ، كما تلتفت عما قرره في هذا الخصوص من قول منسوب للمتهم . لما كان ذلك ، وكانت الأوراق خلواً من الدليل اليقيني علي هذا القصد ونظراً لصغر حجم الكمية المضبوطة بحوزة المتهم فإن المحكمة تأخذه بالقدر المتيقن من أمرها وهو قصد التعاطي )) . لما كان ذلك ، وكان ما قاله الحكم كافياً للتدليل على إحراز المخدر بقصد التعاطي ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه ، وكان تقدير الواقعة مما يستقل به قاضي الموضوع ما دام قد دلل عليها بأسباب سائغة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً ، هذا فضلاً عن انتفاء مصلحته في تعييبه علي الحكم بشأن نفي قصد الاتجار وقصوره في التدليل على قصد التعاطي في حقه باعتبار أن قصد التعاطي هو أقل القصود في التقدير العقابي للعقوبات المقررة لحيازة وإحراز المواد المخدرة . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه من وجود نقص بالتحقيقات ، وهو عدم إجراء تحليل له لإثبات تعاطيه للمواد المخدرة ، ولم يطلب إلى محكمة الموضوع تدارك هذا النقص ، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة علي المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال ضابط الواقعة – شاهد الإثبات – لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً أمام محكمة الموضوع بشأن اختلاف العينة التي أرسلت للتحليل عن تلك التي تم ضبطها ولم يطلب إجراء تحقيق في شأنه فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها ، هذا إلى أن جدل الطاعن وتشكيكه في انقطاع الصلة بين المادة المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة العامة وبين تلك التي أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة العامة من وزن لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير التحليل من وزن إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها . لما كان ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ، واطرحت المحكمة في نطاق ما هو مخول لها في تقدير موضوعي ما جاء بالمستندات المقدمة منه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون وإن اشترط أن يكون الحكم موقعاً عليه بإمضاء مصدره إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً لهذا التوقيع ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره وكون الحكم ممهور بتوقيع غير مقروء لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة للقانون ، ما دام أنه موقع عليه فعلاً من رئيس الهيئة التي أصدرته ، فإن ما يثيره الطاعن على الحكم في هذا الصدد غير ذي وجه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا بني الطعن علي وقوع بطلان جوهري في الحكم المطعون فيه وادعى بتزوير ورقته بعد صدور الحكم المطعون فيه ، فإن الادعاء بالتزوير أمام محكمة النقض يكون جائزاً ، وكان من المقرر أن المشرع نظم في المواد من 49 حتى 58 من قانون الإثبات طريق الادعاء بالتزوير وأوجب في المادة 49 منه أن يكون الادعاء بالتزوير بتقرير بقلم الكتاب ، وكان المقرر أيضاً أنه يجب على مدعي التزوير أن يسلك في الادعاء بالتزوير الأوضاع المنصوص عليها في تلك المادة وما بعدها من قانون الإثبات حتى ينتج الادعاء بالتزوير أثره القانوني ومن حق مدعى التزوير اللجوء إليه دون حاجة إلى تصريح من المحكمة ولا يعتبر ادعاء بالتزوير في معنى المادة 49 سالفة الذكر ما لم يتبع الطريق الذى رسمه القانون . لما كان ذلك ، وكان الطاعن وإن تمسك بصحيفة طعنه بوقوع تزوير في التوقيع المنسوب صدوره لرئيس الدائرة مصدرة الحكم ، وهو مما يجوز إبداءه لأول مرة أمام محكمة النقض باعتباره لاحقاً علي صدور الحكم المطعون فيه إلا أنه لم يسلك في ادعائه هذه الإجراءات التي نصت عليها المادة 49 من قانون الإثبات والتي أوجبت أن يكون الادعاء بالتزوير بتقرير في قلم الكتاب رغم أنه لا يحتاج إلى تصريح أو إذن من المحكمة ، كما أنه يجوز أن يحصل التقرير به قبل الجلسة الأولى المحددة لنظر الطعن ، فإن ادعاء الطاعن بهذا التزوير يكون ولا أثر له قانوناً ، ويضحى ما يثيره في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون علي غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات