جلسة 3 من أبريل سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / محمد متولي عامر نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / ناجى عز الدين ، كمال صقر ، محسن البكري ومحمود عبد المجيد نواب رئيس المحكمة .
—————–
الطعن رقم 12812 لسنة 88 القضائية
فاعل أصلي . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
تدليل الحكم بما يسوغ اتفاق الطاعنين على ارتكاب جريمتي قتل دواب الركوب والجر عمداً وإحراز أسلحة بيضاء دون مسوغ . كفايته لاعتبارهم فاعلين أصليين . أساس ذلك ؟
محكمة الموضوع ” سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ” ” سلطتها في تقدير أقوال الشهود ” . إثبات ” شهود ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟
تجريح أدلة الدعوى تأدياً لمناقضة صورتها . غير جائز أمام محكمة النقض .
استدلالات . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير جدية التحريات ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
مثال لاطراح سائغ للدفع بعدم جدية التحريات .
فاعل أصلي . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
نعي الطاعنين بعدم بيان دور كلٍ منهم في الجريمتين اللتين دينوا بهما . غير مقبول . ما دام الحكم بيَّن الأفعال المادية التي أتاها كل منهم .
دفوع ” الدفع بنفي التهمة ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
إثارة الطاعنين الدفع بانتفاء أركان جريمة قتل دواب الركوب والجر وانتفاء العلة العقابية كونها مملوكة لهم وأنهم لم يقوموا بذبحها بدلالة وجودها في حالة تيبس رمي لأول مرة أمام
محكمة النقض . غير جائزة . حد ذلك ؟
أسباب الإباحة وموانع العقاب ” استعمال الحق ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
اطراح الحكم سائغاً دفاع الطاعِنِين بمشروعية فعلهم من سلخ جلود الدواب لتصديرها إلى دولة الصين طبقاً لقرار وزير الصناعة وَالتجارة 692 لِسَنة 2012 . كفايته رداً عليه .
مثال .
مأمورو الضبط القضائي ” اختصاصاتهم ” . محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير حالة التلبس ” . دفوع ” الدفع ببطلان القبض والتفتيش ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
واجبات مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم بشأن إبلاغهم عن الجرائم . ماهيتها ؟
المادتان 29 و 34 إجراءات جنائية . مؤداهما ؟
تقدير توافر حالة التلبس . موضوعي . حد ذلك ؟
مثال لاطراح سائغ للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس .
محكمة الموضوع ” سلطتها في تقدير الدليل ” ” سلطتها في تقدير أقوال الشهود “.
تقدير الدليل . موضوعي . ما دام سائغاً .
قول متهم على آخر . شهادة . للمحكمة التعويل عليها وإن عدل عنها . حد ذلك ؟
دفوع ” الدفع بنفي التهمة ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بَيَّنَ واقِعةَ الدعوى بِما تَتَوافَر بِهِ كافةُ الْعناصِرِ القانونية لجريمتي قَتْل حيوانات مِنْ دَوابِّ الركوب وَالجَر ” حمير ” عَمْدًا بِدُون مُقْتَضَى لَيْلًا ، وَإحْرازحَقِّهِم أَدِلَّةً سائِغةً مِنْ شَأْنِها أَنْ تُؤَدِّى إلى ما رَتَّبَهُ الحُكْمُ عليها ، مُسْتَمَدَّة مِنْ أَقْوالِ شُهُودِ الإثبات ، وَمِمَّا ثَبَتَ بِمُعايَنةِ الوحدة المحلية ، مُورِدًا مُؤَدَّاها فِى بَيانٍ جَلِىٍّ وافٍ – خِلافًا لِما يَزْعمه الطاعِنون بِأسبابِ طَعْنِهِم – ، وَبِما يَكْفِى لِلتدلِيلِ عَلَى ثُبُوتِ الصورة التى اقْتَنَعَت بِها المحكمةُ ، وَاسْتَقَرَّت فِى وِجْدانِها ، وَجَاءَ اسْتِعراضُ المحكمة لِتِلْكَ الواقعة ، وَهذه الأدلة ، عَلَى نَحْوٍ يَدُلُّ عَلَى أنها مَحَّصَتها التمْحِيصَ الكافي وَأَلَمَّت بِها إلمامًا شامِلًا ، يُفِيدُ أنها قامَت بِما ينبغي عليها مِنْ تَدْقِيقِ الْبَحْث لِتعرف الحقيقة ، وَمَتَى كَانَ مجموعُ ما أَوْرَدَهُ الْحُكْمُ – كَما هُوَ الْحال فِى الدعوى – كافِيًا لِتَفَهُّمِ الواقِعةِ بِأركانِها وَظُرُوفِها ، حَسْبما اسْتَخْلَصَتها المحكمة ، وَتَتَوافَرُ بِهِ جميعُ الأركان القانونية لِلْجَرِيمَتَيْنِ اللتين دَانَ الطاعِنِين بِهِما ، وَقد أَثْبَتَ فِى حَقِّهِم ، تَواجُدهم معًا عَلَى مَسْرَحِ الجريمة ، وَاسْتَظْهَرَ نِيَّة تَدَخُّلِهِم فِى اقْتِرافِ الجرِيمَتَيْن ، وَإتْيان كُلٍّ مِنْهُم عَمَلًا تنفيذِيًّا فِيهما مِنْ مَعِيَّتِهِم فِى الزمانِ وَالمكان ، وَنوع الصِّلَةِ بينهم ، وَصُدُور الجرِيمَتَيْن عن باعِثٍ واحِد ، وَاتجاههم وِجْهَة وَاحِدة فِى تَنْفِيذِهما ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُم قد قَصَدَ قَصْدَ الآخَر فِى إيقاعِهما ، وَقَارَفَ فِعْلًا مِنَ الأفعالِ الْمُكَوِّنة لَهما ، بِالإضافةِ إلى وحدة الْحَقِّ الْمُعْتَدَى عليه ، وَمِنْ ثمَّ يَصِح طِبْقًا لِلمادة 39 مِنْ قانونِ الْعُقُوبات اعْتِبارهم فاعِلِين أَصْلِيِّين فِى هاتَيْن الجَريمَتَيْن ، فَإنَّ الْحُكْمَ إذْ انْتَهَى إلى اعْتِبارِهِم مُتَضامِنِين فِى المسئولِية الْجِنائِية ، وَدَانَ كُلًّا مِنْهُم بِوَصْفِهِ فاعِلًا أَصْلِيًّا فِى الجرِيمَتَيْن اللتَيْن أُسْنِدَتا إليهم يكون قد اقْتَرَنَ بِالصواب ، بِما يَضْحَى مَنْعَى الطاعِنِين فِى هذا الخصوص غير قويم .
2- مِنَ الْمُقَرَّر أَنَّ لِمَحكمةِ الموضوعِ أَنْ تَسْتَخلِصَ مِنْ أقوالِ الشهودِ وَسائِر العناصرِ المطروحةِ أمامها عَلَى بساطِ الْبَحْثِ الصورةَ الصحيحة لِواقِعةِ الدعوى حَسْبَما يُؤَدِّى إليه اقتناعُها ، وَأَنْ تَطْرَحَ ما يُخالِفها مِنْ صُوَرٍ أُخْرَى ما دَامَ اسْتِخْلاصُها سائِغًا مُسْتَنِدًا إلى أَدِلَّةٍ مَقْبُولَةٍ في العَقْلِ وَالمَنْطِق ، وَلَها أَصْلها في الأوراق ، وَكَانَ وَزْنُ أقوال الشهود ، وَتَقْدِيرُ الظُرُوف التى يُؤَدُّونَ فِيها الشَهادة مَتْرُوكًا لِتَقْدِيرِ محكمةِ الموضوع ، وَمَتَى أَخَذَت بِشَهادَةِ شاهِد فَإنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ أنها اطْرَحَت جَمِيع الاعتبارات التى ساقها الدِّفاعُ لِحَمْلِها عَلَى عَدَم الأخذ بِها ، وَإذْ كَانَت المحكمةُ قد اطْمَأَنَّت إلى أقوالِ شُهُودِ الإثبات ، وَصِحَّةِ تَصْويرهم لِلواقِعة ، فَإنَّ ما يُثِيرُهُ الطاعِنون مِنْ مُنازَعَةٍ فِى هذه الصورة بِقالَةِ أنَّ الشُهودَ لَمْ يُشاهِدُوا واقِعةَ الذَّبْح ، لا يَعْدُو أَنْ يَكُون مُحاوَلَة لِتَجْرِيحِ أَدِلَّةِ الدعوى عَلَى وَجْهٍ مُعَيَّن تَأَدِّيًا مِنْ ذَلِكَ إلى مُناقَضَةِ الصورة التى ارْتَسَمَت فِى وِجْدانِ المحكمة بِالدليلِ الصحيح ، وَهُوَ ما لا يُقْبَل إثارته أمام محكمةِ النقض .
3 – مِنَ الْمُقَرَّر أَنَّ لِمحكمةِ الموضوعِ أَنْ تُعَوِّلَ فِى تَكْوِينِ عقيدَتِها عَلَى ما جَاءَ بتحريات الشُّرْطة بِاعْتِبارِها قرينة مُعَزِّزة لِما سَاقْتهُ مِنْ أَدِلَّةٍ أساسِية ، وَإذْ كَانَ الْحُكْمُ قد عَوَّلَ عَلَى أَقْوالِ النقيب/ …. – مُعاوِن مَباحِث مركز شُرْطة …. – وَالذى شَهدَ بِأَنَّ تحرياتَه أَكَّدَت صِحَّةَ الواقِعة وَما قَرَّرَه شُهودُ الإثبات مِنْ قِيامِ الطاعِنِين بِتَحْمِيلِ الدَّوابِّ إلى مَحلِّ الواقِعة ، وَقِيامِهِم بِذَبْحِها ، وَفَصْلِ جُلُودِها عنها تَمْهِيدًا لِبَيْعِ لُحُومِها وَجُلودِها مُسْتَخْدِمِين فِى ذَلِكَ أَسْلِحةً بَيْضاء ضُبِطَت بِحِيازَتِهِم ، وَكَانَ ما أَوْرَدَهُ الْحُكْمُ رَدًّا عَلَى الدَّفْعِ الْمُبْدَى مِنَ الطاعِنِين بِعَدَم جِدِّية التحريات سائِغًا وَكافِيًا لِحَمْلِ قضائِه ، فَإنَّ ما يَنْعاهُ الطاعِنون عَلَى الْحُكْمِ فِى هذا الشأنِ يَكُونُ غيرَ سَدِيد .
4- لَمَّا كَانَ البَيِّنُ أَنَّ تحصيلَ المحكمة لِلواقِعةِ فِى حُدُودِ الدعوى المطروحة قد جَاءَ وافِيًا فِى شَأْنِ بَيان الأفعال المادِّيَّة التى أَتاها كُلُّ مُتهم بِما يُفْصِحُ عن الدور الذي قَامَ بِهِ كُلُّ مِنْهم فِى الجريمَتَيْن اللتين أَدانَهُم الحُكْمُ بِهِما ، فَإنَّ النعي عَلَى الحُكْمِ فِى هذا الصَّدَد يَكُون في غيرِ محله .
5- لما كَانَ الثابت مِنْ مَحْضَرِ جلسة المُحاكَمة أَنَّ دِفاعَ الطاعِنِين مِنَ الأول إلى الخامِس لَمْ يُثِرْ ثمَّة مُنازَعة بِشأنِ حالة التَّيَبُّسِ الرِّمِّى التى وُجِدَت بِها الجُلود المضبوطة ، وَدلالتها بِخُصوصِ المُدَّة الزمنية التى مَضَت عَلَى وفاة الدَّوابّ ، وَكَذا انْتِفاء العِلَّة العِقابِيَّة كون تِلْكَ الدَّوابّ مملوكة لِلطاعِنِين عَلَى نَحْوِ ما يَزْعُموه بِأَسْبابِ طَعْنِهِم ، وَمَنْ ثمَّ لا يَجُوز لَهُم – مِنْ بَعْد – إثارة هذا الدفاع لأول مَرَّة أمام محكمة النقض ما دَامَ أنهم لَمْ يَتَمَسَّكُوا بِهِ أمام محكمة الموضوع لِما يَتَطَلَّبَهُ مِنْ تَحْقِيقٍ مَوْضُوعِىٍّ يَخْرُج عن وظيفة هذه المحكمة .
6- لما كَانَ الحُكْمُ المطعونُ فِيه قد تَناوَلَ دِفاعَ الطاعِنِين المُؤَسَّس عَلَى مَشْرُوعِيَّة فِعْلِهم مِنْ سَلْخِ الجُلُودِ الخاصة بِالدَّوابّ لِتَصْدِيرِها إلى دولة الصين طِبْقًا لِقَرارِ وزير الصناعة وَالتجارة رقم 692 لِسَنة 2012 ، وَاطرحه فِى قَوْلِه : ( وحيث إنه عن مَشْرُوعِيَّة فِعْل المُتهمِيِن فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الفِعْل مُجَرَّمًا بِمُوجب نَص عقابي ، وَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الأَصْل ، وَلَمْ يُقَدِّم أَىٌّ مِنَ المُتهمِين ثمَّة رُخْصَة تُبِيح ذَلِكَ الفِعْل حَتَّى يُسْتَثْنَى ، وَكَانت الأوراقُ قد خَلَت مِنْ ثمَّة سَبَب مِنْ أسبابِ الإباحة . الأَمْرُ الذي يَكُون معه ذَلِكَ القَوْل باطِلًا ، وَرُدَّ عَلَى صاحِبِه ) ، وَهُوَ مِنَ الحُكْمِ رَد سائِغ وَكاف لِحَمْلِ قضائِه ، فَإنَّ ما يَنْعاهُ الطاعِنون عَلَى الْحُكْمِ فِى هذا الشأنِ يَكُونُ غيرَ مُقْتَرِنٍ بِالصواب .
7- لَمَّا كَانَ الحُكْمُ قد عَرَضَ لِلدَّفْعِ بِبُطْلانِ القَبْضِ وَالتفتيش لانْتِفاءِ حالة التَّلَبُّس ، وَاطرحه فِى قَوْلِه : ( وَحيث إنه عن الدَّفْعِ بِبُطْلانِ القَبْضِ وَالتفتيش لِعَدَم تَوافُر حالة مِنْ حالاتِ التَّلَبُّس ، فَإنه مِنَ المُقَرَّر أنه ….. ، وَكَانَ الثابِتُ مِنْ أوراقِ الدعوى أَنَّ الشاهِدَ الأول أثناء تَواجُده بِأَرْضِهِ الزراعِية لَيْلًا فُوجِئَ بِالمتهمين فِى الصحراءِ المُقارِبة لأَرْضِه ، وَسَمعَ صُوت دَوابّ ” حمير ” ، فَاتَّصَلَ هاتِفِيًّا بِالشاهِدَيْن الثاني وَالثالِث ، وَحَالَ حُضُورهما تَتَبَّعُوا المُتهمِين لِتَشَكُّكِهِم فِى أَمْرِهِم، وَالوُقُوف عَلَى ما يَفْعَلُونه ، وَآنذاك فُوجِئُوا بِالمُتهمِين وَبِجِوارِهِم دَوابّ مَذْبُوحة ” عَدَد اثنين وَأربعين حِمارًا ” مَسْلُوخ جُلود بَعْضهم ، فَأَخْبَرُوا الشُرْطة ، وَتَمَكَّنُوا مِنْ ضَبْطِهِم . الأَمْر الذي تَتَوافَر معه حالة التَّلَبُّس بِالجريمةِ لِقِيامِ الدلائِل الكافِية عَلَى الاتهام مِنَ المَظاهِر الخارِجِية التى أَنْبَأَت بِذاتِها عن وُقُوعِ الجريمة، وَعليه يَضْحَى الدَّفْعُ جَدِيرًا بِالرَّفْض ) . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ مِنَ المُقَرَّر أَنَّ مِنَ الواجِباتِ المفروضة قانُونًا عَلَى مأموري الضَّبْطِ القَضائِى فِى دَوائِر اخْتِصاصِهِم أَنْ يَقْبَلُوا التبليغات وَالشَّكاوَى التى تَرِدُ إليهم بِشَأْنِ الجرائِم ، وَأَنْ يَقُوموا بِأنفِسِهِم أو بِواسِطة مَرْؤُسِيهم بِإجراءِ التحريات اللازِمة عن الوَقائِع التى يَعْلَمُونَ بِها بِأَيَّة كيفية كانَت ، وَأَنْ يَسْتَحْصِلُوا عَلَى جَمِيعِ الإيضاحات وَالاسْتِدْلالات المُؤَدِّية لِثُبُوتِ أو نَفْىِ الوَقائِع المُبَلَّغ بِها إليهم أو التى يُشاهِدُونها بِأَنْفِسِهِم ، كَما أَنَّ المادة 29 مِنْ قانونِ الإجراءاتِ الجِنائِية تُخَوِّل مأموري الضَّبْط القَضائِى أثناء جَمْع الاسْتِدْلالات أَنْ يَسْمَعُوا أقوال مَنْ يَكُون لديهم معلومات عن الوقائِع الجِنائية وَمُرْتَكِبِيها ، وَأَنْ يَسْألوا المتهم عن ذلك ، كَما أَنَّ المادة 34 مِنْ قانونِ الإجراءاتِ الجِنائِية المُسْتَبْدَلَة بِالقانون رقم 37 لِسَنة 1972 المُتَعَلِّق بِضَمانِ حُرِّيات المُواطِنِين ، قد أَجازَت لمأموري الضَّبْطِ القَضائِى فِى أحوالِ التَّلَبُّسِ بِالجِنايات أَنْ يَقْبِضَ عَلَى المتهم الحاضِر الذى تُوجَد دَلائل كافِية عَلَى اتهامِه ، وَكَانَ تقديرُ تَوافُر حالة التَّلَبُّس أو عَدَم تَوافُرها مِنَ الأُمُورِ الموضوعِية البَحْت التى تُوكَلُ بَداءَةً لِرَجُلِ الضَّبْطِ القضائي عَلَى أَنْ يَكُون تقديره خاضِعًا لِرقابةِ سُلْطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع – وِفْقَ الوقائِع المَعْرُوضة عليها بِغيرِ مُعَقِّب ، ما دَامَت النتيجةُ التى انْتَهَت إليها تَتَّفِق مَنْطِقِيًّا مَعَ المُقَدِّماتِ وَالوَقائِع التى أَثْبَتَتْها فِى حُكْمِها – كَما هُوَ الحال فِى الدعوى المطروحة – ، فَإنَّ الحُكْمَ يَكُون سَلِيمًا فِيما انْتَهَى إليه مِنْ رَفْضِ الدَّفْع بِبُطْلانِ القَبْضِ تأسِيسًا عَلَى تَوافُر حالة التَّلَبُّس التى تُبِيحه ، وَيَكُون مَنْعَى الطاعِن السادِس فِى هذا الصَّدَد غير سَدِيد .
8- مِنَ المُقَرَّر أَنَّ تَقْدِيرَ الدليل مَوْكُولٌ إلى محكمةِ الموضوع ، وَمَتَى اقْتَنَعَت بِهِ وَاطْمَأَنَّت عليه ، فَلا مُعَقِّبَ عليها فِى ذَلِك ، كَما أنه مِنَ المُقَرَّر أَنَّ قَوْلَ مُتَّهَم عَلَى آخَر هُوَ فِى حَقِيقةِ الأَمْر شَهادة يَسُوغ لِلْمحكمةِ أَنْ تُعَوِّلَ عليها فِى الإدانة ما دَامَت قد اطْمَأَنَّت إليها وَارْتاحَت لَها ، وَأَنَّ تَعْتَمِدَ عَلَى أقوالِ المتهم وَلَو عَدَلَ عنها مَتَى رَأَت أنها صَحِيحة وَصَادِقة بِغيرِ أَنْ تَلْتَزِم بِبَيان عِلَّة ما ارْتَأَتْه ، إذْ مَرْجِع الأَمْر اطْمِئنانها إلى ما تأْخُذ بِهِ دُونَ ما تعْرِض عنه ، وَمِنْ ثمَّ فَإنَّ نَعْىَ الطاعِن السابِع عَلَى الحُكْمِ تَعْويله فِى إدانَتِهِ إلى ما أَقَرَّ بِهِ الطاعِنُ السادِس بِتحقيقاتِ النيابة مِنْ جَلْبِهِ لِلدَّوابِّ مَعَ المتهم الأول وَهِىَ عَلَى قيدِ الحياة لا يَكُونُ مَقْبُولًا .
9- لما كان النعي بِالْتِفاتِ الْحُكْمِ عن دِفاعِ الطاعِنَيْن السادِس وَالسابِع القائِم عَلَى انْتِفاءِ صِلةِ كُلٍّ مِنْهما بِالواقعة كونهما مُجَرَّد سائِقَيْن اقْتَصَرَ دورهما عَلَى نَقْلِ الجُلُودِ لِقاء أَجْرٍ مادِّىّ ، مَرْدُودًا بِأَنَّ ذَلِكَ الدَّفاع مِنْ أَوْجُهِ الدِّفاعِ الموضوعية التى لا تَسْتأهِلُ رَدًّا طَالَما كَانَ الرَّدُ عليها مُسْتفادًا مِنْ أَدِلَّةِ الثُّبُوتِ التى أَوْرَدَها الْحُكْم – كَما هُوَ الْحال فِى الدعوى – ، وَمِنْ ثَمَّ فَإنَّ ما يُثِيرُه الطاعِنان المَذكوران فِى هذا الصَّدَد لا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ جَدَلًا موضوعِيًّا فِى تقديرِ الدليل ، وَفِى سُلْطةِ محكمة الموضوع فِى وَزْن عناصِر الدعوى وَاسْتِنباط مُعْتَقدها وَهُوَ ما لا يَجُوز إثارته أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم 1- قتلوا عمداً بدون مقتض حيوانات من دواب الركوب والجر ” حمير ” بأن قاموا بذبحهم ليلاً على النحو المبين بالتحقيقات . 2- أحرزوا أسلحة بيضاء ” سكاكين ” بدون مسوغ قانوني .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات …. لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 355 / أولاً ، 356 من قانون العقوبات والمواد 1 ، 28/ أولاً ، 84 ، 101 من القانون رقم 4 لسنة 1994 فى شأن البيئة المعدل والمادة 24 من اللائحة التنفيذية والمواد 1/1 ، 25 مكرراً /1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 6 من الجدول رقم الملحق به ، مع إعمال نص المادتين 17، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبة المتهمين جميعاً بالحبس مع الشغل لمدة خمس سنوات لكل منهم وإلزامهم بالمصاريف الجنائية ومصادرة المضبوطات .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض …. إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إنَّ الطاعِنِين يَنْعُون عَلَى الْحُكْمِ الْمَطْعُونِ فيه – بِمُذَكِّراتِ أسبابِ طَعْنِهِم الثلاث – أنه إذْ أَدَانَهم بجريمتي قَتْل حيوانات مِنْ دَوابِّ الركوب وَالجَر ” حمير” عَمْدًا بِدُون مُقْتَضَى لَيْلًا ، وَإحْراز أَسْلِحة بَيْضاء ” سكاكِين ” دُونَ مُسَوِّغ ، قَدْ شَابَهُ الْقُصُورُ فِى التسبيب ، وَالْفسادُ فِى الاستدلال ، وَالإخلال بِحَقِّ الدِّفاع ؛ ذَلِكَ بِأنَّه صِيغَ فِى عِبارةٍ قاصِرةٍ يَشُوبها الإبْهامُ وَالغُموضُ وَالإجْمال ، فَلَمْ يُبَيِّن الواقِعةَ الْمُسْتَوجِبة لِلْعُقوبةِ بَيانًا تَتَحَقَّق بِهِ أركانُ الجَرِيمَتَيْن اللتين أَدانَهُم بِهِما، وَالظُرُوفَ التى وَقَعَتا فِيها ، وَمُؤَدَّى أَدِلَّةِ ثُبُوتِهِما ، وَلَمْ يُبَيِّن دُور كُلٍّ مِنْهم فِى ارْتِكابِ الْواقِعة ، وَعَوَّلَ عَلَى أقوالِ شُهُودِ الإثبات رغم أنهم لَمْ يُشاهِدُوا واقِعةَ الذَّبْح ، وَتَسانَدَ إلى تحرياتِ الشُّرْطة ، وَشهادة مُجْرِيها مُطْرِحًا الدَّفْع بِعَدَم جِدِّيَّتِها كونها مَجْهُولة المَصْدَر ، وَلَمْ يُواجِه الحُكْمُ دِفاعَ الطاعِنِين مِنَ الأول إلى الخامِس القائِم عَلَى انْتِفاءِ الرُّكْنِ المادي لِجَرِيمةِ قَتْل الدَّوابّ سِيَّما وَقد وُجِدَت الجُلُودُ فِى حالةِ تَعَفُّنٍ رِمِّىٍّ وِفْقَ الثابِت بِتَقْرِيرِ الطِّبِّ البيطري مِمَّا يُؤَكِّد أَنَّ هذه الحيوانات مَرَّ عَلَى وَفاتِها أَكْثَر مِنْ ثمان وَأربعين ساعة ، وَلَمْ يتِم ذَبْحها بِمَعْرِفة الطاعِنِين ، وَانْتِفاء العِلَّة العِقابِيَّة كون تِلْكَ الدَّوابّ مملوكة لَهُم ، وَكَذا دِفاعهم المُؤَسَّس عَلَى مَشْرُوعِيَّة فِعْلِهم مِنْ سَلْخِ الجُلُودِ الخاصة بِالدَّوابّ لِتَصْدِيرِها إلى دولة الصين طِبْقًا لِقَرارِ وزير الصناعة وَالتجارة رقم 692 لِسَنة 2012 ، وَيُضِيفُ الطاعِنُ السادِس أَنَّ الحُكْمَ المطعونَ فِيه رَدَّ بِما لا يَسُوغه عَلَى الدَّفْعِ بِبُطْلانِ القَبْضِ وَالتفتيش لانْتِفاءِ حالة التَّلَبُّس ، كَما الْتَفَتَ – إيرادًا أو رَدًّا – عن أَوْجُه دِفاعِهِ الجوهرية ، وَيزِيدُ الطاعِنُ السابِعُ أَنَّ الحُكْمَ عَوَّلَ فِى إدانتهِ إلى ما أَقَرَّ بِهِ الطاعِنُ السادِس بِتحقيقاتِ النيابة مِنْ جَلْبِهِ لِلدَّوابِّ مَعَ المتهم الأول وَهِىَ عَلَى قيدِ الحياة رغم عَدَم صلاحِيته لِلإدانة ، أَخِيرًا أَعْرَضَ الحُكْمُ عن دِفاعِ الطاعِنَيْن السادِس وَالسابِع القائِم عَلَى انْتِفاءِ صِلةِ كُلٍّ مِنْهما بِالواقعة كونهما مُجَرَّد سائِقَيْن اقْتَصَرَ دورهما عَلَى نَقْلِ الجُلُودِ لِقاء أَجْرٍ مادِّىّ ، وَكُل ذَلِكَ يعِيبُ الْحُكْمَ وَيَسْتَوْجِبُ نَقْضه .
وَمِنْ حَيْثُ إنَّ الْحُكْمَ الْمَطْعُونَ فيه قد بَيَّنَ واقِعةَ الدعوى بِما تَتَوافَر بِهِ كافةُ الْعناصِرِ القانونية لجريمتي قَتْل حيوانات مِنْ دَوابِّ الركوب وَالجَر ” حمير ” عَمْدًا بِدُون مُقْتَضَى لَيْلًا ، وَإحْراز أَسْلِحة بَيْضاء ” سكاكِين ” دُونَ مُسَوِّغ ، اللتين أَدَانَ الطاعِنِين بِهِما ، وَأَوْرَدَ عَلَى ثُبُوتِهِما فِى حَقِّهِم أَدِلَّةً سائِغةً مِنْ شَأْنِها أَنْ تُؤَدِّى إلى ما رَتَّبَهُ الحُكْمُ عليها ، مُسْتَمَدَّة مِنْ أَقْوالِ شُهُودِ الإثبات ، وَمِمَّا ثَبَتَ بِمُعايَنةِ الوحدة المحلية ، مُورِدًا مُؤَدَّاها فِى بَيانٍ جَلِىٍّ وافٍ – خِلافًا لِما يَزْعمه الطاعِنون بِأسبابِ طَعْنِهِم – ، وَبِما يَكْفِى لِلتدلِيلِ عَلَى ثُبُوتِ الصورة التى اقْتَنَعَت بِها المحكمةُ ، وَاسْتَقَرَّت فِى وِجْدانِها ، وَجَاءَ اسْتِعراضُ المحكمة لِتِلْكَ الواقعة ، وَهذه الأدلة ، عَلَى نَحْوٍ يَدُلُّ عَلَى أنها مَحَّصَتها التمْحِيصَ الكافي وَأَلَمَّت بِها إلمامًا شامِلًا ، يُفِيدُ أنها قامَت بِما ينبغي عليها مِنْ تَدْقِيقِ الْبَحْث لِتعرف الحقيقة ، وَمَتَى كَانَ مجموعُ ما أَوْرَدَهُ الْحُكْمُ – كَما هُوَ الْحال فِى الدعوى – كافِيًا لِتَفَهُّمِ الواقِعةِ بِأركانِها وَظُرُوفِها ، حَسْبما اسْتَخْلَصَتها المحكمة ، وَتَتَوافَرُ بِهِ جميعُ الأركان القانونية لِلْجَرِيمَتَيْنِ اللتين دَانَ الطاعِنِين بِهِما ، وَقد أَثْبَتَ فِى حَقِّهِم ، تَواجُدهم معًا عَلَى مَسْرَحِ الجريمة ، وَاسْتَظْهَرَ نِيَّة تَدَخُّلِهِم فِى اقْتِرافِ الجرِيمَتَيْن ، وَإتْيان كُلٍّ مِنْهُم عَمَلًا تنفيذِيًّا فِيهما مِنْ مَعِيَّتِهِم فِى الزمانِ وَالمكان ، وَنوع الصِّلَةِ بينهم ، وَصُدُور الجرِيمَتَيْن عن باعِثٍ واحِد ، وَاتجاههم وِجْهَة وَاحِدة فِى تَنْفِيذِهما ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُم قد قَصَدَ قَصْدَ الآخَر فِى إيقاعِهما ، وَقَارَفَ فِعْلًا مِنَ الأفعالِ الْمُكَوِّنة لَهما ، بِالإضافةِ إلى وحدة الْحَقِّ الْمُعْتَدَى عليه ، وَمِنْ ثمَّ يَصِح طِبْقًا لِلمادة 39 مِنْ قانونِ الْعُقُوبات اعْتِبارهم فاعِلِين أَصْلِيِّين فِى هاتَيْن الجَريمَتَيْن ، فَإنَّ الْحُكْمَ إذْ انْتَهَى إلى اعْتِبارِهِم مُتَضامِنِين فِى المسئولِية الْجِنائِية ، وَدَانَ كُلًّا مِنْهُم بِوَصْفِهِ فاعِلًا أَصْلِيًّا فِى الجرِيمَتَيْن اللتَيْن أُسْنِدَتا إليهم يكون قد اقْتَرَنَ بِالصواب ، بِما يَضْحَى مَنْعَى الطاعِنِين فِى هذا الخصوص غير قويم . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ مِنَ الْمُقَرَّر أَنَّ لِمَحكمةِ الموضوعِ أَنْ تَسْتَخلِصَ مِنْ أقوالِ الشهودِ وَسائِر العناصرِ المطروحةِ أمامها عَلَى بساطِ الْبَحْثِ الصورةَ الصحيحة لِواقِعةِ الدعوى حَسْبَما يُؤَدِّى إليه اقتناعُها ، وَأَنْ تَطْرَحَ ما يُخالِفها مِنْ صُوَرٍ أُخْرَى ما دَامَ اسْتِخْلاصُها سائِغًا مُسْتَنِدًا إلى أَدِلَّةٍ مَقْبُولَةٍ فِى العَقْلِ وَالمَنْطِق ، وَلَها أَصْلها فِى الأوراق ، وَكَانَ وَزْنُ أقوال الشهود ، وَتَقْدِيرُ الظُرُوف التى يُؤَدُّونَ فِيها الشَهادة مَتْرُوكًا لِتَقْدِيرِ محكمةِ الموضوع ، وَمَتَى أَخَذَت بِشَهادَةِ شاهِد فَإنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ أنها اطْرَحَت جَمِيع الاعتبارات التى ساقها الدِّفاعُ لِحَمْلِها عَلَى عَدَم الأخذ بِها ، وَإذْ كَانَت المحكمةُ قد اطْمَأَنَّت إلى أقوالِ شُهُودِ الإثبات ، وَصِحَّةِ تَصْويرهم لِلواقِعة ، فَإنَّ ما يُثِيرُهُ الطاعِنون مِنْ مُنازَعَةٍ فِى هذه الصورة بِقالَةِ أنَّ الشُهودَ لَمْ يُشاهِدُوا واقِعةَ الذَّبْح ، لا يَعْدُو أَنْ يَكُون مُحاوَلَة لِتَجْرِيحِ أَدِلَّةِ الدعوى عَلَى وَجْهٍ مُعَيَّن تَأَدِّيًا مِنْ ذَلِكَ إلى مُناقَضَةِ الصورة التى ارْتَسَمَت فِى وِجْدانِ المحكمة بِالدليلِ الصحيح ، وَهُوَ ما لا يُقْبَل إثارته أمام محكمةِ النقض . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ مِنَ الْمُقَرَّر أَنَّ لِمحكمةِ الموضوعِ أَنْ تُعَوِّلَ فِى تَكْوِينِ عقيدَتِها عَلَى ما جَاءَ بِتَحرياتِ الشُّرْطة بِاعْتِبارِها قرينة مُعَزِّزة لِما سَاقْتهُ مِنْ أَدِلَّةٍ أساسِية ، وَإذْ كَانَ الْحُكْمُ قد عَوَّلَ عَلَى أَقْوالِ النقيب/ …. – مُعاوِن مَباحِث مركز شُرْطة …. – وَالذى شَهدَ بِأَنَّ تحرياتَه أَكَّدَت صِحَّةَ الواقِعة وَما قَرَّرَه شُهودُ الإثبات مِنْ قِيامِ الطاعِنِين بِتَحْمِيلِ الدَّوابِّ إلى مَحلِّ الواقِعة ، وَقِيامِهِم بِذَبْحِها ، وَفَصْلِ جُلُودِها عنها تَمْهِيدًا لِبَيْعِ لُحُومِها وَجُلودِها مُسْتَخْدِمِين فِى ذَلِكَ أَسْلِحةً بَيْضاء ضُبِطَت بِحِيازَتِهِم ، وَكَانَ ما أَوْرَدَهُ الْحُكْمُ رَدًّا عَلَى الدَّفْعِ الْمُبْدَى مِنَ الطاعِنِين بِعَدَم جِدِّية التحريات سائِغًا ، وَكافِيًا لِحَمْلِ قضائِه ، فَإنَّ ما يَنْعاهُ الطاعِنون عَلَى الْحُكْمِ فِى هذا الشأنِ يَكُونُ غيرَ سَدِيد . لَمَّا كَانَ يَقُوموا بِأنفِسِهِم أو بِواسِطة مَرْؤُسِيهم بِإجراءِ التحريات اللازِمة عن الوَقائِع التى يَعْلَمُونَ بِها بِأَيَّة كيفية كانَت ، وَأَنْ يَسْتَحْصِلُوا عَلَى جَمِيعِ الإيضاحات وَالاسْتِدْلالات المُؤَدِّية لِثُبُوتِ أو نَفْىِ الوَقائِع المُبَلَّغ بِها إليهم أو التى يُشاهِدُونها بِأَنْفِسِهِم ، كَما أَنَّ المادة 29 مِنْ قانونِ الإجراءاتِ الجِنائِية تُخَوِّل مأموري الضَّبْط القضائي أثناء جَمْع الاسْتِدْلالات أَنْ يَسْمَعُوا أقوال مَنْ يَكُون لديهم معلومات عن الوقائِع الجِنائية وَمُرْتَكِبِيها ، وَأَنْ يَسْألوا المتهم عن ذلك ، كَما أَنَّ المادة 34 مِنْ قانونِ الإجراءاتِ الجِنائِية المُسْتَبْدَلَة بِالقانون رقم 37 لِسَنة 1972 المُتَعَلِّق بِضَمانِ حُرِّيات المُواطِنِين ، قد أَجازَت لمأموري الضَّبْطِ القضائي فِى أحوالِ التَّلَبُّسِ بِالجِنايات أَنْ يَقْبِضَ عَلَى المتهم الحاضِر الذى تُوجَد دَلائل كافِية عَلَى اتهامِه ، وَكَانَ تقديرُ تَوافُر حالة التَّلَبُّس أو عَدَم تَوافُرها مِنَ الأُمُورِ الموضوعِية البَحْت التى تُوكَلُ بَداءَةً لِرَجُلِ الضَّبْطِ القضائي عَلَى أَنْ يَكُون تقديره خاضِعًا لِرقابةِ سُلْطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع – وِفْقَ الوقائِع المَعْروُضة عليها بِغيرِ مُعَقِّب ، ما دَامَت النتيجةُ التى انْتَهَت إليها تَتَّفِق مَنْطِقِيًّا مَعَ المُقَدِّماتِ وَالوَقائِع التى أَثْبَتَتْها فِى حُكْمِها – كَما هُوَ الحال فِى الدعوى المطروحة – ، فَإنَّ الحُكْمَ يَكُون سَلِيمًا فِيما انْتَهَى إليه مِنْ رَفْضِ الدَّفْع بِبُطْلانِ القَبْضِ تأسِيسًا عَلَى تَوافُر حالة التَّلَبُّس التى تُبِيحه ، وَيَكُون مَنْعَى الطاعِن السادِس فِى هذا الصَّدَد غير سَدِيد . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ مِنَ المُقَرَّر أَنَّ تَقْدِيرَ الدليل مَوْكُولٌ إلى محكمةِ الموضوع ، وَمَتَى اقْتَنَعَت بِهِ وَاطْمَأَنَّت عليه ، فَلا مُعَقِّبَ عليها فِى ذَلِك ، كَما أنه مِنَ المُقَرَّر أَنَّ قَوْلَ مُتَّهَم عَلَى آخَر هُوَ فِى حَقِيقةِ الأَمْر شَهادة يَسُوغ لِلْمحكمةِ أَنْ تُعَوِّلَ عليها فِى الإدانة ما دَامَت قد اطْمَأَنَّت إليها وَارْتاحَت لَها ، وَأَنَّ تَعْتَمِدَ عَلَى أقوالِ المتهم وَلَو عَدَلَ عنها – مَتَى رَأَت أنها صَحِيحة وَصَادِقة بِغيرِ أَنْ تَلْتَزِم بِبَيان عِلَّة ما ارْتَأَتْه ، إذْ مَرْجِع الأَمْر اطْمِئنانها إلى ما تأْخُذ بِهِ دُونَ ما تعْرِض عنه ، وَمِنْ ثمَّ فَإنَّ نَعْىَ الطاعِن السابِع عَلَى الحُكْمِ تَعْويله فِى إدانَتِهِ إلى ما أَقَرَّ بِهِ الطاعِنُ السادِس بِتحقيقاتِ النيابة مِنْ جَلْبِهِ لِلدَّوابِّ مَعَ المتهم الأول وَهِىَ عَلَى قيدِ الحياة لا يَكُونُ مَقْبُولًا . لَمَّا كَانَ ذَلِك ، وَكَانَ النَّعْىُ بِالْتِفاتِ الْحُكْمِ عن دِفاعِ الطاعِنَيْن السادِس وَالسابِع القائِم عَلَى انْتِفاءِ صِلةِ كُلٍّ مِنْهما بِالواقعة كونهما مُجَرَّد سائِقَيْن اقْتَصَرَ دورهما عَلَى نَقْلِ الجُلُودِ لِقاء أَجْرٍ مادِّىّ ، مَرْدُودًا بِأَنَّ ذَلِكَ الدَّفاع مِنْ أَوْجُهِ الدِّفاعِ الموضوعية التى لا تَسْتأهِلُ رَدًّا طَالَما كَانَ الرَّدُ عليها مُسْتفادًا مِنْ أَدِلَّةِ الثُّبُوتِ التى أَوْرَدَها الْحُكْم – كَما هُوَ الْحال فِى الدعوى – ، وَمِنْ ثَمَّ فَإنَّ ما يُثِيرُه الطاعِنان المَذكوران فِى هذا الصَّدَد لا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ جَدَلًا موضوعِيًّا فِى تقديرِ الدليل ، وَفِى سُلْطةِ محكمة الموضوع فِى وَزْن عناصِر الدعوى وَاسْتِنباط مُعْتَقدها وَهُوَ ما لا يَجُوز إثارته أمام محكمة النقض .
لَمَّا كَانَ ما تَقَدَّم ، فَإنَّ الطَّعْنَ بِرُمَّتِه يَكُونُ عَلَى غيرِ أساسٍ مُتَعَيَّنا رَفْضه مَوْضُوعًا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ