قاعدة رقم الطعن رقم 6 لسنة 14 قضائية “منازعة تنفيذ” – جلسة 06 /02 /1993
أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء الخامس
(المجلد الثانى)
من أول يوليو 1992 حتى آخر يونيو 1993 – صـ 499
جلسة 6 فبراير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين ومحمد عبد القادر عبد الله – أعضاء، وحضور السيد المستشار/ محمد خيرى طه عبد المطلب – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد – أمين السر.
قاعدة رقم
القضية رقم 6 لسنة 14 قضائية "منازعة تنفيذ"
– دعوى تنازع – تنفيذ الأحكام المتناقضة "مناط قبولها".
مناط قبول طلب الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، هو أن
يكون أحد الحكمين صادرا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر
من جهة أخرى منها وأن يكونا قد حسما النزاع فى موضوعه بحيث بتعذر تنفيذهما معا.
– مناط قبول طلب الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين – طبقا
للبند ثانيا من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48
لسنة 1979، أن يكون أحد الحكمين صادرا من أى جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص
قضائى والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع فى موضوعه وتناقضا بحيث يتعذر
تنفيذهما معا، مما مؤداه أن النزاع الذى يقوم بسبب التناقض بين الأحكام وتنعقد لهذه
المحكمة ولاية الفصل فيه، هو ذلك الذى يقوم بين حكمين يتحد بينهما الموضوع ويتناقضان
بحيث يكون تنفيذ احدهما متعارضا مع تنفيذ الآخر. ودون ذلك فإن مناط قبول الطلب يكون
منتفيا. ولازم ذلك أن ولاية هذه المحكمة لا تمتد إلى النزاع بين الأحكام المتناقضة
الصادرة من المحاكم التابعة لجهة واحدة منها، ذلك أنها لا تعد جهة طعن فى تلك الأحكام،
ولا تتولى بالتالى تصحيح ما قد يشوبها من أخطاء أو تقويم إعوجاجها، من خلال مراقبة
مطابقتها لأحكام القانون أو خروجها عليه بل يقتصر بحثها على المفاضلة بين الحكمين النهائيين
المتناقضين الصادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين على أساس من قواعد الاختصاص الولائى
لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التى لها ولاية الفصل فى الدعوى، وأحقها بالتالى
بالتنفيذ. وتظل الإجراءات القضائية فى الجهة القضائية الواحدة كفيلة بفض التناقض بين
الأحكام الصادرة من محاكم تتبعها، بافتراض حدوثه.
الإجراءات
بتاريخ 3 أغسطس سنة 1992 أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم
كتاب المحكمة طالبا فى ختامها الحكم بأحقيته فى تنفيذ الحكم الصادر لصالحه من محكمة
استئناف القاهرة (الدائرة 25 عمال)، بتاريخ 14 مايو سنة 1991 فى الاستئناف رقم 5 لسنة
107 قضائيه وعدم أحقية الشركة العامة للأبحاث والمياه الجوفية "ريجوا" فى وقف تنفيذ
ذلك الحكم استنادا من جانبها إلى قضاء محكمة شمال القاهرة الابتدائية (الدائرة 7 مستأنف)
الصادر بتاريخ 25 مارس سنة 1992 فى الدعوى رقم 592 لسنة 1991 شمال القاهرة، مع إلزام
الشركة المذكورة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
قدمت هيئة الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية المدعى عليها الثانية، طلبت فى ختامها
الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، قررت المحكمة اصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى
كان قد أقام الدعوى رقم 582 لسنة 1987 عمال كلى شمال القاهرة ضد الشركة المدعى عليها
طالبا الحكم بأحقيته فى الترقية إلى وظيفة مدير عام بالشركة اعتبارا من 10 أكتوبر سنة
1987 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية. وقد قضت المحكمة المذكورة – بجلسة 26
ديسمبر سنة 1989 – بعدم قبول الدعوى وألزمت رافعها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة،
فطعن على هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة (الدائرة 25 عمال) بالاستئناف رقم 5
لسنة 107 ق. وبجلسة 14 مايو سنة 1991 أصدرت المحكمة حكمها فى الاستئناف المشار إليه
بإلغاء الحكم المستأنف، وبأحقية المستأنف فى الترقية إلى وظيفة بدرجة مدير عام اعتبارا
من 10 مايو 1987 وما يترتب على ذلك من آثار قانونية وفروق مالية، وألزمت الشركة المستأنف
ضدها بالمصاريف، ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
واستطرد المدعى قائلا أن الشركة المستأنف ضدها لم ترتض حكم محكمة استئناف القاهرة فطعنت
عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 3677 لسنة 61 ق وضمنت طعنها طلبا مستعجلا بوقف تنفيذ
الحكم المطعون فيه. وقد رفضت محكمة النقض هذا الطلب، وألزمت الشركه الطاعنة مصروفاته.
بيد أن الشركة اعترضت مرة أخرى على تنفيذ ذات الحكم، فأقامت الإشكال رقم 390 لسنة 1991
– تنفيذ شبرا – أمام محكمة شبرا الجزئية التى قضت برفض الإشكال والاستمرار فى تنفيذ
الحكم المستشكل فيه، فطعنت الشركة على هذا الحكم بالاستئناف رقم 592 لسنة 1991 شمال
القاهرة أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، فقضت المحكمة المذكورة – فى مادة تنفيذ
وقتيه – بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به فى الإشكال،
وبوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه، لحين حصول المستأنف ضده الأول – المدعى فى الدعوى
الماثلة – على حكم نهائى بتحديد مقدار الفروق المالية المستحقة له بناء على الحكم المستشكل
فيه، وأعفت المستأنف ضده الأول من المصاريف عن الدرجتين.
وأضاف المدعى أنه بذلك قد أصبح أمام حكمين نهائيين متناقضين أحدهما صادر من محكمة النقض
برفض وقف تنفيذ حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر فى الاستئناف رقم 5 لسنة 107 ق، والآخر
صادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 592 لسنة 1991 بوقف تنفيذ هذا
الحكم، وهو ما حدا به إلى إقامة الدعوى الماثلة وفقا لحكم المادة 25 (ثالثا) من القانون
رقم 48 لسنة 1979 باصدار قانون المحكمة الدستورية العليا بمقولة أن هناك نزاع قائم
بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين يتعين الفصل فيه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط قبول طلب الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن
تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين – طبقا للبند ثانيا من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية
العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – أن يكون أحد الحكمين صادرا من أى جهة من
جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما
النزاع فى موضوعه وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معا، مما مؤداه أن النزاع الذى يقوم
بسبب التناقض بين الأحكام وتنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه، هو ذلك الذى يقوم بين
حكمين يتحد بينهم الموضوع ويتناقضان بحيث يكون تنفيذ أحدهما متعارضا مع تنفيذ الآخر
ودون ذلك فإن مناط قبول الطلب يكون منتفيا. ولازم ذلك أن ولاية هذه المحكمة لا تمتد
إلى النزاع بين الأحكام المتناقضة الصادرة من المحاكم التابعة لجهة واحدة منها، بحسبان
أنها لا تعد جهة طعن فى تلك الأحكام ولا تتولى بالتالى تصحيح ما قد يشوبها من أخطاء
أو تقويم ما يصيبها من اعوجاج، من خلال مراقبة مطابقتها لأحكام القانون أو خروجها عليه،
بل يقتصر بحثها على المفاضلة بين الحكمين النهائيين المتناقضين الصادرين من جهتين قضائيتين
مختلفتين على أساس من قواعد الاختصاص الولائى لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التى
لها ولاية الفصل فى الدعوى وأحقها بالتالى بالتنفيذ، وتظل الاجراءات القضائية فى الجهة
القضائية الواحدة كفيلة بفض التناقض بين الأحكام الصادرة من محاكم تتبعها، بافتراض
حدوثه.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعات الدعوى، وكان الثابت أن الحكمين المقول بوجود
تناقض فى تنفيذهما صادر أحدهما من محكمة النقض، والآخر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية؛
أى صادران من محكمتين تتبعان جهة قضائية واحده هى جهة القضاء العادى، فإن الدعوى –
من هذا الوجه – تكون غير مقبوله.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
