الطعن رقم 1357 لسنة 14 ق – جلسة 21 /03 /1970
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشر – العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1970)
– صـ 237
جلسة 21 من مارس سنة 1970
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة يوسف إبراهيم الشناوي ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية المستشارين.
القضية رقم 1357 لسنة 14 القضائية
( أ ) جنسية "الإقامة"
إن إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع متى توافرت لديهم نية التوطن – من حق الأبناء
الاستفادة من إقامة أبائهم وأجدادهم متى كانت هذه الإقامة متصلة من الأصول إلى الفروع
– أساس ذلك.
(ب) جنسية "التوطن"
إن فكرة التوطن تقوم على عنصرين عنصر مادي وعنصر معنوي – تخلف العنصر المادي خلال فترة
معينة لأسباب عارضة أو طارئة لا يؤثر على دوام واتصال الإقامة – أثر ذلك على التمتع
بالجنسية المؤسسة على فكرة التوطن.
1- إن من المقرر أن إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع متى توافرت لديهم نية التوطن،
إذا أن الأساس هو توطن الأسرة، ذلك التوطن الذي يعبر عن ارتباطها بالوطن, وترتيباً
على ذلك فإن من حق الأبناء الاستفادة من إقامة آبائهم وأجدادهم متى كانت هذه الإقامة
متصلة من الأصول إلى الفروع.
2 – إن فكرة التوطن تقوم على عنصرين، عنصر مادي يتمثل في الإقامة الفعلية، وعنصر معنوي
هو نية الاستقرار والبقاء.
وتخلف العنصر المادي خلال فترة معينة لأسباب عارضة أو طارئة, كرعاية بعض المصالح أو
طلب العلم أو السياحة، لا يؤثر على دوام واتصال الإقامة، ولا يمكن أن يؤدي إلى حرمان
الفرد من التمتع بالجنسية المؤسسة على فكرة التوطن طالما توفرت لدية نية الاستقرار
والبقاء.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من أوراق الطعن – في أن المدعي أقام
الدعوى رقم 433 لسنة 21 القضائية ضد وزير الداخلية بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء
الإداري في 13 من ديسمبر سنة 1966، طلب فيها الحكم بالاعتراف له بجنسية الجمهورية العربية
المتحدة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب، وقال
بياناً لدعواه أنه مصري الجنسية ولد لأبوين مصريين ببلدة رفح بسيناء، ويعمل منذ شبابه
تاجراً بهذه المنطقة، وقد افتتح بها محلاً تجارياً وقيد بالسجل التجاري برقم في 21 من مايو 1938 وثبت بالسجل أنه مصري الجنسية، وما زال يزاول نشاطه حتى الآن، وقد
استخرج بطاقة شخصية منذ سنة 1944 وهي تجدد حتى الآن وثابت بها أنه مصري الجنسية, وكذلك
فهو مقيد بجدول الانتخابات وعضو عامل بالاتحاد الاشتراكي ومتمتع بكامل حقوقه السياسية،
ولما صدر قانون السجل المدني تقدم لاستخراج بطاقة عائلية، فانتهز أحد المخبرين وكانت
بينه وبين المدعي بعض الضغائن الشخصية الفرصة وقدم تقريراً زعم فيه أنه فلسطيني وأنه
لم يكن مستوطناً في منطقة سيناء إلا بعد 1948، ولما كان هذا الزعم باطلاً فقد تقدم
للسيدين وزير الداخلية ومدير مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية بتظلم بين فيه أنه مصري
الجنسية وقدم العديد من المستندات المؤيدة لذلك وطلب الاعتراف له بهذه الجنسية، ولكنهما
لم يحركا ساكناً مما حدا به إلى رفع هذه الدعوى طالباً الاعتراف له بجنسية الجمهورية
العربية المتحدة.
وقد قدمت وزارة الداخلية الملف الخاص بالمدعي في إدارة الهجرة والجوازات والجنسية،
وقد تضمن الملف المذكرة التي أعدت في شأن رفض طلب المدعي الاعتراف له بجنسية الجمهورية
العربية المتحدة، وقد جاء في هذه المذكرة أن جد المدعي من مواليد رفح سيناء وقد أنجب
ولده سليمان, والد المدعي، الذي سافر إلى رفح فلسطين لمباشرة بعض الأملاك الخاصة بوالده،
وهناك في فلسطين ولد المدعي، وفي 1936 حضر المدعي ووالده إلى سيناء وأقاما بها إلى
أن توفي والده في 1961، وأنه وإن كان والد المدعي من مواليد رفح سيناء إلا أنه غادرها
منذ مدة طويلة إلى فلسطين حيث رزق بولده المدعي حوالي سنة 1930، ولم يستقر بهم المقام
بالأراضي المصرية إلا منذ سنة 1936, ومن ثم يكون ركن الإقامة لوالد المدعي بالبلاد
غير متوافر إلا منذ سنة 1936 أي بعد الفترة المتطلبة قانوناً، وأنهم يعاملون باعتبارهم
فلسطينيين وأن للمدعي كما كان لوالده وجده بعض الأملاك بفلسطين ولا زالت موجودة حتى
الآن، وأضافت الجهة الإدارية أن البطاقة الشخصية وجواز السفر وبطاقة الانتخاب ليست
معدة لإثبات الجنسية وطلبت رفض الدعوى.
وبجلسة 4 من يونية سنة 1968 قضت المحكمة باعتبار المدعي متمتعاً بجنسية الجهورية العربية
المتحدة وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأقامت قضاءها
على أنه ما دام الثابت من الأوراق ومن تحريات جهة الإدارة أن جد المدعي ولد برفح سيناء
وأقام بها كما ولد بها أبوه أيضاً حوالي 1840 وأقام بها، ولكن حدث أن سافر والد المدعي
لأمور تتعلق بمباشرة بعض أملاك والده (جد المدعي) الموجودة بفلسطين حيث رزق بابنه المدعي،
ثم عادا بعد ذلك إلى رفح سيناء وأقاما بها حتى توفي والد المدعي سنة 1960 فإن المدة
التي غابها والد المدعي عن البلاد لا تؤثر في توطنه واستمرار إقامته بها الفترة الزمنية
التي حددها القانون قبل أول يناير سنة 1848 حتى 10 مارس سنة 1929، ومن ثم يعتبر مصرياً
من المصريين الأصلاء الذين عنتهم الفقرة 2 من المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة
1950، ذلك أن فترة سفر والد المدعي إلى خارج البلاد – ولو أن جهة الإدارة لم تحدد مدتها
– كانت فترة عارضة اقتضتها ضرورة إدارة أملاكه ورعايتها بالخارج، ولا تنبئ عن نية استقراره
خارج البلاد واتخاذه موطناً آخر له، تدل على ذلك عودته إلى البلاد واستقراره بها حتى
توفاه الله كما يقطع بها أيضاً استقرار المدعي بالبلاد واحترافه التجارة بها ابتداء
من 1983 ومعاملته على أنه مصري وفقاً للمستندات الرسمية التي تقدم بها, والشهادة الصادرة
من مكتب الحاكم الإداري لقطاع غزة بأن المدعي لا يتمتع بالجنسية الفلسطينية، وترتيباً
على ذلك وما دام أن والد المدعي يعتبر مصرياً وفقاً لما تقدم, فإن المدعي يعتبر مصرياً
كذلك يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة، وسواء اعتبر قاصراً وقت عودته مع والده
من فلسطين أم اعتبر بالغاً، فإنه في كلتا الحالتين يعتبر مصرياً أصيلاً بالتطبيق لنص
المادة الأولي من القانون رقم 160 لسنة 1950 التي تقضي باعتبار الزوجة والأولاد القصر
مصريين بحكم القانون متى اعتبر أباؤهم مصريين، أو بالتطبيق لنص المادة الثانية من القانون
المذكور التي تقابل نص المادة الثانية من القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية
العربية المتحدة والتي تقضي بإسباغ جنسية الأب على الابن.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون عليه خالف القانون إذ قضي باعتبار والد
المطعون ضده مصرياً بالتطبيق للمواد المشار إليها – إذ يشترط لاكتساب الجنسية المصرية
بالتوطن طبقاً لقوانين الجنسية أن يقيم الشخص وأصوله وفروعه بها إقامة مستمرة دائمة
دون انقطاع أيا كانت طبيعة المدة التي حددتها هذه القوانين – لما هو مقرر من وجوب التشدد
في إثبات الإقامة والمحافظة عليها عندما يرتب عليها القانون وحدها اكتساب الجنسية المصرية،
فإذا كان ما تقدم, وكان الثابت أن والد المطعون ضده قد غادر البلاد إلى فلسطين وأقام
بها مدة طويلة حيث ولد المطعون ضده ولم يعد إليها إلا في سنة 1936 فإن شرط الإقامة
بالمعني الذي أراده القانون لا يتوافر في شأنه ولا يتحقق في إقامته بالبلاد، وبالتالي
فإنه لا يكتسب الجنسية المصرية طبقاً للمواد المشار إليها. وليس صحيحاً ما ذهب إليه
الحكم المطعون عليه من أن مغادرة والد المطعون ضده البلاد وإقامته بفلسطين كانت لسبب
عارض هو إدارة أملاك والده بما لا يؤثر على شرط الإقامة المطلوب قانوناً ذلك أن اكتساب
الجنسية بالتوطن يوجب الإقامة الدائمة المستمرة بلا انقطاع أيا كانت طبيعة هذا الانقطاع،
هذا فضلاً عن أن الثابت أن مغادرة والد المطعون ضده للبلاد كانت مغادرة نهائية ولمدة
طويلة بما لا يكسب الحق في التمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة.
ومن حيث إنه يبين من استظهار ملف الجنسية رقم 23/ 57/ 1279 الخاص بالمدعي والمودع من
مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية بوزارة الداخلية، أنه في 5 من مايو سنة 1966 حررت
مذكرة جاء بها أنه سبق عرض حالة المدعي على لجنة بحث الجنسية في 21/ 8/ 1960, وأن اللجنة
انتهت إلى أنه يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة تبعاً لوالده حيث أنه من مواليد
1890 تقريباً، ويقيم بالجمهورية العربية المتحدة منذ ولادته، وأنه لم يسبق له الإقامة
بفلسطين، غير أنه تبين بعد ذلك أن جد المدعي من مواليد رفح سيناء وأنه أنجب ولده سليمان
(والد المدعي) الذي سافر إلى رفح فلسطين لمباشرة بعض الأملاك الخاصة بوالده، وهناك
في فلسطين ولد المدعي، وفي 1936 حضر المدعي ووالده إلى سيناء وأقاما بها، إلى أن توفي
والده في 1961 وأنه وإن كان والد المدعي من مواليد رفح سيناء إلا أنه غادرها منذ مدة
طويلة إلى فلسطين حيث رزق بولده المدعي حوالي 1930، ولم يستقر بهم المقام بالأراضي
المصرية إلا منذ 1936 وأنهم يعاملون باعتبارهم فلسطينيين، وأن للمدعي كما كان لوالده
وجده بعض الأملاك بفلسطين ولا زالت موجودة حتى الآن.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حافظة المستندات التي أودعها المدعي ملف الدعوى أنها تضمنت
عدة مستندات هي: بطاقة شخصية صادرة في 3/ 8/ 1934 وأخري صادرة في 8 من مايو
سنة 1952 شهادة قيد بالسجل التجاري تحمل رقم 187 لسنة 1938 جواز سفر للحج عام
1965 يحمل رقم 16558 بطاقة انتخاب صادرة في 1/ 12/ 1964 بطاقة عضوية للاتحاد
الاشتراكي، وقد ذكر في هذه المستندات قرين البند الخاص بالجنسية أن المدعى مصري الجنسية
شهادة إدارية من مشايخ قسم الشيخ زوبد محافظة سيناء محررة في 5/ 6/ 1966 بأن المدعي
من أهالي رفح سيناء وأنه مصري الجنسية صورة فوتوغرافية من كتاب صادر من مكتب جوازات
رفح بأن المدعي غير متمتع بالجنسية الفلسطينية.
ومن حيث أن المدعي يستند في المطالبة بالاعتراف له بجنسية الجمهورية العربية المتحدة
بصفة أساسية إلى توطنه هو ووالده وجده من قبل برفح سيناء، وعلى حالته الظاهرة التي
تؤيدها المستندات المقدمة منه.
ومن حيث أن التمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة استناداً إلى التوطن تنظمه النصوص
القانونية التالية: تنص المادة الأولي من القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية
العربية المتحدة على أن هذه الجنسية تثبت لمن كان في 22 فبراير 1958 متمتعاً بالجنسية
المصرية وفقاً لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956, وقد نصت المادة الأولى من القانون
رقم 391 لسنة 1956 على أن المصريين هم: أولاً – المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول
يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون ولم يكونوا من
رعايا الدول الأجنبية. وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع والزوجة متى كانت لديهم
نية التوطن. ثانياً – من ذكروا في المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950، وقد
نصت المادة الأولي من القانون رقم 160 لسنة 1950 على أن المصريين هم …… المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير سنة 1848 وكانوا محافظين على إقامتهم العادية
فيها إلى 10 مارس سنة 1929 ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية.
ومن حيث أن مفاد هذه النصوص أنه يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة المتوطنون
بالأراضي المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر
القانون رقم 391 لسنة 1956 في 20 من نوفمبر سنة 1956 المتوطنون بالأراضي المصرية
قبل أول يناير سنة 1848 وكانوا محافظين على إقامتهم العادية فيها إلى 10 من مارس سنة
1929 ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية.
ومن حيث أنه ولئن كان عبء الإثبات في مسائل الجنسية يقع على من يدعي أنه يتمتع بالجنسية
المصرية, وأن المدعي لم يقدم من الأدلة والمستندات ما يثبت على وجه التحديد بدء إقامة
أسرته بالجمهورية العربية المتحدة، ودوام هذه الإقامة طوال إحدى الفترتين المتطلبتين
قانوناً, إلا أن هناك قدراً من الوقائع سلمت جهة الإدارة – استناداً إلى تحرياتها –
بصحته، وبنت عليه قرارها برفض الاعتراف للمدعي بجنسية الجمهورية العربية المتحدة، ويخلص
هذا القدر في أن جد المدعي ووالده ولداً برفح سيناء وأقاما بها، وأن القدر المتيقن
بالجنسية إلى بدء إقامتها أنه يرجع إلى ما قبل أول يناير سنة 1900 تأسيساً على ما ورد
في تحريات الجهة الإدارية من أن والد المدعي ولد في سنة 1840 تقريباً، وان والد المدعي
غادر البلاد إلى رفح فلسطين لمباشرة بعض الأملاك الخاصة بوالده في تاريخ غير معلوم،
ثم عاد حوالي سنة 1936 ومعه ولده المدعي إلى رفح سيناء وأقاما بها ولا زالت إقامة الأسرة
بعد وفاة والد المدعي في 1961 متصلة حتى الآن.
ومن حيث أن من المقرر أن إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع متى توافرت لديهم نية التوطن،
إذ أن الأساس هو توطن الأسرة، ذلك التوطن الذي يعبر عن ارتباطها بالوطن، وترتيباً على
ذلك فإن من حق الأبناء الاستفادة من إقامة أبائهم وأجدادهم متى كانت هذه الإقامة متصلة
من الأصول إلى الفروع.
ومن حيث أن فكرة التوطن تقوم على عنصرين، عنصر مادي يتمثل في الإقامة الفعلية، وعنصر
معنوي هو نية الاستقرار والبقاء.
ومن حيث إن تخلف العنصر المادي خلال فتة معينة لأسباب عارضة أو طارئة، كرعاية بعض المصالح
أو طلب العلم أو السياحة، لا يؤثر على دوام واتصال الإقامة، ولا يمكن أن يؤدي إلى حرمان
الفرد من التمتع بالجنسية المؤسسة على فكرة التوطن طالما توافرت لديه نية الاستقرار
والبقاء.
ومن حيث أنه بتطبيق النصوص والمبادئ المشار إليها على واقعات الدعوى يبدو واضحاً أن
من حق المدعي المطالبة بالاعتراف بجنسية الجمهورية العربية المتحدة إعمالاً لنص المادة
الأولي من القانون رقم 391 لسنة 1956 التي تنص على أن المصريين هم المتوطنون في الأراضي
المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون
في 20 نوفمبر سنة 1956، ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية، وتعتبر إقامة الأصول مكملة
لإقامة الفروع متى كانت لديهم نية التوطن، ذلك أن بدء توطن أسرة المدعي بالجمهورية
العربية المتحدة كان سابقاً على أول يناير سنة 1900 على نحو ما تقدم, وقد حافظوا على
إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر القانون رقم 391 لسنة 1956 في 20 نوفمبر سنة 1956، وإذا
كان والد المدعي قد غادر البلاد في تاريخ غير معلوم ولفترة غير معلومة خلال هذه الحقبة
من الزمن، فقد كانت مغادرته البلاد – على حد ما ورد في تحريات جهة الإدارة – لمباشرة
بعض أملاك والده بفلسطين، أي أن مغادرة البلاد لم تكن بقصد الارتحال عنها، وقد أكدت
عودته بعد ذلك واستقراره هو وأسرته بمصر هذه النية، فغيابه – طالت مدته أو قصرت – هو
لسبب عارض لا ينفي عنه نية التوطن بمصر، ولا يؤثر، من ثم، على دوام واتصال إقامته بها
على نحو ما توضح.
ومن حيث أنه لا يبقي بعد ما تقدم من الشروط التي يجب توافرها في المدعي للإفادة من
الحكم الذي أوردته المادة الأولي من القانون رقم 391 لسنة 1956 المشار إليه، سوي أن
لا يكون من رعايا الدول الأجنبية, وقد قدم المدعي للتدليل على ذلك صورة فوتوغرافية
من كتاب صادر من مكتب جوازات رفح بأنه غير متمتع بالجنسية الفلسطينية، هذا بالرغم من
أن الحالة الظاهرة التي أبدتها المستندات العديدة المقدمة منه تفيد أن الجهة الإدارية
كانت تعامله على أنه مصري، ومن شأن الحالة الظاهرة طبقاً لما هو مستقر قانوناً، أن
تنقل عبء الإثبات في مسائل الجنسية على عاتق من يدعي خلاف القرينة المستفادة من هذه
الحالة، والجهة الإدارية لم تقدم ما يثبت عكس ما هو مستفاد من حالة المدعي الظاهرة.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون الحكم المطعون عليه قد طبق القانون تطبيقاً سليماً
حين قضي باعتبار المدعي متمتعاً بجنسية الجمهورية العربية المتحدة، ويكون الطعن عليه
غير قائم على سند من القانون, خليقاً بالرفض.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.
