الطعن رقم 681 لسنة 43 ق – جلسة 21 /10 /1973
أحكام النقض – المكتب الفنى – جنائى
العدد الثالث – السنة 24 – صـ 869
جلسة 21 من أكتوبر سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة، ومحمد عادل مرزوق.
الطعن رقم 681 لسنة 43 القضائية
(1، 2) مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. خطأ. حكم. "تسبيبه. تسبيب
غير معيب".
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مدنياً وجنائياً. موضوعى.
حق محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من سائر العناصر المطروحة
امامها.
مسئولية مدنية. خطأ. ضرر. رابطة سببية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة ببيان عناصر الضرر الذى قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به.
ما دامت قد بينت عناصر المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية.
مسئولية جنائية. خطأ. نقض. "المصلحة فى الطعن".
الخطأ المشترك لا يخلى المتهم من المسئولية. ما دام الحكم قد أثبت قيامها فى حقه.
حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم فى شتى مناحى دفاعه الموضوعى.
نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دعوى مدنية.
ليس للمسئول عن الحقوق المدنية المجاملة فى أساس مسئوليته لأول مرة أمام محكمة النقض.
علة ذلك؟
حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقديم مذكرة الدفاع بعد إقفال باب المرافعة دون ترخيص من المحكمة بذلك. لا تثريب على
المحكمة إن التفتت عن الرد عليها.
1 – إن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مدنياً وجنائياً مما يتعلق بموضوع الدعوى.
2 – الأمر فى تقدير آراء الخبراء من إطلاقات قاضى الموضوع.
3 – لمحكمة الموضوع أن تستخلص من سائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما
دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الاوراق.
4 – متى كان الحكم قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية فإنه
يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية، ولا تثريب عليه بعد ذلك إن هو
لم يبين عناصر الضرر الذى قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به.
5 – من المقرر أن الخطأ المشترك فى نطاق المسئولية الجنائية لا يخلى المتهم من المسئولية
ما دام الحكم قد أثبت قيامها فى حقه. ومن ثم فلا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم
من التفاته عن الرد على الحكم الابتدائى فيما نسبه إلى المتهم الآخر من اشتراكه فى الخطأ.
6 – لا تلتزم المحكمة بتعقب المتهم فى شتى مناحى دفاعه الموضوعى، واطمئنانها إلى الأدلة
التى عولت عليها يدل على إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحمل المحكمة على
عدم الأخذ بها.
7 – متى كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن لم ينازع فى كونه
المسئول عن الحقوق المدنية ولم يجادل فى أساس هذه المسئولية أمام محكمة الموضوع فلا
يقبل منه إثارة شئ من ذلك أمام محكمة النقض لأنه دفاع قانونى يخالطه واقع ويقتضى تحقيقاً
موضوعياً تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض.
8 – من المقرر أنه إذا كانت المذكرة التى أبديت فيها وجوه الدفاع لم تقدم إلا بعد إقفال
باب المرافعة ولم يكن ثمة ترخيص من المحكمة فى تقديم مذكرات فإنها لذلك لا تستوجب رداً
من المحكمة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما فى يوم 18 فبراير سنة 1969 بدائرة سمنود محافظة الغربية تسببا خطأ فى موت….. وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما ومخالفتهما للقوانين واللوائح بأن قاد كل منهما سيارته بحالة ينجم عنها الخطر ولم يلزم الجانب الأيمن من الطريق ولم يستعمل النور الكبير بطريقة متقطعة عند مقابلته لسيارة أخرى فاصطدمت سيارتاهما ببعضهما ونجم عن ذلك سقوط سيارة المتهم الثانى فى مصرف وبها المجنى عليه فحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى والتى أودت بحياته قاد كل منهما سيارة بحالة ينجم عنها الخطر لم يلتزم كل منهما الجانب الأيمن من الطريق عند السير بالسيارة لم يستعمل كل منهما النور الكبير لسيارته بطريقة متقطعة عند مقابلته لسياره أخرى. وطلبت عقابهما بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات والقانون رقم 449 لسنة 1955. ومحكمة سمنود الجزئية قضت غيابياً فى 10 مارس سنة 1970 عملا بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة شهور مع الشغل وكفالة 500 ق لوقف التنفيذ عن الاتهام المنسوب لكل منهما. فعارض المتهمان فى هذا الحكم، وأثناء نظر المعارضة ادعى والد المجنى عليه مدنيا وطلب القضاء له قبل المتهمين والمسئول عن الحقوق المدنية….. بمبلغ 2000 ج على سبيل التعويض وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة نظرها قضت بتاريخ 21 نوفمبر سنة 1972 (أولاً) بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه (ثانياً) برفض الدفع المبدى من المتهم الثانى بعدم جواز الادعاء المدنى أمام محكمة المعارضة (ثالثاً) إلزام المتهمين مع المسئول عن الحقوق المدنية بالتضامن فيما بينهم بأن يؤدوا للمدعى بالحق المدنى مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض وألزمتهم بمصروفات الدعوى المدنية. فاستأنف كل من المتهمين والمدعى بالحقوق المدنية والمسئول عنها هذا الحكم. ومحكمة طنطا الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بتاريخ 2 مارس سنة 1973 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع وبإجماع الآراء (أولاً) بالنسبة للمتهم الأول بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية بالنسبة له بلا مصروفات (ثانياً) وبالنسبة للمتهم الثانى فى الدعوى الجنائية برفضه وتأييد الحكم المستأنف وفى الدعوى المدنية بتعديل التعويض المقضى به إلى إلزام (المتهم الثانى) والمسئول عن الحقوق المدنية…… متضامنين بأن يؤديا إلى المدعى بالحق المدنى …… مبلغ 2000 جنيه والمصروفات المدنية عن الدرجتين ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن المقدم من المحكوم عليه، الطاعن الأول، هو أن
الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ، قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال،
ذلك بأنه عول فى قضائه على تقرير المهندس الفنى مع أن تصويره للحادث قائم على الظن
والاستنتاج، كما لم يستظهر علاقة السببية بين الخطأ المسند إلى الطاعن وبين وفاة المجنى عليه باسفكسيا الغرق، ولم يبين عناصر الضرر الذى احتسبت على أساسها قيمة التعويض، ولم
يرد على الحكم الابتدائى فيما نسبه للمتهم الآخر من اشتراك فى الخطأ، ولم يعرض لما
تمسك به الطاعن فى مذكرته من أن الخطأ كان فى جانب المتهم الآخر وحده لسيره بسيارته
فى وسط الطريق دون ترك مكان كاف لمرور سيارة الطاعن المقابلة لها، ولم يرد على هذا
الدفاع بالرغم من جوهريته، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين مما أورده الحكم المطعون فيه أنه استظهر ركن الخطأ فى حق الطاعن وحده
مما جاء بتقرير المهندس الفنى من أن سبب الحادث مردود إلى أن الطاعن قاد سيارة النقل
ومقطورتها محملتين حمولة كبيرة وبسرعة زائدة ورعونة فاصطدم مقدم الجانب الأيسر لها
بمؤخرة الجانب الأيسر لمقطورة سيارة النقل الآتية من الاتجاه العكسى وأدت سرعتها الزائدة
إلى انحرافها فجأة فى عكس اتجاه سيرها وانقلابها واندفاعها مقلوبة – وبها المجنى عليه
– إلى المصرف، وبعد أن أورد الحكم مؤدى ما انتهى إليه التقرير الطبى من أن وفاة المجنى عليه ترجع إلى هبوط مفاجئ بالقلب نتج عن إسفكسيا الغرق، استظهر رابطة السببية فى قوله:
"… وقد ثبت لهذه المحكمة أن المتهم الثانى – الطاعن – وحده الذى ارتكب خطأ، وقد نشأ
عن ذلك الخطأ وقوع التصادم وانقلابه بسيارته وبها المجنى عليه الذى راح ضحية الحادث…".
لما كان ذلك، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مدنيا وجنائيا مما يتعلق
بموضوع الدعوى، وكان الأمر فى تقدير آراء الخبراء من إطلاقات قاضى الموضوع، وكان لمحكمة
الموضوع أن تستخلص من سائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها
سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق. لما كان ذلك
و كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بحسب ما اطمأنت إليه عقيدة المحكمة واستقر
فى وجدانها ودلل على وقوع الخطأ فى حق الطاعن وحده تدليلاً سائغاً واستظهر فى منطق
سليم رابطة السببية بين هذا الخطأ والضرر الذى أصاب المجنى عليه وأحاط بعناصر جريمة
القتل الخطأ التى دان الطاعن بها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور فى بيان
ركن الخطأ ورابطة السببية والفساد فى الاستدلال لا يكون له محل إذ هو لا يعدو أن يكون
مجرد جدل موضوعى فى تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز
مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين أركان
المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية
المدنية إحاطة كافية ولا تثريب عليه بعد ذلك إذا هو لم يبين عناصر الضرر الذى قدر على
أساسه مبلغ التعويض المحكوم به. لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على
الحكم من التفاته عن الرد على الحكم الابتدائى فيما نسبه إلى المتهم الآخر من اشتراك
فى الخطأ، لما هو مقرر من أن الخطأ المشترك فى نطاق المسئولية الجنائية لا يخلى المتهم
من المسئولية ما دام الحكم – كما هو الحال فى هذه الدعوى – قد أثبت قيامها فى حقه.
لما كان ذلك، وكانت المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم فى شتى مناحى دفاعه الموضوعى،
واطمئنانها إلى الأدلة التى عولت عليها دالاً على إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها
الدفاع لحمل المحكمة على عدم الأخذ بها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور
فى الرد على دفاعه المكتوب يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن هذا الطعن برمته يكون
على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
وحيث إن المسئول عن الحقوق المدنية – الطاعن الثانى – ينعى على الحكم المطعون فيه القصور
والتناقض فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون ويقول بياناً لذلك
أن الحكم قد ألزمه بالتعويض بصفته الشخصية فى حين أنه سلم فى أسبابه أنه غير مالك لسيارتى الحادث، بل إنه المسئول عن إدارة سيارات النقل المملوكة لأنجاله ومن بينها سيارة الحادث.
كما أنه أغفل استظهار علاقة التبعية بينه وبين المتهم الثانى – الطاعن الأول – وبيان
رابطة السببية بين الخطأ المسند للأخير ووفاة المجنى عليه، ولم يعن بالرد على الحكم
الابتدائى فيما نسبه للمتهمين معا من خطأ مشترك، كما لم يبين عناصر الضرر. وقد تمسك
الطاعن فى مذكرته بعدم تبعية المتهم الثانى له وبانتفاء خطأ الأخير وابتناء تقرير المهندس
الفنى – الذى عول عليه الحكم فى ثبوته – على الظن والاستنتاج، غير أن الحكم لم يعرض
لهذا الدفاع إيراداً له ورداً عليه بالرغم من جوهريته، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن لم ينازع فى كونه المسئول
عن الحقوق المدنية ولم يجادل فى أساس هذه المسئولية أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منه
إثارة شئ من ذلك أمام محكمة النقض، لأنه دفاع قانونى يخالطه واقع ويقتضى تحقيقاً موضوعياً،
تنحسر عنه وظيفة محكمة النقض، ومن ثم فإن ما يثيره فى هذا الصدد يكون فى غير محله.
لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية بتاريخ 27 من فبراير سنة
1973 أن المحكمة – بعد أن أبدى كل مدافع مرافعته الشفوية – قررت حجز القضية ليصدر الحكم
فيها بجلسة 20 من مارس سنة 1973 دون أن تصرح لأحد من الخصوم بتقديم مذكرات، فإنه بفرض
أن الطاعن قد قدم مذكرة بعد حجز الدعوى للحكم نفى فيها علاقة التبعية بينه وبين المتهم
الثانى وضمنها وجوه دفاعه، فان نعيه على الحكم المطعون فيه بالقصور إذ لم يعرض لهذا
الدفاع لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه إذا كانت المذكرة التى أبديت فيها وجوه الدفاع
لم تقدم إلا بعد اقفال باب المرافعة ولم يكن ثمة ترخيص من المحكمة فى تقديم مذكرات
فإنها لذلك لا تستوجب رداً من المحكمة. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الطاعن فى باقى أوجه طعنه مردوداً بما سبق بيانه فى الرد على أوجه الطعن المماثلة المقدمة من المحكوم
عليه. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا ومصادرة
الكفالة مع الزام الطاعن مصاريف الدعوى المدنية.
