الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 38 لسنة 35 ق – جلسة 24 /05 /1965 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة 16 – صـ 495

جلسة 24 من مايو سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمد محمد محفوظ، وحسين سامح.


الطعن رقم 38 لسنة 35 القضائية

التوقيع على سند بالإكراه. إكراه. جريمة.
ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء سند. تحققه: بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه. تمامه بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة. الإكراه كما يكون مادياً باستعمال القوة، قد يكون أدبياً بطريق التهديد. دخول التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال أو بنشر فضيحة أو بإفشاء أمور ماسة بالشرف في هذا المعنى.
من المقرر أن ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء المستندات يتحقق بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه. فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص يكون من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة، فكما يصح أن يكون الإكراه مادياً باستعمال القوة فإنه يصح أيضاً أن يكون أدبياً بطريق التهديد ويدخل في هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال، كما يدخل فيه التهديد بنشر فضيحة أو بإفشاء أمور ماسة بالشرف.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في ليلة 8 أكتوبر سنة 1962 بدائرة قسم العرب محافظة بورسعيد: (أولاً): سرقا الساعة المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات لجاد عبد الله جاد بطريق الإكراه الواقع عليه بأن اعتدى عليه المتهم الأول بالضرب قاصداً من ذلك شل مقاومته وتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة وقد ترك به الإكراه أثر الجروح المبينة بالتقرير الطبي. (ثانياً) اكرها جاد عبد الله جاد بالقوة والتهديد على إمضاء سندين أحدهما مثبت لدين والآخر مثبت لبراءة من دين بأن استدرجته المتهمة الثانية لمنزلها وأغلقت دونه والمتهم الأول باب الغرفة وضربه هذا الأخير وهدده بالقتل فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وقدمت له الثانية سندين أحدهما منشئ لمديونية لهما في مبلغ مائة وخمسين جنيهاً وثانيهما مثبت لتخالصهما من دين سابق له قبلهما وتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه والتهديد من الحصول كرهاً على توقيعه على السندين المذكورين. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادتين 314/ 1 – 2 و 325 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. محكمة جنايات بورسعيد قضت حضورياً بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1962 عملاً بالمواد 318 و325 و55 و56 و32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل سنة واحدة وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة بالنسبة إلى المتهمة الثانية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم على أن يكون الإيقاف شاملاً جميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم. وذلك بعد أن عدلت المحكمة وصف تهمة السرقة بالإكراه في حق المتهمين إلى تهمة العثور على ساعة المجني عليه المفقودة واحتباسها بنية تملكها بطريق الغش. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتي الإكراه على إمضاء سندين بالقوة والتهديد والعثور على شئ مفقود واحتباسه بنية تملكه بطريق الغش، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب ذلك بأنه قضى بإدانة الطاعنين بالجريمة الأولى على الرغم من عدم توافر ركن القوة أو التهديد إذ أن ما قاله الحكم عن الاعتداء الذي وقع على المجني عليه إنما ينبئ عن تفاهته وأن الأمر لا يعدو مجرد استغلال الطاعنين الظروف النفسية التي انتابت المجني عليه لدخوله منزلهما لغرض آثم، هذا فضلاً عن أن المحكمة عدلت وصف تهمة السرقة بالإكراه التي نسبت إلى الطاعنين إلى تهمة العثور على ساعة المجني عليه المفقودة واحتباسها بنية تملكها بطريق الغش دون أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل، كما لم يبين الحكم الدور الذي قامت به الطاعنة الثانية في هذه الجريمة الأخيرة والأفعال التي دينت من أجلها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إن المتهمين السيد إبراهيم عبد الرحمن وزوجته فتينة عوض أبو سنة (الطاعنين) درجا من سنوات على التعامل مع المجني عليه جاد عبد الله جاد بشراء ما يلزمهما من متجره المعد للبقالة فداينهما بأثمان بعض المشتروات التي لم يتيسر لهما سداد قيمتها في حينه فحصل منهما على سندين أحدهما يثبت مديونيتهما له بمبلغ سبعة جنيهات والثاني يثبت مديونية المتهمة الثانية وحدهما بمبلغ أربعة جنيهات وأخذ يلاحقهما بطلب دينه حتى ضيق عليهما الخناق بترقب اليوم الذي يقبض فيه كل منهما مرتبه إذ يعمل المتهم الأول ميكانيكي بإدارة الحجر الصحي وتعمل زوجته المتهمة الثانية ممرضة بالمستشفى الأميري وأخذ يتودد للمتهمة الثانية ويبدي لها بعض عبارات الغزل والإعجاب إلى أن طلب منها الاختلاء بها في مسكنها في غيبة زوجها فأنهت لزوجها المتهم الأول بما انحدر إليه المجني عليه فعقدا العزم على اغتنام الفرصة وصور لهما شيطانهما سبيل الخلاص من الدين فأوعز لزوجته بالتظاهر بإجابة مطلبه فحددت له موعداً للقاء بمسكنها مساء يوم 25/ 9/ 1962 وأعد المتهم الأول سندين أحدهما يتضمن إقرار المجني عليه باقتضاء كافة ما له من ديون قبلهما وقد تأرخ يوم 25/ 9/ 1952 والثاني يتضمن إقراره باستلام مبلغ مائة وخمسين جنيهاً منهما على سبيل الوديعة يرد لهما عند الطلب وبقى هذا الإقرار غفلاً من التاريخ، إلا أن المجني عليه لم يحضر في هذا الموعد وبعد أن أبدى للمتهمة الثانية عذره أعاد الكرة منتهزاً فرصة وجودها صباح يوم الحادث 7/ 10/ 1962 بمحله وكان معها زوجها الذي تظاهر بالانشغال عنهما فأحاطته علماً بأن زوجها المتهم الأول سيكون ليلاً في محل عمله فتواعد معها على الحضور إليها الساعة الثامنة والنصف مساء فعقد المتهم الأول عزمه على تحقيق بغيته ودبر مع زوجته خطة ضبط المجني عليه داخل مسكنهما في وضع مشين حتى ينالا منه مأربهما وأوحى لها بأن تترك باب المسكن مفتوحاً وتستدرج المجني عليه إلى حجرة النوم حتى إذا أراد أن يقضي منها وطره فعليها إضاءة الحجرة وسوف يقدم في الحال لضبطه فأذعنت المتهمة الثانية لمشيئة زوجها المتهم الأول الذي اعتذر من عمله في تلك الليلة ووقف بجوار المنزل مرتقباً، وحضر المجني عليه حوالي الساعة الثامنة والربع مساء فاستقبلته المتهمة الثانية واستدرجته إلى حجرة النوم وبدأ بخلع ملابسه فاستمهلته بحجة غلق نافذة المطبخ وفتحت باب الشقة وعادت إليه فوجدته قد خلع بنطلونه وسرواله وراودها عن نفسها فأضاءت نور الحجرة وجلست بجواره على السرير وفى تلك اللحظة داهم زوجها المكان وانهال عليه ضرباً بقبضة يده فأحدث إصاباته التي أثبتها التقرير الطبي ولم يمكنه من ارتداء ملابسه رغم توسلاته وهدده بالتشهير به وهناً حانت الفرصة وقد أصبح المجني عليه طوع بنانه ليكرهه على التوقيع على السندين اللذين أعدهما من قبل وقد أحضرتهما زوجته فلم يجد المجني عليه بداً من التوقيع عليهما مرغماً فسلمه بنطلونه واحتفظ بسرواله الداخلي مهدداً إياه بالتشهير به عند ذويه وهو ما كان أشد وقعاً على المجني عليه من إبلاغ الشرطة على حد تعبير المتهمة الثانية في أقولها وأذن له بالانصراف وما أن غادر المجني عليه باب المسكن حتى عاد يطلب ساعته وكانت قد سقطت على الأرض فرفض المتهم الأول ردها إليه فانصرف صاغراً دون أن يشعر به أحد من سكان العمارة بعد أن أمضى في مسكن المتهمين حوالي نصف الساعة, ولم يتقدم ببلاغة للشرطة إلا الساعة 11 والدقيقة 50 مساء معللاً سبب تأخيره بذهابه إلى محله الذي كان قد أغلقه قبل حضوره لأخذ ما به من نقود ولإحضار سندي مديونية المتهمين، وما أن تلقى الملازم محمد لطفي أيوب الضابط بقسم العرب بلاغ الحادث من المجني عليه على الوجه الثابت بمحضره المؤرخ في الساعة 11 والدقيقة 50 من مساء يوم 7/ 10/ 1962 حتى أحاط السيد مأمور القسم علماً بمضمون البلاغ فحضر إلى القسم وكلفه بإحضار المتهمين فذهب إلى مسكنهما بصحبة شرطي سري فرفض المتهمان فتح الباب فأرسل الشرطي السري للسيد المأمور الذي انتقل بنفسه إلى مسكن المتهمين ولما أصرا على موقفهما فتح الباب عنوة فأسقط في يدهما ولم يجدا بداً من تقديم ما استوليا عليه من المبلغ وكانت المتهمة الثانية قد أخفته في سلة أعلا نافذة الحمام المطلة على منور المنزل". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وما أثبته الكشف الطبي ومن اعترف الطاعنين. وخلص إلى قوله "وحيث إن إصابات المجني عليه تنبئ بذاتها عن تفاهة الاعتداء الواقع عليه الأمر الذي لا يصدق معه قوله بأنه اضطر نتيجة له لخلع ملابسه وإلباس نفسه ثوب الجريمة، ولعله أيقن في نفسه بعدم كفاية حجته فزعم أن المتهم الأول هدده بالقتل. ولما كانت أداة الاعتداء عليه وهى يد المتهم المذكور لا توحي بمقدماته فقد صوره تهديداً بإلقائه من النافذة على حد قوله لأول مرة بالجلسة. وليس من طبيعة الأمور أن يذهب ليقتضي دينه ولا يحمل سند المديونية للتأشير عليه بالسداد المنتظر، وفى قوله بأنه عاد بعد مغادرة المسكن وطلب ساعته من المتهم الأول مالا يستقيم مع قوله بأن المتهم المذكور تعمد انتزاعها من معصمه حال ضربه ومقتضى قوله أنه لم يجد الساعة بمعصمه عند انصرافه فعاد ليطلبها وكان المتهم الأول قد وجدها في محل الحادث فامتنع عن ردها إليه، من تلك القرائن مجتمعة يستقر في يقين المحكمة أن المجني عليه ما قدم لمسكن المتهمين إلا لغرض آثم وقد افتضح أمره وكان ذلك هو الدافع القوى لانصياعه لأوامرهما ليسدلا الستار على فعلته فوقع المستندين مكرهاً في هذه الظروف التي استغلها المتهمان للخلاص من دينهما تحت تأثير تهديدهما له بالتشهير به لدى زوجته وذويه وإذ انصرف من المسكن معلولاً بما ترك لجأ إلى الشرطة بعد تردد مبلغاً بالحادث بالصورة التي رواها لينجو من سلاح التشهير الذي احتفظ به المتهمان. وحيث إنه وقد ثبت مما سلف أن المتهمين عثرا على الساعة بعد انصراف المجني عليه فاستوليا عليها وامتنع المتهم الأول عن ردها له وأخفياها في مكان يصعب الوصول إليه على حد الثابت من معاينة النيابة مما ينبئ بنية تملكها ومن ثم فتلك سرقة تامة تحكمها المادة الأولى من ديكريتو الأشياء الضائعة والمادة 318 عقوبات كما ثبت أن المتهمين قد استوقعا المجني عليه اغتصاباً على مستندي التخالص والوديعة تحت تأثير تهديده بالتشهير به وبيدهما زمام الأمر". لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعنين في بيان كاف إقدامهما على ارتكاب الجريمة متوخين تعطيل إرادة المجني عليه عن طريق تهديده بالتشهير به بما كان من شأنه ترويع المجني عليه بحيث حملاه كرهاً عنه، على إمضاء السندين اللذين طلبا منه إمضاءهما. وكان الحكم قد استظهر بذلك ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء المستندات بما يتوافر به هذا الركن في صحيح القانون, ذلك بأنه من المقرر أنه يتحقق بكافة صور انعدام الرضاء لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص يكون من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة فكما يصح أن يكون الإكراه مادياً باستعمال القوة فإنه يصح أيضاً أن يكون أدبياً بطريق التهديد ويدخل في هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال كما يدخل فيه التهديد بنشر فضيحة أو بإفشاء أمور ماسة بالشرف, لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت على الطاعنين مقارفتهما هذه الجريمة كما هي معرفة به في القانون. وكان لا مصلحة لأي منهما في التمسك بما يثيره في شأن جريمة العثور على الساعة المفقودة واحتباسها بنية تملكها بطريق الغش مادامت المحكمة قد طبقت في حقهما المادة 32 من قانون العقوبات وأوقعت عليهما عقوبة الجريمة الأولى بوصفها الجريمة الأشد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات